Islam for all-الإسلام للجميع

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
Islam for all-الإسلام للجميع

الأحرف السبعة Aya10
Questo sito e' protetto con
Norton Safe Web


    الأحرف السبعة

    الحلاجي محمد
    الحلاجي محمد
    Servo di Allah


    Sesso : ذكر

    Numero di messaggi : 6995

    defaut الأحرف السبعة

    مُساهمة من طرف الحلاجي محمد الجمعة 26 نوفمبر - 18:54:36

    بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أما بعد

    فهذه نبذة مختصرة عن الأحرف السبعة ، جمعتها ، من كتاب البرهان للزركشي رحمه الله ، وكتاب مباحث في علوم القرآن للشيخ مناع القطان ، وكتاب إمتاع الجنان بعلوم القرآن للشيخ عبد البديع أبوهاشم ، أسأل الله أن ينفع بها ، والله من وراء القصد

    مسألة : الأحرف السبعة :
    ممن تكلم عن هذه المسألة ، فوفاها ، الشيخ مناع القطان ، في كتابه علوم القرآن ، حيث بدأ بالتأكيد على تواتر نصوص السنة بأحاديث نزول القرآن الكريم على سبعة أحرف ، وذكر منها :
    ¨ حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا : أقرأني جبريل على حرف فراجعته ، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف .
    ¨ حديث أبي بن كعب رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند أضاة بني غفار ، قال فأتاه جبريل فقال : إن الله يأمرك أن تقريء أمتك القرآن على حرف ، فقال : أسأل الله معافاته ومغفرته ، وأن أمتي لا تطيق ذلك ، ثم أتاه الثانية فقال : إن الله يأمرك أن تقريء أمتك القرآن على حرفين ، فقال : أسأل الله معافاته ومغفرته ، وأن أمتي لا تطيق ذلك ، ثم جاء الثالثة ، فقال : إن الله يأمرك أن تقريء أمتك القرآن على ثلاثة أحرف ، فقال : أسأل الله معافاته ومغفرته ، وأن أمتي لا تطيق ذلك ، ثم جاء الرابعة ، فقال : إن الله يأمرك أن تقريء أمتك القرآن على سبعة أحرف ، فأيما حرف قرأوا عليه فقد أصابوا .
    ¨ حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وفيه ملاحاته لهشام بن حكيم رضي الله عنه ، لما أنكر قراءته لسورة الفرقان ، وذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي آخره ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم : إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف ، فاقرأوا ما تيسر منها .

    وقد استقرأ ابن جرير الطبري رحمه الله ، معظم أحاديث هذه المسألة ، في مقدمة تفسيره ، وذكر السيوطي رحمه الله ، في "الإتقان" ، أنها رويت عن 21 صحابيا ، وقد نص أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله على تواتر أحاديثها ، ويستدرك الشيخ الدكتور عبد البديع أبو هاشم ، حفظه الله ، في كتابه "إمتاع الجنان" ، على هذا الرأي ، بقوله بأن هذه الأحاديث ، وإن توفر لها التواتر في طبقة الصحابة رضي الله عنهم ، إلا أنه لم يتوفر لها في بقية طبقات السند ، وهذا ينفي التواتر ، لأن من شرطه ، أن يتحقق في كل طبقات السند ، كما هو معلوم في علم المصطلح ، ولعل أبا عبيد رحمه الله قصد التواتر المعنوي ، لا اللفظي ، والله أعلم .

