تعريف المثل
والأمثال : جمع مثل ، والمثل والمثل والمثيل : كالشبه والشبه والشبيه لفظا ومعنى .
والمثل في الأدب : قول محكي سائر يقصد
به تشبيه حال الذي حكى فيه بحال الذي قيل لأجله ، أي يشبه مضربه بمورده ،
مثل "رب رمية من غير رام " أي رب مصميبة حصلت من رام شأنه أن يخطئ ، وأول
من قال هذا الحكم بن يغوث النقري، يضرب للمخطئ يصيب أحيانا ، وعلى هذا
فلابد له من مورد يشبه مضربه به .
ويطلق المثل على الحال والقصة العجيبة
الشأن . وبهذا المعنى فسر لفظ المثل في كثير من الآيات . كقوله تعالى : {
مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن } [محمد15] : أي
قصتها وصفتها التي يتعجب منها .
وأشار الزمخشري إلى هذه المعاني
الثلاثة في كشافه فقال : "والمثل في الأصل كلامهم بمعنى المثل والنظير ،
ثم قيل للقول السائر الممثل مضربه بمورده مثل ، ولم يضربوا مثلا ولا رأوه
أهلا للتسيير ولا جديرا بالتداول والقبول إلا قولا فيه غرابة من بعض
الوجوه . ثم قال : وقد استعير المثل للحال أو الصفة أو القصة إذا كان لها
شأن وفيها غرابة .
وهناك معنى رابع ذهب إليه علماء البيان
في تعريف المثل فهو عندهم : المجاز المركب الذي تكون علاقته المشابهة متى
فشا استعماله . وأصله الاستعارة التمثيلية . كقولك للمتردد في فعل أمر :
"مالي أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى"
وقيل في ضابط المثل كذلك : إنه إبراز
المعنى في صورة حسية تكسبه روعة وجمالا . والمثل بهذا المعنى لا يشترط أن
يكون له مورد ، كما لا يشترط أن يكون مجازا مركبا.
وإذا نظرنا إلى أمثال القرآن التي
يذكرها المؤلفون وجدنا أنهم يوردون الآيات المشتملة على تمثيل حال أمر
بحال أمر آخر ، سواء أورد هذا التمثيل بطريق الاستعارة ، أم بطريق التشبيه
الصريح؟ أو الآيات الدالة على معنى رائع بإيجاز ، أو التي يصح استعمالها
فيما يشبه ما وردت فيه ، فإن الله تعالى ابتدأها دون أن يكون لها مورد من
قبل .
فأمثال القرآن لا يستقيم حملها على أصل
المعنى اللغوي الذي هو الشبيه والنظير ، ولا يستقيم حملها على ما يذكر في
كتب اللغة لدى من ألفوا في الأمثال ، إذ ليست أمثال القرآن أقوالا استعملت
على وجه تشبيه مضربها بموردها ، ولا يستقيم حملها على معنى الأمثال عند
علماء البيان فمن أمثال القرآن ما ليس باستعارة وما لم يفش استعماله .
ولذا كان الضابط الأخير أليق بتعريف المثل في القرآن : فهو إبراز المعنى
في صورة رائعة موجزة لها وقعها في النفس ، سواء كانت تشبيها أو قولا مرسلا.
فابن القيم يقول في أمثال القرآن :
تشبيه شئ بشئ في حكمه ، وتقريب المعقول من المحسوس ، أو أحد المحسوسين من
الآخر واعتبار أحدهما بالآخر .
ويسوق الأمثلة : فتجد أكثرها على طريقة
التشبيه الصريح كقوله تعالى { إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من
السماء}[يونس23] ومنها ما يجئ على طريقة التشبيه الضمني ، كقوله تعالى {
ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه } [
الحجرات 12] ! إذ ليس فيه تشبيه صريح. ومنها ما لم يشتمل على تشبيه ولا
استعارة ، كقوله تعالى { يأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون
من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا
يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب} [ الحج73] فقوله { إن الذين تدعون من
دون الله لن يخلقوا ذبابا } قد سماه الله مثلا وليس فيه استعارة ولا تشبيه
(1)
====================
(1) مناع القطان .. مباحث في علوم القرآن ص 283 ، 284
والأمثال : جمع مثل ، والمثل والمثل والمثيل : كالشبه والشبه والشبيه لفظا ومعنى .
