قال الشيخ حفظه الله تعالى:
(الختان)
قال الشيخ ابن العثيمين رحمه الله تعالى:
"هو [الختان] بالنسبة للذكر: قطع الجلدة التي فوق الحشفة.
وبالنسبة للأنـثى: قطع لحمـة زائدة فوق محل الإيلاج، قال الفقهاء رحمهم الله: إنها تشبه
عرف الديك". اهــ [الشرح الممتع 1/ 102].
(والختان واجب في حق الرجال والنساء، لأنه من شعائر الإسلام، وقد قال النبي صلى الله
عليه وسلم لرجل أسلم: (ألق عنك شعر الكفر واختتن).
وهو من ملة إبراهيم عليه السلام: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: (اختتن إبراهيم خليل الرحمن بعد ما أتت عليه ثمانون سنة)، وقد قال الله لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم: {ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفًا}).
قوله (الختان واجب) الواجب: ما أمر به الشارع على وجه الإلزام بالفعل، وحكمه أنه يثاب
فاعله امتثالا ويستحق العقاب تاركه.
قوله (في حق الرجال والنساء) أي: الإيجاب، وعليه فإن تارك الختان آثم مستحق للعقاب.
قوله (لأنه من شعائر الإسلام) أي لما كان الختان من شعائر الدين أصبح واجبًا، وهذا أول
دليل يذكره الشيخ على إيجابه.
قول الشيخ (وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل أسلم : (ألق عنك شعر الكفر
واختتن)) وهذا الدليل الثاني على إيجاب الختان وهو: أمره صلى الله عليه وسلم، وليعلم أن
أمر النبي صلى الله عليه وسلم للواحد يشمل الجميع إلا إذا جاء دليل يخصصه عليه.
قول الشيخ (وهو من ملة إبراهيم عليه السلام..) أي لما كنا مأمورين بمتابعة إبراهيم عليه
السلام وهو قد اختتن بعد ما أتت عليه ثمانون سنة كنا كذلك بمتابعته في الختان، وهذا الدليل
الثالث عل إيجاب الختان.
فائدة:
وقد استدل كذلك القائلون بإيجاب الختان بأنه -الختان- قطع شيء من البدن،
وهو حرام، والحرام لا يستباح إلا بواجب.
واستدلوا كذلك بقوله صلى الله عليه وسلم للمرأة التي كانت تختن بالمدينة:
(اخفضي ولا تنهكي، فإنه أنضر للوجه وأحظى عند الزوج) [رواه أبو داود]،
ولهذا الحديث شواهد كثيرة صححه العلامة الألباني رحمه الله بها.
ومن أهل العلم من يقول باستحباب الختان للرجال والنساء دون إيجابه.
ومنهم من يفرق بين الرجال والنساء، فيقول بإيجابه على الرجال واستحبابه للنساء.
وأما ما خرج به علينا بعض قليلي العلم أو مريدي الفتنة من أن الختان ليس من الدين وأنه
عادة أو أنه جناية في حق المرأة وقتل لشهوتها وأنه رجعية ومن العادات السيئة وغير ذلك
مما يزخرف به شياطين الأنس والجن على المسلمين أصحاب العقيدة الربانية والفطرة
السوية، أقول: فإن كل هذه التهم الكاذبة والافتراءات
الظالمة لا تنطلي إلا على السذج أو المفتونين.
وكيف يقال: هو من العادات والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:
(خمس من الفطرة: الختان..) ؟! وقد مرَّ معك ذكر أحاديث الختان.
أليست هذه المقولة مروقًا من الالتزام بالنص والأمر النبوي؟!
وقد يُخْدَعُ البعض من السذج وقليلي العلم بقولهم:
إن في الختان ضررًا بالمرأة وقتلا لشهوتها !
وهذا في الحقيقة تلبيس للحق بالباطل وكتمان للحق وهم يعلمون!
ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم للخاتنة:
(اخفضي ولا تنهكي، فإنه أنضر للوجه وأحظى عند الزوج)؟
ترى ما فقه هذا الحديث؟ وهل في الختان قتل لشهوة المرأة وظلم لها؟
معنى الحديث:
قوله صلى الله عليه وسلم (اخفضي) معناه:
اقطعي جزءًا من البظر، والبظر هو جلدة الختان.
قوله صلى الله عليه وسلم (ولا تنهكي) أي:
ولا تقطعي كلَّ البظر، بل اقطعي بعضًا منه وأبقي بعضًا.
إذن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع البعض ونهى عن قطع الكل،
ثم قال عليه صلوات ربي وسلامه: (فإنه أنضر للوجه وأحظى عند الزوج)، قال المناوي
رحمه الله: أي: أكثر لمائه -ماء الوجه- ودمه وأبهج لبريقه ولمعته.
(وأحظى عند الزوج) قال: يعني أحسن لجماعها عنده وأحب إليه وأشهى له
لأن الخافضة –الخاتنة- إذا استأصلت جلدة الختان ضعفت شهوة المرأة فكرهت الجماع
فـقَـلتْ حظوتها -حبه لها وحظها منه- عند حليلها -زوجها-كما أنها إذا تركتها بحالها فلم
تأخذ منها شيئًا بقيت غلمتها -شدة شهوتها- فقد لا تكتفي بجماع زوجها فتقع في الزنا فأخذ
بعضها تعديل للشهوة والخلقة. اهـ [فيض القدير1 /279].
إذن الشرع لم يأمر بظلم المرأة وقتل شهوتها كما ظن الجاهلون وإنما أرشدنا إلى
كيفية تهذيب هذه الشهوة وأمرنا بتعديلها.
وهذا الحديث من جوامع كلمه بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم،
قال الإمام الغزالي رحمه الله: "انظر إلى جزالة هذا اللفظ في الكناية، وإلى إشراق نور
النبوة من مصالح الآخرة التي هي أهم مقاصد النبوة إلى مصالح الدنيا حتى
انكشف له وهو أميٌ من هذا الأمر النازل قدره ما لو وقعت الغفلة عنه
خيف ضرره وتطاير من غب عاقبته شرره وتولد منه أعظم القبائح وأشد
الفضائح فسبحان مـن أرسله رحمة للعالميـن ليجمع لهم ببعـثـته مصالـح الـداريـن.
اهـ[فيض القدير1 /279].
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: هل تختتن المرأة؟
فأجاب: "الحمد لله، نعم، تختـتن، وختانها أن تقطع أعلى الجلدة التي كعرف الديك،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للخافضة:
(أشمي ولا تنهكي، فإنه أبهى للوجه، وأحظى لها عند الزوج)، يعني:
لا تبالغي في القطع، وذلك أن المقصود بختان الرجل تطهيره مـن النجاسة
المحتقـنة في القلفـة، والمقصود من ختان المرأة تعديل شهوتها، فإنها إذا كانت
قلفاء -غير مختونة- كانت مغتلمة شديدة الشهوة.
ولهذا يقال في المشاتمة: يا بن القلفاء! فإن القلفاء تتطلع إلى الرجال أكثر،
ولهذا يوجد من الفواحش في نساء التتر ونساء الإفرنج ما لا يوجد في نساء
المسلمين، وإذا حصلت المبالغة في الختان ضعفت الشهوة فلا يكمل مقصود الرجل،
فإذا قطع من غير مبالغة حصل المقصود باعتدال. اهـ [الفتاوى21 /69، 70].
قال شيخ الأزهر الشيخ جاد الحق رحمه الله تعالى: ومن هنا: اتفقت كلمة فقهاء
المذاهب على أن الختان للرجال والنساء من فطرة الإسلام وشعائره، وأنه أمر محمود،
ولم ينقل عن أحد من فقهاء المسلمين فيما طالعنا من كتبهم التي بين أيدينا قول بمنع الختان
للرجال أو النساء، أو عدم جوازه أو إضراره بالأنـثى، إذا تم على الوجه الذي علمه
رسول الله صلى الله عليه وسلم. اهـ [كتاب الختان ص 16].
فصل
في الأضرار الناتجة عن ترك ختان الإناث
وبيان فساد شعار (لا لختان الإناث)
قد مرَّ معنا من قبل شيء في ثنايا كلام العلماء عن الأضرار الناتجة عن ترك الختان
للرجال والنساء وهنا نزيد إن شاء الله الأمر بيانًا، فمن ذلك:
- يتسبب ترك ختان الإناث في شيوع الفاحشة في المجتمعات نظرًا لزيادة شهوة النساء غير
المعتدلة.
