صفات الحروف
الصفات جمع صفة وهي في اللغة ما قام بالشيء من المعاني حسيًّا كان كالبياض والصفرة والحمرة واللمس أو معنويًّا كالعلم والأدب. وفي الاصطلاح كيفية تعرض للحرف عند النطق به كجريان النفس في الحروف المهموسة وعدم جريانه في الحروف المجهورة وما إلى ذلك مما سيأتي مفصلاً.
ولمعرفة هذا الباب فوائد مهمة وجليلة منها:
1- تمييز الحروف المشتركة في المخرج إذ لولاها لكانت تلك الحروف حرفاً واحداً فمن ذلك: الطاء المهلمة فلولا انفرادها بالاستعلاء والإطباق والجهر لكانت تاءاً لاتفاقهما في المخرج. والذال المعجمة لولا الاستفال والانفتاح اللذان فيها لكانت ظاءاً معجمة لاتفاقهما في المخرج أيضاً.
والحاء المهملة والهاء والثاء المثلثة لولا اختلافهن في المخرج لكن حرفاً واحداً لاتفاقهن في الصفات.
2- تحسين لفظ الحروف المختلفة في المخرج.
3- معرفة قوي الحروف وضعيفها ليعلم ما يجوز فيه الإدغام وما لا يجوز إلى غير ذلك من الفوائد.
الكلام على الصفات الأصلية اللازمة
تنقسم الصفات الأصلية إلى قسمين أيضاً: قسم له ضد وهو خمس وضده كذلك وتسمى هذه الصفات ذوات الأضداد. وقسم لا ضد له وهو سبع. وفيما يلي الكلام على كل قسم بانفراد:
الكلام على الصفات ذوات الأضداد
والصفات ذوات الأضداد عشرة صفات وهي كالآتي:
الجهر وضده الهمس. والرخو وضده الشدة والتوسط معاً. والاستفال وضده الاستعلاء. والانفتاح وضده الإطباق. والإصمات وضده الإذلاق.
وأما الصفات التي لا ضد لها فسبع كما مر وهي: الصفير، والقلقلة، واللين، والانحراف، والتكرار، والتفشي، والاستطالة.
وسنتكلم أولاً علىكل صفة وضدها على حدة إلى أن تنتهي ذوات الأضداد ثم نعقب بالكلام على الصفات السبع التي لا ضد لها فنقول وبالله التوفيق.
الصفة الأولى: الهمس وهو في اللغة الخفاء.
وفي الاصطلاح ضعف التصويت بالحرف لضعف الاعتماد عليه في المخرج حتى جرى النفس معه فكان فيه همس أي خفاء ولذا سمي مهموساً وحروفها عشرة جمعها الحافظ ابن الجزري في المقدمة والطيبة في قوله: "فحثه شخص سكت" وهي الفاء والحاء والثاء المثلثة والهاء والشين والخاء والصاد والسين والكاف والثاء المثناة فوق.
الصفة الثانية: الجهر وهو ضد الهمس ومعناه في اللغة الإعلان والإظهار. وفي الإصطلاح قوة التصويت بالحرف لقوة الاعتماد عليه في المخرج حتى منع جريان النفس معه فكان فيه جهر أي إعلان وإظهار ولذا سمي مجهوراً وحروفه تسعة عشر حرفاً وهي الأحرف الباقية من حروف الهجاء بعد حروف الهمس العشرة السابقة ويؤخذ من التعريف الاصطلاحي لصفتي الجهر والهمس أن الفرق بينهما قائم على عدم جريان النفس في الأول وجريانه في الثاني، كما يؤخذ أيضاً أن الحروف الهجائية موزعة على الصفتين فما كان من حروف (فحثه شخص سكت) فهو من صفة الهمس وما كان من غيرها فهو من صفة الجهر.
الصفة الثالثة: الشدة والتوسط. فالشدة معناها في اللغة القوة وفي الاصطلاح لزوم الحرف لموضعه لقوة الاعتماد عليه في المخرج حتى حبس الصوت عن الجريان معه فكان فيه شدة أي قوة ولذا سمي شديداً وحروفها ثمانية جمعها الحافظ ابن الجزري في المقدمة والطيبة في قوله: "أجد قط بكت" وهي الهمزة والجيم والدال والقاف والطاء والباء الموحدة والكاف والتاء المثناة فوق.
