التحذير من الكبر والفخر
إنّ الحمد لله نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه ونشكره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا ضدّ ولا ندّ له. وأشهد أنَّ سيّدنا و حبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرّة أعيننا محمّدًا عبده ورسوله وصفيّه وحبيبه صلى الله وسلّم عليه وعلى كل رسول أرسله.
يا ابن ءادم، يا ابن ءادم إذا أصبحت فقل يا الله، وإذا أمسيت فقل يا الله، وإذا سألت فقل يا الله، وإذا استعنت فقل يا الله، وإذا نمت على فراش المرض فقل يا الله، وإذا دخل عليك ملك الموت فقل يا الله، يا الله، يا الله. قال تعالى في سورة الأعراف: ﴿سَأَصْرِفُ عَنْ ءايَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ ءايَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ﴾ {146}
فاتقوا الله عباد الله ولا تنسوا يوما يقال فيه لمن الملك اليوم، لمن الملك اليوم، لله، لله الواحد القهار، فاتقوا الله عباد الله القائل في محكم كتابه : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾
تقوى الله إخوة الإيمان مدارها على أمرين عظيمين: أداء الواجبات واجتناب المحرمات، اجتناب المعاصي، وكلامنا اليوم بإذن الله تعالى عن معصية عدّها العلماء من معاصي القلب. التكبر على العباد من معاصي القلب، سببه ناشىء من القلب، وإن كانت مظاهره من أعمال الجوارح لأن القلب لَما يشعر بالتكبر الآثار تظهر على الجوارح، ينظر بعين الاحتقار إلى الفقير أو يعرض عنه ترفّعا، فالتكبر على عباد الله هو ردّ الحق على قائله مع العلم بأن الصواب مع القائل لنحو كون القائل صغير السن فيستعظم أن يرجع الى الحق من أجل أن قائله صغير السن. كذلك الذي يتكبر في مشيته، يمشي مشية المتكبر هذا ذنبه كبير، وقد ورد في الحديث: "إن المتكبرين يحشرون يوم القيامة كأمثال الذرّ (أي النمل الأحمر الصغير) يطؤهم الناس بأقدامهم". قال تعالى في سورة المدّثر: ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِفَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌعَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُودًا وَبَنِينَ شُهُودًا وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلاَّ إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِعَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ﴾ من الآية 8 إلى الآية 30.
فعليكم إخوة الإيمان بالتواضع، والرسول صلى الله عليه وسلم لما قال: "إنكم لتغفلون عن أفضل العبادة التواضع" كان يخاطب جمعًا من الصحابة هذا ليس للكل. كبارهم مثل أبي بكر وعمر هؤلاء متواضعون جدا.
كان سيدنا عمر شديد التواضع، كان خرج مرة للجمعة ولبس اللباس الذي يلبسه الذي يلبسه المسلم للجمعة وهو في طريقه نزل عليه من ميزاب دار العباس دم فرختين ذبحا مع ماء فذهب وغسل ما نزل عليه ثم قال: يزال هذا الميزاب، فقال العباس هذا الرسول نصه فقال عمر يعاد كما كان وقال للعباس تطلع على ظهري، أمير المؤمنين عمر، عمر الفاروق، عمر يقول للعباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم تطلع على ظهري، وعزم عليه فوقف عمر وهو أمير المؤمنين وطلع على ظهره العباس وأعاده.
التواضع أيها الإخوة نتيجة سلامة من الفخر والبغي أي الاعتداء على الناس. التواضع نتيجته سلامة من الفخر، الله تعالى لا يحب الفخر في الثياب وفي الأثاث وفي المسكن وما أشبه ذلك، لا يحب الذي يعمل للفخر يلبس الثوب الجميل ويتخذ الأثاث الجميل للفخر، هذا ذنبه كبير، حتى إذا كان لبس ثوباً فاخرًا ليراه الناس ويقولوا ما أجمل ثوب فلان فهذا معصية كبيرة.
هؤلاء الذين يلبسون الثياب الفاخرة للفخر أو يبنون البناء الجميل للفخر، أو يركبون المركوبات النفيسة الجميلة للفخر، لو عجل الله عقوبتهم لعاقبهم في الدنيا قبل الآخرة لكنه يؤخر عذاب أكثر الخلق إلى الآخرة، وقد يظهر الله تبارك وتعالى في هذه الدنيا عقوبة على بعض من يلبس للفخر.
الرسول صلى الله عليه وسلم حدّثنا أن رجلا ممن كان قبل هذه الأمّة أمّة محمّد كان يمشي متبخترا ينظر في جانبيه، أعجبه ثوبه وشعره، تهيئة شعره وحسن شعره، بينما هو يمشي متبخترا أمر الله تبارك وتعالى به الأرض فبلعته فهو يتجلجل إلى يوم القيامة، والتجلجل معناه السؤوخ أي النّزول في الأرض والتحرك والتضعضع.
