سعد بن عبادة
رضي الله عنه
" اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة "
حديث شريف
من هو؟
هو سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة سيد الخزرج ( أبو قيس ) ، أسلم مبكرا وشهـد
بيعة العقبة والمشاهد كلها مع الرسـول -صلى الله عليه وسلم- ، سخر أموالـه في
خدمة الإسلام وكان يسأل الله قائلا ( اللهم إنه لا يصلحني القليل ولا أصلح عليه )
حتى أصبح مثلا بالجود والكرم ، وكان يحسن العَوْمَ والرمي فسمي بالكامل
تعذيب قريش له
علمت قريش بأمر الأنصار ولقائهم مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، فلحقت
بهم وأدركت سعد بن عبادة أحد الاثنى عشر نقيبا ، وأخذوه وربطوا يديه إلى
عنقه بنسع رحله ، وأدخلوه مكة وهم يضربونه ، يقول سعد ( فوالله إني لفي
أيديهم إذ طلع علي نفر من قريش ، فيهم رجل وضيء أبيض ، شعشاع حلو من
الرجال ، فقلت في نفسي إن يك عند أحد من القوم خير فعند هذا فلما دنا
مني رفع يده فلكمني لكمة شديدة فقلت في نفسي والله ما عندهم بعد هذا من
خير !
فوالله إني لفي أيديهم يسحبونني إذ أوى لي رجل ممن كان معهم فقال ( ويحك !
أما بينك وبين أحد من قريش جوار ولا عهد ؟) فقلت ( بلى والله لقد كنت
أجير لجبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف تجّاره ، وأمنعهم ممن أراد
ظلمهم ببلادي ، وللحارث بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ) قال (
ويحك فاهتف باسم الرجلين ،واذكر ما بينك وبينهما)
قال ففعلت وخرج ذلك الرجل إليهما ، فوجدهما في المسجد عند الكعبة ، فقال
لهما ( إن رجلا من الخزرج الآن يضرب بالأبطح ويهتف بكما ويذكر أن بينـه
وبينكما جوار) قالا ( ومن هـو ؟) قال ( سعـد بن عبادة) قالا ( صدق
واللـه ، إن كان ليجير لنا تجارنا ، ويمنعهم أن يظلموا ببلده) فجاءا
فخلصا سعـد من أيديهـم ، فانطلق ، وكان الذي لكم سعـدا سهيـل بن عمرو
العامـري ، وكان الرجـل الذي آوى إليه أبا البختري بن هشام
جوده وكرمه
كان سعد بن عبادة مشهوراً بالجود والكرم هو وأبوه وجدّه وولدُهُ ، وكان
لهم أطُمٌ -بيت مربع مسطح- يُنادَى عليه كل يوم ( من أحبَّ الشّحْمَ
واللحْمَ فليأتِ أطمَ دُليم بن حارثة)وكانت جَفْنة سعد تدور مع النبي
-صلى الله عليه وسلم- في بيوت أزواجه
السلام
استأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على سعد بن عبادة فقال ( السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته ) فقال سعد ( وعليك السلام ورحمة الله وبركاته
)ولم يُسْمع النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى سلّمَ ثلاثاً ، وردَّ عليه
سعد ثلاثاً ، ولم يُسْمِعْهُ ، فرجع النبي -صلى الله عليه وسلم- فاتبعه
سعدٌ فقال ( يا رسول الله ! بأبي أنت ما سلّمتَ تسليمة إلا وهي بأذُني ،
ولقد رددتُ عليك ولم أسْمِعْكَ ، أحببتُ أن أستكثرَ من سلامِكَ ومن البركة
) ثم دخلوا البيت فقرّب إليه زبيباً فأكل نبي الله -صلى الله عليه وسلم-
، فلمّا فرغ قال (أكلَ طعامكم الأبرار ، وصلّتْ عليكم الملائكة ، وأفطر
عندكم الصائمون )
الخُلُق الصالح
جاء سعد بن عبادة وابنه قيس بن سعد بزاملةٍ -ناقة يُحمل عليها- تحمل زاداً
، يؤمّان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعني يوم ضلّتْ زاملتُهُ -صلى
الله عليه وسلم- في حجّة الوداع ، حتى يجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
واقفاً عند باب منزله ، فقد أتى الله بزاملته ، فقال سعد ( يا رسول الله !