والمثل في الأدب : قول محكي سائر يقصد
به تشبيه حال الذي حكى فيه بحال الذي قيل لأجله ، أي يشبه مضربه بمورده ،
مثل "رب رمية من غير رام " أي رب مصميبة حصلت من رام شأنه أن يخطئ ، وأول
من قال هذا الحكم بن يغوث النقري، يضرب للمخطئ يصيب أحيانا ، وعلى هذا
فلابد له من مورد يشبه مضربه به .
ويطلق المثل على الحال والقصة العجيبة
الشأن . وبهذا المعنى فسر لفظ المثل في كثير من الآيات . كقوله تعالى : {
مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن } [محمد15] : أي
قصتها وصفتها التي يتعجب منها .
وأشار الزمخشري إلى هذه المعاني
الثلاثة في كشافه فقال : "والمثل في الأصل كلامهم بمعنى المثل والنظير ،
ثم قيل للقول السائر الممثل مضربه بمورده مثل ، ولم يضربوا مثلا ولا رأوه
أهلا للتسيير ولا جديرا بالتداول والقبول إلا قولا فيه غرابة من بعض
الوجوه . ثم قال : وقد استعير المثل للحال أو الصفة أو القصة إذا كان لها
شأن وفيها غرابة .
وهناك معنى رابع ذهب إليه علماء البيان
في تعريف المثل فهو عندهم : المجاز المركب الذي تكون علاقته المشابهة متى
فشا استعماله . وأصله الاستعارة التمثيلية . كقولك للمتردد في فعل أمر :
"مالي أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى"
وقيل في ضابط المثل كذلك : إنه إبراز
المعنى في صورة حسية تكسبه روعة وجمالا . والمثل بهذا المعنى لا يشترط أن
يكون له مورد ، كما لا يشترط أن يكون مجازا مركبا.
وإذا نظرنا إلى أمثال القرآن التي
يذكرها المؤلفون وجدنا أنهم يوردون الآيات المشتملة على تمثيل حال أمر
بحال أمر آخر ، سواء أورد هذا التمثيل بطريق الاستعارة ، أم بطريق التشبيه
الصريح؟ أو الآيات الدالة على معنى رائع بإيجاز ، أو التي يصح استعمالها
فيما يشبه ما وردت فيه ، فإن الله تعالى ابتدأها دون أن يكون لها مورد من
قبل .
فأمثال القرآن لا يستقيم حملها على أصل
المعنى اللغوي الذي هو الشبيه والنظير ، ولا يستقيم حملها على ما يذكر في
كتب اللغة لدى من ألفوا في الأمثال ، إذ ليست أمثال القرآن أقوالا استعملت
على وجه تشبيه مضربها بموردها ، ولا يستقيم حملها على معنى الأمثال عند
علماء البيان فمن أمثال القرآن ما ليس باستعارة وما لم يفش استعماله .
ولذا كان الضابط الأخير أليق بتعريف المثل في القرآن : فهو إبراز المعنى
في صورة رائعة موجزة لها وقعها في النفس ، سواء كانت تشبيها أو قولا مرسلا.
فابن القيم يقول في أمثال القرآن :
تشبيه شئ بشئ في حكمه ، وتقريب المعقول من المحسوس ، أو أحد المحسوسين من
الآخر واعتبار أحدهما بالآخر .
ويسوق الأمثلة : فتجد أكثرها على طريقة
التشبيه الصريح كقوله تعالى { إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من
السماء}[يونس23] ومنها ما يجئ على طريقة التشبيه الضمني ، كقوله تعالى {
ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه } [
الحجرات 12] ! إذ ليس فيه تشبيه صريح. ومنها ما لم يشتمل على تشبيه ولا
استعارة ، كقوله تعالى { يأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون
من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا
يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب} [ الحج73] فقوله { إن الذين تدعون من
دون الله لن يخلقوا ذبابا } قد سماه الله مثلا وليس فيه استعارة ولا تشبيه
(1)
====================
(1) مناع القطان .. مباحث في علوم القرآن ص 283 ، 284