Islam for all-الإسلام للجميع

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
Islam for all-الإسلام للجميع

اسم الخطبة : البكاء من خشية الله Aya10
Questo sito e' protetto con
Norton Safe Web


    اسم الخطبة : البكاء من خشية الله

    الحلاجي محمد
    الحلاجي محمد
    Servo di Allah


    Sesso : ذكر

    Numero di messaggi : 6998

    Risolto اسم الخطبة : البكاء من خشية الله

    مُساهمة من طرف الحلاجي محمد الجمعة 19 فبراير - 4:51:04


    إن
    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن
    سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يُضلل فلا هادي له ، وأشهد
    ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى
    الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليما .


    أما
    بعد : فإن خير الحديث كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد رسول الله صلى الله
    عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكلَّ مُحدثةٍ بدعة ، وكل بدعةٍ ضلالة
    .


    فقطرة صغيرة من ماء مثل
    رأس الذباب- يمكن أن تكون سبب سعادة ونُجح لك في دينك ودنياك ، يُكرم الله
    بها وأمثالها السُّعداءَ من عباده ، ويصطفيهم للمراتب العالية ، ويُسكن
    قلوبهم من حبه ، والخوف منه ، وحسن الإنابة إليه ، مع التعظيم والإجلال
    والمهابة ما تغلي منه قلوبهم ، وتخشعُ جوارحُهُم ، وتتفجَّرُ ينابيع
    عيونهم أنهاراً .


    إنها
    عبادةٌ جليلة هجرها وفرَّط فيها كثيرٌ من الناس {كلا بل ران على قلوبهم ما
    كانوا يكسبون} ، وتقاصر آخرون أنفسَهم أن يكونوا من أهلها ، وحاولها آخرون
    فلم يجدوا إليها سبيلاً .


    إن
    البكاء من خشية الله عبادةٌ من عبادات النبيين ، ومقامٌ من مقامات عباد
    الله المُخلَصين ، وطريق لاحبٌ إلى رضا رب العالمين والفوز بجنات النعيم .
    {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ
    مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ
    إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا
    تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً{58}
    فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا
    الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً{59} إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ
    وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ
    شَيْئاً} مريم: ٥٨ – ٦٠


    كان
    نبيكم أيها المسلمون أعظمَ الناس خشيةً لربه فهو كما قال عن نفسه صلى الله
    عليه وسلم : أما إني أعلمكم بالله ، وأشدُّكم له خشية . وكان مع أن ربه
    غفر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر كان يبكي صلى الله عليه وسلم إعظاماً
    لله وإجلالاً ، وكان يبكي صلى الله عليه وسلم خوفاً من الله ووجلاً ، فعن
    عبد الله بن الشخير رضي الله عنه قال : رأيتُ رسول الله صلى الله عليه
    وسلم يصلي وفي صدره أزيز كأزيز الرَّحى من البكاء . رواه أبوداود . وفي
    رواية للحديث عند النسائي والترمذي في الشمائل قال: ولجوفه أزيز كأزيز
    المرجل من البكاء .


    وعن
    عبد الله بن مسعود قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على
    المنبر: اقرأ علي . قلت: أقرا عليك وعليك أنزل ؟ قال: إني أحب أن أسمعه من
    غيري . فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية ( فكيف إذا جئنا من كل
    أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ) قال: حسبك الآن . فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان . متفق عليه .


    بل
    إنه صلى الله عليه وسلم قد بلغت به بعض آيات القرآن وسوره المشيب قبل
    أوانه فعن ابن عباس قال : قال أبو بكر : يا رسول الله قد شبتَ . قال صلى
    الله عليه وسلم : ( شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا
    الشمس كورت ) ، وفي لفظٍ قال : (شيبتني هودٌ وأخواتها قبل المشيب) .


    فأين
    نحن يا عبد الله من خشية الله ، إن كان خير خلق الله يخشى ربَّه خشية بلغت
    به المشيب ، بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم . أتُرانا قد أحسنا فيما فرط
    منا من الدهر ، أم تُراه صلى الله عليه وسلم
    وحاشاه- قد أساء . فيالسعادة من جمع خوفاً وعملاً حسَناً ، ويالشقاوة من جمع قُبح العمل مع الأمن من مكر الله .


