عثمان بن مظعون
رضي الله عنه
" إنّ ابن مظعون لحييٌّ ستّيْرٌ "
حديث شريف
من هو؟
عثمان بن مظعون بن حبيب الجمحيّ ( أبو السائب ) من أوائل المسلمين
وأغلـب الظـن الرابع عشر ترتيبـاً ، وناله ما ينال المسلمين من أذى
المشركين وصبـر ، ، وكان ممن حرّم الخمـر على نفسه قبل تحريمها
وكان أمير المهاجرين الأوائل الى الحبشـة مصطحبا ابنه السائب معـه
وكان أول المهاجرين وفاة بالمدينة ، وأولهم دفنا بالبقيع
إسلامه
انطلق عثمان بن مظعون ، وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب ، وعبد الرحمن بن
عوف وأبو سلمة بن عبد الأسد ، وأبو عبيدة بن الجراح ، حتى أتوا رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- ، فعَرَض عليهم الإسلام ، وأنبأهم بشرائعه ، فأسلموا
جميعاً في ساعةٍ واحدةٍ ، وذلك قبل دخول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
دار الأرقم ، وقبل أن يدعو فيها
جوار الله
بلغ أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذين خرجوا الى الحبشة أن أهل مكة
قد أسلموا ، فغادروا الحبشة عائدين ، ولكن حين دنو من مكة علموا بأن هذا
النبأ خاطيء ، فلم يدخل أحد منهم الى مكة إلا بجوار أو مستخفيا وكانوا
ثلاثة وثلاثون منهم عثمان بن مظعون الذي دخل بجوار من الوليد بن
المغيرة
ولكن لما رأى -رضي الله عنه- ما فيه أصحـاب رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-من البلاء وهو يغـدو ويروح في أمـان من الوليد بن المغيرة قال (
والله إن غدوي ورواحي آمنا بجوار رجل من الشرك ، وأصحابي وأهل ديني يلقون
من البلاء والأذى ما لا يصيبني لنقص كبير في نفسي ) فمشى الى الوليد بن
المغيرة فقال له ( يا أبا عبد شمس ، وَفَت ذمتك ، قد رددت إليك جوارك
)فقال له ( يا ابن أخي لعله آذاك أحد من قومي )قال ( لا ، ولكني
أرضى بجوار الله ولا أريد أن أستجير بغيره )فقال ( فانطلق الى المسجد
فاردد علي جواري علانية كما أجرتك علانية ) فانطلقا حتى أتيا المسجد
فقال الوليد (هذا عثمان قد جاء يرد عليّ جواري )قال عثمان ( صدق قد
وجدته وفيا كريم الجوار ولكني أحببت أن لا أستجير بغير الله ، فقد رددت
عليه جواره )
ثم انصرف عثمان ، ولبيـد بن ربيعة في مجلس من قريش يُنشـدهم ، فجلس معهم
عثمان ، فقل لبيـد ( ألا كل شيء ما خلا الله باطـل ) قال عثمان ( صدقت
)قال لبيد ( وكل نعيم لا محالة زائل )قال عثمان ( كذبت ، نعيم الجنة
لا يزول )قال لبيد ( يا معشر قريش ، والله ما كان يؤذى جليسكم ، فمتى
حدث هذا فيكم ؟) فقال رجل من القوم ( إن هذا سفيه من سفهاء معه ، قد
فارقوا ديننا فلا تجدن في نفسك من قوله )فرد عثمان عليه حتى شري أمرهم
، فقام إليه ذلك الرجل فلطم عينه فخضّرها والوليد بن المغيرة قريب يرى ما
بلغ من عثمان ، فقال ( أما والله يا ابن أخي ، إن كانت عينك عما أصابها
لغنية ، لقد كنت في ذمة منيعة )فقال عثمان ( بل والله إن عيني الصحيحة
لفقيرة الى مثل ما أصاب أختها في الله وإني لفي جوار من هو أعز منك وأقدر
يا أبا عبد شمس )فقال الوليد ( هلم يا ابن أخي ، إن شئت فعد الى جوارك
)فقال عثمان ( لا )
الراهب الجليل
وهاجر عثمان بن مظعـون الى المدينة مع الرسـول -صلى الله عليه وسلم-
والمسلميـن ، وظهرت حقيقته الطاهرة ، فهو راهـب الليل والنهار وفارسهمـا
معا ، تفرغ للعبادة وانقطع عن مناعم الحياة فلا يلبس إلا الخشـن ولا يأكل
