أول ما نزل من القرآن وآخر ما نزل
معرفة أول ما نزل وآخر ما نزل من القرآن من المسائل التي مدار البحث فيها على الرواية والنقل الصحيح عن الصحابة، ولا مجال للعقل فيها إلا بمقدار الجمع بين الروايات، أو الترجيح بينها.
والرأي الصحيح الذي عليه المحققون من العلماء: أن أول ما نزل من قرآن على الإطلاق على النبي صلى الله عليه وسلم هو صدر سورة العلق.
فقد أخرج الشيخان وغيرهما، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي: الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح أي: ضياء النهار ـ ثم حبب إليه الخلاء أي: الخروج إلى الصحراء ـ فكان يأتي غار حراء فيتحنث أي: فيتعبد ـ فيه الليالي ذوات العدد، ويتزود لذلك ثم يرجع لخديجة رضي الله عنها فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق وهو في غار حراء. فجاءه الملك فيه فقال: اقرأ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ما أنا بقارئ .. فأخني فغطني ـ أي: ضمني ـ حتى بلغ مني الجهد ـ أي التعب ـ، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ. فغطني الثانية حتى بلغ من الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ فقلت: ما أنا بقارئ. فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد. ثم أرسلني فقال: "اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم".
فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم "ترجف بوادره .." إلى آخر الحديث. فهذا الحديث الصحيح، يدل دلالة واضحة، على أن أول ما نزل من قرآن على الإطلاق على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ هو صدر سورة اقرأ ..
وقد ذكر الإمام السيوطي في كتابه "الإتقان" بعض الأحاديث التي تؤيد ذلك، ومنها ما أخرجه الطبراني عن أبي رجاء العطاردي قال: كان أبو موسى الأشعري رضي الله عنه يقرئنا، فيجلسنا حلقا وعليه ثوبان أبيضان، فإذا تلا هذه السورة "اقرأ باسم ربك الذي خلق" قال: هذه أول سورة نزلت على محمد صلى الله عليه وسلم.
ومن العلماء من يرى أن أول ما نزل من قرآن على الإطلاق هو سورة "المدثر".
وحمل المحققون من العلماء هذا القول على أنه أول ما نزل بعد فترة الوحي، أو أول ما نزل كسورة كاملة، وبذلك لا يكون هناك تعارض بين القولين.
أما آخر ا نزل على النبي صلى الله عليه وسلم من قرآن على الإطلاق فهو قوله تعالى:
[{وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } (سورة البقرة: الآية 281)]
فقد أخرج النسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: آخر ما نزل من القرآن كله، قوله تعالى: "واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله .. الآية". وعاش النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزولها تسع ليال.
وهذا الرأي هو أقرب الأقوال إلى الصواب، لأن الآية الكريمة تحمل في طياتها الإشارة إلى ختام الوحي والدين، بسبب ما تحث عليه من الاستعداد ليوم القيامة، وما تنوه به من الرجوع إلى الله تعالى، ولأن ابن عباس رضي لله عنهما قد ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عاش بعد نزولها عليه تسع ليالي فقط.
وقد يقال: أن بعض الناس يظن أن آخر ما نزل من قرآن على الإطلاق، هو قوله تعالى:
[{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ..} (سورة المائدة: الآية 3)]
والجواب أن هذه الآية الكريمة قد نزل على النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع من السنة العاشرة بعد الهجرة. أي: قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بأكثر من شهري، أما آية: "واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله .." فكان نزولها قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بتسع ليال فقط، كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما.
فإن قيل: فما المراد بإكمال الدين، وإتمام النعمة في قوله سبحانه: "اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي .."؟
فالجواب: أن المراد بذلك: إنجاح الدين وإقراره وإظهاره وإتمام تشريعاته وأحكامه وآدابه، وبسط سلطانه على الجزيرة العربية كلها، وتمكن المسلمين من أداء مناسك الحج والطواف بالمسجد الحرام، دون أن يشاركهم في ذلك غيرهم من المشركين.
قال الإمام القرطبي: وقد روي الأئمة عن طارق بن شهاب قال: جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب فقال له: يا أمير المؤمنين: آية في كتابكم تقرؤونها لو علينا نزلت معشر اليهود، لاتخذنا ذلك اليوم عيدا .. فقال عمر: أية آية تعني؟ فقال: قوله تعالى:
[{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ..} (سورة المائدة: الآية 3)]
فقال عمر: أني لأعلم اليوم الذي أنزلت فيه، والمكان الذي أنزلت فيه نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة في يوم الجمعة، يوم الحج الأكبر من السنة العاشرة بعد الهجرة (تفسير القرطبي جـ6 ص61)
والخلاصة: أن الرأي الصحيح الذي تطمئن إليه النفس، هو أن أول ما نزل على الإطلاق من قرآن على النبي صلى الله عليه وسلم، هو قوله تعالى:
[{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ "1" خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ "2" اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ "3" الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ "4" عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ }]
وأن آخر ما نزل من قرآن على الإطلاق على النبي صلى الله عليه وسلم، هو قوله تعالى:
[{وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }]
أما أول ما نزل وآخر ما نزل في موضوعات معينة، فقد تكلم العلماء عنها بشيء من التفصيل، ومن ذلك أنهم قالوا:
أول ما نزل في النهي عن التعامل بالربا قوله تعالى:
[{وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ } (سورة الروم: الآية 39)]
وآخر ما نزل في تحريم الربا الآيات التي في أواخر سورة البقرة، وهي قوله تعالى:
[{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا } (سورة البقرة: الآية 275)]
وأول ما نزل في الخمر قوله تعالى:
[{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ..} (سورة البقرة: الآية 219)]
وآخر ما نزل في شأن تحريم الخمر قوله تعالى:
[{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ "90" إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ } (سورة المائدة: الآيتان 90، 91)]
إلى غير ذلك مما ذكروه في شأن أول ما نزل وآخر ما نزل في أمور معينة.
ولمعرفة ذلك فوائد من أهمها
أ. بيان العناية التي حظي بها القرآن الكريم من الصحابة، فهم لم يكتفوا بحفظ القرآن بل وعوا وعرفوا زمان ومكان نزول آياته.
ب. إدراك أسرار التشريع الإسلامي، وتدرجه في الأحكام التي شرعها للمسلمين، وكيف أن آيات القرآن الكريم قد سلكت في ذلك أقوم السبل، وأحكم الطرق، وأبلغ الأساليب، مما يشهد بأن هذا القرآن من عند الله، ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثير
معرفة أول ما نزل وآخر ما نزل من القرآن من المسائل التي مدار البحث فيها على الرواية والنقل الصحيح عن الصحابة، ولا مجال للعقل فيها إلا بمقدار الجمع بين الروايات، أو الترجيح بينها.
والرأي الصحيح الذي عليه المحققون من العلماء: أن أول ما نزل من قرآن على الإطلاق على النبي صلى الله عليه وسلم هو صدر سورة العلق.
فقد أخرج الشيخان وغيرهما، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي: الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح أي: ضياء النهار ـ ثم حبب إليه الخلاء أي: الخروج إلى الصحراء ـ فكان يأتي غار حراء فيتحنث أي: فيتعبد ـ فيه الليالي ذوات العدد، ويتزود لذلك ثم يرجع لخديجة رضي الله عنها فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق وهو في غار حراء. فجاءه الملك فيه فقال: اقرأ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ما أنا بقارئ .. فأخني فغطني ـ أي: ضمني ـ حتى بلغ مني الجهد ـ أي التعب ـ، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ. فغطني الثانية حتى بلغ من الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ فقلت: ما أنا بقارئ. فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد. ثم أرسلني فقال: "اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم".
فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم "ترجف بوادره .." إلى آخر الحديث. فهذا الحديث الصحيح، يدل دلالة واضحة، على أن أول ما نزل من قرآن على الإطلاق على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ هو صدر سورة اقرأ ..
وقد ذكر الإمام السيوطي في كتابه "الإتقان" بعض الأحاديث التي تؤيد ذلك، ومنها ما أخرجه الطبراني عن أبي رجاء العطاردي قال: كان أبو موسى الأشعري رضي الله عنه يقرئنا، فيجلسنا حلقا وعليه ثوبان أبيضان، فإذا تلا هذه السورة "اقرأ باسم ربك الذي خلق" قال: هذه أول سورة نزلت على محمد صلى الله عليه وسلم.
ومن العلماء من يرى أن أول ما نزل من قرآن على الإطلاق هو سورة "المدثر".