    وقد اختلف العلماء في تفسير هذه الأحرف السبعة إختلافا كثيرا ، حتى قال ابن حبان رحمه الله بأن الأقوال في هذه المسألة بلغت 35 قولا ، وابرزها :
    ¨ أولا : وهو رأي أكثر العلماء ، وقد رجحه الشيخ مناع ، كما سيأتي إن شاء الله ، أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب في المعنى الواحد ، على معنى أنه حيث تختلف لغات العرب في التعبير عن معنى من المعاني يأتي القرآن منزلا بألفاظ على قدر هذه اللغات لهذا المعنى الواحد ، وحيث لا يكون هناك إختلاف فإنه يأتي بلفظ واحد أو أكثر ، ومن الأمثلة التي تؤيد هذا الرأي ، قراءة أبي رضي الله عنه : (أخرونا نقتبس من نوركم) ، ثم حدث الخلاف في تحديد هذه اللغات ، فقيل :
    هي لغات : قريش ، وهذيل ، وثقيف ، وهوازن ، وكنانة ، وتميم ، واليمن ، وقال أبو حاتم السجستاني رحمه الله : نزل بلغة قريش ، وهذيل ، وتميم ، والأزد ، وربيعة ، وهوازن ، وسعد بن بكر .
    وتعليل ذلك ، كما قال الطحاوي رحمه الله : ذلك كان في وقت خاص لضرورة دعت إليه ، لأن كل ذي لغة كان يشق عليه أن يتحول عن لغته ، ثم لما كثر الناس ، والكتاب ارتفعت تلك الضرورة ، فارتفع حكم الأحرف السبعة ، وعاد ما يقرأ به إلى حرف واحد ، وممن أيد هذا الرأي ، ابن عيينة وابن وهب والطبري .

    ¨ ثانيا : إن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب نزل عليها القرآن ، على معنى أنه في جملته لا يخرج عن سبع لغات هي أفصح لغاتهم ، فأكثره بلغة قريش ، وعلى هذا يحمل قول عثمان رضي الله عنه : إنما نزل بلغة قريش ، ومنه ما هو بلغة هذيل ، أو ثقيف ، أو هوازن ، أو كنانة ، أو تميم ، أو اليمن ، فهو يشتمل في مجموعه على اللغات السبع .
    وهذا الرأي يختلف عن سابقه ، لأنه يعني أن الأحرف السبعة إنما هي أحرف سبعة متفرقة في سور القرآن ، لا أنها لغا مختلفة في كلمة واحدة بإتفاق المعاني ، ، وهذا ما أكد عليه أبو عبيد ، وابن العربي ، ومن الأمثلة على ذلك : تعدد عدم الهمز ، (وهو لغة قريش) ، والهمز (وهو لغة غيرهم) .
    وممن أيد هذا الرأي أيضا ، القاضي الباقلاني رحمه الله ، واستدل بقوله تعالى : (إنا أنزلناه قرآنا عربيا) ، ولم يقل (قرشيا) ، حتى يقال بأنه نزل كله بلغة قريش ، وخالف ابن قتيبة رحمه الله ، وغيره ، وقالوا : لم ينزل القرآن إلا بلغة قريش ، واستدلوا بقوله تعالى : (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه) ، والله أعلم .

    ¨ ثالثا : إن الأحرف السبعة ، أوجه سبعة : من الأمر ، والنهي ، والوعد ، والوعيد ، والجدل ، والقصص ، والمثل ، أو من : الأمر ، والنهي ، والحلال ، والحرام ، والمحكم ، والمتشابه ، والأمثال ، وقد أخرج الحاكم والبيهقي من حديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا : كان الكتاب الأول ينزل من باب واحد ، وعلى حرف واحد ،ونزل القرآن من سبعة أبواب ، على سبعة أحرف : زجر ، وأمر ، وحلال ، وحرام ، ومحكم ، ومتشابه ، وأمثال .

    ¨ رابعا : وذهب جماعة من العلماء إلى أن المراد بالأحرف السبعة ، وجوه التغاير السبعة التي يقع فيها الإختلاف ، وهي :
    · إختلاف الأسماء بالإفراد والتذكير وفروعها : التثنية والجمع والتأنيث ، كقوله تعالى : (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) ، حيث قريء بالجمع "لأماناتهم" وقريء بالإفراد ، "لأمانتهم" بالإفراد ، ورسمها في المصحف : "لأمنتهم" ، يحتمل القراءتين ، لخلوها من الألف الساكنة ، ومآل الوجهين في المعنى واحد ، فيراد بالجمع ، الإستغراق الدال على الجنسية ، ويراد بالإفراد الجنس الدال على معنى الكثرة أي جنس الأمانة ، وتحت هذا جزئيات كثيرة .

