إذا سافر أثناء الشهر إلى بلد اختلف عن بلده في الصيام ، فكيف يصوم ؟
السؤال:
إذا سافر المسلم أثناء شهر رمضان إلى بلد آخر كان قد تأخر أو تقدم في بداية شهر رمضان عن بلده ، وظل بهذا البلد حتى العيد ، فمع أي البلدين يفطر ؟.
الجواب:
الحمد لله
" إذا سافر الرجل من بلد إلى بلد اختلف مطلع الهلال فيهما ، فالقاعدة أن يكون صيامه وإفطاره حسب البلد الذي هو فيه حين ثبوت الشهر ، لكن إن نقصت أيام صيامه عن تسعة وعشرين يوماً ، وجب عليه إكمال تسعة وعشرين يوماً لأن الشهر الهلالي لا يمكن أن ينقص عن تسعة وعشرين يوماً، وهذه القاعدة مأخوذة من قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا رأيتموه فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا ) وقوله : ( إنما الشهر تسع وعشرون ، فلا تصوموا حتى تروه ، ولا تفطروا حتى تروه ) . ومن حديث كريب أن أم الفضل بعثته إلى معاوية في الشام ، وفيه أن كريباً أخبر ابن عباس أن الناس رأوا هلال رمضان ليلة الجمعة في الشام ، فقال ابن عباس : لكنا رأيناه ليلة السبت ، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه ، فقال كريب : ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه ؟ فقال : لا ، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وإليك أمثلة تبين هذه القاعدة :
المثال الأول : انتقل من بلد صام أهله يوم الأحد إلى بلد صام أهله يوم السبت ، وأفطروا يوم الأحد عن تسعة وعشرين يوماً ، فيفطر معهم ويلزمه قضاء يوم .
المثال الثاني : انتقل من بلد صام أهله يوم الأحد إلى بلد صام أهله يوم الاثنين ، وأفطروا يوم الأربعاء عن ثلاثين يوماً ، فيبقى صائماً معهم ولو زاد على ثلاثين يوماً لأنه في مكان لم ير الهلال فيه ، فلا يحل له الفطر ، ويشبه هذا ما لو سافر صائماً من بلد تغيب فيه الشمس الساعة السادسة إلى بلد لا تغيب فيه إلا الساعة السابعة ، فإنه لا يفطر حتى تغيب الشمس في الساعة السابعة لقوله تعالى : ( ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّيْلِ وَلاَ تُبَـٰشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَـٰكِفُونَ فِي ٱلْمَسَـٰجِدِ تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) .
المثال الثالث : انتقل من بلد صام أهله يوم الأحد إلى بلد صام أهله يوم الاثنين ، وأفطروا يوم الثلاثاء عن تسعة وعشرين يوماً ، فيفطر معهم ويكون صومهم تسعة وعشرين يوماً ، وصومه ثلاثين يوماً .
المثال الرابع : انتقل من بلد صام أهله يوم الأحد ، وأفطروا يوم الثلاثاء عن ثلاثين يوماً إلى بلد صام أهله يوم الأحد ، وأفطروا يوم الاثنين عن تسعة وعشرين يوماً ، فيفطر معهم ، ولا يلزمه قضاء يوم ؛ لأنه أتم تسعة وعشرين يوماً .
دليل وجوب فطره في المثال الأول أنه رؤي الهلال ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا رأيتموه فأفطروا ) ودليل وجوب قضاء اليوم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما الشهر تسع وعشرون ) فلا يمكن أن ينقص عن تسع وعشرين ليلة .
ودليل وجوب بقائه صائماً فوق الثلاثين في المثال الثاني قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا رأيتموه فأفطروا ) فعلق الفطر بالرؤية ، ولم تكن فيكون ذلك اليوم من رمضان في ذلك المكان فلا يحل فطره .
وأما حكم المثال الثالث والرابع فواضح .
هذا ما ظهر لنا في هذه المسألة بأدلتها وهو مبني على القول الراجح من اختلاف الحكم باختلاف المطالع ، أما على القول بأنه لا يختلف الحكم بذلك وأنه متى ثبتت رؤيته شرعاً بمكان لزم الناس كلهم الصوم أو الفطر فإن الحكم يجري على حسب ثبوته لكن يصوم أو يفطر سرًّا لئلا يظهر مخالفة الجماعة " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين
السؤال:
إذا سافر المسلم أثناء شهر رمضان إلى بلد آخر كان قد تأخر أو تقدم في بداية شهر رمضان عن بلده ، وظل بهذا البلد حتى العيد ، فمع أي البلدين يفطر ؟.
الجواب:
الحمد لله
" إذا سافر الرجل من بلد إلى بلد اختلف مطلع الهلال فيهما ، فالقاعدة أن يكون صيامه وإفطاره حسب البلد الذي هو فيه حين ثبوت الشهر ، لكن إن نقصت أيام صيامه عن تسعة وعشرين يوماً ، وجب عليه إكمال تسعة وعشرين يوماً لأن الشهر الهلالي لا يمكن أن ينقص عن تسعة وعشرين يوماً، وهذه القاعدة مأخوذة من قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا رأيتموه فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا ) وقوله : ( إنما الشهر تسع وعشرون ، فلا تصوموا حتى تروه ، ولا تفطروا حتى تروه ) . ومن حديث كريب أن أم الفضل بعثته إلى معاوية في الشام ، وفيه أن كريباً أخبر ابن عباس أن الناس رأوا هلال رمضان ليلة الجمعة في الشام ، فقال ابن عباس : لكنا رأيناه ليلة السبت ، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه ، فقال كريب : ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه ؟ فقال : لا ، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وإليك أمثلة تبين هذه القاعدة :
المثال الأول : انتقل من بلد صام أهله يوم الأحد إلى بلد صام أهله يوم السبت ، وأفطروا يوم الأحد عن تسعة وعشرين يوماً ، فيفطر معهم ويلزمه قضاء يوم .
المثال الثاني : انتقل من بلد صام أهله يوم الأحد إلى بلد صام أهله يوم الاثنين ، وأفطروا يوم الأربعاء عن ثلاثين يوماً ، فيبقى صائماً معهم ولو زاد على ثلاثين يوماً لأنه في مكان لم ير الهلال فيه ، فلا يحل له الفطر ، ويشبه هذا ما لو سافر صائماً من بلد تغيب فيه الشمس الساعة السادسة إلى بلد لا تغيب فيه إلا الساعة السابعة ، فإنه لا يفطر حتى تغيب الشمس في الساعة السابعة لقوله تعالى : ( ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّيْلِ وَلاَ تُبَـٰشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَـٰكِفُونَ فِي ٱلْمَسَـٰجِدِ تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) .
المثال الثالث : انتقل من بلد صام أهله يوم الأحد إلى بلد صام أهله يوم الاثنين ، وأفطروا يوم الثلاثاء عن تسعة وعشرين يوماً ، فيفطر معهم ويكون صومهم تسعة وعشرين يوماً ، وصومه ثلاثين يوماً .
المثال الرابع : انتقل من بلد صام أهله يوم الأحد ، وأفطروا يوم الثلاثاء عن ثلاثين يوماً إلى بلد صام أهله يوم الأحد ، وأفطروا يوم الاثنين عن تسعة وعشرين يوماً ، فيفطر معهم ، ولا يلزمه قضاء يوم ؛ لأنه أتم تسعة وعشرين يوماً .
دليل وجوب فطره في المثال الأول أنه رؤي الهلال ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا رأيتموه فأفطروا ) ودليل وجوب قضاء اليوم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما الشهر تسع وعشرون ) فلا يمكن أن ينقص عن تسع وعشرين ليلة .
ودليل وجوب بقائه صائماً فوق الثلاثين في المثال الثاني قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا رأيتموه فأفطروا ) فعلق الفطر بالرؤية ، ولم تكن فيكون ذلك اليوم من رمضان في ذلك المكان فلا يحل فطره .
وأما حكم المثال الثالث والرابع فواضح .
هذا ما ظهر لنا في هذه المسألة بأدلتها وهو مبني على القول الراجح من اختلاف الحكم باختلاف المطالع ، أما على القول بأنه لا يختلف الحكم بذلك وأنه متى ثبتت رؤيته شرعاً بمكان لزم الناس كلهم الصوم أو الفطر فإن الحكم يجري على حسب ثبوته لكن يصوم أو يفطر سرًّا لئلا يظهر مخالفة الجماعة " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين