Islam for all-الإسلام للجميع

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
Islam for all-الإسلام للجميع

التربية في القرآن الكريم  المشورة  الدكتور عثمان قدري مكانسي Aya10
Questo sito e' protetto con
Norton Safe Web


    التربية في القرآن الكريم المشورة الدكتور عثمان قدري مكانسي

    الحلاجي محمد
    الحلاجي محمد
    Servo di Allah


    Sesso : ذكر

    Numero di messaggi : 6998

    Quran التربية في القرآن الكريم المشورة الدكتور عثمان قدري مكانسي

    مُساهمة من طرف الحلاجي محمد الأحد 26 ديسمبر - 22:04:40

    التربية في القرآن الكريم

    المشورة

    الدكتور عثمان قدري مكانسي

    لماذا يستشير أحدنا غيره ، وهل من فائدة في المشورة ؟ .
    إذا استشرت فقد طلبت النصح ، لتصل إلى وجه الصواب ، وتستنير برأي الآخرين .
    ففي الاستشارة ـ إذاً ـ فوائد كثيرة منها :

    1ـ الاستنصاح للوصول إلى الوجه الأكثر كمالاً .
    2ـ عدم الانفراد بالرأي ، فالانفراد يعدُّ خطلاً وضعفاً .
    3ـ تحميل الآخرين مسؤولية اتخاذ القرار ، والمشاركة فيه .
    4ـ بناء مجتمع متماسك ، يشعر كل واحد فيه أنه لبنة مفيدة .

    والشورى ركن مهم من أركان المجتمع الإسلامي ، حضّ عليه ديننا العظيم ، فقال تعالى: { وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ }(من الآية 38 الشورى) فلا ينفرد في القرار أحد ، ويتعاون الجميع على إنضاجه وإبرامه ، ليكون أكثر إحكاماً وسداداً .

    ـ وقد كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كثيرة المشورة لأصحابه ،
    في أمور الحياة سلمِها وحربها وقد مدح الله تعالى رسوله ـ صلى الله عليه
    وسلم ـ ، باللطف في معاملة أصحابه ، فالتفّوا حوله واجتمعوا عليه ، على
    الرغم من أخطاء الكثيرين منهم ، ولو لم يكن كذلك لتركوه ونفروا منه ، وقد
    أمره الله سبحانه ـ والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قدوتنا ـ أن يعفو عنهم
    ويتجاوز عن إساءاتهم ، ويطلب لهم المغفرة من الله تعالى ، ويستشيرهم في
    جميع أموره ، ليقتدي بفعله الناس { فَبِمَا رَحْمَةٍ
    مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ
    لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ
    وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ
    إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ
    (159)}(آل عمران) .

    ـ وكان التشاور ـ وما يزال ـ من شيم المجتمع الإسلامي حتى في الأمور
    العادية ، فإن طلق رجل امرأته ، وله منها ولد ترضعه ، فاتفقا ـ ليذهب كل
    واحد في سبيله فتتزوج هذه المطلقة ـ على فطامه قبل انقضاء الحولين، ورأيا
    في ذلك مصلحة للولد بعد التشاور لم يكونا آثمين { فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا }(من الآية 233 البقرة) (الفصال:الفطام).
    فهذا مثال وإن كان مهماً فهو بالنسبة إلى غيره من الأمور يعتبر عادياً ، ومع ذلك فقد استحسن فيه التشاور ، فما خاب من استشار .

    ـ والمشورة ترتفع بالمستوى الإنساني إلى درجة عالية ، لا ينفرد بها
    المسلمون فقط ، إنما هي سمة عامة بالمجتمع الذي يريد أفراده الحياة الطيبة ،
    والوصول إلى المكانة اللائقة ، والطريق الصحيح الموصل إلى الغاية الصحيحة .
    فهذه ملكة سبأ ، يأتيها من سليمان عليه السلام ، كتاب يلقيه عليها
    الهدهد ، ففتحه فإذا أوله بسم الله الرحمن الرحيم ، ومضمونه دعوة إلى توحيد
    الله والانقياد لأمره وطرح التكبر ، والسفر إلى الشام مع وجهاء قومها
    مسلمين طائعين موحدين فجمعت كبار قومها وأهل الرأي والمشورة قائلة : { يَا أَيُّهَا الْمَلَؤُاْ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ }(من الآية 32 النمل).
    فبغير حضورهم ومشورتهم لا تقطع بأمر ، ولا تقضي بتصرف وعمل .
    قال القرطبي : ( أخذَتْ في حسن الأدب مع قومها ، ومشاورتهم في أمرها
    في كل ما يعرض لها ، فراجعها الملأ بما يُقر عينها ، فأعلموها بقوتهم
    وبأسهم ، ثم سلموا الأمر بعد المشورة إليها ، وهذه محاورة حسنة من الجميع )
    .
    قال الحسن البصري : ( فوضوا أمرهم إلى امرأة ـ نعم إلى امرأة ـ فلما
    قالوا لها ما قالوا كانت هي أحزم منهم رأياً وعلماً ، فقالت : { قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ
    (34)}(النمل) وهكذا فعلت ثم رأت الحقَّ أحقَّ أن يُتبع ، فذهبت إليه ،
    وآمنت به ، وتزوجته ، فكانت من الناجين في الدنيا والآخرة ، وكانت فألاً
    حسناً لقومها ، وهادية لهم إلى الإيمان بحسن عملها .

    ـ وفعل فرعون ما فعلت ملكة سبأ من المشورة ، لكنّه بجبروته وتكبّره حاد عن الطريق وسقط في الحضيض .
    فحين جاء موسى وهارون يدعوانه وقومَه وبني إسرائيل إلى الإيمان بالله ،
    جادلهما فرعون ، وحاول إرهابهما وتخويفهما ، فردّ عليه موسى ردّاً
    عقلانياً يدلُّ على الإيمان العميق بالرسالة التي كُلّف بها ، وقارعه
    الحجةَ بالحجة . فلما أفلس هدّدَه بالاعتقال والسجن . . فما كان من موسى
    إلا أن أظهر آيتيه اللتين زوّده الله تعالى بهما ـ إلقاء العصا ، فتنقلب
    حيّة تسعى ، وإدخال اليد في فتحة القميص وإخراجها بيضاء تلمع وتضيء ـ ،
    فلما رأى فرعون هاتين الآيتين بُهِتَ أول الأمر ، ثم استعان بالأعوان ، لا
    ليدلّوه على الطريق الصحيح ، والدين القويم ، إنما ليعينوه بمكرهم ،
    ودهائهم على التصدي لهذا النبي
    الذي يملك سلاحاً قوياً كاد يعصف بفرعون وعرشه ، فلم يقل ما قالته ملكة
    سبأ : { أَفْتُونِي فِي أَمْرِي } ، طالبة النصح والرشاد بل أعلن كفره
    بموسى ابتداءً ، فحرّض هؤلاء عليه حين قال : { قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (34) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (35)}(الشعراء)
    ، فكان كما أراد فرعون ، فقد فهموا أنّه لا يريد نصيحة حين أوهم أنه
    يستشيرهم ، وعرفوا مرماه ، وكانوا كما قال تعالى ذامّاً إياهم : { فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54)}(الزخرف) ، فقالوا له ما وافقه وأرضاه وزاد في طغيانه وضلاله { قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (36) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ (37)}(الشعراء) .
    وكانت النتيجة أن الله سبحانه وتعالى أغرقه وجنوده في اليم ، جزاءً وفاقاً على كفره وطغيانه وفساده { وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (39) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (40)}(الذاريات) ، فآمن ساعة لا ينفع الإيمان ، آمن وهو يغرق { حَتَّى
    إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا
    الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ
    (90) آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92)}(يونس) فكان من الهالكين . . .

    ـ وهذان سيّدانا إبراهيم وإسماعيل يضربان المثل الأعلى ، في الاستشارة وإن لم تكن استشارة حقيقية . . . فكيف ؟ .
    لما ترعرع إسماعيل وشبَّ وبلغ السنّ الذي يمكنه أن يسعى مع أبيه في أشغاله وحوائجه قال له حين أُمر في المنام بذبحه : { يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى }(من الآية 102 الصافات) .
    ورؤيا الأنبياء وحيٌ فعيونهم تنام ، ولا تنام قلوبهم ، فلما سأل
    إبراهيم ابنه : ما رأيك في الذي رأيت ، لم يكن يشاوره ليرجع إلى رأيه فهذا
    أمرٌ حتمٌ من الله وما سأله إلا ليعلم ما عنده ، فيثبت قلبه ، ويوطن نفسه
    على الصبر ، فأجابه ابنه بأحسن جواب : { قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ }(من الآية 102 الصافات) . وهذا جواب أولي الحلم والصبر والامتثال إلى أمر الله والرضا بقضاء الله . .

    جعلنا الله تعالى من أهل هؤلاء الكرام لتفوز برضا الله سبحانه وننجو من عذابه ، بل قل : لنكون من أهل الله

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس 14 نوفمبر - 20:04:54