    · الإختلاف في وجوه الإعراب : كقوله تعالى : (ما هذا بشرا) ، قرأ الجمهور بالنصب ، على أن "ما" عاملة عمل "ليس" ، وهي لغة أهل الحجاز وبها نزل القرآن ، وقرأ ابن مسعود رضي الله عنه : (ما هذا بشر) ، بالرفع ، على لغة بني تميم ، فإنهم لا يعملون "ما" عمل "ليس" ، وكقوله تعالى : (فتلقى آدم من ربه كلمات) ، قريء بنصب "آدم" ورفع " كلمات" .

    · الإختلاف في التصريف :
    كقوله تعالى : (فقالوا ربنا بعد بين أسفارنا) ، قريء بنصب (ربنا) على أنه منادى مضاف و(باعد) بصيغة الأمر ، وقريء (ربنا) بالرفع و (باعد) بفتح العين ، على أنه فعل ماض ، وقريء (بعد) بفتح العين مشددة مع رفع (ربنا) أيضا .
    ومن ذلك ما يكون بتغيير حرف ، مثل (يعلمون ، وتعملون) ، بالياء والتاء ، و (الصراط ، والسراط) في قوله تعالى : (اهدنا الصراط المستقيم) .

    · الإختلاف بالتقديم والتأخير :
    o إما في الحرف ، كقوله تعالى : (أفلم ييئس) ، وقريء : (أفلم يأيس) .
    o وإما في الكلمة ، كقوله تعالى : (فيقتلون ويقتلون) ، بالبناء للفاعل (المعلوم) في الأول ، وللمفعول (المجهول) في الثاني ، وقريء بالعكس .
    وأما قراءة (وجاءت سكرة الحق بالموت) ، بدلا من قوله تعالى : (وجاءت سكرة الموت بالحق) ، فقراءة أحادية أو شاذة ، لم تبلغ درجة التواتر .

    · الإختلاف بالإبدال :
    o سواء كان إبدال حرف بحرف ، كقوله تعالى : (وانظر إلى العظام كيف ننشزها) ، قريء بالزاي مع ضم النون ، وقريء بالراء المهملة مع فتح النون .
    o أو إبدال لفظ بلفظ ، كقوله تعالى : (كالعهن المنفوش) ، قرأ ابن مسعود رضي الله عنه وغيره ، (كالصوف المنفوش) .
    o وقد يكون هذا الإبدال مع التفاوت في المخارج كقوله تعالى : (وطلح منضود) ، قريء (طلع) ومخرج الحاء والعين واحد ، فهما من حروف الحلق .

    · الإختلاف بالزيادة والنقص :
    o فالزيادة ، كقوله تعالى : (وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار) ، التوبة 100 ، قريء (من تحتها الأنهار) بزيادة (من) ، وهما قراءتان متواترتان ، ويمثل لها في قراءة الآحاد ، بقراءة ابن عباس رضي الله عنهما ، (وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا) ، بزيادة (صالحة) ، وإبدال كلمة (أمام) بكلمة (وراء) .
    o والنقصان ، كقوله تعالى : ( وقالوا اتخذ الله ولدا) ، بدون واو ، وقراءة الجمهور ، بالواو ، ويمثل لها في قراءة الآحاد بقراءة (والذكر والأنثى) بدلا من قوله تعالى : (وما خلق الذكر والأنثى) .

    · إختلاف اللهجات بالتفخيم والترقيق ، والفتح والإمالة ، والإظهار والإدغام ، والهمز والتسهيل ، والإشمام ونحو ذلك .
    o ومن الأمثلة على الإمالة : قوله تعالى : (وهل أتاك حديث موسى) ، بإمالة (أتى ، وموسى) .
    o ومن الأمثلة على تسهيل الهمز ، وهو لغة قريش كما سبق ، قوله تعالى : (قد أفلح المؤمنون) ، بتسهيل الهمزة .
    ويقول الشيخ مناع ، بأن هذا الرأي هو أقوى الآراء ، بعد الرأي الأول ، وإليه ذهب الرازي رحمه الله ، وانتصر له من المعاصرين الشيخ محمد بخيت المطيعي ، والشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني .

    ¨ خامسا : وذهب بعضهم إلى أن العدد سبعة لا مفهوم له ، وإنما هو رمز إلى ما ألفه العرب من معنى الكمال في هذا العدد ، فهو إشارة إلى أن القرآن في لغته وتركيبه كأنه حدود وأبواب لكلام العرب كله مع بلوغ الذروة في الكمال ، فلفظ السبعة يطلق على إرادة الكثرة والكمال في الآحاد ، كما يطلق السبعون في العشرات ، والسبعمائة في المئين ، ولا يراد العدد المعين ، وإلى هذا مال القاضي عياض رحمه الله ، ومن تبعه .

    ¨ سادسا : إن المراد بالأحرف السبعة ، القراءات السبع ، وقد حكي عن الخليل بن أحمد رحمه الله ، وقد وصف الزركشي رحمه الله ، هذا الرأي بأنه أضعف الآراء .

    وزاد الزركشي رحمه الله ، في البرهان :
    ¨ أولا : أن المراد أن علم القرآن ، يشتمل على سبعة أشياء :
    · علم الإثبات والإيجاد ، كقوله تعالى : (إن في خلق السماوات والأرض) .
    · وعلم التوحيد ، كقوله تعالى : (قل هو الله أحد) .
    · وعلم التنزيه ، كقوله تعالى : (أفمن يخلق كمن لا يخلق) .
    · وعلم صفات الذات ، كقوله تعالى : (الملك القدوس) .
    · وعلم صفات الفعل ، كقوله تعالى : (واعبدوا الله) .
    · وعلم العفو والعذاب ، كقوله تعالى : (ومن يغفر الذنوب إلا الله) .
    · وعلم الحشر والحساب ، كقوله تعالى : (إن الساعة لآتية) .
    · وعلم النبوات ، كقوله تعالى : (رسلا مبشرين ومنذرين) .
    · والإمامات ، كقوله تعالى : (ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) .
    ويلاحظ أن أصحاب هذا الرأي ، ذكروا تسعة أشياء ، لا سبعة .

    ¨ ثانيا : أن المراد به سبعة أشياء : المطلق والمقيد ، والعام والخاص ، والنص والمؤول ، والناسخ والمنسوخ ، والمجمل والمفسر ، والإستثناء وأقسامه ، حكاه أبو المعالي بسند له عن أئمة الفقه .

    ¨ ثالثا : وقد حكي عن أهل اللغة : أن المراد الحذف والصلة ، والتقديم والتأخير ، والقلب والإستعارة ، والتكرار ، والكناية والحقيقة والمجاز ، والمجمل والمفسر ، والظاهر ، والغريب .

    ¨ رابعا : وقد حكي عن النحاة ، أنها التذكير والتأنيث ، والشرط والجزاء ، والتصريف والإعراب ، والأقسام وجوابها ، والجمع والتفريق ، والتصغير والتعظيم ، وإختلاف الأدوات مما يختلف فيها بمعنى ، وما لا يختلف في الأداء واللفظ جميعا .

    ¨ خامسا : وحكي عن الصوفية ، أنها سبعة أنواع من المبادلات ، والمعاملات ، وهي الزهد والقناعة مع اليقين ، والحزم والخدمة مع الحياء ، والكرم والفتوة مع الفقر ، والمجاهدة والمراقبة مع الخوف ، والرجاء والتضرع والإستغفار مع الرضا ، والشكر والصبر مع المحاسبة والمحبة ، والشوق مع المشاهدة . اهـ ، وينبغي التنبيه على ما قد تحتويه هذه العبارات ، من تجاوزات ، وخاصة عند الصوفية .