والتوسط: أي بين الشدة والرخو معناه في اللغة الاعتدال وفي الاصطلاح كون الحرف بين الصفتين (أي بين صفة الشدة و صفة الرخو الآتية بعد) بحيث يكون عند النطق به ينحبس بعض الصوت معه ويجري بعضه ولذا سمي متوسطاً. وحروفه خمسة جمعها الحافظ ابن الجزري في المقدمة والطيبة في قوله: "لن عمر" وهي اللام والنون والعين والميم والراء.
الصفة الرابعة: الرخو وهو ضد الشدة والتوسط ومعناه في اللغة اللين وفي الاصطلاح ضعف لزوم الحرف لموضعه لضعف الاعتماد عليه في المخرج حتى جرى معه الصوت فكان فيه رخو أي لين ولذا سمي رخواً. وحروفه ستة عشر حرفاً وهي الباقية من حروف الهجاء بعد حروف الشدة الثمانية المتقدم ذكرها وحروف التوسط الخمسة السابق ذكرها كذلك.
ويؤخذ مما سبق توضيحه أن الحروف الهجائية موزعة على صفة الشدة والتوسط والرخو فما كان من حروف "أجد قط بكت" فهو من صفة الشدة وما كان من حروف "لن عمر" فهو من صفة التوستط وما ليس منهما فهو من صفة الرخو كما يؤخذ أيضاً من التعريف الاصطلاحي للصفات الثلاث ونعني بها الشدة والتوسط والرخو أن الفرق بينهن قائم على حبس جريان الصوت في الأولى وجريانه في الثالثة وعدم كمال جريانه في الثانية بمعنى أن الصوت لم يجر في حروف التوسط كجريانه مع الرخو ولم ينحبس كانحباسه مع الشدة، وإليك بعضاً من الأمثلة ليظهر لك الفرق بينهن فإذا وقفت على الدال والجيم من نحو {مُّهْتَدٍ} {وَ?لْحَجِّ} ترى أن الصوت انحبس ولم يخرج لأن الدال والجيم من حروف الشدة. وإذا وقفت على السين و الفاء من نحو {?لْمَسِّ} {أُفٍّ} ترى أن الصوت قد جرى جرياناً ظاهراً وذلك لأن السين والفاء من حروف الرخو. وإذا وقفت على اللام والنون من نحو {قُلْ} و{يَكُنْ} ترى أن الصوت لم ينحبس عند النطق بهذين الحرفين كانحباسه مع الشدة ولم يجر معهما كجريانه مع الرخو ومن ثم سميت بحروف التوسط أو الحروف البينية وهذه الأمور كلها مدركة بالحس بأدنى تأمل، والله أعلم.
الصفة الخامسة: الاستعلاء وهو في اللغة الارتفاع وفي الاصطلاح ارتفاع اللسان إلى الحنك الأعلى عند النطق بالحرف فيرتفع الصوت معه ولذا سمي مستعلياً وحروفه سبعة جمعها الحافظ ابن الجزري في المقدمة والطيبة في قوله: "خص ضغط قظ" وهي الخاء والصاد والضاد والغين والطاء والقاف والظاء".
الصفة السادسة: الاستفال وهو ضد الاستعلاء ومعناه في اللغة الانخفاض وقيل الانحطاط. وفي الاصطلاح انخفاض اللسان أو انحطاطه عن الحنك الأعلى عند النطق بالحرف فينخفض معه الصوت إلى قاع الفم ولذا سمي مستفلاً وحروفه أثنان وعشرون حرفاً وهي الباقية من حروف الهجاء بعد حروف الاستعلاء السبعة المتقدمة. ومن هنا يؤخذ أن حروف الهجاء موزعة على الصفتين فما كان من حروف "خص ضغط قظ" مستعل وما كان من غيرها فهو مستفل. كما يؤخذ أيضاً من التعريف الاصطلاحي لهاتين الصفتين أن الفرق بينهما قائم على ارتفاع اللسان بالحرف إلى الحنك الأعلى عند النطق به أو انخفاضه عنه فما كان من الحروف مرتفع مع اللسان فهو مستعل وما كان منها منخفض معه فهو مستفل. ويترتب على صفة الاستفال الترقيق لحروفها كما يترتب على صفة الاستعلاء التفخيم لحروفها وسيأتي مزيد بيان لهذا.
