والتين والزيتون . وطور سينين . وهذا البلد الأمين) (التين: 1-3) أ.د زغلول النجار زميل الأكاديمية الإسلامية الدولية للعلوم هذه الآيات المباركات جاءت في مطلع سورة التين، وهي سورة مكية، ومن قصار السور في القرآن الكريم؛ إذ يبلغ عدد آياتها ثماني آيات فقط بعد البسملة. وسورة التين هي السورة القرآنية الوحيدة التي سُمّيت باسم ثمرة من ثمار الفاكهة، ومن الثمار النباتية على الإطلاق، وقد ذُكر فيها التين مرة واحدة، وهي المرة الوحيدة التي ذُكر فيها التين في القرآن الكريم، بينما جاء ذكر كلٍّ من الزيتون وزيته في ست آيات قرآنية أخرى. من الإشارات الكونية في سورة التين:
(1) القسم بكلٍّ من التين والزيتون؛ إشارة إلى ما فيهما من قيمة غذائية كبيرة وتكامل في المحتوى كغذاء للإنسان، وإشارة كذلك إلى بركة منابتهما الأصلية وهي من الأماكن المقدسة في الإسلام، منذ خلق الله السماوات والأرض.
(2) القسم بطور سينين وهو الجبل المكسو بالخضرة الذي كلّم الله سبحانه عبده ونبيه ورسوله موسى بن عمران من جانبه، وهو بالقطع مكان مبارك.
(3) القسم بالبلد الأمين وهو مكة المكرمة، وحرمها الآمن، وبها الكعبة المشرفة، أول بيت وضع للناس، والعلوم المكتسبة تثبت شرف المكان وتميزه على جميع بقاع الأرض.
(4) الإشارة إلى خلق الإنسان في أحسن تقويم.
(5) الإشارة إلى إمكانية ارتداد الإنسان إلى أسفل سافلين في الدنيا والآخرة، وهو أشرف مخلوقات الله إذا كان مومناً صالحاً، وأحقر هذه المخلوقات وأبغضها إلى الله إذا كان كافراً أو مشركاً أو ظالماً متجبراً، أوفاسقاً فاجراً، والعلوم السلوكية تثبت هذا الارتداد الدنيوي إلى أسفل سافلين عند كثير من البشر في أيامنا هذه. وكل قضية من هذه القضايا تحتاج إلى معالجة مستقلة، ولذلك فسوف أقصر حديثي هنا على القَسَمِ الذي جاء بالآيات الثلاث الأولى من هذه السورة المباركة. أقوال المفسرين في تفسير الآيات الثلاث الأولى: ذكر الطبري -رحمه الله - ما مختصرهوالتين والزيتون) قيل هو التين الذي يؤكل، والزيتون الذي يعصر، أقسم الله بهما، وجاء فيه اختلاف، (وطور سينين) جبل معروف، قيل: هو جبل موسى عليه السلام ومسجده، (وهذا البلد الأمين) الآمن من أعدائه أن يحاربوا أهله أو يغزوهم، عني به مكة المكرمة... وجاء في مختصر تفسير ابن كثير -رحمه الله- ما نصه: اختلف المفسرون ههنا على أقوال كثيرة فقيل: المراد بالتين دمشق، وقيل: الجبل الذي عندها، وقال القرطبي: هو مسجد أصحاب الكهف، وروي عن ابن عباس: أنه مسجد نوح عليه السلام الذي على الجوديّ، وقال مجاهد: هو تينكم هذا. (والزيتون) قال قتادة: هو مسجد بيت المقدس، وقال مجاهد وعكرمة: هو هذا الزيتون الذي تعصرون. (وطور سينين) هو الجبل الذي كلّم الله عليه موسى عليه السلام. ( وهذا البلد الأمين) يعني مكة، قاله ابن عباس ومجاهد. وقال بعض الأئمة: هذه محالٌّ ثلاثة، بعث الله في كل واحد منها نبيّاً مرسلاً من أولي العزم، أصحاب الشرائع الكبار.
(فالأول) محله التين والزيتون وهي (بيت المقدس) التي بعث الله فيها عيسى ابن مريم عليه السلام. و(الثاني) طور سينين وهو (طور سيناء) الذي كلّم الله عليه موسى بن عمران.
و(الثالث) مكة المكرمة وهي (البلد الأمين) الذي من دخله كان آمناً، وهو الذي أُرسل فيه محمد صلى الله عليه وسلم. من الدلالات العلمية للآيات القرآنية الكريمة في مطلع سورة التين: أولاً: في القَسَم بالتين: يبدو - والله تعالى أعلم - أن القسم بالتين جاء لتنبيهنا إلى ما في هذه الثمرة المباركة من إعجاز في خلقها، ومن منافع جمة في تناولها كغذاء.
من إعجاز الخلق في ثمرة التين: ثمرة التين هي ثمرة غير حقيقية مركبة، تتكون نتيجة لنمو نورة مخروطية الشكل تحوي بداخلها الأزهار المؤنثة التي تبطن جدار النورة من الداخل، والأزهار المذكرة التي تنتشر حول الفتحة الخارجية للنورة، وهي فتحة ضيقة في أعلى النورة، وتنضج الأزهار المؤنثة عادة قبل نضج الأزهار المذكرة، ولذلك يسخّر الخالق سبحانه وتعالى حشرة خاصة تعرف باسم ذات البلعوم المتفجر(Blastophaga) تقوم بتلقيح نورات التين من خلال منفعة متبادلة بينهما، تقوم فيها نورات شجرة التين بتهيئة المكان الدافئ الأمين للحشرة تضع فيه بيضها حتى يفقس، ثم تغذي صغارها حتى يكتمل نموها، وعند خروجها من النورة يحتك جسمها بالأزهار المذكرة فيتعفر بحبوب اللقاح التي تحملها إلى الأزهار المؤنثة، فتتم بذلك عمليه الإخصاب اللازمة لإثمار شجرة التين. ويتكون على شجرة التين سنويّاً ثلاثة أجيال من النورات: الجيل الأول منها يحمل أزهاراً مذكرة وأخرى حاضنة للحشرات، وتحمل نورات الجيل الثاني أزهاراً مؤنثة فقط تلقحها الحشرات الخارجة من نورات الجيل الأول فتخصبها؛ وبذلك تمثل المحصول الرئيسي لشجرة التين، أما نورات الجيل الثالث فتحوي أزهاراً حاضنة للحشرة المتعايشة معها فقط، وفيها تقضي الحشرة فصل الشتاء. فمن الذي وضع هذا النظام الرتيب لإثمار شجرة التين غير الله الخالق؟! ومن الذي دلّ تلك الحشرة على مسكنها في نورة شجرة التين كي تخصبها بحركتها من نورة إلى أخرى غير الله الخالق؟! والعلاقة بين نورة التين وهذه الحشرة تعتبر من أعجب العلاقات المعروفة لنا بين النبات والحيوان. من منافع ثمرة التين: تحتوي ثمرة التين على نسبه عالية من الكربوهيدرات تصل إلى (53%) من وزنها، أغلبها من السكريات الأحادية والمركبات النشوية، بالإضافة إلى نسبة صغيرة من البروتينات في حدود (3.6%)، ونسب أقل من أملاح كلٍّ من البوتاسيوم، والكالسيوم، والمغنيسيوم، والفوسفور، والحديد، والنحاس، والزنك، والكبريت، والصوديوم، والكلور. كما تحتوي ثمرة التين علي العديد من الفيتامينات، والأنزيمات، والأحماض، والمواد المطهرة، بالإضافة إلى نسبة كبيرة من الألياف (تصل إلى 18.5 %) ونسبة أكبر من الماء. وعلى ذلك فهي ثمرة غنية بمواد عديدة وبنسب منضبطة يحتاجها الإنسان في غذائه. ومن الأنزيمات الخاصة بالتين ما يعرف باسم أنزيم التين أو أنزيم فيسين (Ficin) ثبت أن له دوراً مهمّاً في عملية هضم الطعام
(1) القسم بكلٍّ من التين والزيتون؛ إشارة إلى ما فيهما من قيمة غذائية كبيرة وتكامل في المحتوى كغذاء للإنسان، وإشارة كذلك إلى بركة منابتهما الأصلية وهي من الأماكن المقدسة في الإسلام، منذ خلق الله السماوات والأرض.
(2) القسم بطور سينين وهو الجبل المكسو بالخضرة الذي كلّم الله سبحانه عبده ونبيه ورسوله موسى بن عمران من جانبه، وهو بالقطع مكان مبارك.
(3) القسم بالبلد الأمين وهو مكة المكرمة، وحرمها الآمن، وبها الكعبة المشرفة، أول بيت وضع للناس، والعلوم المكتسبة تثبت شرف المكان وتميزه على جميع بقاع الأرض.
(4) الإشارة إلى خلق الإنسان في أحسن تقويم.
(5) الإشارة إلى إمكانية ارتداد الإنسان إلى أسفل سافلين في الدنيا والآخرة، وهو أشرف مخلوقات الله إذا كان مومناً صالحاً، وأحقر هذه المخلوقات وأبغضها إلى الله إذا كان كافراً أو مشركاً أو ظالماً متجبراً، أوفاسقاً فاجراً، والعلوم السلوكية تثبت هذا الارتداد الدنيوي إلى أسفل سافلين عند كثير من البشر في أيامنا هذه. وكل قضية من هذه القضايا تحتاج إلى معالجة مستقلة، ولذلك فسوف أقصر حديثي هنا على القَسَمِ الذي جاء بالآيات الثلاث الأولى من هذه السورة المباركة. أقوال المفسرين في تفسير الآيات الثلاث الأولى: ذكر الطبري -رحمه الله - ما مختصرهوالتين والزيتون) قيل هو التين الذي يؤكل، والزيتون الذي يعصر، أقسم الله بهما، وجاء فيه اختلاف، (وطور سينين) جبل معروف، قيل: هو جبل موسى عليه السلام ومسجده، (وهذا البلد الأمين) الآمن من أعدائه أن يحاربوا أهله أو يغزوهم، عني به مكة المكرمة... وجاء في مختصر تفسير ابن كثير -رحمه الله- ما نصه: اختلف المفسرون ههنا على أقوال كثيرة فقيل: المراد بالتين دمشق، وقيل: الجبل الذي عندها، وقال القرطبي: هو مسجد أصحاب الكهف، وروي عن ابن عباس: أنه مسجد نوح عليه السلام الذي على الجوديّ، وقال مجاهد: هو تينكم هذا. (والزيتون) قال قتادة: هو مسجد بيت المقدس، وقال مجاهد وعكرمة: هو هذا الزيتون الذي تعصرون. (وطور سينين) هو الجبل الذي كلّم الله عليه موسى عليه السلام. ( وهذا البلد الأمين) يعني مكة، قاله ابن عباس ومجاهد. وقال بعض الأئمة: هذه محالٌّ ثلاثة، بعث الله في كل واحد منها نبيّاً مرسلاً من أولي العزم، أصحاب الشرائع الكبار.
(فالأول) محله التين والزيتون وهي (بيت المقدس) التي بعث الله فيها عيسى ابن مريم عليه السلام. و(الثاني) طور سينين وهو (طور سيناء) الذي كلّم الله عليه موسى بن عمران.
و(الثالث) مكة المكرمة وهي (البلد الأمين) الذي من دخله كان آمناً، وهو الذي أُرسل فيه محمد صلى الله عليه وسلم. من الدلالات العلمية للآيات القرآنية الكريمة في مطلع سورة التين: أولاً: في القَسَم بالتين: يبدو - والله تعالى أعلم - أن القسم بالتين جاء لتنبيهنا إلى ما في هذه الثمرة المباركة من إعجاز في خلقها، ومن منافع جمة في تناولها كغذاء.
من إعجاز الخلق في ثمرة التين: ثمرة التين هي ثمرة غير حقيقية مركبة، تتكون نتيجة لنمو نورة مخروطية الشكل تحوي بداخلها الأزهار المؤنثة التي تبطن جدار النورة من الداخل، والأزهار المذكرة التي تنتشر حول الفتحة الخارجية للنورة، وهي فتحة ضيقة في أعلى النورة، وتنضج الأزهار المؤنثة عادة قبل نضج الأزهار المذكرة، ولذلك يسخّر الخالق سبحانه وتعالى حشرة خاصة تعرف باسم ذات البلعوم المتفجر(Blastophaga) تقوم بتلقيح نورات التين من خلال منفعة متبادلة بينهما، تقوم فيها نورات شجرة التين بتهيئة المكان الدافئ الأمين للحشرة تضع فيه بيضها حتى يفقس، ثم تغذي صغارها حتى يكتمل نموها، وعند خروجها من النورة يحتك جسمها بالأزهار المذكرة فيتعفر بحبوب اللقاح التي تحملها إلى الأزهار المؤنثة، فتتم بذلك عمليه الإخصاب اللازمة لإثمار شجرة التين. ويتكون على شجرة التين سنويّاً ثلاثة أجيال من النورات: الجيل الأول منها يحمل أزهاراً مذكرة وأخرى حاضنة للحشرات، وتحمل نورات الجيل الثاني أزهاراً مؤنثة فقط تلقحها الحشرات الخارجة من نورات الجيل الأول فتخصبها؛ وبذلك تمثل المحصول الرئيسي لشجرة التين، أما نورات الجيل الثالث فتحوي أزهاراً حاضنة للحشرة المتعايشة معها فقط، وفيها تقضي الحشرة فصل الشتاء. فمن الذي وضع هذا النظام الرتيب لإثمار شجرة التين غير الله الخالق؟! ومن الذي دلّ تلك الحشرة على مسكنها في نورة شجرة التين كي تخصبها بحركتها من نورة إلى أخرى غير الله الخالق؟! والعلاقة بين نورة التين وهذه الحشرة تعتبر من أعجب العلاقات المعروفة لنا بين النبات والحيوان. من منافع ثمرة التين: تحتوي ثمرة التين على نسبه عالية من الكربوهيدرات تصل إلى (53%) من وزنها، أغلبها من السكريات الأحادية والمركبات النشوية، بالإضافة إلى نسبة صغيرة من البروتينات في حدود (3.6%)، ونسب أقل من أملاح كلٍّ من البوتاسيوم، والكالسيوم، والمغنيسيوم، والفوسفور، والحديد، والنحاس، والزنك، والكبريت، والصوديوم، والكلور. كما تحتوي ثمرة التين علي العديد من الفيتامينات، والأنزيمات، والأحماض، والمواد المطهرة، بالإضافة إلى نسبة كبيرة من الألياف (تصل إلى 18.5 %) ونسبة أكبر من الماء. وعلى ذلك فهي ثمرة غنية بمواد عديدة وبنسب منضبطة يحتاجها الإنسان في غذائه. ومن الأنزيمات الخاصة بالتين ما يعرف باسم أنزيم التين أو أنزيم فيسين (Ficin) ثبت أن له دوراً مهمّاً في عملية هضم الطعام