فالفخر معناه يفعل ذلك ليعجب به الناس، يريد أن يكون له اختصاص عند الناس بالنظر إليه والتفخيم. كل شىء يفعله الإنسان للفخر من لباس جميل وأثاث جميل ومركب جميل فهو حرام، والذي يبني بناء فخمًا للفخر ذنبه كبير، أما الذي للتجمّل فقط يلبس ثوبا أنيقًا فهو جائز، للتجمّل فقط ليس للفخر.
رغيـف خبـز يـابس *** تأكلـه فـي زاويـه
وكـوز مـاء بـارد *** تشربـه من صافيـه
وغـرفـة ضيقــة *** نفسـك فيهـا خاليـه
أو مسجـد بِمعـزل *** عن الـورى في ناحيـه
تـدرس فيـه دفتـرًا *** مُســتَنِـدًا بساريـــه
معتبـرًا بِمـن مضـى *** مـن القـرون الخاليـه
خيـر من الساعات في *** فـيءِ القصور العاليـه
تعقبهــا عقـوبـةٌ *** تُصلـى بنـار حاميـه
اللهم اجعلنا من عبادك المتواضعين الزاهدين الصالحين العابدين الناسكين الوالهين بمحبتك يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين.
هذا و أستغفر الله لي و لكم.
الخطبة الثانية:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِ الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى كل رسول أرسله.
أما بعد، فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله العلي العظيم. أوصيكم ونفسي بوصية من وصايا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وهي طول الصمت إلا من خير حيث قال صلى الله عليه وسلم: "عليك بطول الصمت إلا من خير فإنه مطردة للشيطان عنك وعون لك على أمر دينك" .
فعليك أخي المسلم باتباع هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم اتباعًا كاملاً لتلقى السعادة في الدنيا وفي الآخرة وإياك أن تردد بعض العبارات التي يتلفظ بها بعض الجهال ومنها ما هو مخرج عن دين الله تعالى كقول بعض الناس معمما كلامه : الكلب أحسن من بني ءادم، فإن هذا اللفظ عام يؤدي الى تكذيب قول الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾
وأما إن كان هذا الشخص في كلامه قرينة تدل على أنه أحسن من الشخص المخاطب في بعض الخصال كالوفاء بصاحبه الذي يرعاه فلا يكفر. أما من قال هذه الكلمة: " الكلب أحسن من بني ءادم" معمما كلامه كفر والعياذ بالله.
وكذلك مما يجب التحذير منه قول بعض الناس: " كل الناس خير وبركة " فإن إطلاق هذا القول على وجه التعميم بمعنى أن المؤمنين والكافرين كل خير وبركة فهذا مخالف للقرءان، مخالف لقول الله تعالى: ﴿أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ﴾ سورة السجدة
أخي المسلم في كل جمعة ستحضر فيها إلى هذا المسجد (أو المصلى) وتسمع فيها تحذير من بعض العبارات الفاسدة سيقوى ميزانك الشرعي بإذن الله تعالى وستزداد علمًا ومعرفة وتنبهًا للعبارات المخالفة لدين الله التي تسمعها من هنا أو من هناك. فعليك بالثبات على الحق، الحق أحق أن يُتبع.
اللّـهُمَّ إنَّا دعَوْناكَ فاستجبْ لنا دعاءَنا فاغفرِ اللّـهُمَّ لنا ذنوبَنا وإسرافَنا في أمرِنا اللّـهُمَّ اغفِرْ للمؤمنينَ والمؤمناتِ الأحياءِ منهُمْ والأمواتِ ربَّنا ءاتِنا في الدنيا حسَنةً وفي الآخِرَةِ حسنةً وقِنا عذابَ النارِ اللّـهُمَّ اجعلْنا هُداةً مُهتدينَ غيرَ ضالّينَ ولا مُضِلينَ اللّـهُمَّ استرْ عَوراتِنا وءامِنْ روعاتِنا واكفِنا مَا أَهمَّنا وَقِنا شَرَّ ما نتخوَّفُ. عبادَ اللهِ ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾، يعظُكُمْ لعلَّكُمْ تذَكَّرون. اذكُروا اللهَ العظيمَ يذكرْكُمْ واشكُروهُ يزِدْكُمْ، واستغفروه يغفِرْ لكُمْ واتّقوهُ يجعلْ لكُمْ مِنْ أمرِكُمْ مخرَجًا، وَأَقِمِ الصلاةَ
إنّ الحمد لله نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه ونشكره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا ضدّ ولا ندّ له. وأشهد أنَّ سيّدنا و حبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرّة أعيننا محمّدًا عبده ورسوله وصفيّه وحبيبه صلى الله وسلّم عليه وعلى كل رسول أرسله.