إلا الطعام الجشِب ، فقد دخل يوما المسجد ، وكان يرتدي لباسا تمزق ، فرقعه
بقطعة من فروة ، فرق له قلب النبي -صلى الله عليه وسلم- ودمعت عيون
الصحابة فقال لهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( كيف أنتم يوم يغدو أحدكم
في حُلّة ، ويروح في أخرى ، وتوضع بين يديه قصعة وترفع أخرى ، وسَتَرتم
بيوتكم كما تستر الكعبة ؟)قال الأصحاب ( وَدِدْنا أن ذلك يكون يا رسول
الله ، فنُصيب الرخاء والعيش ) فأجابهم الرسول الكريم ( إن ذلك لكائن ،
وأنتم اليوم خير منكم يومئـذ )
البيت
واتّخَذَ عثمان بن مظعون بيتاً فقعد يتعبّد فيه ، فبلغ ذلك النبي -صلى
الله عليه وسلم- فأتاه ، فأخذ بعِضادتَيْ باب البيت الذي هو فيه فقال ( يا
عثمان إن الله لم يبعثني بالرهبانيّة ، مرّتين أو ثلاثاً ، وإنّ خيرَ
الدّين عند الله الحنيفيّة السمحة )
الأسوة الحسنة
وحين سمع ابـن مظعـون ذلك زاد هربا من النعيم ، بل حتى الرفث الى زوجته
نأى عنه وانتهى ، فقد دخلت امرأةُ عثمان على نساء النبـي -صلى اللـه عليه
وسلم- فَرَأيْنها سيّئة الهيئة ، فقُلن لها ( مَا لكِ ؟ فما في قريش أغنى
من بعلِك ؟) قالت ( ما لنا منه شيءٌ ، أمّا ليلهُ فقائمٌ ، وأمّا
نهارَهُ فصائم )
فدخل النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- فذكَرْنَ ذلك له ، فلقيهُ فقال ( يا
عثمان بن مظعون أمَا لكَ بي أسوة ) فقال ( بأبي وأمي ، وما ذاك ؟) قال
( تصوم النهار وتقومُ الليلَ ؟!)قال ( إنّي لأفعل ) قال ( لا تفعلْ ،
إنّ لعينيك عليك حقّاً ، وإن لجسدك حقّاً ، وإن لأهلك حقّاً ، فصلّ ونمْ ،
وصُم وأفطر )
فأتت امرأته على زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك عطرةُ عروس ،
فقُلنَ لها ( مَهْ ؟!قالت ( أصابنا ما أصاب الناس )
الحياء
أتى عثمان بن مظعون النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال ( يا رسول الله إنّي
لا أحبّ أن ترى امرأتي عورتي )قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (
ولِمَ ؟)قال ( أستحيي من ذلك وأكرهه ) قال -صلى الله عليه وسلم- (
إنّ الله جعلها لك لباساً ، وجعلك لها لباساً ، وأهلي يرون عورتي ، وأنا
أرى ذلك منهم ) قال ( أنت تفعلُ ذلك يا رسول الله ؟) قال (نعم
) قال ( فمِنْ بعدِك )فلمّا أدبر قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
( إنّ ابن مظعون لَحَييٌّ سِتّيرٌ )
وفاته
وحين كانت روحه تتأهب للقاء ربها وليكون صاحبها أول المهاجرين وفاة
بالمدينة سنة ( 2 هـ ) ، كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- الى جانبه يقبل
جبينه ويعطره بدموعه وودعه الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- قائلا ( رحمك
الله أبا السائب ، خرجت من الدنيا وما أصبت منها ولا أصابت منك ) ولم
ينسه الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك أبدا حتى حين ودع ابنته رقية
حين فاضت روحها قال لها ( الحقي بسلفنا الخيِّر ، عثمان بن مظعون )
الرثاء
وقالت امرأته ترثيه
يا عينُ جودي بدمعٍ غيـر ممنُونِ ***** على رزية عثمان بن مظعـون
على امرىءٍ فـي رضوانِ خالقـه ***** طُوبى له من فقيد الشخص مدفونِ
طاب البقيـعُ له سكنى وغرقـده ***** وأشرقتْ أرضُهُ من بعد تعييـن
وأورثَ القلبَ حُزْناً لا انقطاع له ***** حتى الممات فما تَرقَى له شوني
رضي الله عنه
" إنّ ابن مظعون لحييٌّ ستّيْرٌ "
حديث شريف
من هو؟
عثمان بن مظعون بن حبيب الجمحيّ ( أبو السائب ) من أوائل المسلمين
وأغلـب الظـن الرابع عشر ترتيبـاً ، وناله ما ينال المسلمين من أذى
المشركين وصبـر ، ، وكان ممن حرّم الخمـر على نفسه قبل تحريمها
وكان أمير المهاجرين الأوائل الى الحبشـة مصطحبا ابنه السائب معـه
وكان أول المهاجرين وفاة بالمدينة ، وأولهم دفنا بالبقيع
إسلامه
انطلق عثمان بن مظعون ، وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب ، وعبد الرحمن بن
عوف وأبو سلمة بن عبد الأسد ، وأبو عبيدة بن الجراح ، حتى أتوا رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- ، فعَرَض عليهم الإسلام ، وأنبأهم بشرائعه ، فأسلموا
جميعاً في ساعةٍ واحدةٍ ، وذلك قبل دخول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
دار الأرقم ، وقبل أن يدعو فيها
جوار الله
بلغ أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذين خرجوا الى الحبشة أن أهل مكة
قد أسلموا ، فغادروا الحبشة عائدين ، ولكن حين دنو من مكة علموا بأن هذا
النبأ خاطيء ، فلم يدخل أحد منهم الى مكة إلا بجوار أو مستخفيا وكانوا
ثلاثة وثلاثون منهم عثمان بن مظعون الذي دخل بجوار من الوليد بن
المغيرة
ولكن لما رأى -رضي الله عنه- ما فيه أصحـاب رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-من البلاء وهو يغـدو ويروح في أمـان من الوليد بن المغيرة قال (
والله إن غدوي ورواحي آمنا بجوار رجل من الشرك ، وأصحابي وأهل ديني يلقون
من البلاء والأذى ما لا يصيبني لنقص كبير في نفسي ) فمشى الى الوليد بن
المغيرة فقال له ( يا أبا عبد شمس ، وَفَت ذمتك ، قد رددت إليك جوارك
)فقال له ( يا ابن أخي لعله آذاك أحد من قومي )قال ( لا ، ولكني
أرضى بجوار الله ولا أريد أن أستجير بغيره )فقال ( فانطلق الى المسجد
فاردد علي جواري علانية كما أجرتك علانية ) فانطلقا حتى أتيا المسجد
فقال الوليد (هذا عثمان قد جاء يرد عليّ جواري )قال عثمان ( صدق قد
وجدته وفيا كريم الجوار ولكني أحببت أن لا أستجير بغير الله ، فقد رددت
عليه جواره )
ثم انصرف عثمان ، ولبيـد بن ربيعة في مجلس من قريش يُنشـدهم ، فجلس معهم
عثمان ، فقل لبيـد ( ألا كل شيء ما خلا الله باطـل ) قال عثمان ( صدقت
)قال لبيد ( وكل نعيم لا محالة زائل )قال عثمان ( كذبت ، نعيم الجنة
لا يزول )قال لبيد ( يا معشر قريش ، والله ما كان يؤذى جليسكم ، فمتى
حدث هذا فيكم ؟) فقال رجل من القوم ( إن هذا سفيه من سفهاء معه ، قد
فارقوا ديننا فلا تجدن في نفسك من قوله )فرد عثمان عليه حتى شري أمرهم
، فقام إليه ذلك الرجل فلطم عينه فخضّرها والوليد بن المغيرة قريب يرى ما
بلغ من عثمان ، فقال ( أما والله يا ابن أخي ، إن كانت عينك عما أصابها
لغنية ، لقد كنت في ذمة منيعة )فقال عثمان ( بل والله إن عيني الصحيحة
لفقيرة الى مثل ما أصاب أختها في الله وإني لفي جوار من هو أعز منك وأقدر
يا أبا عبد شمس )فقال الوليد ( هلم يا ابن أخي ، إن شئت فعد الى جوارك
)فقال عثمان ( لا )
الراهب الجليل
وهاجر عثمان بن مظعـون الى المدينة مع الرسـول -صلى الله عليه وسلم-
والمسلميـن ، وظهرت حقيقته الطاهرة ، فهو راهـب الليل والنهار وفارسهمـا
معا ، تفرغ للعبادة وانقطع عن مناعم الحياة فلا يلبس إلا الخشـن ولا يأكل