- ومن هذا أن ترك ختان الإناث لا يقطع الإفرازات الدهنية التي تؤدي إلى تلك الالتهابات في
مجرى البول ومواضع التناسل، والتعرض بذلك للأمراض الخبيثة.
- وأيضًا يتسبب ترك ختان الإناث في إجهاض الحالة النفسية لدى الفتاة قبل الزواج، ذلك أنها
تتعرض للمثيرات الجنسية ولا مفرغ لشهوتها، لذا ذكر المنصفون من الأطباء أن الفتاة التي لا
تختن تنشأ من صغرها وفي مراهقتها حادة المزاج سيئة الطباع.
- وينتج عن ترك ختان الإناث أيضًا: المشاكل الأسرية بين الرجل والمرأة، والتي عادة ما
يكون سببها عدم تهذيب شهوة المرأة وعدم وضعها في الحد الطبيعي الإنساني.
ولهذا وغيره قضى العاقلون بأهمية ختان الإناث، ووضحوا أن ترك ختان الإناث مشتمل على
أنواع من المفاسد الجسدية والنفسية والأسرية والاجتماعية.
ونحن إذ نذكر مفاسد ترك ختان الإناث من الناحية الطبية وغيرها لنوقن أن في شرعنا وما
جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم الكفاية، وبيان ذلك كالآتي:
إن النبي صلى الله عليه وسلم بُعث في العرب، والعرب كانوا يختنون الإناث قبل مبعثه صلى
الله عليه وسلم، فلو كان في ختان الإناث أدنى ضرر لما أقرهم النبي صلى الله عليه وسلم
عليه، بل ولما أرشدهم لكيفيته، ولما جعله من الفطرة، ففي الصحيح أنه قال صلى الله عليه
وسلم: (إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل)، وهذا واضح في بيان أن المرأة كانت تختن وأن
النبي صلى الله عليه وسلم أقر ختانهن.
فإذا ثبت شرعًا أن ختان المرأة من دين الإسلام انتفى قطعًا أي ضرر يتعلق به أو ينسب إليه
أو يخالجه، ولما لا وهو تنزيل العزيز العليم الذي يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير.
وهنا سؤال يحسن بنا تدبره وإجابته:
لماذا هذه الحرب المعلنة عبر الإعلام على ختان الإناث؟!
أقول: إن مما أوحاه الشيطان إلى أوليائه أن اطمسوا معالم الدين وشعائره بكل ممكن
ومستطاع من قول مزخرف وعمل مزين، فإذا ما فعلتم خرجت أجيال لا تعي شيئًا عن
الإسلام.
فشعائر الدين إذا ما سقطت سقط الدين كله، فهي بمنزلة الأركان للبنيان.
ويوضح هذا طعنهم الدءوب في اللحية وتقصير الثياب ونقاب النساء بل والحجاب وغير ذلك
من شعائر الدين الظاهرة.
وأيضًا نحن لا نستبعد أبدًا أن يكون قصد محاربة ختان الإناث: وقوع الشباب والفتيات في
المحرمات والعياذ بالله، وعليه فالقضية قضية عمالة لأعداء الدين، إذ بث الشهوات المحرمة
والوقوع فيها من مصالح أعدائنا كما هو معلوم.
قال الشيخ حفظه الله: (ويستحب أن يكون الختان في اليوم السابع للمولود)
المستحب: هو ما أمر به الشارع لا على وجه الإلزام بالفعل، وحكمه أنه: يثاب فاعله امتثالا
ولا يستحق العقاب تاركه، ودليل استحباب الختان في اليوم السابع للمولود:
(لحديث جابر: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين
وختنهما لسبعة أيام"
وعن ابن عباس قال: سبعة من السنة في الصبي يوم السابع: يسمى ويختن.. الحديث.
والحديثان وإن كان في كل منهما ضعف لكن أحد الحديثين يقوي الآخر، إذ مخرجهما مختلف
وليس فيهما متهم).
معنى هذا الكلام أن الحديث قد يقوى بالآخر إذا اختلفا في المخرج وليس فيهما ضعف شديد
(الختان)
قال الشيخ ابن العثيمين رحمه الله تعالى:
"هو [الختان] بالنسبة للذكر: قطع الجلدة التي فوق الحشفة.
وبالنسبة للأنـثى: قطع لحمـة زائدة فوق محل الإيلاج، قال الفقهاء رحمهم الله: إنها تشبه
عرف الديك". اهــ [الشرح الممتع 1/ 102].
(والختان واجب في حق الرجال والنساء، لأنه من شعائر الإسلام، وقد قال النبي صلى الله
عليه وسلم لرجل أسلم: (ألق عنك شعر الكفر واختتن).
وهو من ملة إبراهيم عليه السلام: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: (اختتن إبراهيم خليل الرحمن بعد ما أتت عليه ثمانون سنة)، وقد قال الله لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم: {ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفًا}).
قوله (الختان واجب) الواجب: ما أمر به الشارع على وجه الإلزام بالفعل، وحكمه أنه يثاب
فاعله امتثالا ويستحق العقاب تاركه.
قوله (في حق الرجال والنساء) أي: الإيجاب، وعليه فإن تارك الختان آثم مستحق للعقاب.
قوله (لأنه من شعائر الإسلام) أي لما كان الختان من شعائر الدين أصبح واجبًا، وهذا أول
دليل يذكره الشيخ على إيجابه.
قول الشيخ (وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل أسلم : (ألق عنك شعر الكفر
واختتن)) وهذا الدليل الثاني على إيجاب الختان وهو: أمره صلى الله عليه وسلم، وليعلم أن
أمر النبي صلى الله عليه وسلم للواحد يشمل الجميع إلا إذا جاء دليل يخصصه عليه.
قول الشيخ (وهو من ملة إبراهيم عليه السلام..) أي لما كنا مأمورين بمتابعة إبراهيم عليه
السلام وهو قد اختتن بعد ما أتت عليه ثمانون سنة كنا كذلك بمتابعته في الختان، وهذا الدليل
الثالث عل إيجاب الختان.
فائدة:
وقد استدل كذلك القائلون بإيجاب الختان بأنه -الختان- قطع شيء من البدن،
وهو حرام، والحرام لا يستباح إلا بواجب.
واستدلوا كذلك بقوله صلى الله عليه وسلم للمرأة التي كانت تختن بالمدينة:
(اخفضي ولا تنهكي، فإنه أنضر للوجه وأحظى عند الزوج) [رواه أبو داود]،
ولهذا الحديث شواهد كثيرة صححه العلامة الألباني رحمه الله بها.
ومن أهل العلم من يقول باستحباب الختان للرجال والنساء دون إيجابه.
ومنهم من يفرق بين الرجال والنساء، فيقول بإيجابه على الرجال واستحبابه للنساء.
وأما ما خرج به علينا بعض قليلي العلم أو مريدي الفتنة من أن الختان ليس من الدين وأنه
عادة أو أنه جناية في حق المرأة وقتل لشهوتها وأنه رجعية ومن العادات السيئة وغير ذلك
مما يزخرف به شياطين الأنس والجن على المسلمين أصحاب العقيدة الربانية والفطرة
السوية، أقول: فإن كل هذه التهم الكاذبة والافتراءات
الظالمة لا تنطلي إلا على السذج أو المفتونين.
وكيف يقال: هو من العادات والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:
(خمس من الفطرة: الختان..) ؟! وقد مرَّ معك ذكر أحاديث الختان.
أليست هذه المقولة مروقًا من الالتزام بالنص والأمر النبوي؟!
وقد يُخْدَعُ البعض من السذج وقليلي العلم بقولهم:
إن في الختان ضررًا بالمرأة وقتلا لشهوتها !
وهذا في الحقيقة تلبيس للحق بالباطل وكتمان للحق وهم يعلمون!
ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم للخاتنة:
(اخفضي ولا تنهكي، فإنه أنضر للوجه وأحظى عند الزوج)؟
ترى ما فقه هذا الحديث؟ وهل في الختان قتل لشهوة المرأة وظلم لها؟
معنى الحديث:
قوله صلى الله عليه وسلم (اخفضي) معناه:
اقطعي جزءًا من البظر، والبظر هو جلدة الختان.