يا ابن ءادم، يا ابن ءادم إذا أصبحت فقل يا الله، وإذا أمسيت فقل يا الله، وإذا سألت فقل يا الله، وإذا استعنت فقل يا الله، وإذا نمت على فراش المرض فقل يا الله، وإذا دخل عليك ملك الموت فقل يا الله، يا الله، يا الله. قال تعالى في سورة الأعراف: ﴿سَأَصْرِفُ عَنْ ءايَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ ءايَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ﴾ {146}
فاتقوا الله عباد الله ولا تنسوا يوما يقال فيه لمن الملك اليوم، لمن الملك اليوم، لله، لله الواحد القهار، فاتقوا الله عباد الله القائل في محكم كتابه : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾
تقوى الله إخوة الإيمان مدارها على أمرين عظيمين: أداء الواجبات واجتناب المحرمات، اجتناب المعاصي، وكلامنا اليوم بإذن الله تعالى عن معصية عدّها العلماء من معاصي القلب. التكبر على العباد من معاصي القلب، سببه ناشىء من القلب، وإن كانت مظاهره من أعمال الجوارح لأن القلب لَما يشعر بالتكبر الآثار تظهر على الجوارح، ينظر بعين الاحتقار إلى الفقير أو يعرض عنه ترفّعا، فالتكبر على عباد الله هو ردّ الحق على قائله مع العلم بأن الصواب مع القائل لنحو كون القائل صغير السن فيستعظم أن يرجع الى الحق من أجل أن قائله صغير السن. كذلك الذي يتكبر في مشيته، يمشي مشية المتكبر هذا ذنبه كبير، وقد ورد في الحديث: "إن المتكبرين يحشرون يوم القيامة كأمثال الذرّ (أي النمل الأحمر الصغير) يطؤهم الناس بأقدامهم". قال تعالى في سورة المدّثر: ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِفَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌعَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُودًا وَبَنِينَ شُهُودًا وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلاَّ إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِعَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ﴾ من الآية 8 إلى الآية 30.
فعليكم إخوة الإيمان بالتواضع، والرسول صلى الله عليه وسلم لما قال: "إنكم لتغفلون عن أفضل العبادة التواضع" كان يخاطب جمعًا من الصحابة هذا ليس للكل. كبارهم مثل أبي بكر وعمر هؤلاء متواضعون جدا.
كان سيدنا عمر شديد التواضع، كان خرج مرة للجمعة ولبس اللباس الذي يلبسه الذي يلبسه المسلم للجمعة وهو في طريقه نزل عليه من ميزاب دار العباس دم فرختين ذبحا مع ماء فذهب وغسل ما نزل عليه ثم قال: يزال هذا الميزاب، فقال العباس هذا الرسول نصه فقال عمر يعاد كما كان وقال للعباس تطلع على ظهري، أمير المؤمنين عمر، عمر الفاروق، عمر يقول للعباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم تطلع على ظهري، وعزم عليه فوقف عمر وهو أمير المؤمنين وطلع على ظهره العباس وأعاده.
التواضع أيها الإخوة نتيجة سلامة من الفخر والبغي أي الاعتداء على الناس. التواضع نتيجته سلامة من الفخر، الله تعالى لا يحب الفخر في الثياب وفي الأثاث وفي المسكن وما أشبه ذلك، لا يحب الذي يعمل للفخر يلبس الثوب الجميل ويتخذ الأثاث الجميل للفخر، هذا ذنبه كبير، حتى إذا كان لبس ثوباً فاخرًا ليراه الناس ويقولوا ما أجمل ثوب فلان فهذا معصية كبيرة.
هؤلاء الذين يلبسون الثياب الفاخرة للفخر أو يبنون البناء الجميل للفخر، أو يركبون المركوبات النفيسة الجميلة للفخر، لو عجل الله عقوبتهم لعاقبهم في الدنيا قبل الآخرة لكنه يؤخر عذاب أكثر الخلق إلى الآخرة، وقد يظهر الله تبارك وتعالى في هذه الدنيا عقوبة على بعض من يلبس للفخر.
الرسول صلى الله عليه وسلم حدّثنا أن رجلا ممن كان قبل هذه الأمّة أمّة محمّد كان يمشي متبخترا ينظر في جانبيه، أعجبه ثوبه وشعره، تهيئة شعره وحسن شعره، بينما هو يمشي متبخترا أمر الله تبارك وتعالى به الأرض فبلعته فهو يتجلجل إلى يوم القيامة، والتجلجل معناه السؤوخ أي النّزول في الأرض والتحرك والتضعضع.
