Islam for all-الإسلام للجميع

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
Islam for all-الإسلام للجميع

عمرو بن العاص رضي الله عنه Aya10
Questo sito e' protetto con
Norton Safe Web


    عمرو بن العاص رضي الله عنه

    الحلاجي محمد
    الحلاجي محمد
    Servo di Allah


    Sesso : ذكر

    Numero di messaggi : 6998

    عمرو بن العاص رضي الله عنه Empty عمرو بن العاص رضي الله عنه

    مُساهمة من طرف الحلاجي محمد الثلاثاء 21 سبتمبر - 1:50:52

    عمرو بن العاص
    رضي الله عنه

    " يا عمرو بايع فإن الإسلام

    يَجُبُّ ما كان قبله

    حديث شريف


    من هو؟

    عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم القرشي وكنيته أبو عبدالله ، صحابي جليل

    قبـل إسلامـه كان أحد ثلاثة في قريش أتعبـوا الرسـول -صلى اللـه عليه

    وسلم- بعنف مقاومتهم وإيذائهم لأصحابه ، وراح الرسول يدعو عليهم ويبتهل

    لينزل العقاب بهم فنزل الوحي بقوله تعالى

    " لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ مِنْ شيء أوْ يتوبَ عليهم أو يُعَذِّبهم فإنهم ظالمون "

    وكـف الرسول الكريم عن الدعاء عليهم وترك أمرهـم الى الله ، واختار اللـه

    لعمرو بن العاص طريق التوبة والرحمة ، فأسلم وأصبح مسلم مناضل وقائد فذ


    إسلامه

    أسلم عمرو بن العاص -رضي الله عنه- مع ( خالد بن الوليد ) قُبيل فتح مكة
    بقليل ( شهر صفر سنة ثمان للهجرة ) وبدأ إسلامه على يد النجاشي بالحبشة
    ففي زيارته الأخيرة للحبشة إذ جاء عمرو بن أمية الضمري ، وقد كان رسول
    الله -صلى الله عليه وسلم- بعثه إليه في شأن جعفر وأصحابه ، فدخل على
    النجاشي ثم خرج من عنده ، فقال عمرو لأصحابه ( هذا عمرو بن أمية ، ولو قد
    دخلتُ على النجاشي فسألته إيّاه فأعطانيه فضربتُ عنقه ، فإذا فعلت به ذلك
    رأت قريش أن قد أجزأتُ عنها حين قتلتُ رسول محمد )

    قال عمرو راوياً للقصة فدخلتُ عليه فسجدتُ له كما كنت أصنـع فقال ( مرحباً
    بصديقي ، أهديتَ لي من بـلادك شيئاً ؟)قلتُ ( نعم ؟ قد أهديت لك أدماً
    كثيراً )ثم قربتهُ إليه فأعجبه واشتهاه ثم قلتُ له ( أيها الملك ، قد
    رأينا رجلاً خرج من عندك ، وهو رسول رجلٍ عدوّ لنا ، فأعطنيه لأقتله فإنه
    قد أصاب من أشرافنا )فغضب النجاشي ثم مدَّ يدهُ فضرب بها أنفهُ ضربةً
    ظننتُ أنه قد كسرَه

    قلتُ ( لو انشقت الأرض لدخلتُ فيها فَرَقاً منه ) ثم قلت ( أيها الملك ،
    والله لو ظننتُ أنك تكره هذا ما سألتكه ) فقال ( أتسألني أن أعطيك رسولَ
    رجل يأتيه النّاموس الأكبر الذي كان يأتي موسى ؟) قلتُ ( أيّها الملك ،
    أكذلك هو ؟ ) قال ( ويحك يا عمرو ، أطعني واتَّبِعهُ ، فإنه والله على
    الحق ، وليظهرنّ على مَنْ خالفه كما ظهر موسى على فرعون وجنوده )