الصفة السابعة: الإطباق ومعناه في اللغة الالتصاق. وفي الاصطلاح انطباق طائفة - أي جملة - من اللسان إلى الحنك الأعلى عند النطق بالحرف وانحصار الصوت بينهما ولذا سمي مطبقاً وحروفه أربعة وهي: (الصاد والضاد والطاء والظاء) وأقوى حروف الإطباق الطاء المهملة لجهرها وشدتها وأضعفها الظاء المعجمة لرخاوتها، وأما الصاد والضاد فمتوسطتان. ومعنى انطباق اللسان أي قربه من الحنك الأعلى عند النطق بهذه الأحرف زيادة عن قربه منه عند غيرها من حروف الاستعلاء المتقدمة.
واعلم أن الإطباق أبلغ وأخص من الاستعلاء فكونه أبلغ لأن اللسان عند النطق بحروفه يرتفع بها إلى الحنك الأعلى وينطبق بخلاف الاستعلاء فإن اللسان يرتفع بحروفه فقط ولا ينبطق بها ولذا خصت حروف الإطباق من بين حروف الاستعلاء بتفخيم أقوى كما سيأتي. وكون الإطباق أخص من الاستعلاء لأنه يلزم من الإطباق الاستعلاء ولا يلزم من الاستعلاء الإطباق فكل مطبق مستعل وليس كل مستعل مطبقاً.
الصفة الثامنة: الانتفاح وهو ضد الإطباق ومعناه في اللغة الافتراق. وفي الاصطلاح انفتاح ما بين اللسان والحنك الأعلى عند النطق بالحرف فلا ينحصر الصوت بينهما ولذا سمي منفتحاً وحروفه خمسة وعشرون حرفاً وهي الحروف الباقية من حروف الهجاء بعد حروف الإطباق الأربعة التي تقدمت.
ويؤخذ من هذا أن حروف الهجاء موزعة على الصفتين فما كان من حروف الإطباق الأربعة فمطبق وما كان من غيرها فمنفتح كما يؤخذ أيضاً من التعريف الاصطلاحي لصفتي الإطباق والانفتاح أن الفرق بينهما قائم على انطباق اللسان إلى الحنك الأعلى عند النطق بالحرف وانفتاحه عنه فما انطبق معه اللسان إلى الحنك الأعلى فمطبق وما انفتح اللسان عن الحنك الأعلى فمنفتح.
الصفة التاسعة: الذلاقة ومن معانيها في اللغة الفصاحة والخفة وفي الاصطلاح الاعتماد عند النطق بالحرف على ذلق اللسان والشفة وقيل غير ذلك وحروفها ستة جمعها الحافظ ابن الجزري في المقدمة والطيبة في قوله: "فِرَّ مِنْ لُبِّ" وهي الفاء والراء والميم والنون اللام والباء الموحدة. وسميت بذلك لذلاقتها أي خفتها وسرعة النطق بحروفها لأن بعضها يخرج من ذلق اللسان اي طرفه وهو الراء واللام والنون وبعضها يخرج من ذلق الشفة وهو الفاء والباء والميم وكما تسمى بالذلاقة تسمى بالحروف المذلقة وبحروف الإذلاق وكلها ألفاظ مترادفة.
الصفة العاشرة: الإصمات وهو ضد الذلاقة ومعناه في اللغة المنع وفي الاصطلاح منع حروفه من أن يبنى منها وحدها في كلام العرب كلمة رباعية الأصول أو خماسية لثقلها على اللسان فلا بد من أن تكون في الكلمات الرباعية الأصول أو الخمايسة حرف من الحروف المذلقة لتعدل خفته ثقل حرف الإصمات ولهذا سميت بالحروف المصمتة. وأما كلمة عسجد اسم للذهب وعسطوس بفتح العين والسين اسم شجر فقيل إنهما غير أصليين في كلام العرب بل ملحقان به وقيل شاذان وقيل غير ذلك واعلم أن صفة الإذلاق وضدها صفة الصمت لا دخل لهما في تجويد الحروف.
هذا: وحروف الإصمات ثلاثة وعشرون حرفاً هي الباقية من حروف الهجاء بعد الحروف الستة المتقدمة للذلاقة. ويؤخذ من هذا أن حروف الهجاء موزعة على صفتي الذلاقة والإصمات فماكان من حروف "فر من لب" فمذلق وما كان من غيرها فمصمت.