بلغنا أن زاملتَكَ ضلت مع الغلام وهذه زاملةٌ مكانها ) فقال رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- ( قد جاءَ الله بزاملتِنا ، فارجِعا بزاملتكما بارك
الله عليكما ، أما يكفيك يا أبا ثابت ما تصنع بنا في ضيافتكَ منذ نزلنا
المدينة ؟) قال سعد ( يا رسول الله ! المنّة لله ولرسوله ، والله يا
رسول الله للذي تأخذ من أموالنا أحبُّ إلينا من الذي تَدَعُ ) قال -صلى
الله عليه وسلم- ( صدقتُم يا أبا ثابت ، أبشِرْ فقد أفلحت ، إن الأخلاقَ
بيد الله ، فمن أراد أن يمنحَه منها خُلقاً صالحاً منحَهُ ، ولقد مَنَحَكَ
الله خُلقاً صالحاً )فقال سعد ( الحمد لله هو فعل ذلك )
راية الأنصار
يقول ابن عباس -رضي الله عنهما- ( كان لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في
المواطن كلها رايتان ، مع علي بن أبي طالب راية المهاجرين ، ومع سعد بن
عبادة راية الأنصار )
غزوة الغابة
في غزوة الغابة أقام سعد بن عبادة في المدينة في ثلاثمائة من قومه يحرسون
المدينة خمسَ ليالٍ حتى رجع النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- وبعث إلى النبي
-صلى الله عليه وسلم- بأحمالِ تمر ، وبعشر جزائر -ناقة- بذي قرد وكان في
الناس قيس بن سعد بن عبادة على فرسٍ له يُقال له الوَرْد ، وكان هو الذي
قرّب الجُزُرَ والتمرَ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فقال رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- ( يا قيس ، بعَثَك أبوك فارساً ، وقوّى المجاهدين ،
وحرس المدينة من العدو ، اللهم ارحم سعداً وآل سعد )
ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( نِعْمَ المَرْءُ سعد بن عبادة
) فتكلمت الخزرج فقالت ( يا رسول الله ! هو نقيبنا وسيّدنا وابن سيدنا ،
كانوا يُطعمون في المَحْـلِ ، ويحملون في الكَـلِّ ، ويَقْرون الضيـف ،
ويُطعمون في النائبـة ، ويحملون عن العشيرة) فقال النبـي -صلى الله
عليه وسلم- ( خيارُ النّاس في الإسلام خيارُهم في الجاهلية إذا فقهوا في الدّين )
يوم الفتح
كانت شخصية سعد تتسم بالشدة والقوة ، ففي يوم فتح مكة جعله الرسول -صلى
الله عليه وسلم- أميرا على فيلق من جيش المسلمين ، ولم يكد يصل الى مشارف
مكة حتى صاح ( اليوم يوم الملحمة ، اليوم تستحل الحرمة )فكأنه عندما
رأى مكة مستسلمة لجيش الفتح ، تذكر كل صور العذاب الذي صبته على المؤمنين
وكان ذنبهم أن يقولوا لا إله إلا الله ، فدفعه الى توعدهم فسمعه عمر بن
الخطاب وسارع الى النبي قائلا ( يا رسول الله ، اسمع ما قال سعد بن عبادة
، ما نأمن أن يكون له في قريش صولة )فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-
عليا كرم الله وجهه أن يدركه ، ويأخذ الراية منه ، ويتأمر مكانه
يوم حنين
أعطى الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما أعطى من العطايا ولم يكن للأنصار
منها شيء ، حتى كثرت منهم القالة ، وقال قائلهم ( لقي والله رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- قومه )وقال سعد للرسول ( يا رسول الله إن هذا
الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت
، قسمت في قومك ، وأعطيت عطايا عظاما في قبائل العرب ، ولم يك في هذا الحي
من الأنصار منها شيء ) فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( فأين أنت من
