Islam for all-الإسلام للجميع

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
Islam for all-الإسلام للجميع

أمثال قرآنية Aya10
Questo sito e' protetto con
Norton Safe Web


    أمثال قرآنية

    الحلاجي محمد
    الحلاجي محمد
    Servo di Allah


    Sesso : ذكر

    Numero di messaggi : 6998

    أمثال قرآنية Empty أمثال قرآنية

    مُساهمة من طرف الحلاجي محمد الخميس 11 فبراير - 0:41:16

    بسم الله الرحمن
    اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أمثال قرآنية

    فيه شركاء متشاكسون
    أمثال قرآنية 141498

    ضرب الأمثال للناس
    أسلوب قرآني اعتمده القرآن لتقريب الحقائق للناس، ليفرقوا بين ما هو حق
    فيتبعوه، وما هو باطل فيجتنبوه، وليميزوا بين ما هو خير فيتمسكوا به، وما
    هو شر فيبتعدوا عنه، فأنت تجد في القرآن أمثال أهل الخير وأهل الشر،
    وأمثال أهل الحق وأهل الباطل، وأمثال أهل التوحيد وأهل الشرك، قال تعالى: {
    ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون } (الزمر:27) .
    ومن الأمثال القرآنية التي ضربها الله للناس مثالاً لأهل التوحيد وأهل الشرك، قوله تعالى: { ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا } (الزمر:29)، قال ابن عباس أمثال قرآنية 3910327396 ومجاهد وغير واحد: هذه الآية ضُربت مثلاً للمشرك والمخلص .
    و(التشاكس)
    في اللغة: شدة الاختلاف والتنازع؛ يقال: الليل والنهار متشاكسان، أي:
    أنهما متضادان ومختلفان، إذا جاء أحدهما ذهب الآخر. و(رجلاً سَلَمًا) أي:
    سالماً لرجل خالصاً، لا يملكه أحد غيره .

    وقد جاء هذا المثل القرآني في سياق الحديث عمن شرح الله صدره للإسلام، فعرف طريق الحق، فآمن بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم
    نبياً ورسولاً، ومن ضلَّ عن طريق الهداية فقسا قلبه، فكان في ضلال مبين،
    قال تعالى: {
    أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين } (الزمر:22) .
    فبعد
    أن بالغ سبحانه في تقرير وعيد الكفار، أتبع ذلك بذكر مثل يدل على فساد
    مذهبهم، وقبح طريقتهم، مبيناً حال العبد الموحد الذي يعبد الله وحده، ولا
    يشرك معه أحداً من خلقه، وحال العبد المشرك الذي يعبد شركاء عدة، لا يعرف
    كيف يرضيهم جميعاً .

    ووجه
    التمثيل أن سبحانه شبه حال المشرك الذي يعبد آلهة متعددة، بحال عبد له
    أكثر من سيد يخدمه ويطيعه، فكل واحد منهم يأمره بما لا يأمره به الآخر،
    فيعضهم يقول له: افعل، وبعضهم يقول له: لا تفعل؛ وبعضهم يقول له: أقبل،
    وبعضهم يقول له: لا تُقبل...فهو حائر في أمرهم، لا يدري أيهم يرضي، فإن
    أرضى هذا أغضب ذاك، فهو لأجل هذه الحال يعيش في عذاب دائم، وتعب مستمر .

    أما
    مثل حال المؤمن الموحد فقد شبهه سبحانه بحال العبد الذي يعمل تحت إمرة سيد
    واحد، فلا أمر لأحد عليه إلا أمر ذلك السيد، ولا نهى لأحد عليه إلا نهي
    ذلك السيد، فهو مطيع له على كل حال، وهو ساع لكسب وده ونيل رضاه من غير
    ملال. ثم هو غير مشتت الهوى، ولا مبعثر القوى؛ لأن وجهته واحدة غير
    متعددة، ومقصوده واحد غير متناقض .

    والمراد من هذا التمثيل بيان حال من يعبد آلهة متعددة، فإن أولئك الآلهة تكون متنازعة متغالبة، كما قال تعالى: { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا } (الأنبياء:22)، وقال سبحانه: { وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض }
    (المؤمنون:91)، فيبقى ذلك المشرك متحيراً ضالاً، لا يدري أي هؤلاء الآلهة
    يعبد، يدعو هذا ثم يدعو ذاك، لا يستقر له قرار، ولا يطمئن قلبه في موضع،
    فهو حائر مشتت القلب والذهن؛ بخلاف الموحد فهو في راحة تامة وطمأنينة
    كاملة. وهكذا سُنَّة الحياة جارية على أن تعدد الرؤساء يفسد الأمر، ويشتت
    السعي .

