هل المتشابه يعرفه أحد
تتوقف إجابة هذا السؤال على فهمنا لخلاف العلماء حول حرف (الواو) من جملة َالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ المذكورة في قوله تعالى هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ [آل عمران 7]
إذ قال بعضهم: إن هذه الواو حرف عطف ؛حيث إنها عطفت جملة َالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ على جمله وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ والوقف في هذه الحالة على: َالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ وجملة يَقُولُونَ حال.
وبذلك: يصير المعنى وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ أي المتشابه إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ، أما غير الله سبحانه تعالى وغير الراسخين في العلم فلا يعلمون تأويله.
وأصحاب هذا القول: طائفة يسيرة ...
منهم: مجاهد، وهو رواية عن ابن عباس ... وروى عن مجاهد أنه قال: عرضت المصحف على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته، أقفه عند كل آية وأسأله عن تفسيرها .
وأخرج ابن المنذر من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله تعالى وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ أنه قال: أنا ممن يعلم تأويله.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله تعالى وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ أنه قال: يعلمون تأويله، ويقولون آمنا به.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال: الراسخون في العلم يعلمون تأويله، ولو لم يعلموا تأويله لم يعلموا ناسخة من منسوخه، ولا حلاله من حرامه، ولا محكمة من متشابهه.
وقد اختار هذا القول الإمام النووي في شرح مسلم، حيث قال: إنه الأصح؛ حيث يبعد أن يخاطب الله عباده بما لا سبيل لأحد من الخلق إلى معرفته.
وقال ابن الحاجب عن هذا القول: إنه الظاهر.
وأما الباقون فقالوا: إن هذه الواو استئنافية.
أي: أن ما بعدها كلام مستأنف ليس معطوفاً على ما قبله .
وبذلك يصير المعنى، وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ أي المتشابه إِلاَّ اللّهُ .
ثم يبدأ كلام جديد، حيث يقول تعالى وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّن
عِندِ رَبِّنَا.
والوقف في هذه الحالة على جملة وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ
وجملة وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ مبتدأ وخبره.
وعلى هذا القول: الأكثرون من الصحابة والتابعين وأتباعهم، ومن بعدهم خصوصاً أهل
السنة.
وهو ـ كذلك ـ أصح الروايات عن ابن عباس.
وقد استدلوا لصحة هذا القول: (6)
بما أخرجه عبد الرزاق في تفسيره والحاكم في مستدركه، عن ابن عباس أنه كان يقرأ:"وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ" ويقول "وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ" ( ) .
فهذا يدل على أن الواو للاستئناف؛ لأن هذه الرواية وإن لم تثبت بها القراءة، فأقل درجاتها أن يكون خبراً بإسناد صحيح إلى ترجمان القرآن، فيقدم كلامه في ذلك على من دونه.
ويؤيد ذلك أن الآية دلت على ذم متبعي المتشابه ووصفهم بالزيغ وابتغاء الفتنة، وعلى مدح الذين فوضوا العلم إلى الله، وسلموا إليه كما مدح الله المؤمنين بالغيب.
وحكى القرآن أن في القرَّاء أن فى قراءة أبي بن كعب أيضاً ويَقُولُ الرَّاسِخُونَ.
وأخرج ابن أبي دود في المصاحف من طريق الأعمش، قال في قراءة ابن مسعود "وإن تَأْوِيلَهُ إِلاَّ عند اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ".
وأخرج الشيخان وغيرهما عن عائشة، قالت: تلا رسول الله هذه الآية هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ ... إلى قوله أُوْلُواْ الألْبَابِ ( ). قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذرهم".
وأخرج الطبراني في الكبير عن أبي مالك الأشعري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا أخاف على أمتي إلا ثلاث خلال: أن يكثر لهم المال فيتحاسدوا فيقتتلوا، وأن يفتح لهم الكتاب، فيأخذه المؤمن يبتغي تأويله، وما يعلم تأويله إلا الله ..." الحديث.
وأخرج ابن مَرْدَوَيَه، من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن القرآن لم ينزل ليكذب بعضه بعضاً، فما عرفتم منه فاعملوا به، وما تشابه فآمنوا به".
وأخرج الحاكم، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كان الكتاب الأول ينزل من باب واحد على حَرْف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف: زاجر، وآمر، وحلال، وحرام ومتشابه، وأمثال؛ فأحلوا حلاله، وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به، وانتهوا عما نهيتم به، واعتبروا بأمثاله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا آمنا به كل من عند ربنا".
وأخرج البيهقي في الشعب نحوه، من حديث أبي هريرة.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس مرفوعاً: "أنزل القرآن على أربعة أحرف: حلال، وحرام، لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير تفسَّيره العرب، وتفسير تفسره العلماء، ومتشابه لا يعلمه إلا الله، ومن ادّعى علمه سِوَى الله فهو كاذب".
