Islam for all-الإسلام للجميع

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
Islam for all-الإسلام للجميع

حديث :  إنما الأعمال بالنيات  Aya10
Questo sito e' protetto con
Norton Safe Web


    حديث : إنما الأعمال بالنيات

    الحلاجي محمد
    الحلاجي محمد
    Servo di Allah


    Sesso : ذكر

    Numero di messaggi : 6998

    حديث حديث : إنما الأعمال بالنيات

    مُساهمة من طرف الحلاجي محمد الخميس 26 أغسطس - 0:32:57

    متن الحديث
    عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
    ( إنما الأعمال بالنيّات ، وإنما لكل امريء مانوى ، فمن كانت هجرته إلى
    الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها ، أو
    امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه )
    . رواه البخاري و مسلم في صحيحهما .

    الشرح
    لقد
    نال هذا الحديث النصيب الأوفر من اهتمام علماء الحديث ؛ وذلك لاشتماله على
    قواعد عظيمةٍ من قواعد الدين ، حتى إن بعض العلماء جعل مدار الدين على
    حديثين : هذا الحديث ، بالإضافة إلى حديث عائشة رضي الله عنها : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) ؛ ووجه ذلك : أن الحديث السابق ميزان للأعمال الظاهرة ، وحديث الباب ميزان للأعمال الباطنة .

    والنيّة
    في اللغة : هي القصد والإرادة ، فيتبيّن من ذلك أن النيّة من أعمال القلوب
    ، فلا يُشرع النطق بها ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يتلفظ
    بالنية في العبادة ، أما قول الحاج : " لبيك اللهم حجاً " فليس نطقاً
    بالنية ، لكنه إشعارٌ بالدخول في النسك ، بمعنى أن التلبية في الحج بمنـزلة
    التكبير في الصلاة ، ومما يدل على ذلك أنه لو حج ولم يتلفّظ بذلك صح حجه
    عند جمهور أهل العلم .

    وللنية فائدتان : أولاً : تمييز العبادات عن
    بعضها ، وذلك كتمييز الصدقة عن قضاء الدين ، وصيام النافلة عن صيام الفريضة
    ، ثانياً : تمييز العبادات عن العادات ، فمثلاً : قد يغتسل الرجل ويقصد به
    غسل الجنابة ، فيكون هذا الغسل عبادةً يُثاب عليها العبد ، أما إذا اغتسل
    وأراد به التبرد من الحرّ ، فهنا يكون الغسل عادة ، فلا يُثاب عليه ، ولذلك
    استنبط العلماء من هذا الحديث قاعدة مهمة وهي قولهم : " الأمور بمقاصدها "
    ، وهذه القاعدة تدخل في جميع أبواب الفقه .

    وفي صدر هذا الحديث ابتدأ النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( إنما الأعمال بالنيات )
    ، أي : أنه ما من عمل إلا وله نية ، فالإنسان المكلف لا يمكنه أن يعمل
    عملاً باختياره ، ويكون هذا العمل من غير نيّة ، ومن خلال ما سبق يمكننا أن
    نرد على أولئك الذين ابتلاهم الله بالوسواس فيكررون العمل عدة مرات
    ويوهمهم الشيطان أنهم لم ينووا شيئا ، فنطمئنهم أنه لا يمكن أن يقع منهم
    عمل باختيارهم من غير نيّة ، ما داموا مكلفين غير مجبرين على فعلهم .

    ويستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم : ( وإنما لكل امريء ما نوى )
    وجوب الإخلاص لله تعالى في جميع الأعمال ؛ لأنه أخبر أنه لا يخلُصُ للعبد
    من عمله إلا ما نوى ، فإن نوى في عمله اللهَ والدار الآخرة ، كتب الله له
    ثواب عمله ، وأجزل له العطاء ، وإن أراد به السمعة والرياء ، فقد حبط عمله ،
    وكتب عليه وزره ، كما يقول الله عزوجل في محكم كتابه : { فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا } ( الكهف : 110 ) .

    وبذلك
    يتبين أنه يجب على الإنسان العاقل أن يجعل همّه الآخرةَ في الأمور كلها ،
    ويتعهّد قلبه ويحذر من الرياء أو الشرك الأصغر ، يقول النبي صلى الله عليه
    وسلم مشيراً إلى ذلك : ( من كانت الدنيا همّه ، فرّق
    الله عليه أمره ، وجعل فقره بين عينيه ، ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له
    ، ومن كانت الآخرة نيّته ، جمع الله له أمره ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته
    الدنيا وهي راغمة )
    ابن ماجة .

    ومن
    عظيم أمر النيّة أنه قد يبلغ العبد منازل الأبرار ، ويكتب له ثواب أعمال
    عظيمة لم يعملها ، وذلك بالنيّة ، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
    قال لما رجع من غزوة تبوك : ( إن بالمدينة أقواما ما
    سرتم مسيراً ، ولا قطعتم وادياً ، إلا كانوا معكم ، قالوا يا رسول الله :
    وهم بالمدينة ؟ قال : وهم بالمدينة ، حبسهم العذر )
    رواه البخاري .
    رواه



    و لما كان قبول الأعمال مرتبطاً بقضية الإخلاص ، ساق النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً ليوضح الصورة أكثر ، فقال :
    ( فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت
    هجرته لدنيا يصيبها ، أو امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه )

    ، وأصل الهجرة : الانتقال من دار الكفر إلى دار الإسلام ، أو من دار
    المعصية إلى دار الصلاح ، وهذه الهجرة لا تنقطع أبداً ما بقيت التوبة ؛ فقد
    ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها ) رواه الإمام أحمد في مسنده و أبوداود و النسائي في السنن ، وقد يستشكل البعض ما ورد في الحديث السابق ؛ حيث يظنّ أن هناك تعارضاً بين هذا الحديث وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا هجرة بعد الفتح )
    كما في " الصحيحين " ، والجواب عن ذلك : أن المراد بالهجرة في الحديث
    الأخير معنىً مخصوص ؛ وهو : انقطاع الهجرة من مكة ، فقد أصبحت دار الإسلام ،
    فلا هجرة منها .



    على
    أن إطلاق الهجرة في الشرع يراد به أحد أمور ثلاثة : هجر المكان ، وهجر
    العمل ، وهجر العامل ، أما هجر المكان : فهو الانتقال من دار الكفر إلى دار
    الإيمان ، وأما هجر العمل : فمعناه أن يهجر المسلم كل أنواع الشرك
    والمعاصي ، كما جاء في الحديث النبوي : ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه )
    متفق عليه ، والمقصود من هجر العامل : هجران أهل البدع والمعاصي ، وذلك
    مشروط بأن تتحقق المصلحة من هجرهم ، فيتركوا ما كانوا عليه من الذنوب
    والمعاصي ، أما إن كان الهجر لا ينفع ، ولم تتحقق المصلحة المرجوّة منه ،
    فإنه يكون محرماً .



    ومما يُلاحظ في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قد خصّ المرأة بالذكر من بين متاع الدنيا في قوله : ( أو امرأة ينكحها )
    ، بالرغم من أنها داخلة في عموم الدنيا ؛ وذلك زيادة في التحذير من فتنة
    النساء ؛ لأن الافتتان بهنّ أشد ، مِصداقاً للحديث النبوي : ( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ) متفق عليه ، وفي قوله : ( فهجرته إلى ما هاجر إليه ) ، لم يذكر ما أراده من الدنيا أو المرأة ، وعبّر عنه بالضمير في قوله : ( ما هاجر إليه ) ، وذلك تحقيراً لما أراده من أمر الدنيا واستهانةً به واستصغاراً لشأنه ، حيث لم يذكره بلفظه .

    ومما
    يستفاد من هذا الحديث - علاوة على ماتقدم - : أن على الداعية الناجح أن
    يضرب الأمثال لبيان وإيضاح الحق الذي يحمله للناس ؛ وذلك لأن النفس البشرية
    جبلت على محبة سماع القصص والأمثال ، فالفكرة مع المثل تطرق السمع ، وتدخل
    إلى القلب من غير استئذان ، وبالتالي تترك أثرها فيه ، لذلك كثر استعمالها
    في الكتاب والسنة ، نسأل الله تعالى أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل ،
    والحمد لله رب العالمين.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 15 نوفمبر - 3:49:29