مراحل الجمع القرآني
الجمع الأول للنص القرآني :
ظل الصحابة يقرأون القرآن كما تلقوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم شفاهة طيلة
حياته ومن بعد مماته حتى استحر القتل بالقرّاء في حروب الردة، فأمر أبو بكر ـ بدافع
من عمر ـ بجمع القران لضمان سلامة النص، فتمّ ذلك لهم، وأُودِعتْ الصُحُف عند أبى
بكر حتى توفى ثم عند عمر ثم عند حفصة .. حتى حدث ما حدث من قتال في عهد
عثمان.
الجمع الثاني للنص القرآني :
وقع اختلاف بين المسلمين في تلاوة القران باتساع الفتوحات الإسلامية وتفرُقِ المسلمين في
الأمصار، وبلغ الأمر ذروته حينما كان المسلمون من أهل الشام والعراق يغزون أذربيجان
وأرمينية، حيث حدا الاختلاف بهم في القراءة أن يكفر بعضهم بعضا، وكان معهم أبو حديفة
اليمان، فأسرع إلى عثمان وأخبره بما حدث، فأمر عثمان على التو بإحضار الصحف المودعة
عند حفصة ونسخها في مصحف ـ هو ما عرف بالمصحف العثماني ـ وقال للناسخين: "إذا
اختلفتم في شيء فاكتبوه بلسان قريش، فإنه نزل بلسانهم".
ويقف الباحث عند مقالة عثمان متسائلا : هل نزل القرآن بلغة قريش فحسب؟ ومن ثم فهي
أفصح اللغات، ولماذا وصفت بأنها أفصح اللغات؟ وإن لم يكن هذا، فما دلالة هذه المقالة؟
والحق أن الباحث لا يستطيع أن يبدي رأيه إلا في ختام البحث، حيث يتبين له الخيط
الأبيض من الأمر، وذلك من خلال تحليل الكلمات التي يقف بصددها بالدرس والتحليل،
غير أنه يشير هنا إلى ما أورده ابن فارس في وسم لغة قريش بأنها أفصح اللغات، حيث
يقول: "وكانت قريش مع فصاحتها وحسن لغاتها ورقة ألسنتها إذا أتتهم الوفود من العرب
تخيروا من كلامهم وأشعارهم أحسن لغاتهم وأصفى كلامهم فصاروا بذلك أفصح العرب" .
من خلال هذا النص يرى الباحث أن قريشا من حيث لهجتها الخاصة لم تكن أفصح العرب،
وإن ما جعلها (أفصح العرب) أنها كانت مركز الجزيرة بها البيت الحرام يأوي إليه الناس
من مختلف القبائل العربية؛ فكانت قريش تنتقي من كلامهم أحسنه وأفصحه؛ فاجتمع
لها الأفصح، ولعل من خصائصها اللهجية التي تبعدها عن الفصحى تخفيف الهمز،
إذ اللغة الفصحى تحقيق الهمز، وقد اكتسبت قريش هذه الخاصية من القبائل الأخرى
كقبيلة (تميم) التي تتسم بهذه السمة .
ولعل ثمة رأيا يؤكد فيه صاحبه رأي الباحث، إذ يقول: "والذي أميل إليه أن قريشا كانت مثل
غيرها من قبائل العرب تستخدم اللغة الفصحى، ولها لهجة خاصة بها، فيها ظواهر تفردوا
بها عن غيرهم" .
وبناء على مسبق يري الباحث أن لغة القرآن ليست قاصرة على لهجة قريش، وإنما لغته
هي لغة أدبية نموذجية تمَكّن بها العرب في جاهليتهم من الحديث بعضهم إلى بعض،
وهي لغة منتقاة من فصحي لهجات العرب جميعا، ولا تعود إلى قبيلة واحدة. ولعل حديثا
لأبي شامة يؤكد هذا الرأي يقول فيه: "القرآن العربي فيه من جميع لغات العرب؛ لأنه أنزل
عليهم كافة، وأبيح لهم أن يقرأوه على لغاتهم المختلفة، فاختلفت القراءات فيه لذلك" .
ويقول أحد الباحثين : "إنه يوجد في القرآن أكثر من خمسمائة جذر لغوي يعود إلى
لغات متباينة متناثرة" . ويعتقد الباحث أن هذه اللغة الأدبية الراقية النموذجية آلت
إلى قريش فاحتضنتها؛ لكونها مركزا للجزيرة العربية
الجمع الأول للنص القرآني :
ظل الصحابة يقرأون القرآن كما تلقوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم شفاهة طيلة
حياته ومن بعد مماته حتى استحر القتل بالقرّاء في حروب الردة، فأمر أبو بكر ـ بدافع
من عمر ـ بجمع القران لضمان سلامة النص، فتمّ ذلك لهم، وأُودِعتْ الصُحُف عند أبى
بكر حتى توفى ثم عند عمر ثم عند حفصة .. حتى حدث ما حدث من قتال في عهد
عثمان.
الجمع الثاني للنص القرآني :
وقع اختلاف بين المسلمين في تلاوة القران باتساع الفتوحات الإسلامية وتفرُقِ المسلمين في
الأمصار، وبلغ الأمر ذروته حينما كان المسلمون من أهل الشام والعراق يغزون أذربيجان
وأرمينية، حيث حدا الاختلاف بهم في القراءة أن يكفر بعضهم بعضا، وكان معهم أبو حديفة
اليمان، فأسرع إلى عثمان وأخبره بما حدث، فأمر عثمان على التو بإحضار الصحف المودعة
عند حفصة ونسخها في مصحف ـ هو ما عرف بالمصحف العثماني ـ وقال للناسخين: "إذا
اختلفتم في شيء فاكتبوه بلسان قريش، فإنه نزل بلسانهم".
ويقف الباحث عند مقالة عثمان متسائلا : هل نزل القرآن بلغة قريش فحسب؟ ومن ثم فهي
أفصح اللغات، ولماذا وصفت بأنها أفصح اللغات؟ وإن لم يكن هذا، فما دلالة هذه المقالة؟
والحق أن الباحث لا يستطيع أن يبدي رأيه إلا في ختام البحث، حيث يتبين له الخيط
الأبيض من الأمر، وذلك من خلال تحليل الكلمات التي يقف بصددها بالدرس والتحليل،
غير أنه يشير هنا إلى ما أورده ابن فارس في وسم لغة قريش بأنها أفصح اللغات، حيث
يقول: "وكانت قريش مع فصاحتها وحسن لغاتها ورقة ألسنتها إذا أتتهم الوفود من العرب
تخيروا من كلامهم وأشعارهم أحسن لغاتهم وأصفى كلامهم فصاروا بذلك أفصح العرب" .
من خلال هذا النص يرى الباحث أن قريشا من حيث لهجتها الخاصة لم تكن أفصح العرب،
وإن ما جعلها (أفصح العرب) أنها كانت مركز الجزيرة بها البيت الحرام يأوي إليه الناس
من مختلف القبائل العربية؛ فكانت قريش تنتقي من كلامهم أحسنه وأفصحه؛ فاجتمع
لها الأفصح، ولعل من خصائصها اللهجية التي تبعدها عن الفصحى تخفيف الهمز،
إذ اللغة الفصحى تحقيق الهمز، وقد اكتسبت قريش هذه الخاصية من القبائل الأخرى
كقبيلة (تميم) التي تتسم بهذه السمة .
ولعل ثمة رأيا يؤكد فيه صاحبه رأي الباحث، إذ يقول: "والذي أميل إليه أن قريشا كانت مثل
غيرها من قبائل العرب تستخدم اللغة الفصحى، ولها لهجة خاصة بها، فيها ظواهر تفردوا
بها عن غيرهم" .
وبناء على مسبق يري الباحث أن لغة القرآن ليست قاصرة على لهجة قريش، وإنما لغته
هي لغة أدبية نموذجية تمَكّن بها العرب في جاهليتهم من الحديث بعضهم إلى بعض،
وهي لغة منتقاة من فصحي لهجات العرب جميعا، ولا تعود إلى قبيلة واحدة. ولعل حديثا
لأبي شامة يؤكد هذا الرأي يقول فيه: "القرآن العربي فيه من جميع لغات العرب؛ لأنه أنزل
عليهم كافة، وأبيح لهم أن يقرأوه على لغاتهم المختلفة، فاختلفت القراءات فيه لذلك" .
ويقول أحد الباحثين : "إنه يوجد في القرآن أكثر من خمسمائة جذر لغوي يعود إلى
لغات متباينة متناثرة" . ويعتقد الباحث أن هذه اللغة الأدبية الراقية النموذجية آلت
إلى قريش فاحتضنتها؛ لكونها مركزا للجزيرة العربية