    فقلتُ ( أتبايعني على الإسلام ؟) قال ( نعم )فبسط يَدَهُ فبايعتُهُ
    على الإسلام ، ثم خرجتُ إلى أصحابي وقد حال رأيي عمّا كان عليه ، فكتمتُ
    أصحابي إسلامي ، ثم خرجتُ عامداً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في
    إسلامي ، فلقيـتُ خالد بن الوليد وهو مُقبـل من مكـة فقلتُ ( أين يا أبا
    سليمان ؟) قال ( والله لقد استقام المِيْسَمُ -أي أن أمر رسول الله قد
    اكتمل وصح بما نصره الله تعالى به- ، وإن الرجل لنبيّ ، أذهب والله أسلم !
    حتى متى ؟؟) قلتُ ( فأنا والله ما جئتُ إلا للإسلام )

    وما كاد الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يراهم حتى تهلل وجهه و قال
    لأصحابه ( لقد رَمَتْكم مكة بفَلَذات أكبادها )وتقدم خالد فبايع ،
    وتقدم عمرو فقال ( إني أبايعك على أن يغفر الله لي ما تقدّم من ذنبي
    ) فأجابه الرسول الكريم ( يا عمرو بايع فإن الإسلام يَجُبُّ ما كان
    قبله )وبايع عمرو ووضع كل ما يملك في خدمة الدين الجديد


    الشام

    ثم بعث إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال ( إني أردتُ أن أوجِّهك
    وجهاً ، وأرغبُ لك رغبةً ) فقال عمرو ( أمّا المال فلا حاجة لي فيه ،
    ووجّهني حيثُ شئتَ ) فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( نِعِمّاً
    بالمالِ الصالحِ للرجلِ الصالح ) ووجّه قِبل الشام ، وأمَرهُ أن يدعوَ
    أخوال أبيه ( العاص ) من ( بَلِيّ ) إلى الإسلام ، ويستنفرهم إلى الجهاد ،
    فشخص عمرو إلى ذلك الوجه

    ثم كتب إلى رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- يستمـدّهُ ، فأمدّه بجيـش
    فيهم أبو بكـر وعمـر ، وأميرهم أبو عبيـدة بن الجـراح فقـال عمرو ( أنا
    أميركم ) فقال أبو عبيـدة ( أنتَ أميرُ مَنْ معك ، وأنا أمير من معي
    ) وكان معه المهاجرون الأولون ، فقال عمرو ( إنما أنتم مَدَدي فأنا
    أميركم ) فقال له أبو عبيـدة ( تعلم يا عمرو أن رسول الله -صلى الله
    عليه وسلم- عَهِدَ إليّ فقال ( إذا قدِمْتَ على عمرو فتطاوَعَا ولا
    تختلِفا ) ، فإن خالفتني أطعتُك ) قال ( فإني أخالفك ) فسلّم له أبو
    عبيـدة ، وصلى خلفه


    فضله

    قال طلحة بن عبيد الله أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول ( إنّ
    عمرو بن العاص لرشيد الأمر ) فقد صحب عمرو بن العاص رسول الله -صلى الله
    عليه وسلم- ، واستعمله الرسول الكريم على غزوة ذات السلاسل ، وبعثه يوم
    الفتح إلى سُواع صنم هُذيل فهدمه ، وبعثه أيضاً إلى جيفـر وعبـد ابْنَـي
    الجلنـدا وكانا من الأزد بعُمان يدعوهما إلى الإسـلام ، فقُبِض رسـول
    اللـه -صلى الله عليه وسلم- وعمرو بعُمان

    كان فزعٌ بالمدينة فأتى عمرو بن العاص على سالم مولى أبي حذيفة وهو
    مُحْتَبٍ بحمائل سيفِه ، فأخذ عمرو سيفه فاحتبى بحمائله ، فقال رسول الله
    -صلى الله عليه وسلم- ( يا أيها الناس ! ألا كان مفزعكم إلى الله وإلى
    رسوله ) ثم قال ( ألا فعلتم كما فَعَل هذان الرجلان المؤمنان )


