Islam for all-الإسلام للجميع

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
Islam for all-الإسلام للجميع

الانكسار والتذلل لله  Aya10
Questo sito e' protetto con
Norton Safe Web


    الانكسار والتذلل لله

    الحلاجي محمد
    الحلاجي محمد
    Servo di Allah


    Sesso : ذكر

    Numero di messaggi : 6995

    الانكسار والتذلل لله  Empty الانكسار والتذلل لله

    مُساهمة من طرف الحلاجي محمد الأربعاء 8 فبراير - 13:59:39

    الانكسار والتذلل لله

    أيها المؤمنون تكلمنا عن الأدب مع الله وقلنا إنه أول ما ينبغي فعله لمن يريد الطريق الصحيح الله تعالى، وأول ما يهدي الى الأدب مع الله هو الحياء منه تعالى، وتلكمنا عن الحياء بشكل عام ثم تكلمنا عن الحياء من الله بشكل خاص وفي الجمعة الماضية تكلمنا عن أسباب الحياء من الله وتلكمنا عن بعض الأسباب فقط.

    واليوم سنتكلم عن الركيزة الثانية من ركائز الأدب مع الله وهي الانكسار له سبحانه وتعالى والتذلل بين يديه جل في علاه وتقدست اسماؤه.

    يقول أحد علماء الإسلام: أتيت الأبواب كلها فوجدت عليها ازدحاما فأتيت باب الذل والانكسار فوجدته خاليا فدخلت منه وقلت هلموا الى ربكم .

    وتأمل يا عبدالله قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: ((إن الله يقول يوم القيامة: يا ابن آدم، مرضت فلم تعدني، قال: يا رب، كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلانًا مرِض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده، يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني، قال: يا رب، كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي، يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني، قال: يا رب، كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما علمت أنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي))؛ رواه مسلم.

    قال ابن القيم: "فقال في عيادة المريض: ((لوجدتني عنده))، وقال في الإطعام والإسقاء: ((لوجدت ذلك عندي))، ففرق بينهما؛ فإن المريض مكسور القلب ولو كان من كان، فلا بد أن يكسره المرض، فإذا كان مؤمنًا قد انكسر قلبه بالمرض، كان الله عنده.

    وهذا والله أعلم هو السر في استجابة دعوة الثلاثة: المظلوم، والمسافر، والصائم؛ للكسرة التي في قلب كل واحد منهم، فإن غربة المسافر وكسرته مما يجده العبد في نفسه، وكذلك الصوم فإنه يكسر سَورة النفس السبعية الحيوانية ويذلها"؛

    وجاء في كتاب الزهد للإمام أحمد: "أن موسى عليه السلام قال: أي رب، أين أبغيك؟ قال: ابغني عند المنكسرة قلوبهم".

    وتفسير هذا الحب والقرب والفرح الإلهي:

    أن هذا الذل والانكسار هو "روح العبودية، ومخها ولبُّها"، وبها تتحقق الغاية من إيجاد الجن والإنس، والذي جاء بكل وضوح وأبلغ بيان؛ ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ الذاريات 56، فالعبودية هي قطب الرحى، وهي السبب الوحيد الذي لا ثاني له في إيجادنا وخلقنا، ومخها ولبها هو الذل والانكسار.

    فحقيقة العبادة ترجع إلى معانٍ قلبية مخصوصة، وهي غاية الحب ونهاية الذل والتعظيم، وما يلزم عن ذلك من الأعمال الظاهرة، فتأمل قولهم في تعريفها بأنها: "نهاية الذل والتعظيم"، فكأنها طريق كلما أوغلت فيه وشمرت، اقتربت من الهدف، ثم يتفاوت السائرون في هذا الطريق، فالحياة الطيبة، والأنوار والطمأنينة، والراحة والانشراح والسعادة - ينالها كل من له حظ في هذا الطريق، وكلما أوغلت أكثر وأكثر، نالك النصيب الأكبر، والناس بين مقلٌّ ومستكثر.

    وهذا الذل والانكسار الذي هو لبُّ العبودية أشارت إليه آيات القرآن؛ فجاءت في مقام المدح والثناء: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾ الأنبياء 90، وفي مقام ذم من ترك التضرع والاستكانة والذل لله: ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ﴾ المؤمنون 76. في آيات كثيرة تظهر جلية لمن تدبر القرآن، ولعل من الدقائق في هذا الباب ما جاء في مقام البيان والاحتجاج على المشركين؛ كقوله في سورة لقمان: ﴿وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ﴾ لقمان 32، وفي يونس: ﴿جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ يونس 22، فتأمل قوله: ﴿ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾، فعندما تفزع القلوب في وقت الشدة لله، ولا يكون هناك أي تعلق أو رجاء للمخلوقين أيًّا كانوا، وتنطلق الاستغاثات والدعوات لله حتى لا يكون في الضمير غيره - يعبر القرآن عن هذه الحال بكل وضوح وتوضيح: ﴿ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾، فهذا الفزع والانقطاع، والانكسار والاستغاثات، والتضرع والتعلق، والرجاء والأمل - هو إخلاص الدين لله، ولكنه لم ينفع المشركين؛ لأنها كانت عندهم حالة مؤقتة لحين انتهاء الكرب: ﴿فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ﴾ العنكبوت 65، بخلاف المؤمنين الذين يستصحبون هذه الأحوال والعبادات في كل حين، ثم يتفاوتون في مراتبها، ثم يستفيض القرآن في شرح أحوال المؤمنين وصفاتهم، وأعمالهم وعباداتهم، ومحبتهم وخضوعهم، وانكسارهم لتحقيق العبودية لله عز وجل، ويدعوهم للمزيد والمزيد، والمسارعة والمسابقة، والسعي والمنافسة، وأنهم ﴿يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ﴾ الإسراء 57، وعجلتهم لنيل مراضي الرب جل وعلا: ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى﴾ طه 84، وأنهم ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا﴾ المائدة 2، بل ودعاهم إلى أن يقتطع العبد وقتًا من يومه أو ليلته للانقطاع والخلوة بالله والأنس به، والذل والانكسار بين يديه: ﴿ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا ﴾ المزمل 8، يقول احد السلف مساكين أهل الدنيا، خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها: معرفة الله ومحبته، والتذلل له، والانكسار بين يديه، وألذ ما في الآخرة: رؤيته وسماع كلامه بلا واسطة.

    فخذ هذا الأمر بقوة، وتدرج فيه حتى تتمكن، وداوم على السداد والمقاربة، والمنشط والمكره، والمصابرة والمجاهدة، حتى تتشربه نفسك، ويصلب عودك؛ قال ابن الجوزي: "أتعتقد أن التوبة قول باللسان؟ إنما التوبة نار تحرق الإنسان، جرِّد قلبك من الأقذار، ثم ألبسه الاعتذار، ثم ألبسه لباس الانكسار، ثم أقمه على باب الدار".

    قال ذو النون المصري: "مضيت إلى أحد العباد فسألته: كيف كان بدء أمرك مع ربك تبارك وتعالى؟ قال لي: يا فتى، كنت إذا عملت بمعصيته صبرَ عليَّ وتأنى بي، فإذا عملت بطاعته زادني وأعطاني، وإذا أقبلت عليه قربني وأدناني، وإذا وليت عنه صوَّت بي وناداني، وإذا وقفت لفترة رغَّبني ومنَّاني، فمن أكرم من هذا مأمولًا؟".

    والله إن شرف الدنيا والآخرة هو الذل والانكسار بين يديه.

    والحمد لله رب العالمين
    الحلاجي محمد
    الحلاجي محمد
    Servo di Allah


    Sesso : ذكر

    Numero di messaggi : 6995

    الانكسار والتذلل لله  Empty رد: الانكسار والتذلل لله

    مُساهمة من طرف الحلاجي محمد الأربعاء 8 فبراير - 14:06:44

    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد 28 أبريل - 17:36:24