الى هنا انتهى كلامنا عن الصفات العشر ذوات الأضداد
يتبع الصفات التي لا ضد لها
الصفات جمع صفة وهي في اللغة ما قام بالشيء من المعاني حسيًّا كان كالبياض والصفرة والحمرة واللمس أو معنويًّا كالعلم والأدب. وفي الاصطلاح كيفية تعرض للحرف عند النطق به كجريان النفس في الحروف المهموسة وعدم جريانه في الحروف المجهورة وما إلى ذلك مما سيأتي مفصلاً.
ولمعرفة هذا الباب فوائد مهمة وجليلة منها:
1- تمييز الحروف المشتركة في المخرج إذ لولاها لكانت تلك الحروف حرفاً واحداً فمن ذلك: الطاء المهلمة فلولا انفرادها بالاستعلاء والإطباق والجهر لكانت تاءاً لاتفاقهما في المخرج. والذال المعجمة لولا الاستفال والانفتاح اللذان فيها لكانت ظاءاً معجمة لاتفاقهما في المخرج أيضاً.
والحاء المهملة والهاء والثاء المثلثة لولا اختلافهن في المخرج لكن حرفاً واحداً لاتفاقهن في الصفات.
2- تحسين لفظ الحروف المختلفة في المخرج.
3- معرفة قوي الحروف وضعيفها ليعلم ما يجوز فيه الإدغام وما لا يجوز إلى غير ذلك من الفوائد.
الكلام على الصفات الأصلية اللازمة
تنقسم الصفات الأصلية إلى قسمين أيضاً: قسم له ضد وهو خمس وضده كذلك وتسمى هذه الصفات ذوات الأضداد. وقسم لا ضد له وهو سبع. وفيما يلي الكلام على كل قسم بانفراد:
الكلام على الصفات ذوات الأضداد
والصفات ذوات الأضداد عشرة صفات وهي كالآتي:
الجهر وضده الهمس. والرخو وضده الشدة والتوسط معاً. والاستفال وضده الاستعلاء. والانفتاح وضده الإطباق. والإصمات وضده الإذلاق.
وأما الصفات التي لا ضد لها فسبع كما مر وهي: الصفير، والقلقلة، واللين، والانحراف، والتكرار، والتفشي، والاستطالة.
وسنتكلم أولاً علىكل صفة وضدها على حدة إلى أن تنتهي ذوات الأضداد ثم نعقب بالكلام على الصفات السبع التي لا ضد لها فنقول وبالله التوفيق.
الصفة الأولى: الهمس وهو في اللغة الخفاء.
وفي الاصطلاح ضعف التصويت بالحرف لضعف الاعتماد عليه في المخرج حتى جرى النفس معه فكان فيه همس أي خفاء ولذا سمي مهموساً وحروفها عشرة جمعها الحافظ ابن الجزري في المقدمة والطيبة في قوله: "فحثه شخص سكت" وهي الفاء والحاء والثاء المثلثة والهاء والشين والخاء والصاد والسين والكاف والثاء المثناة فوق.
الصفة الثانية: الجهر وهو ضد الهمس ومعناه في اللغة الإعلان والإظهار. وفي الإصطلاح قوة التصويت بالحرف لقوة الاعتماد عليه في المخرج حتى منع جريان النفس معه فكان فيه جهر أي إعلان وإظهار ولذا سمي مجهوراً وحروفه تسعة عشر حرفاً وهي الأحرف الباقية من حروف الهجاء بعد حروف الهمس العشرة السابقة ويؤخذ من التعريف الاصطلاحي لصفتي الجهر والهمس أن الفرق بينهما قائم على عدم جريان النفس في الأول وجريانه في الثاني، كما يؤخذ أيضاً أن الحروف الهجائية موزعة على الصفتين فما كان من حروف (فحثه شخص سكت) فهو من صفة الهمس وما كان من غيرها فهو من صفة الجهر.
الصفة الثالثة: الشدة والتوسط. فالشدة معناها في اللغة القوة وفي الاصطلاح لزوم الحرف لموضعه لقوة الاعتماد عليه في المخرج حتى حبس الصوت عن الجريان معه فكان فيه شدة أي قوة ولذا سمي شديداً وحروفها ثمانية جمعها الحافظ ابن الجزري في المقدمة والطيبة في قوله: "أجد قط بكت" وهي الهمزة والجيم والدال والقاف والطاء والباء الموحدة والكاف والتاء المثناة فوق.
