Islam for all-الإسلام للجميع

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
Islam for all-الإسلام للجميع

حدود شرعية وبلاد آمنة Aya10
Questo sito e' protetto con
Norton Safe Web


    حدود شرعية وبلاد آمنة

    الحلاجي محمد
    الحلاجي محمد
    Servo di Allah


    Sesso : ذكر

    Numero di messaggi : 6995

    religion حدود شرعية وبلاد آمنة

    مُساهمة من طرف الحلاجي محمد الخميس 30 أبريل - 17:57:04

    حدود شرعية وبلاد آمنة
    -----------------------
    العلم والدعوة والجهاد, فقه
    الحدود, محاسن الشريعة
    -----------------------
    صالح بن عبد الله بن حميد
    مكة المكرمة
    المسجد الحرام
    محامد و أدعيةطباعة الخطبة بدون محامد وأدعية
    -------------------------
    ملخص الخطبة
    أهمية الأمن وأنه من ضرورات الحياة , وارتباطه بالإيمان , والنصوص الدالة على ذلك من لوازم الأمن الشرع العادل والسلطان القوي - مفهوم الرحمة التي جاءت بها الشريعة ومن مظاهرها القصاص والحدود - خطورة التهاون مع المجرمين وعاقبة ذلك - طبيعة الحدود والعقوبة في الإسلام , وخطورة القول بأنها غير صالحة في هذه العصور
    -------------------------
    الخطبة الأولى
    فاتقوا الله أيها المسلمون وعظموا أمره واشكروا نعمه.
    عباد الله: إن توفر الأمن ضرورة من ضرورات الحياة، قد تفوق ضرورة الغذاء والكساء، بل لا يستساغ طعام إذا فقد الأمان. والأمان في جوهره ومعناه: لا يكون إلا مع الإيمان، والسلام في حقيقته لا يكون إلا مع الإسلام: الَّذِينَ ءامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الاْمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ [الأنعام:82].
    ((لا إيمان لمن لا أمانة له))(1)[1]، ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده))(2)[2].
    ومن دخل في الإسلام فقد دخل في دائرة الأمن والأمان: ((من قال لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه، وحسابه على الله عز وجل))(3)[3]. ((كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه))(4)[4]. وإذا تحقق الإسلام والإيمان توفرت أسباب الأمن والأمان: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءامَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِى ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدّلَنَّهُمْ مّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِى لاَ يُشْرِكُونَ بِى شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذالِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [النور:55].
    ومن هنا كان بناء الإنسان في الإسلام شاملاً كل جوانب حياته، ومكونات شخصيته، عقيدة وسلوكا وأخلاقاً.
    ولئن كان الأمن - أيها الإخوة - يتوفر برسوخ الإيمان في القلوب، وتطهير الأخلاق في السلوك، وتصحيح المفاهيم في العقول، فإنه لابد في ذلك من الشرع العادل، والسلطان القوي: لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزْلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِىٌّ عَزِيزٌ [الحديد:25].
    إن من الناس صنفاً غليظاً لا يكفيه توجيه رفيق، ولا يكفيه وعظ بليغ، بل لا يردعه إلا عقوبة زاجرة، وقوة صارمة، لذا كان لابد من سوط السلطان مع زواجر القرآن، وقد جاء في الأثر: ((إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن)).
    ولكي يشيع الأمان، ويطمئن الإنسان، شرعت الشرائع الحازمة لمعكري الأمن ومثيري القلاقل، إنها مبادئ وأحكام، من أجل ضبط المجتمعات، أساسها الرحمة العامة والمصلحة الراجحة.
    إنها الرحمة المصاحبة للعدل في قانون الإسلام، وأنزلت من أجلها الشرائع، وسنت لها الأحكام، وجاء بها رسول البشرية محمد وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لّلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107]. فالغاية من الرسالة المحمدية الرحمة بالبشرية.
    وإن الرحمة بمفهومها الواسع غير مقصورة على الشفقة والرقة التي تنبت في النفس نحو مستضعف أو أرملة أو طفل، ولكنها رحمة عامة للضعيف والشريف، والرئيس والمرؤوس، والقريب والبعيد.
    لا مكان للرحمة لناشري الفوضى، ومهدري الحقوق، ومرخصي النفوس. كيف تكون الرأفة بذئاب الأعراض والأموال والدماء؟ لا يعرف العدالة في هذه القوة إلا المقروحون(5)[5]والمكتوون ممن أهدرت دماؤهم، وانتهكت أعراضهم، ونهبت أموالهم. هل تترك تلك الكلاب المسعورة حرة طليقة تزداد ضراوة ويزداد المجتمع بها بلاء وشقاوة؟!.
    أيها الإخوة: إن شرائع القصاص والحدود بعض مظاهر الرحمة في هذا الدين.
    إن أغلب المجرمين يقدمون على القتل حين يذهلون عن الثمن الذي يدفعونه حتما. ولو علموا أنهم مقتولون يقيناً لترددوا ثم أحجموا.
    ويوم قالت العرب: القتل أنفى للقتل، قال القرآن الكريم عبارة أوجز لفظاً وأحكم أسلوباً: وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حياةٌ [البقرة:179]. نعم إن في القصاص حياة.. حين يكف من يهم بالجريمة عن الإجرام. وفي القصاص حياة حين تشفى صدور أولياء القتيل من الثأر الذي لم يكن يقف عند حد لا في القديم ولا في الحديث.
    ثأر تسيل معه الحياة على مذابح الأحقاد العائلية والثارات القبلية جيلا بعد جيل لا تكف الدماء عن المسيل.
    فللقصاص حياة أعم وأشمل، حياة تشمل المجتمع كله، حيث يسود البلاد الأمان الذي يصون الدماء.
    وكما حفظت النفوس، حفظت الأعراض، فلا قسوة في جلد أو رجم، لأن الغرض الأسمى هو حماية الشرف وصيانة الأسر، وإشاعة الطهر والعفة بين الرجال والنساء: وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِى دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الاْخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مّنَ الْمُؤْمِنِينَ [النور:2].
    وإن الآية الكريمة لتبين بوضوح أن هذا النوع من الرأفة بالزناة والزواني لا يجتمع مع الإيمان بالله واليوم الآخر، وعلى الرغم من أن من أخص خصائص المؤمنين أنهم رحماء بينهم. فالرفق بمنتهكي الأعراض ومرتكبي الفواحش ليس من الرحمة في شيء.
    كل ذلك من أجل أن تخرس بواعث الجريمة، وتسري الرهبة في نفوس أهل الريب، فلا يتجاوزون حدود الله، ويلوثون كرامات الناس.
    والزواج الصحيح، هو وحده الملتقى المشروع للنفوس الكريمة والأسر الشريفة.
    ومن أجل هذا وتأكيداً لحفظ حرمات الناس من أن تستطيل عليها الألسنة الحداد، فتقع في الإفك وتشيع الفحشاء، شرع حد القذف ليجلد المفترون، وتسقط كرامتهم، وترد شهادتهم وتحفظ أعراض العفيفين والعفيفات.
    أما السراق واللصوص.. فأين دعاة الرحمة من عامل كادح قد قبض أجره ليضعه في أفواه نساء وصبية فإذا بيد آثمة تمتد إلى كسبه، وتستولي على رزقه، إن هذا اللص يحصد -مجرماً- في لحظات ما كدح الشرفاء في تحصيله الليالي والأيام. وهكذا يأكل القاعد الخبيث كدح الساعي المرهق.
    إن اليد العاملة الكاسبة حقها أن تصان وتحمى، حقها أن يضمن لها سعيها، وتأمن في معاشها، أما اليد الفاسدة التي عزفت عن شريف العمل وامتدت إلى الناس بالأذى، وعز علاجها فلابد من قطعها ليرتاح منها صاحبها، ويريح المجتمع كله من مفاسده.
    إن السطو على الأموال جريمة تزداد وتستشري: إن لم تقابل بالعلاج الزاجر الحاسم، تتحول إلى جرأة على الدم الحرام.
    ما أيسر أن يقتل اللص من يعترض طريقه، سواء كان هذا المعترض من رجال الأمن أو من رجال الأعمال والأموال.
    بل حينما يستفحل أمرهم ويتصاعد خطرهم، تعظم العقوبة الزاجرة في حقهم، لأنهم أصبحوا محاربين لله ولرسوله، ساعين في الأرض فساداً فجزاؤهم: أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأرْضِ ذالِكَ لَهُمْ خِزْىٌ فِى الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِى الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [المائدة:33].
    ذلكم حكم الله أنزله إليكم. إن الغلظة في العقوبة أيها الرحماء تتكافأ مع غلظ الجريمة. إن الرفق بمن ثبتت جريمته ليس من الرحمة في شيء، وكيف يكون إقرار الظلم والاعتداء على الآمنين والتقاعس عن الجزاء الرادع رأفة ورحمة. فالرحمة الحقيقية هي التي لا تحمل في ثناياها ظلماً ولا هضماً.
    لقد تعالت صيحات من هنا وهناك تنادي بإلغاء عقوبة الإعدام لمن يستحقها، فهذا المجرم عندهم منحرف المزاج مضطرب النفس، ينبغي أن يعالج. إنه اعتذار عن السفاكين ومرخصي الدماء فألغيت عقوبة الإعدام في دول شتى. وفتحوا سجوناً كثيرة سمن فيها المجرمون لكي يخرجوا أشد ضراوة وأكثر شقاوة.
    ومن اليسير أن يتعاون اللصوص والقتلة في إدراك مآربهم، ورسم خططهم، ليكونوا عصابات ويتقاسموا المهمات. وكأنكم تحسون بأن السجون تصبح ساحات ممهدة لاجتماع هؤلاء وإحكام خططهم، بل لعلهم يديرونها ويدبرونها من خلف قضبان السجون ولهم في الخارج إخوان يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون.
    إن الريبة لتثور حول ضمائر هؤلاء المدافعين عن المجرمين.
    ويكاد المتعجب أن يقول: لا يعطف على اللص إلا لص مثله، ولا يرأف بالقاتل إلا قاتل مثله.
    ماذا كسب الدين أهملوا حكم الله في الحدود والقصاص وأعملوا حكم الطاغوت؟ لم يجنوا إلا انتشار الجريمة، وسيادة الفوضى، وذعر الألوف في مساكنهم ومسالكهم. وفي الحديث: ((وما ترك أئمتهم العمل بكتاب الله إلا جعل الله بأسهم بينهم))(6)[6].
    إنك حيث ترى في واقع الذين ظلموا أنفسهم، وابتعدوا عن شرع الله، ما تنشره وسائل الإعلام من أنواع الجرائم وبشاعتها، واستهانتها بالأنفس،واسترخاصها للدماء، وانتهاكها للأعراض، وابتزازها للأموال، لقد وصل الحال بهم - حين أمنوا العقوبة الرادعة - أن كونوا قوى إرهابية تضارع الدول والحكومات، بل وقد تفوق عليها في قوتها وأنواع أسلحتها وتقنيتها، إنها عصابات تقطع الطرق وتخيف السبل - برية وبحرية وجوية -، تنشر الرعب والفساد، وتغير على المصارف والخزائن، وتستهين بالقوانين والأعراف. من قاومهم قتلوه، ومن سكت عنهم استخفوا به وأهانوه، شرهم يستشري، وأمرهم يستفحل، والناس منهم في هرج ومرج واضطراب وفساد، والدول يضعف سلطانها، وما أنباء المخدرات ومنظماتها عنكم ببعيد.
    أيها الإخوة : وفي هذا الخضم المائج بفتنه وإرهابه نقول : فلتهنأ بلادنا بلاد الحرمين الشريفين بأمنها وأمانها، ولتستمسك بدينها، وتعتز بدستورها:كتاب الله وسنة رسوله محمد ، تحل حلاله، وتحرم حرامه، وتقيم حدوده زادها الله صلاحاً وإصلاحاً، وبتحكيم شرعه إيماناً وتسليماً.

