الحج ... وأثره فى زيادة الإيمان
بقلم فضيلة الشيخ : صفوت الشوادفى - رحمه الله -
بقلم فضيلة الشيخ : صفوت الشوادفى - رحمه الله -
الحمد لله الذى وسع سمعه الأصوات ، والصلاة والسلام على رسوله الذى بعثه بالهدى و دين الحق ... وبعد :
فإن الحج ركن من أركان الإسلام يجب على كل مستطيع له من المسلمين المكلفين لقوله تعالى : { و لله على الناس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا } [ آل عمران:97 ] .
و مناسكه التى شرعها الله لها أثر بالغ فى زيادة الإيمان ؛ فإن الإيمان يزيد بالطاعات و ينقص بالمعاصى و السيئات .
ولذلك فإنه ينبغى على المسلم – من حج ومن لم يحج – أن يتدبر ثم يعتبر ليجنى الثمرة ؛ زيادة فى الإيمان !! و قوة فى اليقين !! .
الإحرام : ما بال الرجل يحرم فى رداء و إزار ، و يتجرد من المخيط ؟!
إن ملابس الإحرام شبيهة بملابس الكفن ! فهى تذكرنا بموتنا حتى نكون اكثر استعدادً له .
و تذكرنا ببعثنا حفاة عراة ! لا رداء .. لا إزار . لا كفن !
وتذكرنا بنعمة الله علينا { يا بنى آدم قد انزلنا عليكم لباساً يوارى سوءاتكم و ريشاً } [ الأعراف:26] ، هذا فى الدنيا ، فإذا جاء يوم البعث و كنا عراة ! فماذا الذى يسترنا ؟
و الجواب فى قول ربنا : { و لباس التقوى ذلك خير } .
و كما نتجرد من المخيط فى إحرامنا فينبغى أن نتجرد لله فى أعمالنا فنجعلها خالصة لوجهه الكريم ، ولا نشرك بربنا أحداً ..
التلبية : لفظها (لبيك اللهم لبيك ..) إلخ .
و معناها : ها انا عبدك ! و اان مقيم على طاعتك و أمرك ! غير خارج عن ذلك ولا شاردٍ عليك ! .
فهى اعتراف بالعبودية ، و إقرار بالطاعة ، و إذعان و خضوع .
و قد كان المشركون يحجون و يلبون من قبلنا !! وفرق بين تلبية الموحدين و تلبية المشركين !
المؤمنون يقولون : ( لبيك لا شريك لك ) .
و المشركون يقولون : (لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملكه و ما ملك) . !!
الطواف بالبيت : البيت بيت الله ، يطوف به الطائف فيتدبر و يتذكر أنه أول بيت وضع للناس – من دخله كان آمنا – و جعله الله مثابة للناس و أمناً – رفع إبراهيم عليه السلام قواعده و إسماعيل – تهوى إليه الأفئدة ، و كلما رحلت عنه تمنت أن تعود إليه – قال عنه عبد المطلب : (للبيت رب يحميه) ! – بجواره كانت قريش تصد عن سبيل الله .
كان المشركون يطوفون به عراة !! – من عنده انطلقت الدعوة إلى الله .
تقبيل الحجر الأسود : الحجر الأسود حجر ! لا يضر ولا ينفع .
تقبيله سنة و تعلق القلب به شرك ! و المزاحمة عليه معصية ! لم ينزل من الجنه و لم تسوده خطايا بنى آدم .
فتدير هذا فإنه من المواضع التى زلت فيها الأقدام ، وضلت فيها عقول !
إن تقبيل الحجر الأسود سنة لمن وصل إليه بغير مزاحمة ولا إيذاء ولا اختلاط . وتقبيل غيره من الأحجار يفتح باباً إلى الشرك !!
فالمؤمن يقبله و قلبه معلق بالله لا بالحجر !
الشرب من زمزم : سنة بينها النبى صلى الله عليه وسلم .
و المؤمن يشرب منها لا يلتفت بقلبه إليها ، و إنما يرى فيها سبباً من الأسباب التى قدرها الله ، و هو يوقن دائما بأن الله قادر على الشفاء بغيرها ، و على تأخير الشفاء عمن شربها !!
و هو بعض معنى قوله تعالى : { و إن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو } .
فمن تعلق قلبه بربه ، فلم يلتفت إلى غيره فقد حقق التوحيد الذى هو حق الله على العبيد .
السعى بين الصفا و المروة : يسعى الحاج و المعتمر بينهما فيتذكر و يتدبر ! عند الصفا بوادٍ غير ذى زرع ترك إبراهيم عليه السلام زوجه و ولده الرضيع طاعة لله ! و نحن لا نترك المعاصى !
أطاعت الزوجة المؤمنة ربها ثم زوجها فى أمر قد يكون فيه الهلاك !
و بين الصفا و المروة سعت أم إسماعيل رضى الله عنهما لعلها تجد ماء لرضيعها الذى كاد أن يموت ! إنه الإيمان عندما تخالط بشاشته القلوب .
الوقوف بعرفة : عرفة ركن الحج الأعظم ، و كل من حج و جب عليه أن يقف بها و إلا فلا حج له !
و اجتماع الحجيج فى عرفة يذكرنا بيوم الحشر { يوم يجمعكم ليوم الجمع } [التغابن:9] .
ومن تذكر يوم الجمع كان أكثر استعدادا له ممن غفل عنه ! و فى يوم عرفة فى شدة الحر قد يجد الحاج مشقة أحياناً فى الحصول على ماءٍ يشربه ثم يدركه فيتذكر قول ربنا : { ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين } [الأعراف:50] .
و فى حجة الوداع وقف رجل على راحلته يلبى ، فسقط عنها فوقصته الناقة (ضربته برجلها ) فمات !!
فقال صلى الله عليه وسلم : ( كفنوه فى ثوبيه ! ولا تخمروا رأسه ، ولا تمسوه طيبا ، فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً ) !!
مات و هو يلبى ، و يبعث و هو يلبى !
مات على طاعة ، وبعث على طاعة !
فإنه ما مات على معصية ، و ما اكثر الذين يموتون على معصية !
إنها حقيقة غفل عنها الغافلون ( لا ملجأ من الله إلا إليه ) .
اللهم ارزقنا حج بيتك الحرام ، و اجعل هذا الكلمات من الباقيات الصالحات .
وصلى الله على نبنا محمد و آله و صحبه وسلم .
وهذا رابط مادة صوتية للشيخ - رحمه الله - فى نفس الموضوع
>>> إضغط هنا <<<
وهذا رابط مادة صوتية للشيخ - رحمه الله - فى نفس الموضوع
>>> إضغط هنا <<<