    ولا
    شك فإن هذين العبدين غير مستويين في المنـزلة وغير مستويين في الخدمة، ولا
    يمكن لعاقل أن يصرح باستوائهما؛ لأن أحدهما في منـزلة محمودة، والآخر في
    منـزلة مذمومة غير محسودة؛ وذلك أن العبد الذي يخدم عدة شركاء، يريد كل
    واحد منهم أن يستخدمه لحسابه الخاص قدر المستطاع، ولو كان ذلك على حساب
    تقصيره في خدمة الآخرين، وبالتالي فإن المهمة على هذا العبد تكون مضاعفة،
    وهو مع هذا لا ينال من الرضا شيئاً يذكر، بل الغاضب عليه أكثر من الراضي،
    والذامِّ له أكثر من الشاكر .

    ثم
    إن من كانت هذه حاله لا يمكن أن تُستجاب مطالبه إلا بشق الأنفس، ولا يمكن
    أن تُقضى حاجاته إلا بجهد جهيد؛ لأن كل شريك من الشركاء يتهرب من تقديم
    العون له، ويحيله على غيره من الشركاء .

    أما
    الأمر في حق من يخدم سيداً واحداً فهو مختلف تماماً، فإن جهده محدود،
    وعمله واضح، والعادة من سيده أن يستجيب لحاجاته، ويُقدم له من العون قدر
    ما يستحق، فكانت منـزلته أحمد، وخدمته أقصد .

    قال
    الرازي: " وهذا مثل ضرب في غاية الحسن في تقبيح الشرك وتحسين التوحيد "؛
    إذ المقصود من ضرب هذا المثل إقامة الحجة على المشركين، وتعنيفهم لأجل
    مواقفهم الرافضة للاعتراف بالواحد الأحد، وكشف سوء حالتهم في الإشراك .

    وهذا
    المثل كما أن المراد منه تمثيل حال المؤمن الموحد وحال الكافر المشرك، فهو
    كذلك يصلح مثلاً لكل متبع للحق، ولكل متبع للباطل؛ فإن الحق هو كل ما وافق
    الواقع، والباطل هو كل ما خالفه، فمتبع الحق لا يعترضه ما يشوش عليه باله،
    ولا ما يثقل عليه أعماله، ومتبع الباطل يتعثر به باطله في مزالق الخطى،
    ويتخبط في أعماله بين تناقض وخطأ .

    وحاصل
    هذا المثل القرآني: أن من وحد عبوديته لله سبحانه، وأخلص له في عبادته،
    واتبع الحق الذي أمر به، كان في الدنيا سعيداً رضياً، وفي الآخرة فائزاً
    مرضياً؛ أما من أشرك مع الله آلهة أخرى، فقد ضل سواء السبيل، وعاش دنياه
    حائراً غير آمن، فهو خاسر للدنيا قبل خسران الآخرة .
    الحلاجي محمد
    الحلاجي محمد
    Servo di Allah


    Sesso : ذكر

    Numero di messaggi : 6998

    أمثال قرآنية Empty مثل الذي لا ينتفع بما آتاه الله من الهدى

    مُساهمة من طرف الحلاجي محمد الخميس 11 فبراير - 0:59:19

    أمثال قرآنية 141494


    من
    أساليب القرآن لإيصال الأفكار، وتبليغ المعتقدات، تمثيل المعقول بالمحسوس،
    وتشبيه المجرد بالمجرب، وقياس الغائب على الشاهد، ونحو ذلك من الأساليب؛
    فأنت واجد في القرآن مثل الأعمى والبصير، ومثل الشجرة الطيبة والشجرة
    الخبيثة، ومثل الزرع المثمر والزرع المصفر، ومثل الحمار والكلب والذبابة
    والعنكبوت، ونحو ذلك من الأمثلة المحسوسة والمشاهدة .


    ومن
    قبيل التمثيل بالمحسوس، ما ضربه الله مثلاً للذين لا يعملون بعلمهم،
    والذين يُعرضون عن الهدى الذي جاءهم من ربهم؛ يقول تعالى في معرض ذم
    اليهود: { مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها
    كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا
    يهدي القوم الظالمين
    } (الجمعة:5) .