    -------------------------
    الخطبة الثانية
    الحمد لله أحاط بكل شيء خبراً، وجعل لكل شيء قدراً، وأسبغ على الخلائق من حفظه ستراً. أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، أرسله إلى الناس كافة عذراً ونذراً. صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه.. أخلد الله لهم ذكراً وأعظم لهم أجراً، والتابعين ومن تبعهم بإحسان.
    أما بعد:
    فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أنه يقصر الإدراك عند بعض المنتسبين إلى الإسلام حيث يظنون أن العقوبات والزواجر في الإسلام إن صلحت فيما مضى فهي غير صالحة في هذه العصور.
    إنهم لم يدركوا أن الأمن الذي يتحقق بتطبيق شرع الله لا يعتمد على العقوبة وحدها، ولكنه يعتمد قبل ذلك وبعده على غرس الإيمان في القلوب، وزرع الخشية من علام الغيوب، فتترك النفوس الإجرام رغبة ورهبة، يغذي ذلك ويقويه قنوات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونداءات الوعظ الرقيق، والتذكير الرفيق، وتعليم الجاهل، وتنبيه الغافل، وحفظ السفهاء في أنفسهم وأموالهم.
    ومن هنا أيها الإخوة فإن الدين لا يقف متربصًا من أجل أن تزل قدم ليجهز على صاحبها، ولكنه يمنح الفرص تلو الفرص من الستر المحدود ليرشد الضال ويصلح العاصي. إنه يؤثر ستر طالبي الستر، ويدرء الحدود بالشبهات، ويفتح منافذ الأمل لمستقبل يتوبون فيه إلى ربهم، ويستغفرونه والله غفور رحيم.
    __________
    (1) أخرجه أحمد (3/135،154،210،251)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/288)، وأيضا في شعب الإيمان (4/78-ح4354،4/320-ح5254،5255)، والبغوي في شرح السنة (1/75-ح38)وحسنه، انظر مجمع الزوائد( 1/96).
    (2) أخرجه البخاري ( 1/69-ح10)، ومسلم (1/65-ح41).
    (3) أخرجه مسلم (1/53-ح23)،وأحمد (3/472).
    (4) أخرجه مسلم (4/1986-ح2564)، وأبو داود (4/270-ح4882)،والترميذي (4/287-ح1927)وقال :حديث حسن غريب، وابن ماجه (2/1298-ح3933)، وأحمد (2/277).
    (5) المقروحون: الذين أصاب القرح أكبادهم.
    (6) رواه ابن ماجه (2/1332،1333-ح4019) وقال البوصيري في الزوائد : هذا حديث صالح للعمل به، وقد اختلفوا في ابن أبي مالك وأبيه، والحاكم (4/540)وقال : صحيح الإسناد ووافقه الذهبي وعلى هذا فالحديث حسن إن شاء الله.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 17 مايو - 4:01:13