    أيها
    المسلم ، تذكَّر متى كانت آخرَ مرةٍ جرت فيها دموعك على خدودك ، أكان ذلك
    منذ شهر أم شهرين ، أم سنةٍ أم سنتين . أم من آخر دعاء في تراويح رمضان ؟؟
    يا هذا إنا لم نُخلق والله لعمارة الدُّور ، ولا لتشييد القصور ، ولكنَّا
    خوِّفنا من يوم النشور ، وأُنذرنا يوم الحسرة إذ القلوب لدى الحناجر
    كاظمين ، ما للظالمين من حميم ولا شفيعٍ يطاع .


    أحبتي
    في الله ، إن البكاء من خشية الله إنما هو أثر الطاعة ؛ إذ إنه اعتمال
    الخوف والوجل في القلب حتى يغلي ، ويتململ ، فإذا بلغ به الأمر ذاك ، فإن
    الجوارح تطيعُه ؛ فتَفيضُ العيون ، وتسكُنُ الجوارح ، وتزداد دواعي الخير
    ، وتُقصَر دواعي الشر .


    ولذا
    فإن الناس مع دمع العين على مراتب ، فمنهم من تدمع عينُهُ ويخشعُ قلبُه ،
    وهذا بأشرف المنازل . ومنهم من يخشع قلبهُ ولا تدمعُ عينه ، وهذا على خير
    كثير ، وحسبه أن الله جعله أهلا لخشيته ، وصنفٌ ثالثٌ تدمع أعينُهُم ،
    وترتفعُ أصواتهم ، وقلوبهم خاوية كأن الواحد منهم يقول : انظروني ،
    انظروني ؛ فهذا بأخبث المنازل ؛ إذ عَمَدَ إلى شريف من أجلِّ ما يُتقرَّب
    به إلى الله ، ويزدلف به إليه ، فجعله سُلَّماً لخسيسٍ من ثناء الناس ،
    ومدحهم ، وكثيراً ما رجع هؤلاء ببغضةٍ في قلوب الخلق ، ونفور من صنائعهم .
    قال بعض السلف : من استطاع أن يكظم بكاءه فلم يكظمه فذاك مرائي .


    أيها المسلمون: {أَلَمْ
    يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ
    وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا
    الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ
    وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ{16} اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي
    الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ
    تَعْقِلُونَ
    } الحديد: ١٦ – ١٧


    عن
    ابن عباس اسم الخطبة : البكاء من خشية الله 3910327396 قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
    (عينان لا تمسهما النار : عين بكت من خشية الله ، وعين باتت تحرس في سبيل
    الله) رواه الترمذي


    وعن
    أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا يلج النار من بكى
    من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع ، ولا يجتمع على عبد غبار في سبيل
    الله ودخان جهنم) . رواه الترمذي ، والنسائي .


    وعن
    أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (ليس شيء أحب
    إلى الله من قطرتين وأثرين ؛ قطرةِ دموع من خشية الله ، وقطرةِ دم تهراق
    في سبيل الله . وأما الأثران : فأثرٌ في سبيل الله ، وأثرٌ في فريضةٍ من
    فرائض الله) رواه الترمذي.


    وقال تعالى عن بعض أهل الجنة {إن المتقين في جنات ونعيم} ، وذكر تعالى من شأنهم أنهم وهم في الجنة منعمون: {وَأَقْبَلَ
    بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ{25} قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ
    فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ{26} فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا
    عَذَابَ السَّمُومِ{27} إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ
    الْبَرُّ الرَّحِيمُ
    } الطور: ٢٥ – ٢٨


    بل إن الله قد امتدح في كتابه من أهل الكتاب مَن هو من أهل الخشية والخشوع فقال تعالى: {وَقُرْآناً
    فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ
    تَنزِيلاً{106} قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ
    أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ
    لِلأَذْقَانِ سُجَّداً{107} وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ
    وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً{108} وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ
    وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً
    } الإسراء: ١٠٦ – ١٠٩ وقال سبحانه وبحمده: {لَتَجِدَنَّ
    أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ
    أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ
    الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ
    وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ{82} وَإِذَا سَمِعُواْ مَا
    أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ
    مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا
    مَعَ الشَّاهِدِينَ{83} وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا
    مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ
    الصَّالِحِينَ
    } المائدة: ٨٢ – ٨٤


    وإذا
    كان هذا هو حال بعض أهل الكتاب فإن خير أصحاب نبي هم أصحاب نبيِّنا صلى
    الله عليه وسلم واسم الخطبة : البكاء من خشية الله 2906082035 ، وقد كان من هذه الأمة خاشعين ، وباكين من
    خشية اله مشفقين قدماء ومعاصرين :


    فأبو بكر رضي الله عنه كان رجلا رقيقاً إذا صلى غلبه البكاء ، فلم يدر الناس ما يقول .

    وكان
    عمر مع قوته في الحق ، رقيقاً عند قراءة القرآن ، فعن عبيد بن عمير قال :
    صلى بنا عمر صلاة الفجر فافتتح سورة يوسف فقرأها ، حتى إذا بل {وَتَوَلَّى
    عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ
    الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ } بكى حتى انقطع ؛ فركع . وعنه
    كذلك أن عمر لما انتهى إلى قوله: {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي
    وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } بكى
    حتى سُمع نشيجه من وراء الصفوف .


    وعن أبي الضحى قال : حدثني من سمع عائشة تقرأ: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} فتبكي حتى تبل خمارها . يعني ندماً على مسيرها إلى البصرة ، وخروجها يوم الجمل .

    وعن القاسم بن محمد بن أبي بكر ابن
    أخي عائشة- قال : كنتُ إذا غدوتُ أبدأ ببيت عائشة أُسلِّمُ عليها ؛ فغدوتُ
    يوماً فإذا هي قائمة تسبِّحُ وتقرأ : {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا
    وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ } و
    تدعو وتبكي وترددها ، فقمتُ حتى مللتُ من القيام ، فذهبتُ إلى السوق لحاجتي ، ثم رجعتُ فإذا هي قائمةٌ كما هي تصلي وتبكي .


    وعن
    مسروق قال : قال لي رجل من أهل مكة : هذا مقام أخيك تميم الداري ، لقد
    رأيتُه ذات ليلة حتى أصبح أو كاد أن يصبح يقرأ آية من كتاب الله ، يركع
    ويسجد ويبكي : {أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن
    نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء
    مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ }


    وعن
    البراء بن سليم قال : سمعتُ نافعاً مولى ابنِ عمر يقول : ما قرأ ابنُ عمر
    هاتين الآيتين قط من سورة البقرة إلا بكى: { وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي
    أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ} ، ثم يقول : إن هذا
    لإحصاءٌ شديد .


    وعن نافع قال : كان ابنُ عمر رضي الله عنه إذا قرأ : {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} بكى حتى يغلبه البكاء .

    وعن
    عبد الله بن عقيل بن شُمير الرياحي عن أبيه قال : شرب عبد الله بن عمر
    ماءً بارداً فبكى ، فاشتدَّ بكاؤه ، وقيل له : ما يُبكيك ؟ . قال : ذكرتُ
    آيةً في كتاب الله عز وجل :
    {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} سبأ: ٥٤ قال : فعرفتُ أن أهل النار لا يشتهون شيئاً إلا الماء البارد ، وقد قال الله عز وجل : {أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ} الأعراف: ٥٠ .


    وعن
    عبد الرحمن بن عجلان قال : بتُّ عند الربيع بن خثيم ذات ليلة ؛ فقام يصلي
    فمرَّ بهذه الآية : {أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن
    نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء
    مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ }
    الجاثية: ٢١
    فمكث ليلته حتى أصبح ما جاوز هذه الآية إلى غيرها ببكاء شديد . وعن هشام
    الدستوائي قال : لما توفي عمرو بن عتبة بن فرقد دخل بعضُ أصحابه على أخته
    فقال : أخبرينا عنه . فقالت : قام ذات ليلة فاستفتح سورة حم ؛ فلما أتى
    على هذه الآية :
    {وَأَنذِرْهُمْ
    يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا
    لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ }
    غافر: ١٨ فما جاوزها حتى أصبح .


