Islam for all-الإسلام للجميع

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
Islam for all-الإسلام للجميع

شرح الأربعين النووية Aya10
Questo sito e' protetto con
Norton Safe Web


    شرح الأربعين النووية

    الحلاجي محمد
    الحلاجي محمد
    Servo di Allah


    Sesso : ذكر

    Numero di messaggi : 6995

    شرح الأربعين النووية Empty شرح الأربعين النووية

    مُساهمة من طرف الحلاجي محمد الأربعاء 4 مارس - 22:43:09


    عن أبي ذر
    رضي الله عنه : أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا له :
    يا رسول الله ، ذهب أهل الدثور بالأجور ، يصلون كما نصلي ، ويصومون كما
    نصوم ، ويتصدقون بفضول أموالهم . قال : ( أوليس قد
    جعل الله لكم ما تصدّقون ؟ إن لكم بكل تسبيحة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ،
    وكل تحميدة صدقة ، وكل تهليلة صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة .، ونهي عن منكر
    صدقة ، وفي بضع أحدكم صدقة
    ) ، قالوا : يا رسول الله ، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ ، قال : ( أرأيتم لو وضعها في حرام ، أكان عليه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر ) رواه مسلم .


    الشرح
    يوم
    أن خلق الله تعالى هذه الدنيا ، بثّ فيها ما يكفل للإنسان عيشا رغيدا
    وحياة هانئة سعيدة ، إلا أن هذه الحياة على اتساعها وجمال ما فيها مآلها
    إلى الفناء ، كالزهرة اليانعة في البستان ، سرعان ما تذبل وتسقط أوراقها ،
    وإنما هيأها الله لبني آدم كي تكون مزرعة للآخرة ، ومجالا واسعا للتنافس
    على طاعة الله ، والتسابق في ميادين الخير .


    ولقد
    كان هذا هو همّ الصحابة الأول ، وتطلعهم الأسمى ، فشمّروا عن سواعد الجد ،
    وانطلقوا مسارعين إلى ربهم ، بقلوب قد طال شوقها إلى الجنة ، ونفوس قد
    تاقت إلى نعيمها الدائم ، فكان الواحد منهم إذا سمع عن عمل يقرّبه إلى
    الله ويدنيه من رحمته كان أول الممتثلين له ، عملا بقوله تعالى : { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين } ( آل عمران : 133 ) .


    ولئن
    كانت ميادين الصلاة والصيام ونحوها مقدورة من أغلب الناس ، إلا أن الصدقة
    بالمال مقصورة على أغنياء المسلمين القادرين على بذله والجود به ، ومن هنا
    دخل الحزن قلوب فقراء الصحابة ، إذ فاتهم هذا المضمار من مضامير الخير ،
    وكلما سمعوا آية أو حديثا يحث الناس على البذل والصدقة ، ويبيّن فضلها وما
    أعد الله لأهلها ، حزّ ذلك في نفوسهم ، فذهبوا إلى رسول الله صلى الله
    عليه وسلم شاكين له ، ولنعش معا لحظات ماتعة مع هذا الموقف العظيم الذي
    يرويه لنا أبو ذر رضي الله عنه .


    لقد
    قال الصحابه : " يا رسول الله ، ذهب أهل الدثور بالأجور " ، ولم يكن قولهم
    هذا انطلاقا من الحسد لإخوانهم ، أو طمعا في الثراء ، ولكنه خرج مخرج
    الغبطة وتمني حصول الخير ، ليحوزوا المرتبة التي امتاز بها الأغنياء ،
    ونظير هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلط على هلكته في الحق ) متفق عليه .


    وهنا
    أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ما يدور في نفوس أصحابه من اللهفة إلى
    الخير ، فعالج ذلك الموقف بكل حكمة ، وبيّن لهم سعة مفهوم الصدقة ، فإنها
    ليست مقصورة على المال فحسب ، بل تشمل كل أنواع الخير ، ولهذا قال صلى
    الله عليه وسلم ( إن بكل تسبيحة صدقة ) .


    إن ذكر الله تعالى من التكبير والتسبيح والتهليل والتحميد ، هو من الباقيات الصالحات التي ذكرها الله تعالى في قوله : { والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا } ( الكهف : 46 ) ، وقد وردت نصوص كثيرة تدل على فضل الذكر ، ففي مسند أحمد وعند الترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
    ( ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم ؟ ،
    وخير لكم من إعطاء الذهب والورق ، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا
    أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ قالوا :بلى يا رسول الله . قال : ذكر الله عز
    وجل
    ) وقال أبو الدرداء راوي
    الحديث : " لأن أقول الله أكبر مائة مرة ، أحبّ إليّ من أن أتصدق بمائة
    دينار " ، وفي حديث آخر يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( سبق المفردون . قالوا : وما المفردون يا رسول الله ؟ قال : الذاكرون الله كثيرا والذاكرات ) رواه مسلم . فذكر الله من أعظم صدقات العبد على نفسه .


    وفي
    الجانب الآخر : فإن دعوة الناس إلى التزام الأوامر وترك النواهي إنما هو
    صدقة متعدية إلى أفراد المجتمع ، ودليل على خيرية هذه الأمة ، كما قال
    الله عزوجل في كتابه : { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله } ( آل عمران : 110 ) ، وهذا النوع من الصدقة واجب على كل أفراد الأمة كلٌّ بحسبه ، علاوة على أنه ضمان لسلامتها وتصحيح مسارها .


    ويجدر
    بنا أن نشير إلى أن أبواب الخير غير مقصورة على ما ورد في الحديث ، بل
    وردت أعمال أخرى أخذت وصف الصدقة : منها التبسم في وجه الأخ ، وعزل الشوكة
    أو الحجر عن طريق الناس ، وإسماع الأصم والأبكم حتى يفهم ، وإرشاد الأعمى
    الطريق ، والسعي في حاجة الملهوف ، ونفقة الرجل على أهله ، بل كل ما هو
    داخل في لفظة ( المعروف ) يعتبر صدقة من الصدقات إما على النفس أو على
    المجتمع .


    ثم
    تتضح سعة فضل الله تعالى على عباده ، حينما رتّب الأجر والثواب على ما
    يمارسه الإنسان في يومه وليلته مما هو مقتضى فطرته وطبيعته ، وذلك إذا
    أخلص فيه النية لربه ، واحتسب الأجر والثواب ، فبيّن النبي صلى الله عليه
    وسلم أن المرء إذا أتى أهله ، ونوى بذلك إعفاف نفسه وأهله عن الحرام ،
    والوفاء بحق زوجته ، وطلب الذرية الصالحة التي تكون ذخرا له بعد موته ،
    فإنه يؤجر على هذه النيّة .

    وهكذا
    يتسع مفهوم الصدقة ليشمل العادات التي يخلص أصحابها في نياتهم ، فهي دعوة
    إلى احتساب الأجر عند كل عمل ، واستحضار النية الصالحة عند ممارسة الحياة
    اليوميّة ، نسأل الله أن يعيننا على طاعته
    .

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء 8 مايو - 12:54:16