والتوسط: أي بين الشدة والرخو معناه في اللغة الاعتدال وفي الاصطلاح كون الحرف بين الصفتين (أي بين صفة الشدة و صفة الرخو الآتية بعد) بحيث يكون عند النطق به ينحبس بعض الصوت معه ويجري بعضه ولذا سمي متوسطاً. وحروفه خمسة جمعها الحافظ ابن الجزري في المقدمة والطيبة في قوله: "لن عمر" وهي اللام والنون والعين والميم والراء.
الصفة الرابعة: الرخو وهو ضد الشدة والتوسط ومعناه في اللغة اللين وفي الاصطلاح ضعف لزوم الحرف لموضعه لضعف الاعتماد عليه في المخرج حتى جرى معه الصوت فكان فيه رخو أي لين ولذا سمي رخواً. وحروفه ستة عشر حرفاً وهي الباقية من حروف الهجاء بعد حروف الشدة الثمانية المتقدم ذكرها وحروف التوسط الخمسة السابق ذكرها كذلك.
ويؤخذ مما سبق توضيحه أن الحروف الهجائية موزعة على صفة الشدة والتوسط والرخو فما كان من حروف "أجد قط بكت" فهو من صفة الشدة وما كان من حروف "لن عمر" فهو من صفة التوستط وما ليس منهما فهو من صفة الرخو كما يؤخذ أيضاً من التعريف الاصطلاحي للصفات الثلاث ونعني بها الشدة والتوسط والرخو أن الفرق بينهن قائم على حبس جريان الصوت في الأولى وجريانه في الثالثة وعدم كمال جريانه في الثانية بمعنى أن الصوت لم يجر في حروف التوسط كجريانه مع الرخو ولم ينحبس كانحباسه مع الشدة، وإليك بعضاً من الأمثلة ليظهر لك الفرق بينهن فإذا وقفت على الدال والجيم من نحو {مُّهْتَدٍ} {وَ?لْحَجِّ} ترى أن الصوت انحبس ولم يخرج لأن الدال والجيم من حروف الشدة. وإذا وقفت على السين و الفاء من نحو {?لْمَسِّ} {أُفٍّ} ترى أن الصوت قد جرى جرياناً ظاهراً وذلك لأن السين والفاء من حروف الرخو. وإذا وقفت على اللام والنون من نحو {قُلْ} و{يَكُنْ} ترى أن الصوت لم ينحبس عند النطق بهذين الحرفين كانحباسه مع الشدة ولم يجر معهما كجريانه مع الرخو ومن ثم سميت بحروف التوسط أو الحروف البينية وهذه الأمور كلها مدركة بالحس بأدنى تأمل، والله أعلم.
الصفة الخامسة: الاستعلاء وهو في اللغة الارتفاع وفي الاصطلاح ارتفاع اللسان إلى الحنك الأعلى عند النطق بالحرف فيرتفع الصوت معه ولذا سمي مستعلياً وحروفه سبعة جمعها الحافظ ابن الجزري في المقدمة والطيبة في قوله: "خص ضغط قظ" وهي الخاء والصاد والضاد والغين والطاء والقاف والظاء".
الصفة السادسة: الاستفال وهو ضد الاستعلاء ومعناه في اللغة الانخفاض وقيل الانحطاط. وفي الاصطلاح انخفاض اللسان أو انحطاطه عن الحنك الأعلى عند النطق بالحرف فينخفض معه الصوت إلى قاع الفم ولذا سمي مستفلاً وحروفه أثنان وعشرون حرفاً وهي الباقية من حروف الهجاء بعد حروف الاستعلاء السبعة المتقدمة. ومن هنا يؤخذ أن حروف الهجاء موزعة على الصفتين فما كان من حروف "خص ضغط قظ" مستعل وما كان من غيرها فهو مستفل. كما يؤخذ أيضاً من التعريف الاصطلاحي لهاتين الصفتين أن الفرق بينهما قائم على ارتفاع اللسان بالحرف إلى الحنك الأعلى عند النطق به أو انخفاضه عنه فما كان من الحروف مرتفع مع اللسان فهو مستعل وما كان منها منخفض معه فهو مستفل. ويترتب على صفة الاستفال الترقيق لحروفها كما يترتب على صفة الاستعلاء التفخيم لحروفها وسيأتي مزيد بيان لهذا.
الصفة السابعة: الإطباق ومعناه في اللغة الالتصاق. وفي الاصطلاح انطباق طائفة - أي جملة - من اللسان إلى الحنك الأعلى عند النطق بالحرف وانحصار الصوت بينهما ولذا سمي مطبقاً وحروفه أربعة وهي: (الصاد والضاد والطاء والظاء) وأقوى حروف الإطباق الطاء المهملة لجهرها وشدتها وأضعفها الظاء المعجمة لرخاوتها، وأما الصاد والضاد فمتوسطتان. ومعنى انطباق اللسان أي قربه من الحنك الأعلى عند النطق بهذه الأحرف زيادة عن قربه منه عند غيرها من حروف الاستعلاء المتقدمة.
واعلم أن الإطباق أبلغ وأخص من الاستعلاء فكونه أبلغ لأن اللسان عند النطق بحروفه يرتفع بها إلى الحنك الأعلى وينطبق بخلاف الاستعلاء فإن اللسان يرتفع بحروفه فقط ولا ينبطق بها ولذا خصت حروف الإطباق من بين حروف الاستعلاء بتفخيم أقوى كما سيأتي. وكون الإطباق أخص من الاستعلاء لأنه يلزم من الإطباق الاستعلاء ولا يلزم من الاستعلاء الإطباق فكل مطبق مستعل وليس كل مستعل مطبقاً.
الصفة الثامنة: الانتفاح وهو ضد الإطباق ومعناه في اللغة الافتراق. وفي الاصطلاح انفتاح ما بين اللسان والحنك الأعلى عند النطق بالحرف فلا ينحصر الصوت بينهما ولذا سمي منفتحاً وحروفه خمسة وعشرون حرفاً وهي الحروف الباقية من حروف الهجاء بعد حروف الإطباق الأربعة التي تقدمت.
ويؤخذ من هذا أن حروف الهجاء موزعة على الصفتين فما كان من حروف الإطباق الأربعة فمطبق وما كان من غيرها فمنفتح كما يؤخذ أيضاً من التعريف الاصطلاحي لصفتي الإطباق والانفتاح أن الفرق بينهما قائم على انطباق اللسان إلى الحنك الأعلى عند النطق بالحرف وانفتاحه عنه فما انطبق معه اللسان إلى الحنك الأعلى فمطبق وما انفتح اللسان عن الحنك الأعلى فمنفتح.
الصفة التاسعة: الذلاقة ومن معانيها في اللغة الفصاحة والخفة وفي الاصطلاح الاعتماد عند النطق بالحرف على ذلق اللسان والشفة وقيل غير ذلك وحروفها ستة جمعها الحافظ ابن الجزري في المقدمة والطيبة في قوله: "فِرَّ مِنْ لُبِّ" وهي الفاء والراء والميم والنون اللام والباء الموحدة. وسميت بذلك لذلاقتها أي خفتها وسرعة النطق بحروفها لأن بعضها يخرج من ذلق اللسان اي طرفه وهو الراء واللام والنون وبعضها يخرج من ذلق الشفة وهو الفاء والباء والميم وكما تسمى بالذلاقة تسمى بالحروف المذلقة وبحروف الإذلاق وكلها ألفاظ مترادفة.
الصفة العاشرة: الإصمات وهو ضد الذلاقة ومعناه في اللغة المنع وفي الاصطلاح منع حروفه من أن يبنى منها وحدها في كلام العرب كلمة رباعية الأصول أو خماسية لثقلها على اللسان فلا بد من أن تكون في الكلمات الرباعية الأصول أو الخمايسة حرف من الحروف المذلقة لتعدل خفته ثقل حرف الإصمات ولهذا سميت بالحروف المصمتة. وأما كلمة عسجد اسم للذهب وعسطوس بفتح العين والسين اسم شجر فقيل إنهما غير أصليين في كلام العرب بل ملحقان به وقيل شاذان وقيل غير ذلك واعلم أن صفة الإذلاق وضدها صفة الصمت لا دخل لهما في تجويد الحروف.
هذا: وحروف الإصمات ثلاثة وعشرون حرفاً هي الباقية من حروف الهجاء بعد الحروف الستة المتقدمة للذلاقة. ويؤخذ من هذا أن حروف الهجاء موزعة على صفتي الذلاقة والإصمات فماكان من حروف "فر من لب" فمذلق وما كان من غيرها فمصمت.
الى هنا انتهى كلامنا عن الصفات العشر ذوات الأضداد
يتبع الصفات التي لا ضد لها