الحج مؤتمر الأمة
هناك مؤتمرات قمة يلتقي خلالها الرؤساء ، كما أن هناك مؤتمرات أخرى يلتقي فيها وزراء الخارجية أو الدفاع أو غيرهم، وفي الإطار المهني هناك مؤتمرات للأطباء وأخرى للمهندسين وغيرهم، ولكل هذه المؤتمرات جهات تنظمها، وتدعو إليها، وتحدد أماكنها، وتنظم برامجها.
والحج مؤتمر عظيم لكنه فريد، إذ له مزايا وأهداف لو فطنت لها أمة الإسلام واستفادت منها لكان حالها خير وأفضل مما هي عليه.
إن الدعوة لهذا المؤتمر العظيم جاءت بأمر من الله تعالى لنبيه إبراهيم الخليل - عليه الصلاة والسلام - :{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ }، وهي دعوة عريقة أصيلة لا تتجدد، ومكان الانعقاد الدائم الذي لا يتغير بيت الله الحرام وأكنافه المقدسة التي جمعت بين المباركة الإلهية، والعراقة التاريخية، والحرمة الدينية، وجدول الأعمال بما فيه من الأقوال والأفعال أملاه بأمر من الله تعالى محمد رسول الله – صلى الله عليه وسلم - حيث قال :" خُذُوا عَنِّي مَنَاسِككُمْ " والمدعون لهذا المؤتمر كل المسلمين ، حاكماً أو محكوماً، غنياً أو فقيراً رجلاً أو امرأة، فلا شرط ولا مزية غير الإسلام ، مسلمٌ وكفى .
نتيجة لما سبق ؛ فإن هذا المؤتمر ينعقد بصورة دورية منذ آلاف السنين، في الأماكن المقدسة، وترى فيه كل الأمة كاملة متمثلة بفئات من حكامها وعلمائها وعوامها وقوادها وجندها ورجالها ونسائها وشيبها وشبابها فهل يمكن أن يكون هذا المؤتمر بهذه الصفة لا نفع فيه ولا أثر له ؟.
إنه تساؤل ينبغي أن يشغل ذهن كل مسلم وكل حاج ليتأمل ويتدبر ثم لينتفع ويعمل، وهذه بعض التأملات في مؤتمر الحج الأكبر:
*كل حاج قطع مسافات شاسعة ، وتجاوز حدوداً كثيرة ، وبعض الحجاج جاء من بلاد الكفر ، أو من بلاد اضطهاد وقهر ، والجميع يبذل ويعاني لكي يصل ويشارك ، وهو يعلن من خلال قفزه لكل الحواجز ، وتغلبه على كل المصاعب أن استعلاء الإيمان أعظم ، وأن داعي الله ألزم ، وأن نهج الإسلام أقوم ، وأن أخوة الإيمان أكرم .
*في هذا المؤتمر يتميز بالزي الموّحد الذي لا يشترط في غيره من المؤتمرات ، فالحاج يخلع ملابسه وزينته ويتجرد لله ، وهو بذلك يعلن أن الدنيا في يده لا في قلبه ، وأن قيمته في الجوهر لا في المظهر، وأنه إذا دعا داعي الله وسمع نداء العبادة فلن تقف الدنيا بزينتها عائقاً في طريقه بل هو مستعد لخلعها في سبيل الله.
*في هذا المؤتمر تذكير الأمة أن تلغي جميع المحاور والأحوال التي مزقتها ، وأن تتخذ المحور والمنهج الإسلامي الإلهي ، فهم عندما يطوفون حول الكعبة المشرفة يعلنون هذا المبدأ المهم الذي يجعل محور حياتهم ، العبودية الخاشعة لله ، والصلة الدائمة بالله .
*وفي هذا المؤتمر مجال لرسم السياسات العامة للأمة ، ومناقشة المشكلات، والإرشاد والتوجيه من خلال الخطب في موسم الحج كما كان في الخطبة النبوية الجامعة في حجة الوداع .
*وأخيراً ؛فإن موسم الحج موسم التطبيق العملي لوحدة الأمة الإسلامية حيث تذوب الفوارق من لون وجنس ولغة، وتعلن الوحدة في الوجهة والنية، وفي الأقوال والأعمال ، وفي الزي والهيئة، وفي الوقوف والحركة، إضافة إلى أنه يحمل في طياته ما يؤدي إلى التقاء وائتلاف النفوس وتقوية الروابط ، مع الأمر الأكبر وهو ارتباط الأمة بخالقها ، واتباعها لشرعه، وإعلائها للموازين الإسلامية ،وإلغائها للمقاييس الأرضية .
فهل تدرك الأمة هذه المعاني وغيرها ؟ وهل يعرف الأفراد هذه المعالم ؟ إنه لا بد أن يكون هناك عمل من قبل القادة المسئولين والعلماء الربانيين وجميع المسلمين ؛ ليحققوا مع الفريضة المنافع الكبرى للأمة التي تعاني الويلات والهزائم والتفرق {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ }.
الدكتور علي بن عمر بادحدح
هناك مؤتمرات قمة يلتقي خلالها الرؤساء ، كما أن هناك مؤتمرات أخرى يلتقي فيها وزراء الخارجية أو الدفاع أو غيرهم، وفي الإطار المهني هناك مؤتمرات للأطباء وأخرى للمهندسين وغيرهم، ولكل هذه المؤتمرات جهات تنظمها، وتدعو إليها، وتحدد أماكنها، وتنظم برامجها.
والحج مؤتمر عظيم لكنه فريد، إذ له مزايا وأهداف لو فطنت لها أمة الإسلام واستفادت منها لكان حالها خير وأفضل مما هي عليه.
إن الدعوة لهذا المؤتمر العظيم جاءت بأمر من الله تعالى لنبيه إبراهيم الخليل - عليه الصلاة والسلام - :{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ }، وهي دعوة عريقة أصيلة لا تتجدد، ومكان الانعقاد الدائم الذي لا يتغير بيت الله الحرام وأكنافه المقدسة التي جمعت بين المباركة الإلهية، والعراقة التاريخية، والحرمة الدينية، وجدول الأعمال بما فيه من الأقوال والأفعال أملاه بأمر من الله تعالى محمد رسول الله – صلى الله عليه وسلم - حيث قال :" خُذُوا عَنِّي مَنَاسِككُمْ " والمدعون لهذا المؤتمر كل المسلمين ، حاكماً أو محكوماً، غنياً أو فقيراً رجلاً أو امرأة، فلا شرط ولا مزية غير الإسلام ، مسلمٌ وكفى .
نتيجة لما سبق ؛ فإن هذا المؤتمر ينعقد بصورة دورية منذ آلاف السنين، في الأماكن المقدسة، وترى فيه كل الأمة كاملة متمثلة بفئات من حكامها وعلمائها وعوامها وقوادها وجندها ورجالها ونسائها وشيبها وشبابها فهل يمكن أن يكون هذا المؤتمر بهذه الصفة لا نفع فيه ولا أثر له ؟.
إنه تساؤل ينبغي أن يشغل ذهن كل مسلم وكل حاج ليتأمل ويتدبر ثم لينتفع ويعمل، وهذه بعض التأملات في مؤتمر الحج الأكبر:
*كل حاج قطع مسافات شاسعة ، وتجاوز حدوداً كثيرة ، وبعض الحجاج جاء من بلاد الكفر ، أو من بلاد اضطهاد وقهر ، والجميع يبذل ويعاني لكي يصل ويشارك ، وهو يعلن من خلال قفزه لكل الحواجز ، وتغلبه على كل المصاعب أن استعلاء الإيمان أعظم ، وأن داعي الله ألزم ، وأن نهج الإسلام أقوم ، وأن أخوة الإيمان أكرم .
*في هذا المؤتمر يتميز بالزي الموّحد الذي لا يشترط في غيره من المؤتمرات ، فالحاج يخلع ملابسه وزينته ويتجرد لله ، وهو بذلك يعلن أن الدنيا في يده لا في قلبه ، وأن قيمته في الجوهر لا في المظهر، وأنه إذا دعا داعي الله وسمع نداء العبادة فلن تقف الدنيا بزينتها عائقاً في طريقه بل هو مستعد لخلعها في سبيل الله.
*في هذا المؤتمر تذكير الأمة أن تلغي جميع المحاور والأحوال التي مزقتها ، وأن تتخذ المحور والمنهج الإسلامي الإلهي ، فهم عندما يطوفون حول الكعبة المشرفة يعلنون هذا المبدأ المهم الذي يجعل محور حياتهم ، العبودية الخاشعة لله ، والصلة الدائمة بالله .
*وفي هذا المؤتمر مجال لرسم السياسات العامة للأمة ، ومناقشة المشكلات، والإرشاد والتوجيه من خلال الخطب في موسم الحج كما كان في الخطبة النبوية الجامعة في حجة الوداع .
*وأخيراً ؛فإن موسم الحج موسم التطبيق العملي لوحدة الأمة الإسلامية حيث تذوب الفوارق من لون وجنس ولغة، وتعلن الوحدة في الوجهة والنية، وفي الأقوال والأعمال ، وفي الزي والهيئة، وفي الوقوف والحركة، إضافة إلى أنه يحمل في طياته ما يؤدي إلى التقاء وائتلاف النفوس وتقوية الروابط ، مع الأمر الأكبر وهو ارتباط الأمة بخالقها ، واتباعها لشرعه، وإعلائها للموازين الإسلامية ،وإلغائها للمقاييس الأرضية .
فهل تدرك الأمة هذه المعاني وغيرها ؟ وهل يعرف الأفراد هذه المعالم ؟ إنه لا بد أن يكون هناك عمل من قبل القادة المسئولين والعلماء الربانيين وجميع المسلمين ؛ ليحققوا مع الفريضة المنافع الكبرى للأمة التي تعاني الويلات والهزائم والتفرق {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ }.
الدكتور علي بن عمر بادحدح