    فبعد
    أن بيَّن سبحانه وتعالى ما امتنَّ به على عباده المؤمنين، من بعثة نبيه
    محمد صلى الله عليه وسلم، وتعليمهم الكتاب والحكمة، ضرب مثلاً لليهود
    الذين أوتوا التوراة فيها هدى ونور، إلا أنهم لم ينتفعوا بها، واقتنعوا من
    العلم بأن يأخذوا منها ظاهرها دون حقيقتها، وأن يقرؤوها من غير أن
    يفهموها، وأن يحفظوها من غير أن يعملوا بما فيها، وهم في كل ذلك يحسبون
    أنهم يُحسنون صنعاً، وهم في واقع الأمر وحقيقته، ليسوا على شيء، فهم
    يأخذون من التوراة ظاهرها، وهم عن حقيقتها غافلون .


    وقد
    شبه سبحانه فعل اليهود، وموقفهم من التوراة، بحال حمار يحمل كتباً كثيرة،
    فيها من العلم النافع الكثير الكثير، غير أن هذا الحمار لا حظ له من هذا
    العلم الذي يحمله على ظهره، وهو شاق عليه لثقل وزنه، ولا يناله من هذا
    الحِمل إلا التعب والمشقة .


    ومع
    أن هذا الحمار الذي يحمل من الأسفار ما يشق عليه، غير ملوم على عدم علمه
    بمضمون ما يحمل؛ لأنه حمار؛ فإن اليهود بما أوَّلوا من التوراة، وبما
    حرفوا منها وبدلوا، أسوأ حالاً من الحمير؛ لأن الحمار لا فهم له في أصل
    خلقته، ولا يعرف من الدنيا إلا أنه وسيلة لحمل الأثقال ونقلها، وهؤلاء
    اليهود على الرغم مما آتهم الله من العقول، إلا أنهم لم يستعملوها فيما
    يرضي الله، بل استعملوها فيما يغضبه؛ لذلك كانوا { كالأنعام بل هم أضل } (الأعراف:179) فهم أسوأ حالاً من الأنعام، ولا شك أنهم أسوأ مآلاً .


    وهذا
    المثل القرآني وإن كان مضروباً لتمثيل حال اليهود وبيان موقفهم من
    التوراة، إلا أنه أيضاً صالح لكل من يقف من القرآن هذا الموقف السلبي،
    فيكتفي منه أن يجعل منه زينة في بيته، أو سيارته، أو مكتبه، أو متجره، من
    غير أن يعمل به في حياته؛ أو يكتفي منه بالحفظ والتلاوة دون أن يُحكِّمه
    في تصرفاته وأفعاله .


    روى الطبري عن ابن عباس أمثال قرآنية 3910327396، في قوله تعالى: { مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا }، قال: فجعل الله مثل الذي يقرأ الكتاب، ولا يتبع ما فيه، كمثل الحمار يحمل كتاب الله الثقيل، لا يدري ما فيه .

    قال
    القرطبي: وفي هذا المثل تنبيه من الله تعالى لمن حمل الكتاب أن يتعلم
    معانيه، ويعلم ما فيه؛ لئلا يلحقه من الذم ما لحق هؤلاء. وينطبق عليه قول
    مروان بن أبي حفصة:


    زوامل للأشعار لا علم عندهم بجيِّدها إلا كعلم الأباعر

    لعمرك ما يدري البعير إذا غدا بأوساقه أو راح ما في الغرائر

    وقال
    ابن القيم: " فهذا المثل وإن كان قد ضُرب لليهود، فهو متناول من حيث
    المعنى لمن حمل القرآن فترك العمل به، ولم يؤد حقه، ولم يرعه حق رعايته "
    .


    فمن
    كان حاله كذلك، انطبق عليه المثل انطباقه على اليهود، وربما كان وجه
    الانطباق على المسلم أشد وأقوى؛ لأن القرآن هو آخر الكتب السماوية، فهو
    أولى بالاتباع، وأحق بالتمسك به؛ لأنه ناسخ لما سبقه من الكتب، ومهيمن
    عليها .


    ثم إن مضمون هذا المثل وفحواه ذو صلة وثيقة بشكوى رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي عبر عنها القرآن الكريم بقوله: { وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا }
    (الفرقان:30)؛ فعدم الأخذ بالقرآن منهج عمل ودستور حياة، صورة من صور
    هجرانه، وحفظ القرآن من غير العمل بما فيه، صورة أخرى من صور هجرانه، وكل
    هذا يصدق عليه، ما جاء في هذا المثل القرآني .


    فلا
    ينبغي للمسلم ولا يليق به بحال، أن يكون كاليهود الذي قرؤوا التوراة ولم
    يعملوا بما فيها، بل عملوا بخلاف ما فيها، فضُربت عليهم الذلة والمسكنة،
    وباؤوا بغضب من الله، وخسروا في الدنيا قبل الآخرة، وحق عليهم قوله
    سبحانه: { بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله } (الجمعة:5)؛ فذمهم الله على موقفهم ذلك، وجزاهم بما عملوا أن أبعدهم عن سابغ رحمته، وجميل فضله .

    الحلاجي محمد
    الحلاجي محمد
    Servo di Allah


    Sesso : ذكر

    Numero di messaggi : 6998

    أمثال قرآنية Empty مثل الحياة الدنيا

    مُساهمة من طرف الحلاجي محمد الخميس 11 فبراير - 1:10:33

    مثل الحياة الدنيا

    أمثال قرآنية 138576


    وصف سبحانه الحياة وزينتها في موضعين من كتابه، بأنها: { متاع الغرور } (آل عمران:185)؛ وجاء في الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم: ( إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون ) رواه مسلم .
    وواقع الناس في كل زمان ومكان يدل على مدى تعلقهم بزينة الحياة الدنيا
    وزخرفها، والعمل لأجلها صباح مساء، وكأنهم خالدون فيها مخلدون؛ إما طلبًا
    للجاه، أو طلبًا للمال، أو طلبًا للشهرة، أو طلبًا لغير ذلك من الشهوات
    والملذات؛ الأمر الذي يجعلهم مشدودين إلى مكاسبها، مشدوهين بمغرياتها،
    لاهثين خلف سرابها .


    وقد ضرب سبحانه في محكم كتابه مثلاً لهذه الحياة، فقال جل من قائل: {
    إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما
    يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم
    قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس
    كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون
    } (يونس:24). وهذا المثل العجيب ضربه سبحانه لمن يغتر بالدنيا، ويشتد تمسكه بها، ويقوى إعراضه عن أمر الآخرة، ويترك التأهب لها .


    وقد أكد القرآن الكريم هذه الحقيقة عن الحياة الدنيا، وأنها عرض زائل في آية أخرى؛ وهي قوله تعالى: { واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح } (الكهف:45)، وأشار إليه في آيتين أُخريين؛ أولهما: قوله سبحانه: { ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما } (الزمر:21)، وثانيهما: قوله عز وجل: {
    اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال
    والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما
    } (الحديد:20) .


    وتكمن
    أهمية هذا المثل القرآني، في أنه يصور لنا الحياة الدنيا تصويرًا حسيًا
    واقعيًا، يراه الناس في كل مكان من هذه الأرض؛ وذلك أنه سبحانه ينـزل
    الماء من السماء على الأرض اليابسة الجرداء ، فينبت به الزرع، الذي يأكل
    الناس منه والأنعام، وتصبح الأرض به خضراء ناضرة، بعد أن كانت جرداء
    قاحلة، فيفرح أهلها بخيرها وثمارها أشد الفرح، ويسرون بمنظرها وجمالها
    غاية السرور، ويؤمِّلون خيرًا في إنتاجها ومحصولها. وبينما هم على تلك
    الحال من السرور والفرح والأمل، إذا بريح شديدة عاتية، تهب على ذلك الزرع
    فتهلكه، وتجعله رمادًا كأن لم يكن شيئًا مذكورًا، وتُذهب بخضرته ونضرته،
    وتفني إنتاجه ومحصوله .


    وهكذا
    مثل الحياة الدنيا، تبدو لأهلها وطلابها حلوة تسر الناظرين، وتغر
    المغفَّلين، وتفتن المغرورين. ولكن سرعان ما تزول تلك الحلاوة، وتذبل تلك
    النضارة؛ إذ من طبيعة هذه الحياة الدنيا الهرب من طالبها والساعي إليها؛
    والطلب للهارب منها والفار عنها .


    وقد بيَّن ابن القيم وجه
    التمثيل في هذا المثل القرآني، فقال: " شبَّه سبحانه الحياة الدنيا في
    أنها تتزين في عين الناظر، فتروقه بزينتها وتعجبه، فيميل إليها ويهواها
    اغترارًا منه بها، حتى إذا ظن أنه مالك لها، قادر عليها، سُلِبَها بغتة،
    أحوج ما كان إليها، وحيل بينه وبينها " .