    ذات السلاسل

    بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عَمْراً على جيش ذات السلاسل ، إلى
    لَخْم وجُذام وكان في أصحابه قِلّة فقال لهم عمرو ( لا يوقدنّ أحدٌ منكم
    ناراً ) فشقّ ذلك عليهم ، فكلموا أبا بكر يُكلّم لهم عَمْراً فكلمه فقال
    ( لا يوقد أحدٌ منكم ناراً إلا ألقيته فيها)

    فقاتل العدو فظهر عليهم ، فاستباح عسكرهم فقال له الناس ( ألا تتبعهم
    ؟) فقال ( لا ، إني لأخشى أن يكون لهم وراء هذه الجبال مادّةٌ يقتطعون
    المسلمين ) فشكوه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- حين رجعوا فقال -صلى
    الله عليه وسلم- ( صدقوا يا عمرو ) فقال له ( إنه كان في أصحابي قِلّة
    فخشيتُ أن يرغب العدوّ في قتلهم ، فلمّا أظهرني الله عليهم قالوا
    أنتبعُهُم ؟-فقلتُ أخشى أن يكون لهم وراء هذه الجبال مادّة يقتطعون
    المسلمين ) فكأنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- حمدَ أمرَهُ


    الليلة الباردة

    قال عمرو بن العاص لمّا بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام ذات
    السلاسل ، فاحتلمتُ في ليلة باردة شديدة البرد ، فأشفقتُ إن اغتسلتُ أن
    أهلك ، فتيممتُ ثم صليتُ بأصحابي صلاة الصبح ، فلمّا قدمنا على رسول الله
    -صلى الله عليه وسلم- ذكرتُ ذلك له فقال ( يا عمرو ! صليتَ بأصحابك وأنتَ
    جُنب ؟) قلتُ ( نعم يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ! إني احتلمتُ
    في ليلة باردةٍ شديدة البرد ، فأشفقتُ إن اغتسلتُ أن أهلك وذكرتُ

    قول الله تعالى "( ولا تَقْتُلُوا أنْفُسَكُم إنّ اللّهَ كان بِكُم رَحيماً )"( سورة النساء/29 )

    فتيممتُ ثم صليتُ ، فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يقُلْ شيئاً


    الإمارة

    قُبِض رسـول اللـه -صلى الله عليه وسلم- وعمرو بعُمان ، فخرج منها فقدم
    المدينة ، فبعثه أبو بكر الصديق أحدَ الأمراء إلى الشام ، فتولى ما تولى
    من فتحها وشهد اليرموك ، وولاه عمر بن الخطاب فلسطين وما والاها ، ثم كتب
    إليه أن يسير إلى مصر فسار إليها ففتح مصر ، وولاه عمر مصر إلى أن مات ،
    وولاه عثمان بن عفان مصر سنين ، ثم عزله واستعمل عليها عبد الله بن أبي
    سَرْح ، فقدم عمرو المدينة فأقام بها

    فلمّا نشِبَ الناس في أمر عثمان خرج إلى الشام فنزل بها في أرض له بالسّبع
    من أرض فلسطين ، حتى قُتِلَ عثمان -رضي الله عنه- ، فصار إلى معاوية فلم
    يزل معه يُظهِرُ الطلبَ بدم عثمان ، وشهد معه صفين ، ثم ولاه معاوية مصر
    فخرج إليها فلم يزل بها والياً ، وابْتنَى بها داراً ، ونزلها إلى أن مات
    بها


    حُبِّ الإمارة

    مما امتاز به عمرو بن العاص حُبّه للإمارة ، فشكله الخارجي ومشيته وحديثه
    كلها تدل على أنه خُلِق للإمارة ، حتى أن في أحد الأيام رآه أمير المؤمنين
    عمر وهو مقبل فابتسم لِمَشْيَته وقال ( ما ينبغي لأبي عبد الله أن يمشي
    على الأرض إلا أميرا ) والحق أن عمرو لم يُبْخِس نفسه هذا الحق ، فمع كل
    الأحداث الخطرة التي اجتاحت المسلمين ، كان عمرو يتعامل معها بأسلوب أمير
    معه من الذكاء والدهاء ما يجعله واثقا بنفسه مُعْتَزا بتفوقه ، وقد أولاه
    عمر بن الخطاب ولاية فلسطين والأردن ، ثم على مصر طوال حياة أمير
    المؤمنين

    وعندما علم ابن الخطاب أن عمراً قد اجتاز حد الرخاء في معيشته أرسل إليه (
    محمد بن مَسْلمة ) وأمره أن يقاسم عمراً جميع أمواله وأشيائه ، فيبقى له
    نصفها ويحمل معه الى بيت مال المسلمين بالمدينة النصف الآخر ، ولو علم
    أمير المؤمنين عمر أن حب عمرو للإمارة سيحمله على التفريط في مسئولياته
    لما أبقاه في الولاية لحظة واحدة


    ذكاؤه ودهاؤه


    كان عمـرو بن العاص حاد الذكاء ، قوي البديهة عميق الرؤية ، حتى أن أمير
    المؤمنين عمـر كان إذا رأى إنسانا عاجز الحيلة ، صـكّ كفيه عَجبا وقال (
    سبحان الله ! إن خالق هذا وخالق عمرو بن العاص إله واحد )كما كان
    عمرو بن العاص جريئا مِقْداما ، يمزج ذكائه بدهائه فيُظَنّ أنه جبان ، بيد
    أنها سعة حيلة يُخرج بها نفسه من المآزق المهلكة ، وكان عمر بن الخطاب
    يعرف ذلك فيه ، وعندما أرسله الى الشام قيل له ( إن على رأس جيوش الروم
    بالشام أرطبونا ) أي قائدا وأميرا من الشجعان الدُّهاة ، فكان جواب أمير
    المؤمنين ( لقد رمينا أرْطَبون الروم بأرْطَبون العرب ، فلننظر عمَّ
    تنفَرج الأمور )

    ولقد انفرجت عن غلبة ساحقة لأرطبون العرب وداهيتهم عمرو بن العاص على
    أرطبون الروم الذي ترك جيشه للهزيمة وولى هاربا الى مصر ولعل من أشهر
    المواقف التي يظهر فيها دهاء عمرو موقف التحكيم بين عليا ومعاوية ، وموقفه
    من قائد حصن بابليون


    مُحَرِّر مِصْر


    كانت مصر من أهم ولايات الإمبراطورية الرومانية ، وقد استغل الروم ثرواتها
    وحرموا منها السكان واستباحوا أهلها حتى أصبح الناس في ضيق لأن الروم
    فرضوا عليهم مذهبهم الديني قسرا ، فلما بلغ المصريون أنباء الفتوحات
    الإسلامية وعدالة المسلمين وسماحتهم تطلعت أنظارهم إليهم لتخليصهم مما هم
    فيه ،واتجه عمرو بن العاص سنة ( 18 هجري ) على رأس جيش من أربعة آلاف
    مقاتل متجها الى مصر ، وأمام شدة المقاومة طلب عمرو المدد من أمير
    المؤمنين فأرسل إليه أربعة آلاف جندي وتقدّم المسلمون وحاصروا حصن بابليون
    لمدة سبعة أشهر وتمكنوا من فتحه

    ثم اتجهوا الى الإسكندرية فوجدوا مقاومة من حاميتها فامتد حصارها الى
    أربعة أشهر وأخيرا فتحت الإسكندرية وعقدت معاهدة الإسكندرية ، ولقد كان
    -رضي الله عنه- حريصا على أن يباعد أهل مصر وأقباطها عن المعركة ، ليظل
    القتال محصورا بينه وبين جنود الرومان ، وتحدث عمرو مع زعماء الأنصار
    وكبار أساقفتهم فقال ( إن الله بعث محمدا بالحق وأمره به ، وإنه -عليه
    الصلاة والسلام- قد أدّى رسالته ، ومضى بعد أن تركنا على الواضِحَة ، وكان
    مما أمرنا به الإعذار الى الناس ، فنحن ندعوكم الى الإسلام ، فمن أجابنا
    فهو مِنّا له مالنا وعليه ما علينا ، ومن لم يُجِبنا الى الإسلام عرضنا
    عليه الجزْية وبذلنا له الحماية والمنعة ، ولقد أخبرنا نبينا أن مصر ستفتح
    علينا ، وأوصانا بأهلها خيرا فقال ( ستُفْتَح عليكم بعدي مصر ، فاسْتَوصوا
    بِقِبْطها خيرا ، فإن لهم ذِمّة ورَحِما ) فإن أجبتمونا الى ما ندعوكم
    إليه كانت لكم ذِمّة الى ذِمّة )

    وفرغ عمرو من كلماته فصاح بعض الأساقفة والرهبان قائلا ( إن الرّحِم التي
    أوصاكم بها نبيكم لهي قرابة بعيدة لا يصل مثلها إلا الأنبياء )


    حصن نابليون


    أثناء حربه مع الرومان في مصر ، ( وفي بعض الروايات التاريخية أنها وقعت
    في اليرموك ) ، دعاه أرطبون الروم وقائدهم لمحادثته ، وكان قد أعطى أوامره
    لرجاله بإلقاء صخرة فوق عمرو إثر إنصرافه من الحصن ، ودخل عمرو على القائد
    لا يريبه منه شيء ، وانفض اللقاء ، وبينما هو في طريق الخروج لمح فوق
    أسوار الحصن حركة مريبة حركّت فيه الحرص والحذر ، وعلى الفور تصرف بشكل
    باهر

    لقد عاد الى قائد الحصن في خطوات آمنة مطمئنة ولم يثر شكوكه أمر ، وقال
    للقائد ( لقد بادرني خاطر أردت أن أطلعك عليه ، إن معي حيث يقيم أصحابي
    جماعة من أصحاب الرسول السابقين الى الإسلام ، لا يقطع أمير المؤمنين أمرا
    دون مشورتهم ، ولا يرسل جيشا من جيوش الإسلام إلا جعلهم على رأس مقاتلته
    وجنوده ، وقد رأيت أن آتيك بهم حتى يسمعوا منك مثل الذي سمعت ، ويكونوا من
    الأمر على مثل ما أنا عليه من بيّنة )

    وأدرك قائد الروم أن عمرا بسذاجة قد منحه فرصة العمر ، فليوافقه الآن
    الرأي ، وإذا عاد ومعه هذا العدد من زعماء المسلمين وخيرة رجالهم ، أجهز
    عليهم جميعا ، بدلا من أن يجهز على عمرو وحده ، وألغيت خطة اغتيال عمرو ،
    وودّع عمرو بحرارة ، وابتسم داهية العرب وهو يغادر الحصن ، وفي الصباح عاد
    عمرو على رأس جيشه الى الحصن ممتطيا صهوة فرسه


    بَطْريقِ غزّة


    خرج عمرو بن العاص إلى بطريق غزّة في نفرٍ من أصحابه ، عليه قِباءٌ عليه
    صدأ الحديد وعمامة سوداء ، وفي يده رمح وعلى ظهره تُرْسٌ ، فلمّا طلع عليه
    ضحك البطريق وقال ( ما كنت تصنع بحمل السلاح إلينا ؟) قال ( خفتُ أن
    ألقى دونـك فأكـون قد فرّطـتُ ) فالتفت إلى أصحابه فقال بيده (( عقدَ
    الأنملة على إبهامه )) أي يشير بها إليهم ثم قال ( مرحباً بك )وأجلسه
    معه على سريره وحادثه ، فأطال ثم كلمه بكلام كثير ، وحاجّه عمرو ودعاه إلى
    الإسلام

    فلمّا سمع البطريق كلامَهُ وبيانهُ وأداءهُ قال بالرومية ( يا معشر الروم
    أطيعوني اليوم وأعصوني الدهر ، أمير القوم ألا ترون أنّي كلما كلمته كلمةً
    أجابني عن نفسه ، لا يقول أشاور أصحابي وأذكر لهم ما عرضتَ عليّ ، وليس
    الرأي إلا أن نقتله قبل أن يخرج من عندنا ، فتختلف العرب بينها ، وينتهي
    أمرهم ، ويعفون من قتالنا ) فقال مَنْ حوله من الروم ( ليس هذا برأي

    وقد كان دخل مع عمرو بن العاص رجلٌ من أصحابه يعرف كلام الروم ، فألقى إلى
    عمرو ما قال الملك ( البطريق ) ثم قال الملك ( ألا تخبرني هل في أصحابك
    مثلك يلبس ثيابك ويؤدي أداءك ؟) فقال عمرو ( أنا أكَلُّ أصحابي لساناً ،
    وأدناهم أداءً ، وفي أصحابي مَنْ لو كلمته لعرفت أنّي لستُ هناك ) قال
    ( فأنا أحب أن تبعث إليّ رأسكم في البيان والتقدم والأداء حتى أكلمه
    ) فقال عمرو ( أفعل )

    وخرج عمرو من عنـده فقال البطريق لأصحابه ( لأخالفَنّكم ، لئـن دخل
    فرأيـتُ منه ما يقول لأضربَنّ عُنقَه )فلمّا خرج عمروٌ من الباب كبّر
    وقال ( لا أعود لمثل هذا أبداً )وأتى منزله ، فاجتمع إليه أصحابه
    يسألونه ، فخبّرهم خبره وخبر البطريق ، فأعظم القوم ذلك وحمدوا الله على
    ما رزق من السلامة

    وكتب عمرو بذلك إلى عمر بن الخطاب فكتب إليه عمر ( الحمدلله على إحسانه
    إلينا ، وإيّاك والتغرير بنفسك أو بأحدٍ من المسلمين في هذا أو شبهه ،
    وبحسب العلج منهم أن يُكلّمَ في مكانٍ سواءٍ بينك وبينه ، فتأمن غائلته
    ويكون أكسر )فلما قرأ عمرو كتاب عمر ترحّم عليه ثم قال ( ليس الأب
    أبرُّ بولده بأبرَّ من عمر بن الخطاب برعيته )


    التحكيم


    في الخلاف بين علي ومعاوية نصل الى أكثر المواقف شهرة في حياة عمرو ، وهو
    موقفه في التحكيم وكانت فكرة أبو موسى الأشعري ( المُمَثِّل لعلي )
    الأساسية هي أن الخلاف بينهما وصل الى نقطة حرجة ، راح ضحيتها الآلاف ،
    فلابد من نقطة بدء جديدة ، تعطي المسلمين فرصة للاختيار بعد تنحية أطراف
    النزاع ، وأبوموسى الأشعري على الرغم من فقهه وعلمه فهو يعامل الناس بصدقه
    ويكره الخداع والمناورة التي لجأ اليها الطرف الآخر ممثلا في عمرو بن
    العاص ( مُمَثِّل معاوية )الذي لجأ الى الذكاء والحيلة الواسعة في أخذ
    الراية لمعاوية

    ففي اليوم التالي لاتفاقهم على تنحية علي ومعاوية وجعل الأمر شورى بين
    المسلمين دعا أبوموسى عمرا ليتحدث فأبى عمرو قائلا ( ما كنت لأتقدمك
    وأنت أكثر مني فضلا وأقدم هجرة وأكبر سنا )وتقدم أبوموسى وقال ( يا
    أيها الناس ، انا قد نظرنا فيما يجمع الله به ألفة هذه الأمة ويصلح أمرها
    ، فلم نر شيئا أبلغ من خلع الرجلين - علي ومعاوية - وجعلها شورى يختار
    الناس لأنفسهم من يرونه لها ، واني قد خلعت عليا ومعاوية ، فاستقبلوا
    أمركم وولوا عليكم من أحببتم )جاء دور عمرو بن العاص ليعلن خلع معاوية
    كما تم الاتفاق عليه بالأمس ، فصعد المنبر وقال ( أيها الناس ، ان أباموسى
    قد قال ما سمعتم ، وخلع صاحبه ، ألا واني قد خلعت صاحبه كما خلعه ،
    وأثْبِت صاحبي معاوية ، فانه ولي أمير المؤمنين عثمان والمطالب بدمه ،
    وأحق الناس بمقامه !!)

    ولم يحتمل أبوموسى المفاجأة ، فلفح عمرا بكلمات غاضبة ثائرة فقد أنفذ أبو موسى الإتفاق وقَعَد عمرو عن إنفاذه


    فضله

    عن قبيصة بن جابر قال صحبتُ عمر بن الخطاب فما رأيتُ رجلاً أقرأ لكتاب
    الله ، ولا أفقه في دين الله ، ولا أحسسَ مُداراةٍ منه ، وصحبتُ طلحة بن
    عبيد الله فما رأيتُ رجلاً أعطى لجزيلٍ عن غير مسألة منه ، وصحبت معاوية
    بن أبي سفيان فما رأيتُ رجلاً أثقل حِلماً منه ، وصحبتُ عمرو بن العاص فما
    رأيتُ رجلاً أبين طرفاً منه ، ولا أكرم جليساً ولا أشبه سريرة بعلانية منه
    ، وصحبت المغيرة بن شعبة ، فلو أن مدينة لها ثمانية أبواب لا يخرج من باب
    منها إلا بالمكر لخرج من أبوابها كلّها


    حكمته


    قال عمرو بن العاص ( أربعةٌ لا أمَلُّهُمْ أبداً ، جليسي ما فهم عنّي ،
    وثوبي ما سترني ، ودابّتي ما حملتني ، وامرأتي ما أحسنتْ عِشْرتي )

    وقال عمرو لابنه عبدالله ( يا بُنيّ سلطانٌ عادلٌ خيرٌ من مطر وابل ، وأسد
    حَطوم خير من سلطان ظلوم ، وسلطان غشوم خيرٌ من فتنة تدوم ، يا بُنيّ زلّة
    الرجل عظيم يُجبَر ، وزلة اللسان لا تُبقي ولا تذر ، يا بُنيّ استراحَ
    مَنْ لا عقْلَ له فأرسلها مَثَلاً )

    وقال عمرو بن العاص لمعاوية بن أبي سفيان ( يا أمير المؤمنين لا تكونَنّ
    لشيءٍ من أمر رعيّتكَ أشدَّ تعهداً منك لخصاصة الكريم حتى تعمل في سدّها ،
    ولطغيان اللئيم حتى تعمل في قمعه ، واستوحِشْ من الكريم الجائع ومن اللئيم
    الشبعان ، فإن الكريم يصول إذا جاع ، واللئيم يصول إذا شبع )

    وقال عمرو ( عجبتُ من الرجل يفرّ من القدر وهو مواقعه ، ومن الرجل يرى
    القَذاةَ في عين أخيه ويَدع الجذعَ في عينيه ، ومن الرجل يخرج الضّغن من
    نفس أخيه ويَدَع الضّغن في نفسه ، وما تقدمتُ على أمرٍ فلمتُ نفسي على
    تقدُّمي عليه ، وما وضعتُ سرّي عند أحدٍ فلمتُه على أن أفشاه ، وكيف ألومه
    وقد ضِقتُ به )


    مرض الموت

    لمّا نزل بعمرو بن العاص الموت قال له ابنه عبد الله ( يا أبَتِ إنك كنت
    تقول عجباً لمن نزل به الموت وعقله معه كيف لا يصفه ؟ فصفْ لنا الموت
    وعقلك معك )فقال ( يا بُنيّ الموتُ أجلُّ من أن يوصف ، ولكنّي سأصف لك
    منه شيئاً ، أجدني كأنّ على عنقي جبال رَضْوَى -جبل في المدينة على سبع
    مراحل- وأجدني كأنّ في جوفي شوك السُّلاّء ، وأجدني كأنّ نَفَسي يخرج من
    ثقب إبرةٍ )

    وقيل أن عمرو بن العاص لمّا كان عند الموت دعا حرسه فقال ( أيّ صاحب كنتُ
    لكم ؟) قالوا ( كنتَ لنا صاحبَ صدقٍ ، تكرمنا وتعطينا وتفعلُ وتفعلُ
    ) قال ( إنّما كنتُ أفعل ذلك لتمنعوني من الموت -أي الإغتيال- هاهو ذا
    قد نزل بي فاغنوه عنّي ) فنظـر القوم بعضهم إلى بعـض فقالوا ( والله ما
    كنّا نحسبك تكلَّمُ بالعَوراء يا أبا عبدالله ، قد علمتَ أنّا لا نغني عنك
    من الموت شيئاً )فقال ( أما والله لقد قُلتها وإنّي لأعلم أنّكم لا
    تغنـون عنّي من المـوت شيئاً ، ولكن لأن أكـون لم أتخـذ منكم رجلاً قـط
    يمنعني من الموت أحبّ إليّ من كذا وكذا ، فيا ويح ابن أبي طالب إذْ يقول
    حرسَ امرأً أجلُهُ )


    وفاته

    وفي ليلة الفطر سنة ثلاث وأربعين من الهجرة ، أدركت الوفاة عمرو بن العاص
    بمصر حيث كان واليا عليها ، وراح يستعرض في لحظات الرحيل حياته فقال ( كنت
    أول أمري كافرا ، وكنت أشد الناس على رسول الله ، فلو مِتّ يومئذ لوجَبَت
    لي النار ، ثم بايعت رسول الله ، فما كان في الناس أحد أحبّ إلي منه ، ولا
    أجلّ في عيني منه ، ولو سُئِلْتُ أن أنْعَتَه ما استطعت ، لأني لم أكن
    أقدر أن أملأ عيني منه إجلالا له ، فلو مِتّ يومئذ لرجوت أن أكون من أهل
    الجنة ، ثم بُليت بعد ذلك بالسلطان ، وبأشياء لا أدري أهي لي أم عليّ )

    وأوصى عمرو بن العاص ابنه عبد الله ( يا بُنيّ ، إذا مِتُّ فاغسلني غسلةً
    بالماء ، ثم جففني في ثوب ، ثم اغسلني الثانية بماءٍ قراح ، ثم جففني في
    ثوب ، ثم اغسلني الثالثة بماءٍ فيه شيء من كافور ، ثم جففني في ثوب ، ثم
    إذا ألبستني الثياب فأزِرَّ عليّ فإني مُخاصم ، ثم إذا حملتني على السرير
    فامش بي مشياً بين المشيتين وكنْ خلف الجنازة ، فإن مقدّمها للملائكة
    وخلفها لبني آدم ، فإذا وضعتني في القبر ، فسُن عليّ التراب سنّاً -أي
    اجعله مرتفعاً مستطيلاً على وجه الأرض-)

    ثم رفـع بصره الى السماء في ضَراعـة مناجيا ربه الرحيم قائلا ( اللهم لا
    بريء فأعْتـذِر ، ولا عزيز فأنْتَصر ، وإلا تُدْركني رحمتك أكن من
    الهالكين )وظل في ضراعاته حتى صعدت الى الله روحه وكانت آخر كلماته لا
    إله إلا اللهوتحت ثَرَى مصر ثَوَى رُفاتُه ، فقد دُفِنَ بالمُقطّم
    مقبرة أهل مصر ، وهو سفح جبل

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 15 نوفمبر - 5:32:28