قوله صلى الله عليه وسلم (ولا تنهكي) أي:
ولا تقطعي كلَّ البظر، بل اقطعي بعضًا منه وأبقي بعضًا.
إذن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع البعض ونهى عن قطع الكل،
ثم قال عليه صلوات ربي وسلامه: (فإنه أنضر للوجه وأحظى عند الزوج)، قال المناوي
رحمه الله: أي: أكثر لمائه -ماء الوجه- ودمه وأبهج لبريقه ولمعته.
(وأحظى عند الزوج) قال: يعني أحسن لجماعها عنده وأحب إليه وأشهى له
لأن الخافضة –الخاتنة- إذا استأصلت جلدة الختان ضعفت شهوة المرأة فكرهت الجماع
فـقَـلتْ حظوتها -حبه لها وحظها منه- عند حليلها -زوجها-كما أنها إذا تركتها بحالها فلم
تأخذ منها شيئًا بقيت غلمتها -شدة شهوتها- فقد لا تكتفي بجماع زوجها فتقع في الزنا فأخذ
بعضها تعديل للشهوة والخلقة. اهـ [فيض القدير1 /279].
إذن الشرع لم يأمر بظلم المرأة وقتل شهوتها كما ظن الجاهلون وإنما أرشدنا إلى
كيفية تهذيب هذه الشهوة وأمرنا بتعديلها.
وهذا الحديث من جوامع كلمه بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم،
قال الإمام الغزالي رحمه الله: "انظر إلى جزالة هذا اللفظ في الكناية، وإلى إشراق نور
النبوة من مصالح الآخرة التي هي أهم مقاصد النبوة إلى مصالح الدنيا حتى
انكشف له وهو أميٌ من هذا الأمر النازل قدره ما لو وقعت الغفلة عنه
خيف ضرره وتطاير من غب عاقبته شرره وتولد منه أعظم القبائح وأشد
الفضائح فسبحان مـن أرسله رحمة للعالميـن ليجمع لهم ببعـثـته مصالـح الـداريـن.
اهـ[فيض القدير1 /279].
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: هل تختتن المرأة؟
فأجاب: "الحمد لله، نعم، تختـتن، وختانها أن تقطع أعلى الجلدة التي كعرف الديك،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للخافضة:
(أشمي ولا تنهكي، فإنه أبهى للوجه، وأحظى لها عند الزوج)، يعني:
لا تبالغي في القطع، وذلك أن المقصود بختان الرجل تطهيره مـن النجاسة
المحتقـنة في القلفـة، والمقصود من ختان المرأة تعديل شهوتها، فإنها إذا كانت
قلفاء -غير مختونة- كانت مغتلمة شديدة الشهوة.
ولهذا يقال في المشاتمة: يا بن القلفاء! فإن القلفاء تتطلع إلى الرجال أكثر،
ولهذا يوجد من الفواحش في نساء التتر ونساء الإفرنج ما لا يوجد في نساء
المسلمين، وإذا حصلت المبالغة في الختان ضعفت الشهوة فلا يكمل مقصود الرجل،
فإذا قطع من غير مبالغة حصل المقصود باعتدال. اهـ [الفتاوى21 /69، 70].
قال شيخ الأزهر الشيخ جاد الحق رحمه الله تعالى: ومن هنا: اتفقت كلمة فقهاء
المذاهب على أن الختان للرجال والنساء من فطرة الإسلام وشعائره، وأنه أمر محمود،
ولم ينقل عن أحد من فقهاء المسلمين فيما طالعنا من كتبهم التي بين أيدينا قول بمنع الختان
للرجال أو النساء، أو عدم جوازه أو إضراره بالأنـثى، إذا تم على الوجه الذي علمه
رسول الله صلى الله عليه وسلم. اهـ [كتاب الختان ص 16].
فصل
في الأضرار الناتجة عن ترك ختان الإناث
وبيان فساد شعار (لا لختان الإناث)
قد مرَّ معنا من قبل شيء في ثنايا كلام العلماء عن الأضرار الناتجة عن ترك الختان
للرجال والنساء وهنا نزيد إن شاء الله الأمر بيانًا، فمن ذلك:
- يتسبب ترك ختان الإناث في شيوع الفاحشة في المجتمعات نظرًا لزيادة شهوة النساء غير
المعتدلة.
- ومن هذا أن ترك ختان الإناث لا يقطع الإفرازات الدهنية التي تؤدي إلى تلك الالتهابات في
مجرى البول ومواضع التناسل، والتعرض بذلك للأمراض الخبيثة.
- وأيضًا يتسبب ترك ختان الإناث في إجهاض الحالة النفسية لدى الفتاة قبل الزواج، ذلك أنها
تتعرض للمثيرات الجنسية ولا مفرغ لشهوتها، لذا ذكر المنصفون من الأطباء أن الفتاة التي لا
تختن تنشأ من صغرها وفي مراهقتها حادة المزاج سيئة الطباع.
- وينتج عن ترك ختان الإناث أيضًا: المشاكل الأسرية بين الرجل والمرأة، والتي عادة ما
يكون سببها عدم تهذيب شهوة المرأة وعدم وضعها في الحد الطبيعي الإنساني.
ولهذا وغيره قضى العاقلون بأهمية ختان الإناث، ووضحوا أن ترك ختان الإناث مشتمل على
أنواع من المفاسد الجسدية والنفسية والأسرية والاجتماعية.
ونحن إذ نذكر مفاسد ترك ختان الإناث من الناحية الطبية وغيرها لنوقن أن في شرعنا وما
جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم الكفاية، وبيان ذلك كالآتي:
إن النبي صلى الله عليه وسلم بُعث في العرب، والعرب كانوا يختنون الإناث قبل مبعثه صلى
الله عليه وسلم، فلو كان في ختان الإناث أدنى ضرر لما أقرهم النبي صلى الله عليه وسلم
عليه، بل ولما أرشدهم لكيفيته، ولما جعله من الفطرة، ففي الصحيح أنه قال صلى الله عليه
وسلم: (إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل)، وهذا واضح في بيان أن المرأة كانت تختن وأن
النبي صلى الله عليه وسلم أقر ختانهن.
فإذا ثبت شرعًا أن ختان المرأة من دين الإسلام انتفى قطعًا أي ضرر يتعلق به أو ينسب إليه
أو يخالجه، ولما لا وهو تنزيل العزيز العليم الذي يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير.
وهنا سؤال يحسن بنا تدبره وإجابته:
لماذا هذه الحرب المعلنة عبر الإعلام على ختان الإناث؟!
أقول: إن مما أوحاه الشيطان إلى أوليائه أن اطمسوا معالم الدين وشعائره بكل ممكن
ومستطاع من قول مزخرف وعمل مزين، فإذا ما فعلتم خرجت أجيال لا تعي شيئًا عن
الإسلام.
فشعائر الدين إذا ما سقطت سقط الدين كله، فهي بمنزلة الأركان للبنيان.
ويوضح هذا طعنهم الدءوب في اللحية وتقصير الثياب ونقاب النساء بل والحجاب وغير ذلك
من شعائر الدين الظاهرة.
وأيضًا نحن لا نستبعد أبدًا أن يكون قصد محاربة ختان الإناث: وقوع الشباب والفتيات في
المحرمات والعياذ بالله، وعليه فالقضية قضية عمالة لأعداء الدين، إذ بث الشهوات المحرمة
والوقوع فيها من مصالح أعدائنا كما هو معلوم.
قال الشيخ حفظه الله: (ويستحب أن يكون الختان في اليوم السابع للمولود)
المستحب: هو ما أمر به الشارع لا على وجه الإلزام بالفعل، وحكمه أنه: يثاب فاعله امتثالا
ولا يستحق العقاب تاركه، ودليل استحباب الختان في اليوم السابع للمولود:
(لحديث جابر: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين
وختنهما لسبعة أيام"
وعن ابن عباس قال: سبعة من السنة في الصبي يوم السابع: يسمى ويختن.. الحديث.
والحديثان وإن كان في كل منهما ضعف لكن أحد الحديثين يقوي الآخر، إذ مخرجهما مختلف
وليس فيهما متهم).
معنى هذا الكلام أن الحديث قد يقوى بالآخر إذا اختلفا في المخرج وليس فيهما ضعف شديد