ثم أخرجه عن وجه آخر عن ابن عباس موقوفاً بنحوه.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق العَوْفيّ عن ابن عباس، قال: "نؤمن بالمحكم، وندين به، ونؤمن بالمتشابه، ولا ندين به، وهو من عند الله كله".
وأخرج أيضاً عن عائشة، قالت: كان رسوخهم في العلم أن آمنوا بمتشابهه، ولا يعلمونه".
وأخرج أيضاً عن أبي الشعثاء وأبي نهيك، قال: إنكم تصلون هذه الآية وهي مقطوعة.
وأخرج الدرامي في مسنده، عن سليمان بن يسار، أن رجلاً يقال له صبيغ، قدم المدينة، فجعل يسأل عن متشابه
القرآن، فأرسل إليه عمر، وقد أعد له عراجين النخل، فقال: مَنْ أنت؟ قال: أنا عبد الله بن صبيغ، فأخذ عمر عرجونا ضمن تلك العراجين، فضربه حتى دمى رأسه.
وفي رواية عنده: فضربه بالجريد حتى ترك ظهره دبَرَه، ثم تركه حتى برأ، ثم عاد له، ثم تركه حتى برأ، فدعا به ليعود، فقال إن كنت تريد قتلي فاقتلني قتلاً جميلاً ، فأذن له إلى أرضه، وكتب إلى أبي موسى الأشعري ألا يجالسه أحد من المسلمين.
وأخرج الدرامي عن عمر بن الخطاب، قال: إنه سيأتيكم ناس يجادلونكم بمشتبهات القرآن، فخذوهم بالسُّنن، فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله.
يقول الإمام السيوطي:
فهذه الأحاديث والآثار تدل على أن المتشابه مما لا يعلمه الله، وأن الخوض فيه مسموم ثم يقول رحمه الله: وجميع المتشابه على ثلاثة أضرب.
ضرب لا سبيل إلى الوقوف عليه .. كوقت الساعة، وخروج الدابة، ونحو ذلك.
وضرب للإنسان سبيل إلى معرفته كالألفاظ الغريبة، والأحكام المغلقة.
وضرب متردّدين الأمرين، يختص بمعرفته بعض الراسخين في العلم، ويخفى على من دمنهم منهم، وهو المشار إليه بقوله صلى الله عليه وسلم لابن عباس "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل
تتوقف إجابة هذا السؤال على فهمنا لخلاف العلماء حول حرف (الواو) من جملة َالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ المذكورة في قوله تعالى هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ [آل عمران 7]
إذ قال بعضهم: إن هذه الواو حرف عطف ؛حيث إنها عطفت جملة َالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ على جمله وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ والوقف في هذه الحالة على: َالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ وجملة يَقُولُونَ حال.
وبذلك: يصير المعنى وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ أي المتشابه إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ، أما غير الله سبحانه تعالى وغير الراسخين في العلم فلا يعلمون تأويله.
وأصحاب هذا القول: طائفة يسيرة ...
منهم: مجاهد، وهو رواية عن ابن عباس ... وروى عن مجاهد أنه قال: عرضت المصحف على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته، أقفه عند كل آية وأسأله عن تفسيرها .
وأخرج ابن المنذر من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله تعالى وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ أنه قال: أنا ممن يعلم تأويله.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله تعالى وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ أنه قال: يعلمون تأويله، ويقولون آمنا به.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال: الراسخون في العلم يعلمون تأويله، ولو لم يعلموا تأويله لم يعلموا ناسخة من منسوخه، ولا حلاله من حرامه، ولا محكمة من متشابهه.
وقد اختار هذا القول الإمام النووي في شرح مسلم، حيث قال: إنه الأصح؛ حيث يبعد أن يخاطب الله عباده بما لا سبيل لأحد من الخلق إلى معرفته.
وقال ابن الحاجب عن هذا القول: إنه الظاهر.
وأما الباقون فقالوا: إن هذه الواو استئنافية.
أي: أن ما بعدها كلام مستأنف ليس معطوفاً على ما قبله .
وبذلك يصير المعنى، وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ أي المتشابه إِلاَّ اللّهُ .
ثم يبدأ كلام جديد، حيث يقول تعالى وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّن
عِندِ رَبِّنَا.
والوقف في هذه الحالة على جملة وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ
وجملة وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ مبتدأ وخبره.
وعلى هذا القول: الأكثرون من الصحابة والتابعين وأتباعهم، ومن بعدهم خصوصاً أهل
السنة.
وهو ـ كذلك ـ أصح الروايات عن ابن عباس.
وقد استدلوا لصحة هذا القول: (6)
بما أخرجه عبد الرزاق في تفسيره والحاكم في مستدركه، عن ابن عباس أنه كان يقرأ:"وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ" ويقول "وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ" ( ) .
فهذا يدل على أن الواو للاستئناف؛ لأن هذه الرواية وإن لم تثبت بها القراءة، فأقل درجاتها أن يكون خبراً بإسناد صحيح إلى ترجمان القرآن، فيقدم كلامه في ذلك على من دونه.
ويؤيد ذلك أن الآية دلت على ذم متبعي المتشابه ووصفهم بالزيغ وابتغاء الفتنة، وعلى مدح الذين فوضوا العلم إلى الله، وسلموا إليه كما مدح الله المؤمنين بالغيب.
وحكى القرآن أن في القرَّاء أن فى قراءة أبي بن كعب أيضاً ويَقُولُ الرَّاسِخُونَ.
وأخرج ابن أبي دود في المصاحف من طريق الأعمش، قال في قراءة ابن مسعود "وإن تَأْوِيلَهُ إِلاَّ عند اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ".
وأخرج الشيخان وغيرهما عن عائشة، قالت: تلا رسول الله هذه الآية هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ ... إلى قوله أُوْلُواْ الألْبَابِ ( ). قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذرهم".
وأخرج الطبراني في الكبير عن أبي مالك الأشعري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا أخاف على أمتي إلا ثلاث خلال: أن يكثر لهم المال فيتحاسدوا فيقتتلوا، وأن يفتح لهم الكتاب، فيأخذه المؤمن يبتغي تأويله، وما يعلم تأويله إلا الله ..." الحديث.
وأخرج ابن مَرْدَوَيَه، من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن القرآن لم ينزل ليكذب بعضه بعضاً، فما عرفتم منه فاعملوا به، وما تشابه فآمنوا به".
وأخرج الحاكم، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كان الكتاب الأول ينزل من باب واحد على حَرْف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف: زاجر، وآمر، وحلال، وحرام ومتشابه، وأمثال؛ فأحلوا حلاله، وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به، وانتهوا عما نهيتم به، واعتبروا بأمثاله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا آمنا به كل من عند ربنا".
وأخرج البيهقي في الشعب نحوه، من حديث أبي هريرة.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس مرفوعاً: "أنزل القرآن على أربعة أحرف: حلال، وحرام، لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير تفسَّيره العرب، وتفسير تفسره العلماء، ومتشابه لا يعلمه إلا الله، ومن ادّعى علمه سِوَى الله فهو كاذب".
ثم أخرجه عن وجه آخر عن ابن عباس موقوفاً بنحوه.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق العَوْفيّ عن ابن عباس، قال: "نؤمن بالمحكم، وندين به، ونؤمن بالمتشابه، ولا ندين به، وهو من عند الله كله".
وأخرج أيضاً عن عائشة، قالت: كان رسوخهم في العلم أن آمنوا بمتشابهه، ولا يعلمونه".
وأخرج أيضاً عن أبي الشعثاء وأبي نهيك، قال: إنكم تصلون هذه الآية وهي مقطوعة.
وأخرج الدرامي في مسنده، عن سليمان بن يسار، أن رجلاً يقال له صبيغ، قدم المدينة، فجعل يسأل عن متشابه
القرآن، فأرسل إليه عمر، وقد أعد له عراجين النخل، فقال: مَنْ أنت؟ قال: أنا عبد الله بن صبيغ، فأخذ عمر عرجونا ضمن تلك العراجين، فضربه حتى دمى رأسه.
وفي رواية عنده: فضربه بالجريد حتى ترك ظهره دبَرَه، ثم تركه حتى برأ، ثم عاد له، ثم تركه حتى برأ، فدعا به ليعود، فقال إن كنت تريد قتلي فاقتلني قتلاً جميلاً ، فأذن له إلى أرضه، وكتب إلى أبي موسى الأشعري ألا يجالسه أحد من المسلمين.
وأخرج الدرامي عن عمر بن الخطاب، قال: إنه سيأتيكم ناس يجادلونكم بمشتبهات القرآن، فخذوهم بالسُّنن، فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله.
يقول الإمام السيوطي:
فهذه الأحاديث والآثار تدل على أن المتشابه مما لا يعلمه الله، وأن الخوض فيه مسموم ثم يقول رحمه الله: وجميع المتشابه على ثلاثة أضرب.
ضرب لا سبيل إلى الوقوف عليه .. كوقت الساعة، وخروج الدابة، ونحو ذلك.
وضرب للإنسان سبيل إلى معرفته كالألفاظ الغريبة، والأحكام المغلقة.
وضرب متردّدين الأمرين، يختص بمعرفته بعض الراسخين في العلم، ويخفى على من دمنهم منهم، وهو المشار إليه بقوله صلى الله عليه وسلم لابن عباس "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل