الإجـازة
في القرآن الكريم
بقلم الشيخ المقرئ: أسامة حجازي كيلاني – رحمه الله
منقول من كتابه : "هل التجويد واجب"
نقلا عن ملتقى أهل الحديث
معناها:
هي عملية النقل الصوتي للقرآن الكريم من جيل إلى جيل ، وفيها يشهد المجيز أن تلاوة المجاز قد صارت صحيحة مئة بالمائة بالنسبة للرواية – أو الروايات – التي أجازه بها ، ثم يأذن له بأن يقرأ ويُقرئ غيره القرآن الكريم.
مشروعيتها:
الأصل فيها: قول الله تعالى: وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم
[ النمل: 6 ]
ومادة ( تلقى ) من اللقيا ، فيها لقاء بين اثنين ، هما المتلقي – بكسر القاف – والمتلقى منه – بفتحها – فأمرُ هذا القرآن في تلقيه مبني على ذلك ، تلقى جبريل من الله تعالى ، وتلقى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من جبريل ، وتلقى الصحابة رضي الله عنهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أخرج البخاري في ( فضائل القرآن ) في (( صحيحهِ )) عن مسروق: ذكر عبد الله ابن عمرو، عبد الله بن مسعود فقال: لا أزال أحبه ، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود ، وسالم ، ومعاذ ، وأُبي بن كعب " .
فهؤلاء المذكورون ، اثنان منهم من المهاجرين ، وهما : عبد الله بن مسعود ، وسالم ابن معقل.
أما عبد الله بن مسعود الهذلي- رضي الله عنه- فهو الملقب بـ (( ابن أم عبد )) كما في الحديث: " من أحب أن يقرأ القرآن غضاَ كما أُنزل.... فليقرأه بقراءة ابن أم عبد " .
وذلك أنه تلقى القراءة مشافهة من في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتقنها ، وكان مع ذلك حسن الصوت ، قوي التأثير ، بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سمع منه آيات ؛ منها قوله تعالى: فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً [ النساء : 41 ].
وثبت عنهُ في (( الصحيح )) أنه – رضي الله عنه- قال: " والله.... لقد أخذتُ من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعاً وسبعين سورة ، والله... لقد علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أني من أعلمهم بكتاب الله ، وما أنا بخيرهم " .
فسيدنا عبدالله بن مسعود كان من أقرإ الصحابة وأعلمهم بالقرآن ، وأحسنهم إتقاناً لقراءته ، وأعلمهم بالعرضة الأخيرة ، ولعل هذا هو السر في تقديم النبي صلى الله عليه وسلم له على باقي الأربعة.
وأما سالم بن معقل : فهو مولى أبي حذيفة بن عتبة ، وكان سالم من السابقين الأولين ، وقد روى البخاري أنه كان يؤم المهاجرين بقباء لما قدموا من مكة وفيهم عمر ابن الخطاب ، واستدل البخاري بذلك على جواز إمامة العبد .
واثنان من المذكورين من الأنصار ، وهما: معاذ ، وأُبي.
أما معاذ: فهو ابن جبل الخزرجي الأنصاري أبو عبدالله الرحمن.
وأما أُبي: فهو ابن كعب النجاري الخزرجي الأنصاري ، أبو المنذر ، سيد القراء بعد رسول الله .
وقد مات ابن مسعود وأُبي في خلافة عثمان ، ومات معاذ في خلافة عمر ، واستشهد سالمُ مع مولاهُ أبي حذيفة في وقعة اليمامة في خلافة أبي بكر ، رضي الله عن الجميع.
يدل هذا الحديثُ على ثلاثة أمور:
الأمر الأول: قراءة القرآن تؤخذ بالتلقي من أفواه المقرئين ، وهذا معنى الإجازة الذي تقدم.
والأمر الثاني: مشروعية تحري الضابطين من أهل القرآن للأخذ عنهم والتلقي منهم ؛ فهذا القرآن لا يؤخذ عن كل أحد.
والأمر الثالث: محبة أهل القرآن ، القراء الحافظين المتقنين على وجه الخصوص ؛ لأن صدورهم أوعية لكتاب الله تعالى ، وهم في إتقانه وقراءته كالملائكة الكرام البررة.