فالفخر معناه يفعل ذلك ليعجب به الناس، يريد أن يكون له اختصاص عند الناس بالنظر إليه والتفخيم. كل شىء يفعله الإنسان للفخر من لباس جميل وأثاث جميل ومركب جميل فهو حرام، والذي يبني بناء فخمًا للفخر ذنبه كبير، أما الذي للتجمّل فقط يلبس ثوبا أنيقًا فهو جائز، للتجمّل فقط ليس للفخر.
رغيـف خبـز يـابس *** تأكلـه فـي زاويـه
وكـوز مـاء بـارد *** تشربـه من صافيـه
وغـرفـة ضيقــة *** نفسـك فيهـا خاليـه
أو مسجـد بِمعـزل *** عن الـورى في ناحيـه
تـدرس فيـه دفتـرًا *** مُســتَنِـدًا بساريـــه
معتبـرًا بِمـن مضـى *** مـن القـرون الخاليـه
خيـر من الساعات في *** فـيءِ القصور العاليـه
تعقبهــا عقـوبـةٌ *** تُصلـى بنـار حاميـه
اللهم اجعلنا من عبادك المتواضعين الزاهدين الصالحين العابدين الناسكين الوالهين بمحبتك يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين.
هذا و أستغفر الله لي و لكم.
الخطبة الثانية:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِ الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى كل رسول أرسله.
أما بعد، فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله العلي العظيم. أوصيكم ونفسي بوصية من وصايا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وهي طول الصمت إلا من خير حيث قال صلى الله عليه وسلم: "عليك بطول الصمت إلا من خير فإنه مطردة للشيطان عنك وعون لك على أمر دينك" .
فعليك أخي المسلم باتباع هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم اتباعًا كاملاً لتلقى السعادة في الدنيا وفي الآخرة وإياك أن تردد بعض العبارات التي يتلفظ بها بعض الجهال ومنها ما هو مخرج عن دين الله تعالى كقول بعض الناس معمما كلامه : الكلب أحسن من بني ءادم، فإن هذا اللفظ عام يؤدي الى تكذيب قول الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾
وأما إن كان هذا الشخص في كلامه قرينة تدل على أنه أحسن من الشخص المخاطب في بعض الخصال كالوفاء بصاحبه الذي يرعاه فلا يكفر. أما من قال هذه الكلمة: " الكلب أحسن من بني ءادم" معمما كلامه كفر والعياذ بالله.
وكذلك مما يجب التحذير منه قول بعض الناس: " كل الناس خير وبركة " فإن إطلاق هذا القول على وجه التعميم بمعنى أن المؤمنين والكافرين كل خير وبركة فهذا مخالف للقرءان، مخالف لقول الله تعالى: ﴿أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ﴾ سورة السجدة
أخي المسلم في كل جمعة ستحضر فيها إلى هذا المسجد (أو المصلى) وتسمع فيها تحذير من بعض العبارات الفاسدة سيقوى ميزانك الشرعي بإذن الله تعالى وستزداد علمًا ومعرفة وتنبهًا للعبارات المخالفة لدين الله التي تسمعها من هنا أو من هناك. فعليك بالثبات على الحق، الحق أحق أن يُتبع.
اللّـهُمَّ إنَّا دعَوْناكَ فاستجبْ لنا دعاءَنا فاغفرِ اللّـهُمَّ لنا ذنوبَنا وإسرافَنا في أمرِنا اللّـهُمَّ اغفِرْ للمؤمنينَ والمؤمناتِ الأحياءِ منهُمْ والأمواتِ ربَّنا ءاتِنا في الدنيا حسَنةً وفي الآخِرَةِ حسنةً وقِنا عذابَ النارِ اللّـهُمَّ اجعلْنا هُداةً مُهتدينَ غيرَ ضالّينَ ولا مُضِلينَ اللّـهُمَّ استرْ عَوراتِنا وءامِنْ روعاتِنا واكفِنا مَا أَهمَّنا وَقِنا شَرَّ ما نتخوَّفُ. عبادَ اللهِ ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾، يعظُكُمْ لعلَّكُمْ تذَكَّرون. اذكُروا اللهَ العظيمَ يذكرْكُمْ واشكُروهُ يزِدْكُمْ، واستغفروه يغفِرْ لكُمْ واتّقوهُ يجعلْ لكُمْ مِنْ أمرِكُمْ مخرَجًا، وَأَقِمِ الصلاةَ