ذلك يا سعد ؟)قال ( يا رسول الله ما أنا إلا من قومي ) قال ( فاجمع
لي قومك في هذه الحظيرة )
فلما اجتمعوا أتاهم الرسول -صلى الله عليه وسلم - فحمد الله وأثنى عليه
وقال ( يا معشر الأنصار ، ما قالة بلغتني عنكم ، وجدة وجدتموها علي في
أنفسكم ! ألم آتكم ضُـلالا فهداكم الله ، وعالة فأغناكم الله ، وأعداء
فألف الله بين قلوبكم ! ) فقالوا ( بلى ، الله ورسوله أمـن وأفضـل
) ثم قال ( ألا تجيبونني يا معشر الأنصار ؟) قالوا ( بماذا نجيبك يا
رسول الله ؟ لله ولرسوله المن والفضل !) قال -صلى الله عليه وسلم- ( أما
والله لو شئتم لقلتم ، فلصَدقتم ولصُدّقتم أتيتنا مكذبا فصدقناك ، ومخذولا
فنصرناك ، وطريدا فآويناك ، وعائلا فآسيناك ، أوجدتم يا معشر الأنصار في
أنفسكم في لُعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا ووكَلْتكم الى إسلامكم
! ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعوا برسول
الله الى رحـالكم ؟ فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجـرة لكنت أمرأ من
الأنصـار ، ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار !
اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار ، وأبناء أبناء الأنصار)فبكى القوم
حتى أخضلوا لحاهم ، وقالوا وسعد معهم ( رضينا برسول الله قسما وحظا )
يوم السقيفة
ولما قبض الرسول -صلى الله عليه وسلم- انحاز بعض الأنصار الى سعد بن عبادة
في سقيفة بني ساعدة منادين بأن يكون خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
، وخطب فيهم سعد -رضي الله عنه- موضحا أحقية الأنصار بذلك ،ولكن لأن
الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد استخلف أبا بكر على الصلاة أثناء مرضه ،
فهم الصحابة أن هذا الاستخلاف مؤيدا لخلافة أبي بكر وتزعم عمر بن الخطاب
هذا الرأي
وسارع أبوبكر وعمر وأبوعبيدة بن الجراح -رضي الله عنهم- إلى الأنصار ،
واشتد النقاش حول أحقية الخلافة ، وخطب أبوبكر الصديق خطبة بين فيها فضل
المهاجرين والأنصار وقال في خاتمتها ( هذا عمر وهذا أبوعبيـدة فأيهما
شئتـم فبايعـوا) فقال الاثنان (لا والله لا نتولى هذا الأمر عليك )
ثم قال عمر (ابسط يدك نبايعك ) فسبقهما بشير بن سعد -رضي الله عنه- وهو
من كبار الأنصار وبايع أبا بكر وتلاه عمر وأبو عبيدة ، فقام الحاضرون من
الأنصار والمهاجرين فبايعوه وفي اليوم التالي اجتمع المسلمون في المسجد
وبايعوه بيعة عامة
خلافة عمر
في الأيام الأولى من خلافة عمر -رضي الله عنه- ، ذهب سعد الى أمير
المؤمنين ، وقال بصراحته المتطرفة ( كان صاحبك أبو بكر -والله- أحب إلينا
منك ، وقد -والله- أصبحتُ كارهاً لجوارك ) فأجاب عمر بهدوء ( إن من كره
جوار جاره ، تحول عنه ) وعاد سعد فقال ( إني متحول إلى جوار من هو خير
عنك ) وبهذا أراد سعد ألا ينتظر ظروفا قد تطرأ بخلاف بينه وبين أمير
المؤمنين ، خلاف لا يريده ولا يرضاه
وفاته
شـدّ سعد بن عبادة -رضي اللـه عنه- الرحال إلى الشام ، وما كاد أن يبلغهـا
وينزل أرض حوران حتى دعـاه أجله وأفضى إلى جوار ربـه الرحيم سنة ( 14 هـ
رضي الله عنه
" اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة "
حديث شريف
من هو؟
هو سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة سيد الخزرج ( أبو قيس ) ، أسلم مبكرا وشهـد