وهنا يرد سؤال: لم خص النبي هؤلاء الأربعة في الحديث السابق ، بينما في الصحابة قراء كثيرون غيرهم؟
والجواب: أنه برز من الصحابة من القراء غير هؤلاء المذكورين كثيرون مثل: زيد بن ثابت ، وأبي موسى الأشعري ، وأبي الدرداء ، ومن الخلفاء الأربعة قرأ الناس على يد عثمان بن عفان – ثم شغلته الخلافة – وعلى بن أبي طالب.
ولو نظرت في كتاب (( معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار )) للإمام الذهبي ، المتوفي سنة ( 748 ) رحمه الله تعالى.... لرأيت الطبقة الأولى الذين عرضوا على رسول الله . فذكر:
فزيد بن ثابت من أقراءِ الصحابة وأعلمهم بالقرآن ، وأعرفهم بالعرضة الأخيرة ، إضافةً إلى خبرته بكتابة القرآن ، حيث كان يكتب الوحي لرسول الله ، وعاش زمناً حتى قرأ عليه كثيرون وانتفع به أمم ، فقد توفي سنة ( 42هـ ) ، وقيل: ( 43 هـ ) ، وقيل : ( 45 هـ ).
وأبو موسى الأشعري ، عبدالله بن قيس: من أهل اليمن من بني الأشعر ، قَدِمَ المدينة بعد فتح خيبر ، مات سنة ( 42هـ ) ، وهو ابن نيفٍ وستين سنة بالكوفة ، وقيل بمكة.
وأبو الدرداء ، عويمر بن زيد ، مات في خلافة عثمان ، قيل: لسنتين بقيتا من خلافته ، رضي الله تعالى عنهم.
فإذا شهد المُقرئ لمن يقرأُ عليه بأن قراءتهُ صحيحةٌ ، وأذن له أن يُقرئ غيرهُ.... فهذا هو معنى ( أجازهُ بالقرآن الكريم ).
في القرآن الكريم
بقلم الشيخ المقرئ: أسامة حجازي كيلاني – رحمه الله
منقول من كتابه : "هل التجويد واجب"
نقلا عن ملتقى أهل الحديث
معناها:
هي عملية النقل الصوتي للقرآن الكريم من جيل إلى جيل ، وفيها يشهد المجيز أن تلاوة المجاز قد صارت صحيحة مئة بالمائة بالنسبة للرواية – أو الروايات – التي أجازه بها ، ثم يأذن له بأن يقرأ ويُقرئ غيره القرآن الكريم.
مشروعيتها:
الأصل فيها: قول الله تعالى: وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم
[ النمل: 6 ]
ومادة ( تلقى ) من اللقيا ، فيها لقاء بين اثنين ، هما المتلقي – بكسر القاف – والمتلقى منه – بفتحها – فأمرُ هذا القرآن في تلقيه مبني على ذلك ، تلقى جبريل من الله تعالى ، وتلقى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من جبريل ، وتلقى الصحابة رضي الله عنهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أخرج البخاري في ( فضائل القرآن ) في (( صحيحهِ )) عن مسروق: ذكر عبد الله ابن عمرو، عبد الله بن مسعود فقال: لا أزال أحبه ، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود ، وسالم ، ومعاذ ، وأُبي بن كعب " .
فهؤلاء المذكورون ، اثنان منهم من المهاجرين ، وهما : عبد الله بن مسعود ، وسالم ابن معقل.
أما عبد الله بن مسعود الهذلي- رضي الله عنه- فهو الملقب بـ (( ابن أم عبد )) كما في الحديث: " من أحب أن يقرأ القرآن غضاَ كما أُنزل.... فليقرأه بقراءة ابن أم عبد " .
وذلك أنه تلقى القراءة مشافهة من في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتقنها ، وكان مع ذلك حسن الصوت ، قوي التأثير ، بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سمع منه آيات ؛ منها قوله تعالى: فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً [ النساء : 41 ].
وثبت عنهُ في (( الصحيح )) أنه – رضي الله عنه- قال: " والله.... لقد أخذتُ من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعاً وسبعين سورة ، والله... لقد علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أني من أعلمهم بكتاب الله ، وما أنا بخيرهم " .
فسيدنا عبدالله بن مسعود كان من أقرإ الصحابة وأعلمهم بالقرآن ، وأحسنهم إتقاناً لقراءته ، وأعلمهم بالعرضة الأخيرة ، ولعل هذا هو السر في تقديم النبي صلى الله عليه وسلم له على باقي الأربعة.
وأما سالم بن معقل : فهو مولى أبي حذيفة بن عتبة ، وكان سالم من السابقين الأولين ، وقد روى البخاري أنه كان يؤم المهاجرين بقباء لما قدموا من مكة وفيهم عمر ابن الخطاب ، واستدل البخاري بذلك على جواز إمامة العبد .
واثنان من المذكورين من الأنصار ، وهما: معاذ ، وأُبي.
أما معاذ: فهو ابن جبل الخزرجي الأنصاري أبو عبدالله الرحمن.
وأما أُبي: فهو ابن كعب النجاري الخزرجي الأنصاري ، أبو المنذر ، سيد القراء بعد رسول الله .
وقد مات ابن مسعود وأُبي في خلافة عثمان ، ومات معاذ في خلافة عمر ، واستشهد سالمُ مع مولاهُ أبي حذيفة في وقعة اليمامة في خلافة أبي بكر ، رضي الله عن الجميع.
يدل هذا الحديثُ على ثلاثة أمور:
الأمر الأول: قراءة القرآن تؤخذ بالتلقي من أفواه المقرئين ، وهذا معنى الإجازة الذي تقدم.
والأمر الثاني: مشروعية تحري الضابطين من أهل القرآن للأخذ عنهم والتلقي منهم ؛ فهذا القرآن لا يؤخذ عن كل أحد.
والأمر الثالث: محبة أهل القرآن ، القراء الحافظين المتقنين على وجه الخصوص ؛ لأن صدورهم أوعية لكتاب الله تعالى ، وهم في إتقانه وقراءته كالملائكة الكرام البررة.
وهنا يرد سؤال: لم خص النبي هؤلاء الأربعة في الحديث السابق ، بينما في الصحابة قراء كثيرون غيرهم؟
والجواب: أنه برز من الصحابة من القراء غير هؤلاء المذكورين كثيرون مثل: زيد بن ثابت ، وأبي موسى الأشعري ، وأبي الدرداء ، ومن الخلفاء الأربعة قرأ الناس على يد عثمان بن عفان – ثم شغلته الخلافة – وعلى بن أبي طالب.
ولو نظرت في كتاب (( معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار )) للإمام الذهبي ، المتوفي سنة ( 748 ) رحمه الله تعالى.... لرأيت الطبقة الأولى الذين عرضوا على رسول الله . فذكر:
إذن.... فقوله : " خذوا القرآن من أربعة "... ليس على وجه الحصر ، إنما خص هؤلاء الأربعة بالذكر تقديماً لهم على غيرهم في ذلك الوقت ، أي: وقت صدور هذا الحديث من رسول الله ، وهذا لا يمنع أن يوجد بعدهم مثلهم أو أقرأُ منهم.1- عثمان بن عفان.
2- على بن أبي طالب.
3- أُبي بن كعب.
4- عبدالله بن مسعود.
5- زيد بن ثابت الأنصاري.
6- أبا موسى الأشعري.
7- أبا الدرداء الأنصاري.
فزيد بن ثابت من أقراءِ الصحابة وأعلمهم بالقرآن ، وأعرفهم بالعرضة الأخيرة ، إضافةً إلى خبرته بكتابة القرآن ، حيث كان يكتب الوحي لرسول الله ، وعاش زمناً حتى قرأ عليه كثيرون وانتفع به أمم ، فقد توفي سنة ( 42هـ ) ، وقيل: ( 43 هـ ) ، وقيل : ( 45 هـ ).
وأبو موسى الأشعري ، عبدالله بن قيس: من أهل اليمن من بني الأشعر ، قَدِمَ المدينة بعد فتح خيبر ، مات سنة ( 42هـ ) ، وهو ابن نيفٍ وستين سنة بالكوفة ، وقيل بمكة.
وأبو الدرداء ، عويمر بن زيد ، مات في خلافة عثمان ، قيل: لسنتين بقيتا من خلافته ، رضي الله تعالى عنهم.
فإذا شهد المُقرئ لمن يقرأُ عليه بأن قراءتهُ صحيحةٌ ، وأذن له أن يُقرئ غيرهُ.... فهذا هو معنى ( أجازهُ بالقرآن الكريم ).