    ¨ سادسا : أنه من المشكل الذي لا يدرى معناه ، لأن العرب تسمي الكلمة المنظومة حرفا ، وتسمي القصيدة بأكملها كلمة ، والحرف يقع على المقطوع من الحروف المعجمة ، والحرف أيضا المعنى والجهة ، قاله أبو جعفر محمد بن سعدان النحوي رحمه الله ، فالحرف مشترك لفظي ، له أكثر من معنى .

    وبعد سرد هذه الآراء ، تأتي مرحلة المناقشة ، ومن أفضل من ناقشها الشيخ مناع القطان في "مباحثه" :
    ¨ حيث أجاب عن الرأي القائل بأن المراد ، هو سبع لغات من لغات العرب نزل عليها القرآن ، بمعنى أنه في جملته لا يخرج في كلماته عنها ، فهو يشتمل في مجموعه عليها ، بأن لغات العرب أكثر من سبع ، وبأن عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم رضي الله عنهما ، اختلفا ، رغم أن كليهما قرشي ، فلو كان الحرف ، (بمعنى القراءة) ، واحدا لما استنكر عمر قراءة هشام ، فإنكاره يدل على أن عمر رضي الله عنه ، سمع بحرف قبيلة في مجلس ، وسمع هشام رضي الله عنه ، (نفس الآيات) بحرف قبيلة أخرى في مجلس آخر ، فحصل الخلاف بينهما .
    وأجاب الطبري رحمه الله ، على هذا بقوله : بل الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ، هن لغات سبع في حرف واحد ، وكلمة واحدة ، بإختلاف الألفاظ وإتفاق المعاني ، كقول القائل : هلم ، وأقبل ، وتعال ، وإلي ، وقصدي ، ونحوي ، وقربي ، ونحو ذلك . اهـ ، وأشار رحمه الله إلى أن هذه الأحرف غير موجودة ، إلا الحرف الموجود في المصحف العثماني ، الذي أجمعت عليه الأمة ، في عهد عثمان رضي الله عنه مخافة الفتنة ، ولا إشكال في ذلك ، لأن الأمة أمرت بحفظ القرآن ، وخيرت في قراءته وحفظه بأي تلك الأحرف السبعة شاءت .

    ¨ وأجاب ، الشيخ مناع ، عن الراي القائل بأن المراد بها ، سبعة أوجه من الأمر والنهي والحلال ، … الخ ، بأن ظاهر الأحاديث يدل على أن المراد بالأحرف السبعة أن الكلمة تقرأ على وجهين أو ثلاثة إلى سبعة توسعة للأمة ، والشيء الواحد لا يكون حلالا وحراما في آية واحدة ، والتوسعة لم تقع في تحريم حلال ، ولا تحليل حرام ، وقد أشار الطبري رحمه الله ، إلى هذا المعنى في مقدمة تفسيره .

    ¨ وأجاب عن الرأي الذي يرى أن المراد بالأحرف السبعة وجوه التغاير التي يقع فيها الإختلاف (كالتصريف والتقديم والتأخير والإبدال) ، بأن هذا وإن كان شائعا مقبولا لكنه لا ينهض أمام أدلة الرأي الأول ، الذي جاء التصريح فيها بإختلاف الألفاظ مع إتفاق المعنى ، وبعض وجوه التغاير والإختلاف التي يذكرونها ورد بقراءات الآحاد ، ولا خلاف في أن كل ما هو قرآن يجب أن يكون متواترا ، وأكثرها يرجع إلى شكل الكلمة أو كيفية الأداء ، (كالتفخيم والترقيق ، والإمالة) ، مما لا يقع به التغاير في اللفظ ، فإمالة لفظ (موسى) ، في قوله تعالى : (وهل أتاك حديث موسى) ، على سبيل المثال ، لم يؤد إلى تغيير اللفظ ، وإن أدى إلى إختلاف طريقة النطق به ، والله أعلم .

    ¨ وأجاب عن الرأي القائل بأن العدد سبعة ، لا مفهوم له ، بأن الأحاديث تدل بنصها على حقيقة العدد وانحصاره ، كما تقدم ، والأكثرون على أنه محصور في سبعة ، كما أشار إلى ذلك الزركشي رحمه الله في "البرهان" ، وقد يشكل على هذا ما رواه الحاكم رحمه الله في مستدركه من حديث سمرة رضي الله عنه مرفوعا : أنزل القرآن على ثلاثة أحرف ، والجواب على هذا ، بأن هذا الحديث لا يقوى على معارضة ، الأحاديث التي ورد فيها التصريح بالسبعة ، وهي في الصحيحين ، قال أبو عبيد رحمه الله : تواترت الأخبار بالسبعة إلا هذا الحديث ، يعني : فليقدم المتواتر ، وليؤخر ما دونه وهو هذا الحديث ، وأما أبو شامة رحمه الله ، فقد مال إلى الجمع بين أحاديث الباب ، فقال : يحتمل أن يكون معناه : أن بعضه أنزل على ثلاثة أحرف ، أو أراد : أنزل إبتداء على ثلاثة ، ثم زيد إلى سبعة .

    ¨ وأجاب على الرأي القائل ، بأن المراد هو القراءات السبع ، بأن القرآن : هو الوحي المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم للبيان والإعجاز ، والقراءات : هي إختلاف في كيفية النطق بألفاظ الوحي ، من تخفيف أو تثقيل أو مد أو نحو ذلك ، بمعنى أن تعدد القراءات ، لا يلزم معه تعدد الألفاظ ، خلاف تعدد الأحرف ، فيلزم معه تعدد الألفاظ ، وإنما القراءات ، تكون في حرف واحد (أي لفظ واحد) ، كما هو مشاهد ، حيث أن القراءات السبع ، كلها في الحرف الذي جمع عثمان رضي الله عنه الأمة عليه .
    ولعل هذا الخطأ وقع نتيجة الإتفاق في العدد سبعة ، بين الأحرف والقراءات ، كما أشار إلى ذلك ابن عمار رحمه الله ، بقوله : لقد فعل مسبع هذه السبعة ما لا ينبغي له ، وأشكل الأمر على العامة بإيهامه كل من قل نظره أن هذه القراءات هي المذكورة في الخبر ، وليته إذ اقتصر نقص على السبعة أو زاد ليزيل الشبهة .

    ثم رجح الشيخ مناع ، الرأي الأول ، كما سبق ، وقال بأنه هو الذي يتفق مع ظاهر النصوص ، وتسانده الأدلة الصحيحة ، وقد كانت القراءة بها ضرورة ، في أول الأمر ، حتى تمكن الناس من الإقتصار على الطريقة الواحدة ، كما أيد ذلك ، الطحاوي رحمه الله ، كما سبق ، وأبوبكر بن الطيب ، وابن عبد البر ، وابن العربي وغيرهم ، كما ذكر ذلك الزركشي رحمه الله في "البرهان" .

    وعلى الجانب الآخر ، مال الشيخ الدكتور عبد البديع أبو هاشم حفظه الله ، في "إمتاع الجنان" إلى التوقف في الترجيح بين هذه الأقوال ، فقال : والأولى عدم المجازفة على الرجم بالغيب بالأحرف السبعة ، لأن هذا هو شأن الصحب الكرام ، رضي الله عنهم ، حيث لم يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن عين الأحرف السبعة ، وبالتالي لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عينها ، غير أنه أخبر عن ثبوتها ، وليس هذا غريبا و لا بدعا من القول ، حيث سبق إليه الإمام ابن حبان رحمه الله بقوله : وهي أقاويل يشبه بعضها بعضا ، وكلها محتملة وتحتمل غيرها . اهـ .

    ويرد على الذهن سؤال مهم ، وهو : هل الأحرف السبعة باقية في المصحف أو لا ؟
    وقد أجاب العلماء على هذا السؤال بـ 3 إجابات ، نقلها الدكتور عبد البديع أبو هاشم ، وهي :
    ¨ الإجابة الأولى : أن هذه الأحرف السبعة ظهرت واستفاضت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضبطها عنه الأئمة ، وأثبتها عثمان رضي الله عنه والصحابة في المصحف ، وأخبروا بصحتها ، وإنما حذفوا منها ما لم يثبت متواترا ، وأنها موجودة إلى الآن في المصحف كلها ، وممن أيد هذا الرأي الشيخ الزرقاني رحمه الله في "المناهل" ، فقال بأن شاهد وجود هذه الأحرف قائم وثابت ، وهو أن القرآن ميسر على كل من قرأه ، لا يستحيل على لسان ، ولا يصعب على إنسان ، وهذه هي الغاية المنشودة من وراء إنزال القرآن على سبعة أحرف ، سواء عرفت بأعيانها أم لم تعرف ، والأمة كلها مفتقرة إلى هذا التيسير وغير العرب أولى منهم .
    ¨ الإجابة الثانية : أن الموجود هو الحرف الذي جمع عثمان رضي الله عنه ، الأمة عليه ، كما أشار إلى ذلك الطبري والطحاوي ، كما سبق .
    ¨ الإجابة الثالثة : وهي وسط بين الإثنين السابقتين ، وقد ذهب إليها الشاطبي رحمه الله ، وهي أن مصحف أبي بكر رضي الله عنه ، كان مشتملا على الأحرف السبعة ، وأما مصحف عثمان رضي الله عنه ، فليس فيه إلا حرف واحد .

    وأخيرا ، لخص الشيخ مناع في "المباحث" حكمة نزول القرآن على سبعة أحرف ، في 3 نقاط :
    ¨ أولا : تيسير القراءة والحفظ على قوم أميين ، ومن أبرز ما يدل على هذه الحكمة ، حديث أبي ، قال : لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عند أحجار المراء ، فقال : إني بعثت إلى أمة أميين ، منهم الغلام والخادم والشيخ العاس والعجوز ، فقال جبريل : فليقرأوا القرآن على سبعة أحرف .

    ¨ ثانيا : إعجاز القرآن للفطرة اللغوية عند العرب ، فتعدد مناحي التأليف الصوتي للقرآن تعددا يكافيء الفروع اللسانية التي فطرة اللغة في العرب حتى يستطيع كل عربي أن يوقع بأحرفه وكلماته على لحنه الفطري ولهجة قومه مع بقاء الإعجاز الذي تحدى به الرسول صلى الله عليه وسلم العرب ، فلم يكن إعجازا للسان دون لسان ، وإنما كان إعجازا لفطرة العرب اللغوية .

    ¨ ثالثا : إعجاز القرآن في معانيه وأحكامه ، فإن تقلب الصور اللفظية في بعض الأحرف والكلمات يتهيأ معه إستنباط الأحكام التي تجعل القرآن ملائما لكل عصر ، ولهذا احتج الفقهاء في الإستنباط والإجتهاد بقراءات الأحرف السبعة
    الحلاجي محمد
    الحلاجي محمد
    Servo di Allah


    Sesso : ذكر

    Numero di messaggi : 6995

    defaut رد: الأحرف السبعة

    مُساهمة من طرف الحلاجي محمد الجمعة 26 نوفمبر - 18:55:43

    القول الذي ذكر الدكتور هشام أنه أسلم الأقوال ، هو في الحقيقة لا يسلم أمام ميزان النقد العلمي ، وقد بين مناع القطان ذلك في كتابه الذي أشرت إليه .

    وقد بحث الموضوع في هذا الملتقى أكثر من مرة ، ومن ذلك :

    http://www.tafsir.org/vb/showthread....9+%C3%CD%D1%DD

    http://www.tafsir.org/vb/showthread....9+%C3%CD%D1%DD

    http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=373

    http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=191






      الوقت/التاريخ الآن هو السبت 11 مايو - 19:07:14