بيعة العقبة والمشاهد كلها مع الرسـول -صلى الله عليه وسلم- ، سخر أموالـه في
خدمة الإسلام وكان يسأل الله قائلا ( اللهم إنه لا يصلحني القليل ولا أصلح عليه )
حتى أصبح مثلا بالجود والكرم ، وكان يحسن العَوْمَ والرمي فسمي بالكامل
تعذيب قريش له
علمت قريش بأمر الأنصار ولقائهم مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، فلحقت
بهم وأدركت سعد بن عبادة أحد الاثنى عشر نقيبا ، وأخذوه وربطوا يديه إلى
عنقه بنسع رحله ، وأدخلوه مكة وهم يضربونه ، يقول سعد ( فوالله إني لفي
أيديهم إذ طلع علي نفر من قريش ، فيهم رجل وضيء أبيض ، شعشاع حلو من
الرجال ، فقلت في نفسي إن يك عند أحد من القوم خير فعند هذا فلما دنا
مني رفع يده فلكمني لكمة شديدة فقلت في نفسي والله ما عندهم بعد هذا من
خير !
فوالله إني لفي أيديهم يسحبونني إذ أوى لي رجل ممن كان معهم فقال ( ويحك !
أما بينك وبين أحد من قريش جوار ولا عهد ؟) فقلت ( بلى والله لقد كنت
أجير لجبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف تجّاره ، وأمنعهم ممن أراد
ظلمهم ببلادي ، وللحارث بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ) قال (
ويحك فاهتف باسم الرجلين ،واذكر ما بينك وبينهما)
قال ففعلت وخرج ذلك الرجل إليهما ، فوجدهما في المسجد عند الكعبة ، فقال
لهما ( إن رجلا من الخزرج الآن يضرب بالأبطح ويهتف بكما ويذكر أن بينـه
وبينكما جوار) قالا ( ومن هـو ؟) قال ( سعـد بن عبادة) قالا ( صدق
واللـه ، إن كان ليجير لنا تجارنا ، ويمنعهم أن يظلموا ببلده) فجاءا
فخلصا سعـد من أيديهـم ، فانطلق ، وكان الذي لكم سعـدا سهيـل بن عمرو
العامـري ، وكان الرجـل الذي آوى إليه أبا البختري بن هشام
جوده وكرمه
كان سعد بن عبادة مشهوراً بالجود والكرم هو وأبوه وجدّه وولدُهُ ، وكان
لهم أطُمٌ -بيت مربع مسطح- يُنادَى عليه كل يوم ( من أحبَّ الشّحْمَ
واللحْمَ فليأتِ أطمَ دُليم بن حارثة)وكانت جَفْنة سعد تدور مع النبي
-صلى الله عليه وسلم- في بيوت أزواجه
السلام
استأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على سعد بن عبادة فقال ( السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته ) فقال سعد ( وعليك السلام ورحمة الله وبركاته
)ولم يُسْمع النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى سلّمَ ثلاثاً ، وردَّ عليه
سعد ثلاثاً ، ولم يُسْمِعْهُ ، فرجع النبي -صلى الله عليه وسلم- فاتبعه
سعدٌ فقال ( يا رسول الله ! بأبي أنت ما سلّمتَ تسليمة إلا وهي بأذُني ،
ولقد رددتُ عليك ولم أسْمِعْكَ ، أحببتُ أن أستكثرَ من سلامِكَ ومن البركة
) ثم دخلوا البيت فقرّب إليه زبيباً فأكل نبي الله -صلى الله عليه وسلم-
، فلمّا فرغ قال (أكلَ طعامكم الأبرار ، وصلّتْ عليكم الملائكة ، وأفطر
عندكم الصائمون )
الخُلُق الصالح
جاء سعد بن عبادة وابنه قيس بن سعد بزاملةٍ -ناقة يُحمل عليها- تحمل زاداً
، يؤمّان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعني يوم ضلّتْ زاملتُهُ -صلى
الله عليه وسلم- في حجّة الوداع ، حتى يجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
واقفاً عند باب منزله ، فقد أتى الله بزاملته ، فقال سعد ( يا رسول الله !