    وغير
    ذلك كثير في علماء الأمة وصلحائها حتى في زمان الناس هذا ، فاللهم ألحقنا
    بهذا السلف الكريم ، واجعل لنا فيهم معتبراً ، وأصلح فساد قلوبنا ،
    واشرحها لمعرفتك ، وتوحيدك ، وتعظيمك ، يا قدوس يا سلام .





    الحمد
    لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالكِ الملك ، ومدبرِ الأمر ، الخالقِ
    الرازق ، محي الأرض بعد موتها ، أشهد ألا إله إلا هو من إلهٍ كبيرٍ متعال
    . وأشهد أن محمداً عبدُه ورسوله وخيرُ خلقه في زمانه وفي المآل ، صلى الله
    عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً .


    إن
    خشية الله أيها المسلم تمنع من الفرح بالدنيا ، والركض وراءها ركضاً يُنسي
    الآخرة ، ويُضيع حقوق الله ، حتى يكون اللهُ آخر فقرةٍ في الحسابات ، وآخر
    ما يُنظر إلى حُكمه بعد مراجعة كشوفات الاكتتابات .


    وخشيةُ
    الله تمنع من الفرح والخيلاء ، والكبر على الناس ، والضحك ملء الفم ، فما
    كان ضحكه صلى الله عليه وسلم إلا تبسُّماً ، وما كانت ترى لهواته .


    وخشية
    الله تمنع من أكل حقوق العمال والخدم ، وتكليفهم من العمل ما لا يطيقون
    لأن صاحبها يعلم أنه إن كان قادراً على هؤلاء ؛ فإن ربَّه أقدرُ عليه من
    قدرته عليهم .


    وخشية الله تمنع من مشاهدة أفلام وكليبات المجون والعُهر ، فما الذين يشاهدونها بأهل خشية الله ، والله .

    وخشية الله تمنع من الفجور في الخصومة ، ومن البغي والطغيان ، واتهام الناس في نياتهم .

    ثم إن خشية الله لا تمنع من القيام على نفسك وأهلك بما يصلحهم ، في طلب المعاش ، وفي نزول الأسواق ، وفي الممازحة ، وحسن المعاشرة .

    كما أن خشية الله لا تمنع استيفاء الحقوق ورد المظالم ، والانتصار ممن ظلم .

    وهي كذلك لا تمنع من معرفة الباطل ، ومعرفة أهله ، والتحذير منهم ليحذرهم الناس

    فيا أيها المسرف على نفسك في ذنوبك ابكِ على ذنبك ، واخش يوماً تُعرض فيه على ربك فينبِّئَك فيه بما قدَّمتَ وما أخَّرت .

    ويا
    أيها المُخلِّط فأنت مع الحق والهدى تارة ، وتغلبك نفسُك الأمارةُ بالسوء
    تارة ابكِ ذنبك ، واخشَ ربَّك ، واعلم أنك تجد بكاءك شافعاً لك ، مثقِّلاً
    لميزانك يوم القيامة .


    ويا
    أيها العابد الصالح ، المجتهد في طاعةِ ربِّك = مَن أولى منك بالبكاء؟ قل
    لي بربك من ينفعك إذا لقيت ربَّك فلم ينفعك عملُك ؟ أو كُنتَ فيه مرائياً
    ؟ فإن سلمتَ من ذلك فهل تسلم من عُجب يُحبطُ العمل ، فإن وقاك الله شر
    العُجب فأين حق الله من عملك ، وأين يقوم عملك بجانب ما يجب عليك ، واتق
    يوماً ترجع فيه إلى الله . وإنما يخشى اللهَ من عباده العلماء إن الله
    عزيز غفور .


    يا أيها الذين آمنوا، يا عباد الله:

    {وَأَنِيبُوا
    إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ
    الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ{54} وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ
    إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ
    بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ{55} أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى
    علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ
    السَّاخِرِينَ{56} أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ
    الْمُتَّقِينَ{57} أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي
    كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ
    }

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 15 نوفمبر - 3:49:31