    وقد ذكر فريق من أهل العلم بعض الحِكَم من تشبيه الحياة الدنيا بالزرع:

    أحدها:
    أن عاقبة الاغترار بالدنيا، وما يبذله المرء لأجل تحصيلها، كعاقبة النبات؛
    حيث علق صاحبه على جني محصوله أملاً كبيرًا، لكن سرعان ما خاب أمله، لما
    نزل بمحصوله من الهلاك؛ وهذا الغالب على المتمسك بالدنيا، واللاهث وراء
    مكاسبها، أن يأتيه الموت من حيث لا يحتسب. وهو معنى قوله تعالى: { حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون } (الأنعام:44) .


    ثانيها: أن يكون وجه التشبيه مثل قوله سبحانه: { وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا }
    (الفرقان:23)؛ أي: كما صار سعي هذا الزارع هشيمًا تذروه الرياح، بسبب حدوث
    الآفات المهلكة، فكذلك سعي المغتر بالدنيا، لا جدوى منه ولا فائدة .


    ثالثها:
    أن الزارع لما أتعب جسمه، وكد نفسه، وعلق قلبه؛ أملاً في الانتفاع بزرعه،
    وطمعًا في جني محصوله؛ فإذا حدث ما أهلك زرعه، وذهب به، حصل له من الشقاء
    والحسرة الكثير؛ فكذلك حال من أسلم قلبه للدنيا، وأتعب نفسه في تحصيلها،
    إذا مات، وفاته كل ما ناله منها، صار العناء الذي تحمله في تحصيل أسباب
    الدنيا، سببًا لحصول الشقاء العظيم له في الآخرة .


    وقد تضمن هذا المثل القرآني بعض اللطائف التي يحسن ذكرها، ومنها:

    -
    أن التمتع في هذا الحياة الدنيا، إنما هو لفترة قصيرة محدودة، ثم هو صائر
    إلى زوال؛ وعلى العاقل أن لا يغتر بما هو زائل وفان، وأن يسعى لتحصيل ما
    هو دائم وباق .


    -
    أن انقضاء الدنيا سريع ومفاجئ ويكون من غير سابق إنذار، فإن الإنسان لا
    يدري، متى ينقضي أجله في هذه الحياة، ومتى يصبح في عداد الموتى، بعد أن
    كان يشكل رقمًا فوقها؛ وهكذا سنة الحياة، لا تعرف كبيرًا ولا صغيرًا، ولا
    غنيًا ولا فقيرًا، ولا حاكمًا ولا محكومًا، ولا عالمًا ولا جاهلاً، فالكل
    في قانون الموت سواء، { فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون } (الأعراف:34) .


    - في قوله تعالى: { حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت }
    (يونسSmile، بيان لسبب اغترار كثير من الناس بهذه الحياة الدنيا، حتى تصبح
    الحياة الدنيا - بمغرياتها ولذاتها وشهواتها - همهم الوحيد؛ فشبه سبحانه
    الأرض بالعروس التي تُزفُّ إلى زوجها ليلة العرس، بعد أن تكون قد تزينت له
    أجمل زينة، وتهيأت له أفضل ما يكون التهيؤ؛ وهكذا الدنيا تتزين لأهلها
    وطالبيها غاية التزين؛ بحيث تكون أشد إغراء لأهلها، وأكثر إغواء لطالبيها،
    فيتهافتون على النيل من زخرفها، ويتسابقون إلى الأخذ من نعيمها ما أمكنهم
    .


    وبعد:
    فلا ينبغي للعاقل أن يفهم مما تقدم، أن شريعة الإسلام تزهد المسلم في
    السعي في هذه الدنيا، وتقلل من شأن إعمارها وبناءها، فليس هذا ما تدل عليه
    نصوص الشريعة، وليس هذا مرادها، بل على العكس من ذلك؛ إنها تطلب من المسلم
    أن ينظر إلى هذه الحياة بروح إيجابية فعالة بناءة، بحيث يجعل جهده منصبًا
    على إعمار هذه الأرض بكل ما هو نافع؛ وأن يكون متوازنًا في توجهه بين
    مطالب الدنيا وحاجاتها، وبين تكاليف الآخرة وواجباتها، فلا يجعل الدنيا
    همه الوحيد، وقبلته التي عنها لا يحيد، بل تحثه على أن يجعل منها وسيلة
    للحياة الآخرة، لا أن يقف عندها، مغترًا بزخرفها وزينتها، بحيث تنسيه
    الآخرة. ويلخص هذا كله، قوله سبحانه: { وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا } (القصص:77) .


      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس 14 نوفمبر - 19:22:57