إلا الطعام الجشِب ، فقد دخل يوما المسجد ، وكان يرتدي لباسا تمزق ، فرقعه
بقطعة من فروة ، فرق له قلب النبي -صلى الله عليه وسلم- ودمعت عيون
الصحابة فقال لهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( كيف أنتم يوم يغدو أحدكم
في حُلّة ، ويروح في أخرى ، وتوضع بين يديه قصعة وترفع أخرى ، وسَتَرتم
بيوتكم كما تستر الكعبة ؟)قال الأصحاب ( وَدِدْنا أن ذلك يكون يا رسول
الله ، فنُصيب الرخاء والعيش ) فأجابهم الرسول الكريم ( إن ذلك لكائن ،
وأنتم اليوم خير منكم يومئـذ )
البيت
واتّخَذَ عثمان بن مظعون بيتاً فقعد يتعبّد فيه ، فبلغ ذلك النبي -صلى
الله عليه وسلم- فأتاه ، فأخذ بعِضادتَيْ باب البيت الذي هو فيه فقال ( يا
عثمان إن الله لم يبعثني بالرهبانيّة ، مرّتين أو ثلاثاً ، وإنّ خيرَ
الدّين عند الله الحنيفيّة السمحة )
الأسوة الحسنة
وحين سمع ابـن مظعـون ذلك زاد هربا من النعيم ، بل حتى الرفث الى زوجته
نأى عنه وانتهى ، فقد دخلت امرأةُ عثمان على نساء النبـي -صلى اللـه عليه
وسلم- فَرَأيْنها سيّئة الهيئة ، فقُلن لها ( مَا لكِ ؟ فما في قريش أغنى
من بعلِك ؟) قالت ( ما لنا منه شيءٌ ، أمّا ليلهُ فقائمٌ ، وأمّا
نهارَهُ فصائم )
فدخل النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- فذكَرْنَ ذلك له ، فلقيهُ فقال ( يا
عثمان بن مظعون أمَا لكَ بي أسوة ) فقال ( بأبي وأمي ، وما ذاك ؟) قال
( تصوم النهار وتقومُ الليلَ ؟!)قال ( إنّي لأفعل ) قال ( لا تفعلْ ،
إنّ لعينيك عليك حقّاً ، وإن لجسدك حقّاً ، وإن لأهلك حقّاً ، فصلّ ونمْ ،
وصُم وأفطر )
فأتت امرأته على زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك عطرةُ عروس ،
فقُلنَ لها ( مَهْ ؟!قالت ( أصابنا ما أصاب الناس )
الحياء
أتى عثمان بن مظعون النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال ( يا رسول الله إنّي
لا أحبّ أن ترى امرأتي عورتي )قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (
ولِمَ ؟)قال ( أستحيي من ذلك وأكرهه ) قال -صلى الله عليه وسلم- (
إنّ الله جعلها لك لباساً ، وجعلك لها لباساً ، وأهلي يرون عورتي ، وأنا
أرى ذلك منهم ) قال ( أنت تفعلُ ذلك يا رسول الله ؟) قال (نعم
) قال ( فمِنْ بعدِك )فلمّا أدبر قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
( إنّ ابن مظعون لَحَييٌّ سِتّيرٌ )
وفاته
وحين كانت روحه تتأهب للقاء ربها وليكون صاحبها أول المهاجرين وفاة
بالمدينة سنة ( 2 هـ ) ، كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- الى جانبه يقبل
جبينه ويعطره بدموعه وودعه الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- قائلا ( رحمك
الله أبا السائب ، خرجت من الدنيا وما أصبت منها ولا أصابت منك ) ولم
ينسه الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك أبدا حتى حين ودع ابنته رقية
حين فاضت روحها قال لها ( الحقي بسلفنا الخيِّر ، عثمان بن مظعون )
الرثاء
وقالت امرأته ترثيه
يا عينُ جودي بدمعٍ غيـر ممنُونِ ***** على رزية عثمان بن مظعـون
على امرىءٍ فـي رضوانِ خالقـه ***** طُوبى له من فقيد الشخص مدفونِ
طاب البقيـعُ له سكنى وغرقـده ***** وأشرقتْ أرضُهُ من بعد تعييـن
وأورثَ القلبَ حُزْناً لا انقطاع له ***** حتى الممات فما تَرقَى له شوني