بلغنا أن زاملتَكَ ضلت مع الغلام وهذه زاملةٌ مكانها ) فقال رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- ( قد جاءَ الله بزاملتِنا ، فارجِعا بزاملتكما بارك
الله عليكما ، أما يكفيك يا أبا ثابت ما تصنع بنا في ضيافتكَ منذ نزلنا
المدينة ؟) قال سعد ( يا رسول الله ! المنّة لله ولرسوله ، والله يا
رسول الله للذي تأخذ من أموالنا أحبُّ إلينا من الذي تَدَعُ ) قال -صلى
الله عليه وسلم- ( صدقتُم يا أبا ثابت ، أبشِرْ فقد أفلحت ، إن الأخلاقَ
بيد الله ، فمن أراد أن يمنحَه منها خُلقاً صالحاً منحَهُ ، ولقد مَنَحَكَ
الله خُلقاً صالحاً )فقال سعد ( الحمد لله هو فعل ذلك )
راية الأنصار
يقول ابن عباس -رضي الله عنهما- ( كان لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في
المواطن كلها رايتان ، مع علي بن أبي طالب راية المهاجرين ، ومع سعد بن
عبادة راية الأنصار )
غزوة الغابة
في غزوة الغابة أقام سعد بن عبادة في المدينة في ثلاثمائة من قومه يحرسون
المدينة خمسَ ليالٍ حتى رجع النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- وبعث إلى النبي
-صلى الله عليه وسلم- بأحمالِ تمر ، وبعشر جزائر -ناقة- بذي قرد وكان في
الناس قيس بن سعد بن عبادة على فرسٍ له يُقال له الوَرْد ، وكان هو الذي
قرّب الجُزُرَ والتمرَ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فقال رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- ( يا قيس ، بعَثَك أبوك فارساً ، وقوّى المجاهدين ،
وحرس المدينة من العدو ، اللهم ارحم سعداً وآل سعد )
ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( نِعْمَ المَرْءُ سعد بن عبادة
) فتكلمت الخزرج فقالت ( يا رسول الله ! هو نقيبنا وسيّدنا وابن سيدنا ،
كانوا يُطعمون في المَحْـلِ ، ويحملون في الكَـلِّ ، ويَقْرون الضيـف ،
ويُطعمون في النائبـة ، ويحملون عن العشيرة) فقال النبـي -صلى الله
عليه وسلم- ( خيارُ النّاس في الإسلام خيارُهم في الجاهلية إذا فقهوا في الدّين )
يوم الفتح
كانت شخصية سعد تتسم بالشدة والقوة ، ففي يوم فتح مكة جعله الرسول -صلى
الله عليه وسلم- أميرا على فيلق من جيش المسلمين ، ولم يكد يصل الى مشارف
مكة حتى صاح ( اليوم يوم الملحمة ، اليوم تستحل الحرمة )فكأنه عندما
رأى مكة مستسلمة لجيش الفتح ، تذكر كل صور العذاب الذي صبته على المؤمنين
وكان ذنبهم أن يقولوا لا إله إلا الله ، فدفعه الى توعدهم فسمعه عمر بن
الخطاب وسارع الى النبي قائلا ( يا رسول الله ، اسمع ما قال سعد بن عبادة
، ما نأمن أن يكون له في قريش صولة )فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-
عليا كرم الله وجهه أن يدركه ، ويأخذ الراية منه ، ويتأمر مكانه
يوم حنين
أعطى الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما أعطى من العطايا ولم يكن للأنصار
منها شيء ، حتى كثرت منهم القالة ، وقال قائلهم ( لقي والله رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- قومه )وقال سعد للرسول ( يا رسول الله إن هذا
الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت
، قسمت في قومك ، وأعطيت عطايا عظاما في قبائل العرب ، ولم يك في هذا الحي
من الأنصار منها شيء ) فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( فأين أنت من
ذلك يا سعد ؟)قال ( يا رسول الله ما أنا إلا من قومي ) قال ( فاجمع
لي قومك في هذه الحظيرة )
فلما اجتمعوا أتاهم الرسول -صلى الله عليه وسلم - فحمد الله وأثنى عليه
وقال ( يا معشر الأنصار ، ما قالة بلغتني عنكم ، وجدة وجدتموها علي في
أنفسكم ! ألم آتكم ضُـلالا فهداكم الله ، وعالة فأغناكم الله ، وأعداء
فألف الله بين قلوبكم ! ) فقالوا ( بلى ، الله ورسوله أمـن وأفضـل
) ثم قال ( ألا تجيبونني يا معشر الأنصار ؟) قالوا ( بماذا نجيبك يا
رسول الله ؟ لله ولرسوله المن والفضل !) قال -صلى الله عليه وسلم- ( أما
والله لو شئتم لقلتم ، فلصَدقتم ولصُدّقتم أتيتنا مكذبا فصدقناك ، ومخذولا
فنصرناك ، وطريدا فآويناك ، وعائلا فآسيناك ، أوجدتم يا معشر الأنصار في
أنفسكم في لُعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا ووكَلْتكم الى إسلامكم
! ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعوا برسول
الله الى رحـالكم ؟ فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجـرة لكنت أمرأ من
الأنصـار ، ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار !
اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار ، وأبناء أبناء الأنصار)فبكى القوم
حتى أخضلوا لحاهم ، وقالوا وسعد معهم ( رضينا برسول الله قسما وحظا )
يوم السقيفة
ولما قبض الرسول -صلى الله عليه وسلم- انحاز بعض الأنصار الى سعد بن عبادة
في سقيفة بني ساعدة منادين بأن يكون خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
، وخطب فيهم سعد -رضي الله عنه- موضحا أحقية الأنصار بذلك ،ولكن لأن
الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد استخلف أبا بكر على الصلاة أثناء مرضه ،
فهم الصحابة أن هذا الاستخلاف مؤيدا لخلافة أبي بكر وتزعم عمر بن الخطاب
هذا الرأي
وسارع أبوبكر وعمر وأبوعبيدة بن الجراح -رضي الله عنهم- إلى الأنصار ،
واشتد النقاش حول أحقية الخلافة ، وخطب أبوبكر الصديق خطبة بين فيها فضل
المهاجرين والأنصار وقال في خاتمتها ( هذا عمر وهذا أبوعبيـدة فأيهما
شئتـم فبايعـوا) فقال الاثنان (لا والله لا نتولى هذا الأمر عليك )
ثم قال عمر (ابسط يدك نبايعك ) فسبقهما بشير بن سعد -رضي الله عنه- وهو
من كبار الأنصار وبايع أبا بكر وتلاه عمر وأبو عبيدة ، فقام الحاضرون من
الأنصار والمهاجرين فبايعوه وفي اليوم التالي اجتمع المسلمون في المسجد
وبايعوه بيعة عامة
خلافة عمر
في الأيام الأولى من خلافة عمر -رضي الله عنه- ، ذهب سعد الى أمير
المؤمنين ، وقال بصراحته المتطرفة ( كان صاحبك أبو بكر -والله- أحب إلينا
منك ، وقد -والله- أصبحتُ كارهاً لجوارك ) فأجاب عمر بهدوء ( إن من كره
جوار جاره ، تحول عنه ) وعاد سعد فقال ( إني متحول إلى جوار من هو خير
عنك ) وبهذا أراد سعد ألا ينتظر ظروفا قد تطرأ بخلاف بينه وبين أمير
المؤمنين ، خلاف لا يريده ولا يرضاه
وفاته
شـدّ سعد بن عبادة -رضي اللـه عنه- الرحال إلى الشام ، وما كاد أن يبلغهـا
وينزل أرض حوران حتى دعـاه أجله وأفضى إلى جوار ربـه الرحيم سنة ( 14 هـ