وحمل المحققون من العلماء هذا القول على أنه أول ما نزل بعد فترة الوحي، أو أول ما نزل كسورة كاملة، وبذلك لا يكون هناك تعارض بين القولين.
أما آخر ا نزل على النبي صلى الله عليه وسلم من قرآن على الإطلاق فهو قوله تعالى:
[{وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } (سورة البقرة: الآية 281)]
فقد أخرج النسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: آخر ما نزل من القرآن كله، قوله تعالى: "واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله .. الآية". وعاش النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزولها تسع ليال.
وهذا الرأي هو أقرب الأقوال إلى الصواب، لأن الآية الكريمة تحمل في طياتها الإشارة إلى ختام الوحي والدين، بسبب ما تحث عليه من الاستعداد ليوم القيامة، وما تنوه به من الرجوع إلى الله تعالى، ولأن ابن عباس رضي لله عنهما قد ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عاش بعد نزولها عليه تسع ليالي فقط.
وقد يقال: أن بعض الناس يظن أن آخر ما نزل من قرآن على الإطلاق، هو قوله تعالى:
[{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ..} (سورة المائدة: الآية 3)]
والجواب أن هذه الآية الكريمة قد نزل على النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع من السنة العاشرة بعد الهجرة. أي: قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بأكثر من شهري، أما آية: "واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله .." فكان نزولها قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بتسع ليال فقط، كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما.
فإن قيل: فما المراد بإكمال الدين، وإتمام النعمة في قوله سبحانه: "اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي .."؟
فالجواب: أن المراد بذلك: إنجاح الدين وإقراره وإظهاره وإتمام تشريعاته وأحكامه وآدابه، وبسط سلطانه على الجزيرة العربية كلها، وتمكن المسلمين من أداء مناسك الحج والطواف بالمسجد الحرام، دون أن يشاركهم في ذلك غيرهم من المشركين.
قال الإمام القرطبي: وقد روي الأئمة عن طارق بن شهاب قال: جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب فقال له: يا أمير المؤمنين: آية في كتابكم تقرؤونها لو علينا نزلت معشر اليهود، لاتخذنا ذلك اليوم عيدا .. فقال عمر: أية آية تعني؟ فقال: قوله تعالى:
[{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ..} (سورة المائدة: الآية 3)]
فقال عمر: أني لأعلم اليوم الذي أنزلت فيه، والمكان الذي أنزلت فيه نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة في يوم الجمعة، يوم الحج الأكبر من السنة العاشرة بعد الهجرة (تفسير القرطبي جـ6 ص61)
والخلاصة: أن الرأي الصحيح الذي تطمئن إليه النفس، هو أن أول ما نزل على الإطلاق من قرآن على النبي صلى الله عليه وسلم، هو قوله تعالى:
[{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ "1" خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ "2" اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ "3" الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ "4" عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ }]
وأن آخر ما نزل من قرآن على الإطلاق على النبي صلى الله عليه وسلم، هو قوله تعالى:
[{وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }]
أما أول ما نزل وآخر ما نزل في موضوعات معينة، فقد تكلم العلماء عنها بشيء من التفصيل، ومن ذلك أنهم قالوا:
أول ما نزل في النهي عن التعامل بالربا قوله تعالى:
[{وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ } (سورة الروم: الآية 39)]
وآخر ما نزل في تحريم الربا الآيات التي في أواخر سورة البقرة، وهي قوله تعالى:
[{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا } (سورة البقرة: الآية 275)]
وأول ما نزل في الخمر قوله تعالى:
[{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ..} (سورة البقرة: الآية 219)]
وآخر ما نزل في شأن تحريم الخمر قوله تعالى:
[{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ "90" إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ } (سورة المائدة: الآيتان 90، 91)]
إلى غير ذلك مما ذكروه في شأن أول ما نزل وآخر ما نزل في أمور معينة.
ولمعرفة ذلك فوائد من أهمها
أ. بيان العناية التي حظي بها القرآن الكريم من الصحابة، فهم لم يكتفوا بحفظ القرآن بل وعوا وعرفوا زمان ومكان نزول آياته.
ب. إدراك أسرار التشريع الإسلامي، وتدرجه في الأحكام التي شرعها للمسلمين، وكيف أن آيات القرآن الكريم قد سلكت في ذلك أقوم السبل، وأحكم الطرق، وأبلغ الأساليب، مما يشهد بأن هذا القرآن من عند الله، ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثير