Islam for all-الإسلام للجميع

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
Islam for all-الإسلام للجميع

سلسلة من أساليب التربية في القرآن الكريم Aya10
Questo sito e' protetto con
Norton Safe Web


    سلسلة من أساليب التربية في القرآن الكريم

    omar
    omar
    Spammer
    Spammer


    Località*الدولة* : Egypt

    Sesso : ذكر

    Numero di messaggi : 212

    Quran سلسلة من أساليب التربية في القرآن الكريم

    مُساهمة من طرف omar السبت 25 ديسمبر - 1:19:49

    سلسلة من أساليب التربية في القرآن الكريم

    المقدمة

    الدكتور عثمان قدري مكانسي

    الحمد لله رب العالمين الذي علّم بالقلم ، علّم الإنسانَ ما لم يعلم .
    والصلاة والسلام على المعلّم الأول ، سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام .
    أمّا بعدُ :
    فقد كان كتابي ( التربية النبوية ) على صغر حجمه ملفتاً للنظر ، استعرضت فيه بعض أساليب
    الرسول الكريم والمعلم العظيم في إيصال الفكرة وإبداء المعلومة واضحة مفهومة لأصحابه وتلاميذه رضوان الله عليهم .
    ثم رأيت أن أُتِمّ الفائدة في استعراض بعض أساليب القرآن الكريم في التعلّم والتعليم .
    ولا يَخفى أن القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه –
    لأنه كلام الله العظيم وحبلـُه المتين – بحر زاخر ما تزال العلماء على
    شواطئه ، تحاول الغوص في لُجَجِه ، وتشتار العلوم والمعارف من خِضَمّه ،
    وتستقي الفوائد من ثـَرّه المعطاء .
    هذا القرآن الكريمُ فيه من الأساليب التعليميّة ما نحن بحاجة ماسّة إليها .
    وكنت قد طالعتُ عدداً من الكتب التي تتحدّث بعامّة عن العلم وفوائده ،
    وتغرف من أساليب القرآن بعضَها ، لكنني لم أجد – على ما أظنّ – كتاباً
    يتحدّث عن طرائق التعليم في القرآن الكريم بشكل خاص ، بل رأيت شذراتٍ في
    هذا الكتاب وذاك المؤلَّف .
    فقلت لعلّي أكون الرائدَ في هذا المضمار ، فأفتح لإخواني المربين طريقاً واضحاً ، ثم يكملون بهمّتهم رصفه وتعبيده .
    كنت أقرأ في صِغَري كل يوم جزءاً من القرآن ، فما عدَوْتُ هذا ، ولكنْ
    بِتُّ أبحث عن أساليب التعليم وطرائقه في كل جزء ، وأضع أرقامَ الآيات التي
    تشكّل حجَراتِ البناء لكل أسلوب مجتمعة ، حتى أنهيتُ ما فَقِهتُ منها في
    مجموعات تحت عنوانات محددة ، هي الأساليب التي هداني الله تعالى إليها .
    واستنبطتُ أكثر من تسعين أسلوباً تربوياً ، ثم ضممتُ ما تقارب منها تحت
    عنوان واحد ، فصارتْ إلى اثنين وسبعين أسلوباً .. ولربما هداني المولى
    تعالى وأنا أنضّد الكتاب إلى أساليب أخرى فهو الكنز الذي لا تُعَدّ ينابيعه
    ، ولا تُحَدّ .
    وهكذا وجدْتُ نفسي في رياض بِكر ، حلوةِ المذاق لذيذة الجَنى .
    وها أنذا أقدم إلى إخواني الكرام طاقة عبقةً وضُمّة نفـّاذة الشذا من أساليب القرآن الكريم في التربية .
    وإني ألتمس منهم أن يُقوّموا عملي ، ويرفدوني بآرائهم الصائبة في سدّ نقص ،
    أو ترميم فكرة ، أو وضعِ لَبِنةٍ تقوّي هذا الصرح التربويّ الرائعَ ،
    فإن أحسنتُ فلله الفضلُ والمِنّة ، وإلا فهو حسبي ، وللمجتهد أجرٌ إن أخطأ ، وأجران إن أصاب ، وأسأل الله التوفيقَ والسدادَ .

    يتبع


    عدل سابقا من قبل omar في السبت 25 ديسمبر - 1:26:49 عدل 1 مرات
    omar
    omar
    Spammer
    Spammer


    Località*الدولة* : Egypt

    Sesso : ذكر

    Numero di messaggi : 212

    Quran رد: سلسلة من أساليب التربية في القرآن الكريم

    مُساهمة من طرف omar السبت 25 ديسمبر - 1:20:34

    سلسلة من أساليب التربية في القرآن الكريم

    الثقة بالله واللجوء إليه

    الدكتورعثمان قدري مكانسي


    هي الإيمان عينه ، فمن وثق بالله آمن به
    ، ومَنْ آمن به توكل عليه ، ومَنْ توكل عليه نال رضاه ، ولله المنُّ
    والفضل ، إليه يرجع الحمدُ ، ومنه الخير كله .

    ولذلك يبدأ الإنسان صلاته بالفاتحة ، ففيها الاعتراف بألوهيته وربوبيته ، وفيها الالتجاءُ إليه وعبادتُه .
    (( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) ))(1) .

    وهو الذي يعطي ويمنع ، ويرفع ويخفض : (( قُلِ
    اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ
    الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ
    بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
    (26) ))(2).
    فإذا كان كل شيء بيد الله ، فأحرى بنا أن نقصده وحده لا شيء غيره .

    ويخبرنا القرآن الكريم
    أن أنبياء الله جميعاً كانوا خِيرة الناس الذين توكلوا على الله في دعوتهم
    إليه سبحانه ، فكان لهم العونَ ونصرهم على أعدائهم ، وأقرّ أعينهم ،
    وجعلهم قدوة الناس .

    فرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ علمه ربه أن يلجأ إليه ويستعيذَ به من شر خلقه :
    (( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5) ))(3) ،
    (( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6) ))(4) .

    وإن حاول الشيطان صرف القلوب عن الحق والذكر ، استعاذ المسلم منه بالله سبحانه : (( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36) ))(5) .

    وهذا موسى عليه السلام يستعيذ بالله من الكفار المعاندين : (( وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ (27) ))(6) .

    ويعيش المسلم هادىء النفس حين يلجأ إلى الله من وسوسات الشياطين وفسادهم : (( وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (98) ))(7) .

    وهذه مريم العذراء دخل عليها جبريل ، فاستعاذت بالله من أمرٍ قد يسيء إليها : (( قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) ))( 8) .

    ودعا إبراهيم عليه السلام قومَه إلى عبادة الله سبحانه وحده ، فأبوا ذلك فخوّفهم عذابه وبطشه : (( فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ ))(9) .
    وقيل : إن جبريل عليه السلام نزل على إبراهيم وقومُه يجهّزون لإحراقه فقال
    له : سل حاجتك ، قال إبراهيم : أما إليك فلا ! وأما إليه سبحانه فعلمه
    بحالي يغني عن سؤالي ، فجاء الفرج من الله تعالى : (( قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) ))(10) ، إنها ثقة بالله عظيمة ، يحتاج إليها الدعاة إلى الله في مسيرتهم الدعويّة ليكون الله عوناً له وسنداً .
    بل إنه عليه السلام يعلنها صراحة معتمداً على الله لاجئاً إليه (( قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) ))(11) .
    ولما بشرته الملائكة بإسحاق (( قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (54) قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ (55) قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ (56) ))(12) .
    صدق سيدنا إبراهيم ، فالمؤمن لا ييئس من رحمة ربّه أبداً ، فهو يثق بنصره وتأييده ما دام معه .

    وهذا ابنه اسماعيل عليه السلام مؤمنٌ بالله ، راض بقدره ، واثقٌ بحكمته ،
    فلما أراد أبوه أن يذبحه كان صبرُه في الله مثالاً رائعاً يُحتذى وثقته
    فيه لاحدود لها : ((فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ
    قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ
    فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي
    إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ ال
    صَّابِرِينَ (102) ))(13) .

    وهذا مؤمن آل فرعون آمن بموسى واجتهد في نصرته ، وبذل جهده ، وناصبوه
    العداء ، ومكروا به لكنه لجأ إلى ربه ، فكان له الأمن والأمان : ((فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44) فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) ))(14) .

    وهذا سيدنا نوح يدعو الناس إلى عبادة الله ، ويحثهم على تقوى الله وطاعته ،
    لكنهم أبَوْا هذا ، وكيف يؤمنون وأراذل القوم ـ حسب اعتقادهم ـ تبعوا
    نوحاً ؟ فلو طردهم لربما تبعوه !! . . ولكنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أبى
    طرد المؤمنين فهدده قومه بالرجم ، فلجأ إلى ربه (( قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (117) فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (118) فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (119) ))(15) .

    وهذا فرعون يستقبل السحرة ، ويعدهم بالمال الوافر والمناصب الرفيعة إن هم
    عَلَوْا بسحرهم على موسى ، ولكنْ أنّى لسحرِ البشر أن يغلب أمرَ الله ؟!
    فلما لقَفَتْ عصا موسى سحرهم أيقنوا أنه لم يغلبهم بسحر ، فما لأحد بهم من
    قوة إنما غلبتهم قوة الله التي أيَّدَتْ موسى : (( فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (46) قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (47) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (48) قَالَ
    آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي
    عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ
    أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ
    أَجْمَعِينَ
    (49) ))(16) .
    فماذا فعل السحرة ؟ هل خافوا وعادوا يعتذرون إلى الجبار المتغطرس أو سكتوا مذعورين ؟ لا هذا ولا ذاك إنما (( قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ (50) إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ (51) ))(17)
    هكذا يكون الإيمان ، وهكذا تكون الثقة في الله .

    وهذا يعقوب عليه السلام لم يصدق أن ابنه الثاني قد سرق على الرغم من
    الاستشهادات التي قدّمها أولاده له ، إنما وكل أمره إلى الله تعالى (( قَالَ
    بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى
    اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ
    الْحَكِيمُ
    (83) ))(18)
    وجعلته ثقته في الله ، ينتظر ظهور يوسف وأخيه .
    فلما ابيضت عيناه من الحزن وعاتبه أبناؤه على ذلك ، أجابهم بلهجة المؤمن الواثق بربه المتكل عليه (( قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (86) يَا
    بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا
    مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا
    الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ
    (87) ))(19) فكان ما قاله حكمةً تنير الدرب للسالكين . . إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون ؛ !! .

    فالثقة بالله ، واللجوء إليه سبيل المؤمنين ، وزاد المتقين ، وأمان الخائفين ، وأمل العاملين نسأل الله تعالى أن نكون منهم .

    الهوامش:

    (1) سورة الفاتحة .
    (2) سورة آل عمران الآية 26 .
    (3) سورة الفلق .
    (4) سورة الناس .
    (5) سورة فصلت ، الآية : 36 .
    (6) سورة غافر ، الآية : 27 .
    (7) سورة المؤمنون ، الآيتان : 97 ، 98 .
    (8) سورة مريم ، الآية : 18 .
    (9) سورة العنكبوت ، الآية : 24 .
    (10) سورة الأنبياء ، الآية : 69 .
    (11) سورة الشعراء ، الآيات : 75 ـ 82 .
    (12) سورة الحجر ، الآيات : 54 ـ 56 .
    (13) سورة الصافات ، الآية 102 .
    (14) سورة غافر ، الآيتان : 44 ، 45 .
    (15) سورة الشعراء ، الآيات : 117 ـ 119 .
    (16) سورة الشعراء ، الآيات : 46 ـ 49 .
    (17) سورة الشعراء ، الآيتان : 50 ، 51 .
    (18) سورة يوسف ، الآية : 83 .
    (19) سورة يوسف ، الآيتان : 86 ، 87 .

    يتبع
    omar
    omar
    Spammer
    Spammer


    Località*الدولة* : Egypt

    Sesso : ذكر

    Numero di messaggi : 212

    Quran رد: سلسلة من أساليب التربية في القرآن الكريم

    مُساهمة من طرف omar السبت 25 ديسمبر - 1:21:54

    سلسلة من أساليب التربية في القرآن الكريم

    التعظيم

    الدكتور عثمان قدري مكانسي

    خلق الإنسان ضعيفاً ، إذا عطش وجاع بدا الإرهاق عليه ، وإذا مرض أَنّ وشكا ، وإذا أصيب جزع وخاف ، وإذا فقد عزيزاً بكى وتألم .
    ولا يشعر الضعيف بالأمان إلا حين يلجأ للقويّ . وهل القويُّ سوى الله
    ؟!! وهل يحس بالراحة مَنْ خُلق من نطفة ثم علقة إلا إذا استند ركن ركين
    وعزٍّ منيع هو الله تعالى ؟!! .
    ولا عظيم سوى الله ، ولا عظيم إلا مَنْ عظَّمه الله .
    والله سبحانه وتعالى ينبهنا في كل سورة وآية إلى عظمته في نفسه ، وإلى
    عظمته في صفاته ، وإلى عظمته في بديع صنعه وخلقه ، وإلى عظمته في
    وحدانيته ، وإلى عظمته في قدرته .
    والقرآن الكريم كتاب الله يسطر عظمة الله في السطور ، لينتقل أثرها
    إلى العقول والصدور والقلوب الحيّة ، فتعيشَ في كنفه سبحانه مؤمنة به ،
    منتمية إليه ، متوكلة عليه ، مسْلمةً قيادها له ، فإذا هي في الخالدين .
    فالله سبحانه وتعالى (( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3) ))(1) .ومن كانت هذه صفاته فكل ماعداه عبد ضغيف واهن .
    (( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ
    اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ
    الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ
    سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ
    (23) هُوَ
    اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى
    يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ
    الْحَكِيمُ
    (24) ))(2) . غنها صفات الله العظيم الذي ينقاد كل شيء إليه صاغراً .
    إنه إله عظيم ينبغي توحيده والاعتماد عليه : (( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) ))(3) .
    وهو الكامل كمالاً مطلقاً ، لا تشوبه شائبة (( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) ))(4) .
    منه العلم ، وإليه العلم : (( قُلْ لَوْ كَانَ
    الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ
    تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا
    (109) ))(5) .
    (( الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآَنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4) ))(6) .
    هو القيوم مالك كل شيء ، والمتصرف في كل شيء : (( تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) ))(7) .
    (( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83) ))(8) .
    (( إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ
    وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ
    وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ
    (116) ))(9) .
    وفي القرآن الكريم
    أربع عشرة سجدة ، كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يسجد حين يقرأ
    آياتها تعظيماً لله سبحانه وتعالى ، وإقراراً بربوبيته وألوهيته ، مثالها
    في سورة النحل : (( أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ
    اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ
    وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ
    (48) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (49) يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (50) ))(10) .
    وفي سورة السجدة : ((إِنَّمَا يُؤْمِنُ
    بِآَيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا
    وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ
    (15) ))(11) .
    وفي سورة الإسراء : (( قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ
    لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا
    يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا
    (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109) ))(12) .
    ولا يسجد المسلم إلا لوجه الله الكريم العظيم .
    وفي سورة الروم أمثلة كثيرة ووافية شافية على عظيم قدرته سبحانه : (( ... غلبت الروم (2) في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيَغلبون (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) ))(13) ،
    (( فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) يُخْرِجُ
    الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي
    الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ
    (19) ))(14) .
    وانظر معي بتدبّر وتفكّر إلى عظمة الله في أفعاله :
    1ـ فالله سبحانه خلقنا من تراب (( وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20) )) .
    2ـ ورزقـَنا زوجات وآلف بيننا (( وَمِنْ
    آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا
    إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ
    لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
    (21) )) .
    3ـ وكانت السماء لنا غطاء ، والأرض فراشاً ، وخالف بين ألواننا وألسنتنا (( وَمِنْ
    آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ
    وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ
    (22) )) .
    4ـ وفضل الله علينا كذلك في تعاقب الليل والنهار ، لنرتاح في سكون الليل ، ونعمل في ضوء النهار (( وَمِنْ
    آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ
    فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ
    (23) )) .
    5ـ ومظاهر الطبيعة دالة على الترتيب والفائدة (( وَمِنْ
    آَيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ
    السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي
    ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
    (24) )) .
    6ـ وأخيراً فإليه سبحانه مرجعنا (( وَمِنْ
    آَيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا
    دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُو
    نَ (25) وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (26) وَهُوَ
    الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ
    وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ
    الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
    (27) ))(15) .
    والله سبحانه وتعالى أصل الحياة (( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ))(16) ،
    ولا حياة بغير الله (( هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا ))(17) .
    ولذلك قرر سبحانه أنه المعبود ، لا رب سواه (( إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) ))(18) .
    وكلما كان الإنسان قريباً إلى الله ، داعيا إليه ، عاملاً بأمره ، منتهياً عما نهى عنه استمدَّ من عظمة الله عظمة .
    فهؤلاء الأنبياء اصطفاهم ، فكرَّمهم ورفع مقاماتهم ، لأنهم كانوا
    أمثلة رائعة للعباد المؤمنين العاملين ، فخلّد ذكرهم في الدنيا والآخرة .
    فمن تعظيم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قوله سبحانه : (( إِنَّ
    اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا
    الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
    (56) ))(19) .
    (( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) ))(20) .
    (( إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ
    قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ
    وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ
    ظَهِيرٌ
    (4) ))(21) . ومن كان الله معه فهو عظيم لأنه لجأ إلى العظيم سبحانه .
    ومن تعظيم الأنبياء الكرام قوله سبحانه يمدحهم في سورة الصافات (( سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (79) )) ، (( سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) )) ، (( سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (120) )) ، (( سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (130) )) ، (( وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) ))(22) .
    وكتاب الله الكريم كلام الله سبحانه ، أنزله ليكون نبراساً يهدي إلى الحق ، وإلى طريق مستقيم :
    (( الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) ))(23) ،
    (( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1) ))(24) . وكلام الله العظيم عظيمٌ .
    (( حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) ))(25) .

    وما أعجب هذا التعظيم الذي يجعل القرآن الكريم ذا منزلة عالية . . فهو :

    1ـ لو كان كتابٌ من الكتب المنزّلة سيّرث بتلاوته الجبال ، وزعزعت عن أماكنها ، لكان هذا القرآن .
    2ـ ولو كان كتابٌ من الكتب المنزلة شُقِّقَتْ به الأرض ، حتى تتصدع وتصير قطعاً ، لكان هذا القرآن .
    3ـ ولو كان كتاب من الكتب المنزلة كُلِّم به الموتى ، فأحياها الله وأجاب ، لكان هذا القرآن .
    (( وَلَوْ أَنَّ قُرْآَنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى ))(26) .
    وهذا القرآن كلام الله تعالى ، لم يفتره رسول عليه ، وحاشاه ـ صلى
    الله عليه وسلم ـ أن يكون مفترِياً ، بل هو الصادق الأمين : (( الم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) أَمْ
    يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ
    قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ
    (3) ))(27) .

    الهوامش:

    (1) سورة الحديد ، الآية : 3 .
    (2) سورة الحشر ، الآيات : 22 ـ 24 .
    (3) سورة الإخلاص .
    (4) سورة الصافات ، الآية : 180 .
    (5) سورة الكهف ، الآية : 109 .
    (6) سورة الرحمن ، الآيات : 1 ـ 4 .
    (7) سورة الملك ، الآية : 1 .
    (8) سورة يس ، الآيتان : 82 ، 83 .
    (9) سورة التوبة ، الآية : 116 .
    (10) سورة النحل ، الآيات : 48 ـ 50 .
    (11) سورة السجدة ، الآية : 15 .
    (12) سورة الإسراء ، الآيات : 107 ـ 109 .
    (13) سورة الروم ، الآيات : 2 ـ 6 .
    (14) سورة الروم ، الآيات : 17 ـ 19 .
    (15) سورة الروم ، الآيات : 20 ـ 27 .
    (16) سورة النور ، الآية : 35 .
    (17) سورة يونس ، الآية : 5 .
    (18) سورة طه ، الآية : 14.
    (19) سورة الأحزاب ، الآية : 56 .
    (20) سورة التوبة ، الآية : 128 .
    (21) سورة التحريم ، الآية : 4 .
    (22) الآيات : 79 ـ 109 ـ 120 ـ 130 ـ 181 .
    (23) سورة البقرة ، الآيتان : 1 ، 2 .
    (24) سورة الفرقان ، الآية : 1 .
    (25) سورة فصلت ، الآيات : 1 ـ 3 .
    (26) سورة الرعد ، الآية : 31 .

    يتبع
    omar
    omar
    Spammer
    Spammer


    Località*الدولة* : Egypt

    Sesso : ذكر

    Numero di messaggi : 212

    Quran رد: سلسلة من أساليب التربية في القرآن الكريم

    مُساهمة من طرف omar السبت 25 ديسمبر - 1:22:29

    من أساليب التربية في القرآن الكريم

    ذكر الصالحين

    الدكتور عثمان قدري مكانسي

    إن الأذن لترتاح لسماع أخبارهم ،
    وإن النفس لتتشوق إلى تعرُّفِ أحوالهم ومتابعة أفعالهم ، فهم القدوة والمثل
    ، والراغب في الكمال يتأساهم ويتحسس خطاهم .
    وقد كان القرآن الكريم يقصُّ علينا أخبار الأنبياء الكرام ، فنحسُّ بالقمم الإنسانية الشامخة ترنو إلينا ، فستنهض هممنا .
    ويقص علينا أخبار الصالحين من غير الأنبياء ، الذين كان لهم الدور
    الكبير في نشر كلمة لا إله إلا الله ، وإعلائها ، وتَحَمُّلِ الأذى ،
    والصبر عليه .
    ولسنا هنا في صدد سرد المواقف كلها ، لكننا نعرض نُبذاً لدور هؤلاء العظماء في خدمة الدين ، ورفع شأنه .

    1ـ الأنبياء

    سيدنا نوح عليه السلام : ذلك النبي
    العظيم ، من أولي العزم ، الذي مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً
    يدعوهم ، ثم كانت قصة الطوفان الذي قضى على الكفار بعد ذلك ، ونصر الله به
    نوحاً وأتباعه .
    وهناك ما لا يقل عن إحدى وعشرين سورة ذكرت فيها قصته ، ذُكر فيها وحده
    لبيان فضله ، أو ذكر مع إخوانه الأنبياء صلوات الله عليهم جميعاً .
    وفي الجزء التاسع والعشرين سورة كاملة باسمه عليه السلام ، أما قصّة
    الطوفان فقد صورت تصويراً رائعاً في سورة هود الآيات [ 25 ـ 49 ] .

    سيدنا هود عليه السلام : ذلك النبي الكريم الذي أرسل إلى قوم عاد ،
    فكفروا به ، وكانوا عمالقة متجبرين ، فأرسل الله عليهم الريح العقيم ،
    فحصدتهم وأبادتهم .
    وهناك حوالي سبع عشرة سورة ذكرت فيها قصته عليه السلام مع قومه ، توضح
    عنادهم واستكبارهم وفسادهم الذي أدى إلى هلاكهم ونجاة النبي هود وأتباعه .

    سيدنا صالح عليه السلام : النبي الكريم الذي أرسل إلى قومه ثمود بعد إهلاك
    عادٍ قوم هود ، فدعاهم إلى التوحيد ، فلما استكبروا وقتلوا الناقة أهلكهم
    الله بالصيحة ، فما أبقى منهم أحداً ، وقد ذكرت قصته عليه السلام في أكثر
    من عشرين سورة في القرآن الكريم ، لتكون وقصة أخيه هود مع أقوامهما عبرة
    للدعاة من جهة ، والمعاندين المستكبرين من جهة أخرى .

    سيدنا إبراهيم عليه السلام : هو أبو الأنبياء عليه السلام ذكرت قصته في
    خمس وعشرين سورة على الأقل ، تتحدث عن جهاده في سبيل الله وقوة إيمانه ،
    وفضل الله عليه في اطلاعه على ملكوت السموات والأرض ، وحججه الدامغة في
    مناظرته الكافرين وقوة إيمانه ، وسموِّ مكانته ، ويكفيه فخراً أن الله
    سبحانه وتعالى اتخذه خليلاً ، وجعله أمة وحده ، وهو الذي بنى الكعبة
    المشرفة مع ابنه اسماعيل عليهما السلام ، ثمّ رزقه الله اسحاق وبشره بحفيده
    يعقوب لأنّ إبراهيم عليه السلام صدّق الرؤيا ونفـّذها .

    سيدنا موسى عليه السلام : ذلك النبي العظيم من أولي العزم ، أرسله الله إلى قومه اليهود
    ، فابتلي بهم ، وتحمّلَ منهم الأذى والمكايد والعناد ، وأنقذهم من فرعون
    الذي استضعفهم وسخّرهم ، فكانت نجاتهم على يد النبي العظيم موسى عليه
    السلام .
    وقد حفل القرآن بقصته مع قومه ، وهناك ما لا يقل عن ثلاث وثلاثين سورة
    توضح جوانب من دعوته ، وتَحَمُّلَه سوءَ أخلاق قومه وفسادَهم ، وتكاد
    السور الكبيرة الحجم والوسطى لا تخلو من مواقف لقومه ، يوبخهم الله تعالى
    على ما اقترفت أيديهم وألسنتهم .

    سيدنا عيسى عليه السلام : ذلك النبي الشابُّ من أولي العزم الذي بعث إلى
    اليهود ، فحاولوا قتله ، فنجاه الله منهم ، وامتحنت فيه الخلائق حين ولد
    دون أب ، فجعلوه ابن الله سبحانه تارة ، وجعلوه الله ذاته ـ والعياذ بالله ـ
    وألّهوهُ وأمّهُ تارة أخرى ، وهو إحدى علائم الساعة ، ينزل فيكسر الصلبان ،
    ويقاتل الكفار ، ويدعو إلى التوحيد .
    ذكرت قصته في أكثر من اثنتي عشرة سورة توضح ما لقيه من ظلم اليهود ومكرهم .

    سيدنا يوسف عليه السلام : النبيّ الكريم ابن الكريم ( يعقوب ) ابن الكريم ( إسحق ) ابن الكريم ( إبراهيم ) عليه السلام .
    وقد ذكر في سورة الأنعام ، وسورة غافر إلا أن له سورة سميت باسمه في
    الجزأين الثاني عشر والثالث عشر ، تقص علينا مراحل حياته وما عاناه ، لتكون
    تثبيتاً لفؤاد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكان عليه السلام مثالاً
    للأخلاق والإيمان والذكاء . . بل قل مثالاً للإنسان المعصوم ، الذي رباه
    الله تعالى على عينه .
    وهناك قصص الأنبياء العظام : إسماعيل ويونس ، وذي الكفل وزكريا ،
    ويحيى وإسحق ويعقوب وهارون ، وشعيب وآدم وداوود وسليمان . . . وكثيرين
    غيرهم عليهم صلوات الله وسلامه ، تتحدث عن فضلهم ، وعلوِّ كعبهم في خدمة
    الدين . .

    2ـ الصالحون :

    لقمان الحكيم الذي شكر الله ، فآتاه الله الحكمة فكان داعية إلى الله ،
    يعظ الناس ، ويدلهم إلى الصراط المستقيم ، وقد أفرد الله تعالى سورة في
    الجزء الحادي والعشرين سماها باسمه " سورة لقمان " فيها من المواعظ التي
    جرت على لسانه ما ينبئ بعظمته ، وسموِّ مكانته .

    الخضر عليه السلام : صاحب موسى الذي آتاه الله رحمة من عنده ، وعلمه من
    لدنه علماً ، وقصته في سورة الكهف منبئة عن علمه وفضله. الآيات [ 60 ـ 82 ]
    . وبعضهم يعتبره نبياً والله أعلم .

    ذو القرنين : الذي مكن الله تعالى له في الأرض ، غربها وشرقها ، فنشر الإسلام ، وقاتل الكفار ، وبنى سدّ يأجوج ومأجوج ، وقصته في سورة الكهف [ 83 ـ 98 ] .

    مؤمن يس : فقد أرسل الله تعالى ثلاثة من الأنبياء إلى إحدى المدن ،
    يدعون أهلها إلى الإيمان ، فكذّبوهم ، فجاء " حبيب النجار " يسعى إلى جمعهم
    مؤيداً هؤلاء الأنبياء الكرام ، فما كان من المجرمين إلا أن قتلوه ، فدخل
    الجنة معززاً مكرّماً ، وقصته في سورة يس الآيات [ 20 ـ 27 ] .

    مؤمن فرعون : الذي آمن بموسى واتبعه دون خوف من فرعون وملئه ، ودعا
    الناس إلى الإيمان بالله تعالى واتباع موسى ، فهو سبيل الرشاد ، وخوّفهم من
    عذاب الله ومصير الأمم السالفة ، وموقفه في سورة غافر الآيات [ 28 ـ 44 ] .

    ـ وهناك قصص عديدة لهؤلاء المؤمنات الصالحات :

    منهن السيدة مريم العذراء ، وقصتها في سورة آل عمران الآيات [ 35 ـ 37 ]
    ، وفي سورة مريم ، حين ولدت عيسى عليه السلام ، الآيات [ 16 ـ 32 ] ،
    وسورة التحريم .

    ومنهنَّ آسية ، زوجة فرعون ، التي طلبت من فرعون حين التقطت موسى عليه
    السلام من النهر أن يبقيَ عليه ، وعرضت عليه المراضع . . وحين رأت من زوجها
    الاستكبار والكفر ، سألت الله تعالى أن ينقذها منه . . وقصتها في سورة
    التحريم ( آخرِها ).

    ومنهنَّ أم موسى ، تلك المرأة المؤمنة ، التي أوحى إليها الله تعالى
    أن تضع ابنها في النهر ، إن خافت عليه جنود فرعون ، ووعدها أنه سبحانه
    سيعيده إليها ، ففعلت مؤمنة مطمئنّة ، وحرّم الله المراضع على موسى ، وكانت
    أخته تتبعه ، وتتقصّى موضوعه ، فدلتهم على أمِّه ترضعه ، فعاد إليها ،
    ونعم بدفء حنانها . وقصتها في سورة القصص الآيات [ 7 ـ 13 ] .

    تلك أخبار الصالحين وقصصهم ، تتقبلها النفس تقبُّل العطشان للماء البارد
    فتنتعش نفسه ، وتستروح لها ، وتستمد من نسماتها الإيمان واليقين والصبر
    والمصابرة ، وتعيش في أجوائها ذات اليمن والبركات .

    اللهم إنا نحبُّ أنبياءك وأولياءك ، فاحشرنا معهم تحت لواء سيد المرسلين ، صلى الله عليه وعليهم أجمعين ....
    اللهمَّ آمين .

    يتبع
    omar
    omar
    Spammer
    Spammer


    Località*الدولة* : Egypt

    Sesso : ذكر

    Numero di messaggi : 212

    Quran رد: سلسلة من أساليب التربية في القرآن الكريم

    مُساهمة من طرف omar السبت 25 ديسمبر - 1:24:20

    سلسلة من أساليب التربية في القرآن الكريم

    التذكير بفضل الله تعالى

    الدكتور عثمان قدري مكانسي

    قد يقسو القلب ، فينأى بصاحبه عن
    طريق الحق ، ويعدل به عن الصراط السوي ، وقد يتمرّدُ فيصعب قيادته ، وقد
    ينسى إنعام المنعمين ، وفضل المتفضلين ، فلا يرى لأحدٍ فضلاً عليه . فإذا
    ما ذكرتَ له الأيادي البيضاء التي تلقفته في محنته ، والقلوب الصافية التي
    حنَّت عليه لان ـ إن كانت فيه بقيّة من صلاح ـ وهدأت نفسه ، وأنست إلى
    التزام الحق والتمسك به . .
    هذا إن كان صالحاً ، أما إن لم يكن كذلك ، وتمادى في غيّه ، وركب رأسه
    ، فقد أقمتَ عليه الحجة إن أردت معاقبته ، وأعذَرْتَ فيه إن أردْتَ فضحه
    وإظهارَه على حقيقته ، كي يرعويَ إن ارعوَى ، أو يحذرَ منه الناس ويتجنبوه .
    وفي القرآن الكريم الكثير الكثير من الآيات التي تـُذكـّر الإنسان بفضل الله وكرمه ، علّه يستقيم ويتذكر . . إن نفعت الذكرى . . .

    فمن الأمثلة على ذلك قوله تعالى في سورة البقرة مخاطباً اليهود :
    (( وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ
    يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ
    وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ
    (49) وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50) وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (51) ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52) وَإِذْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (53) وَإِذْ
    قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ
    بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا
    أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ
    عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
    (54) وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (55) ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (56) وَظَلَّلْنَا
    عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى
    كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ
    كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
    (57) )) الآيات [ 49 ـ 57 ].
    (( وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ
    فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا
    عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا
    وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ
    مُفْسِدِينَ
    (60) )) الآية [ 60 ]

    ويقول سبحانه مخاطباً المسلمين في سورة آل عمران :
    (( وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123) إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124) بَلَى
    إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا
    يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ
    مُسَوِّمِينَ
    (125) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ
    إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ
    إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ
    (126) )) الآيات [ 132 ـ 126 ] .
    وفي سورة آل عمران كذلك نرى فضل الله على المسلمين في غزوة أحد في
    الآيتين [ 152 ـ 153 ] . ونرى من نعم الله على المؤمنين قوله تعالى : ((
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ
    إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ
    أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ
    الْمُؤْمِنُونَ
    (11) ))(1) .
    وقوله تعالى : (( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ
    يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ
    أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآَتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا
    مِنَ الْعَالَمِينَ
    (20) ))(2) .
    وقوله تعالى : (( قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ
    ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ
    أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ
    (63) قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (64) ))(3) .
    وقوله تعالى : (( وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ (10) وَلَقَدْ
    خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ
    اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إلاّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ
    السَّاجِدِينَ
    (11) ))(4) .

    وقوله تعالى ، يذكر فضله على المسلمين في غزوة بدر ، في سورة الأنفال :
    (( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَمَا
    جَعَلَهُ اللَّهُ إلاّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا
    النَّصْرُ إلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
    (10) إِذْ
    يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ
    السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ
    الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأقْدَامَ
    (11) )) الآيات [ 9 ـ 11 ] .
    (( وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ
    بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا
    أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ
    إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
    (63) )) الآيتان [ 62 ـ 63 ] .

    وقوله تعالى في سورة التوبة :
    (( إلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ
    أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ
    إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ
    اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا
    وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ
    الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
    (40) )) .
    (( لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا
    مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ
    الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
    (88) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (89) )) .
    (( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ
    وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ
    عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا
    الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)
    )) .
    (( وَءَاخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ
    خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ
    عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
    (102) )) .

    وقوله تعالى في فضله على يوسف عليه السلام :
    (( رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ
    وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ
    وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي
    مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ
    (101) ))(5).

    وقوله تعالى في سورة النحل :
    (( وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7) وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8) )) .
    ((وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا
    مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا
    وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ
    وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
    (14) )) .
    (( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18) )) .

    وقوله تعالى في سورة الإسراء :
    (( رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (66) )) .
    (( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ
    وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ
    الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا
    (70) )) .

    وقوله تعالى في سورة الفرقان : (( وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (48) لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا (49) )) .

    وقوله تعالى في سورة العنكبوت ، يذكر فضله على أهل مكة :
    (( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ )) الآية [ 67 ] .

    وقوله تعالى في سورة لقمان يذكر نعمه الوافرة على عباده :
    (( أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا
    فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ
    ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً
    . . . . )) من الآية [ 20 ] .

    وقوله سبحانه في سورة الأحزاب ، يذكر فضله على المؤمنين في غزوة الخندق ، وغزوة بني قريظة :
    (( وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ
    لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ
    اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا
    (25) وَأَنْزَلَ
    الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ
    فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا
    (26) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (27) )) .

    وقوله سبحانه في سورة سبأ يذكر فضله على أهلها :
    (( لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آَيَةٌ
    جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ
    وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ
    (15) )) .

    ويقول الله تعالى في سورة الجمعة ، يمنُّ على المؤمنين بإرسال سيدنا محمد ، يهديهم إلى الله سبحانه :
    (( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا
    مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ
    الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ
    مُبِينٍ
    (2) )) .

    إن الحرَّ حين يرى فضل الله عليه يقرُّ به ، ويعترف ، ويعاهد الله تعالى أن يكون له عبداً شكوراً . .

    اللهم اجعلنا من عبادك الشاكِّرين .

    الهوامش:

    (1) سورة المائدة ، الآية : 11 .
    (2) سورة المائدة ، الآية : 20 .
    (3) سورة الأنعام ، الآيتان : 63 ، 64 .
    (4) سورة الأعراف ، الآيتان : 10 ، 11 .
    (5) سورة يوسف ، الآية : 101 .

    يتبع
    omar
    omar
    Spammer
    Spammer


    Località*الدولة* : Egypt

    Sesso : ذكر

    Numero di messaggi : 212

    Quran رد: سلسلة من أساليب التربية في القرآن الكريم

    مُساهمة من طرف omar السبت 25 ديسمبر - 1:27:44

    من أساليب التربية في القرآن الكريم

    الأسوة الحسنة

    الدكتور عثمان قدري مكانسي

    والأسوة : القدوة والمثل .
    وتأسى به : احتذاه ، وسار على هداه ، واقتدى به .
    وأسوةُ المسلم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، والأنبياء الكرام
    الذين دعَوا إلى الله سبحانه ، ودلوا البشرية إلى الطريق القويم .
    وحين زلَّ آدم ، فأمر الله تعالى بإنزاله إلى الأرض وتاب عليه حدَّدَ له ولذريته ما يتبعون فقال : (( قُلْنَا
    اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ
    تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
    (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39) ))(1) .

    1ـ وقد أمرنا الله تعالى أن يكون رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
    قدوتنا ، وأمر رسوله الكريم ـ ونحن من بعده ـ أن نتخذ من الأنبياء الكرام
    خيرَ أسوة وأفضلَ قدوة ، فقال : (( لَقَدْ كَانَ
    لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو
    اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا
    (21) ))(2) . فهدفنا اليومُ الآخر الذي نربح فيه رضاء الله والجنة .
    وقال سبحانه آمراً بالاتباع ، ومبيناً السبب : (( قَدْ
    كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ
    إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ
    مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ
    الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ
    . . . ))(3) ، (( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ . . . . . ))(4) . فنبرأ من الشرك بالله ومن المشركين فلا نواليهم .
    ولنا قدوة في داود : (( اصبرعَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (17) . . . ))(5).
    ولنا قدوة في ابنه سليمان : (( وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30) . . . ))(6) .
    ولنا قدوة أيضاً في أيوب : (( وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41) ))(7) .
    ولنا قدوة في إبراهيم عليه السلام ، وأبنائه الكرام : (( وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45) ))(8) .
    ـ لماذا يا رب ؟
    ـ إن فيهم خصلة زادت على غيرهم من أمثالهم .
    ـ فما هي ؟
    ((إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (46) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ (47)))(9) .
    (( وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ (48) ))(10) .

    وقد يقول أحدهم كيف عرفت من هذه الآيات أنهم قدوة ؟
    والجواب أنه سبحانه يأمر نبيه الكريم أن يذكرهم للناس ويذكر عملهم
    وإيمانهم وصبرهم في الدعوة إلى الله تعالى ليكونوا لنا مثالاً وأسوة .
    ويحشد الله سبحانه وتعالى أسماء ثمانية عشر نبياً ، مادحاً إياهم بالهدى والرشاد آمراً المسلمين بإتباع هداهم : (( وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) وَوَهَبْنَا
    لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ
    قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ
    وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
    (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86) وَمِنْ آَبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (87) ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88) أُولَئِكَ
    الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ
    يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا
    بِكَافِرِينَ
    (89) أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ))(11) .

    2ـ وقد أمر الله سبحانه نبيّه الكريم أن يصدع بدعوة الحقّ ، داعياً إلى التزامها بوعي وفهم : ((قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ))(12) .
    ـ وهذه الدعوة القويمة ليس فيها اعوجاج ، ولا ميلان عن الحق : (( وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ))(13) .
    ـ وهي سبيل الصالحين السادة الأعلام : (( وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آَبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ . . . ))(14).
    ـ ومن سلكها لم يكن للشيطان سبيل عليه ولا سلطان : (( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42) ))(15) .
    ـ وفيها التمايز عن المشركين : (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64) ))(16) .
    (( فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ ))(17) .
    (( قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ))(18) .

    3 ـ ولا ينبغي اتباع أحد إلا للوصول معه إلى طريق مستقيم ، فيه هدىّ .
    ـ فهذا سيدنا موسى يقول للرجل الصالح : ((هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ))(19) . وقد نهى القرآن عن اتباع أهل الغي والفساد نهياً شديداً ، فاتباعهم يؤدي إلى المهالك في الدنيا والآخرة .
    ـ إنهم ضالون ، فهل يقودون من تبعهم إلا إلى الضلال ؟!! (( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ))(20) .
    ـ قلوبهم غافلة لاهية ، وهم أصحاب هوى ، لا خير فيهم (( وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ))(21) .
    (( فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16) ))(22) .
    ـ أصحاب فتنة ،والمفتون لا يهدي بل يضل ((وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ))(23).
    (( وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ))(24) .

    4 ـ ومن اقتدى بالأنبياء وسار على دربهم نجا ، ونجح .
    ـ فمن تبع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان مفلحاً (( . . . فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )) (25) .
    ـ وأتباع عيسى عليه السلام ، الحواريون الموحّدون ، ومن سار على دربهم قبل بعثة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ جعلهم الله منتصرين على الكفار أبداً (( وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ))(26) .
    ـ وهذا سيدنا إبراهيم عليه السلام يحدد هوية من آمن به (( فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي . . ))(27) .
    ـ ولسام حال كل نبي كريم يقول : (( وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ))(28) .
    ـ والله سبحانه وتعالى يجمل المعنى قائلاً : (( فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ))(29) .
    5 ـ أما من حاد عن الطريق السويّ فهو ضال تائه (( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ؟ ))(30) .
    ـ خاسر لأنه اتبع هواه ، وحاد عن الطريق (( فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16) ))(31) .
    ـ يحيا حياة متعبة ، لا راحة فيها ، ويحشر أعمى يوم القيامة (( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) ))(32) .
    ـ هم أولياء الشيطان ، غاوون (( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42) ))(33) . لكنّ المسلم لا يتبع الشيطان إنما يحذر منه فليس من الغاوين .
    ـ أما الجبابرة المتكبرون في الدنيا ، فإنهم في الآخرة يتبرأون من
    أتباعهم وأعوانهم حين يروا العذاب ، ويتمنّى التابعون أن يعودوا إلى الدنيا
    ليتبرأوا من الطغاة ، الذين كانت لهم أدوات التنفيذ الفاسدة ، يعملون لهم
    دون تفكير وتمحيص (( إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ
    الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ
    كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ
    حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ
    (167) ))(34) .
    ـ والإنسان العاقل لا يقتدي إلا بمن ينفعه في الدنيا والآخرة ، ويأخذ
    بيده إلى دروب النجاة والسلامة . . . . . . إنه يقتدي بالهادين المهديين ،
    بالأنبياء المرشدين ، وأتباعهم الصالحين .

    الهوامش:

    (1) سورة البقرة ، الآيتان : 38 ، 39 .
    (2) سورة الأحزاب ، الآية : 21 .
    (3) سورة الممتحنة ، الآية : 4 .
    (4) سورة الممتحنة ، الآية : 6
    (5) سورة ص ، الآية : 17 .
    (6) سورة ص ، الآية : 30 .
    (7) سورة ص ، الآية : 41 .
    (8) سورة ص ، الآية : 45 .
    (9) سورة ص ، الآيتان : 46 ، 47 .
    (10) سورة ص ، الآية : 48 .
    (11) سورة الأنعام ، الآيات : 83 ـ 90 .
    (12) سورة يوسف ، الآية : 108 .
    (13) سورة النساء ، الآية : 125 .
    (14) سورة يوسف ، الآية : 38 .
    (15) سورة الحجر ، الآية : 42 .
    (16) سورة الأنفال ، الآية : 64 .
    (17) سورة آل عمران ، الآية : 20 .
    (18) سورة الأنعام ، الآية : 56 .
    (19) سورة الكهف ، الآية : 66 .
    (20) سورة القصص ، الآية : 50 .
    (21) سورة الكهف ، الآية : 28 .
    (22) سورة طه ، الآية : 16 .
    (23) سورة المائدة ، الآية : 48 .
    (24) سورة المائدة ، الآية : 49 .
    (25) سورة الأعراف ، الآية : 157 .
    (26) سورة آل عمران ، الآية : 55 .
    (27) سورة إبراهيم ، الآية : 36 .
    (28) سورة طه ، الىية : 47 .
    (29) سورة طه ، الآية : 123 .
    (30) سورة القصص ، الآية : 50 .
    (31) سورة طه ، الآية : 16 .
    (32) سورة طه ، الآيات : 124 ـ 126 .
    (33) سورة الحجر ، الآية : 42 .
    (34) سورة البقرة ، الآيتان : 166 ، 167 .

    يتبع
    omar
    omar
    Spammer
    Spammer


    Località*الدولة* : Egypt

    Sesso : ذكر

    Numero di messaggi : 212

    Quran رد: سلسلة من أساليب التربية في القرآن الكريم

    مُساهمة من طرف omar السبت 25 ديسمبر - 1:29:36

    سلسلة من أساليب التربية في القرآن الكريم

    الصحبة الحسنة

    الدكتور عثمان قدري مكانسي


    الصاحب ـ كما يقولون ـ ساحب .
    قلْ لي مَنْ تصاحب أقل لك من أنت . . مقولة مشهورة أثبتت الأيام صدقها ، وقد جاء في الأثر : (( المؤمن مرآة أخيه المؤمن )) .
    وقديماً قالوا : (( صاحب السعيد تسعد ، وصاحب الشقيَّ تشقَ )) .
    ويؤكد هذا القول ويعضده قولُ الله سبحانه وتعالى : (( وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا (25) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (26) وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29) ))(الفرقان).
    فقد دعا عقبة بن أبي معيط جيرانه إلى وليمة ، وكان رسول الله ـ صلى
    الله عليه وسلم ـ من بينهم ، فأبى قبولها إلا أن يشهد عقبة شهادة الإسلام
    ، ففعل ، فأجاب رسول الله دعوته . . وفي اليوم التالي سمع أبيُّ بن خلف
    بما فعل عقبة ـ وكان صاحبَه ـ فجاءه يلومه ، ويقول له : وجهي من وجهك حرام
    إلا أن تكفر بمحمد ، فقال له عقبة : ما قلتُ ما قلت إلا ليقبل دعوتي ، ولست
    بصابىء ، فقال له : وتذهب إليه فتشتمه وتبصق في وجهه الكريم . . .
    ذهب ذلك المشؤوم ، وأسمع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ هُجر القول
    وسفيهه ، ثم لما بصق ارتدَّ إلى وجهه ، فأحرقه . . ثم إن رسول الله ـ صلى
    الله عليه وسلم ـ أسر عقبة يوم بدر ، وأمر بقطع عنقه ، فبترها علي رضي الله
    عنه قبل العودة إلى المدينة المنورة .
    هذان الكافران عقبة وأبيُّ يندم كلٌّ منهما على مصاحبة الآخر يوم
    القيامة ، ولات ساعة مندم . . وفيهما نزلت هذه الآيات ، تحذر من اتخاذ
    الأصحاب الفاسدين .
    هؤلاء الأصحاب الذين يلازم بعضهم بعضاً في الدنيا ، ويؤازر كل منهم
    صاحبه في شهواته ، وملذّاته ، وفساده ، يتعادَون حين تأتي الساعة ، ويتبرأ
    كل منهم من صاحبه ، إلا الصحبة في الله ، والأخوة في الدين .
    قال تعالى : (( هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (66) الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (67) ))(الزخرف) .
    وما أضلَّ مَنْ يصاحب من لا دين له ، ولا خلاق ، يأمر صاحبه بالخنا
    والفجور ، وينهاه عن التقوى ، ويكذّبُ بالدين ويكفر بالله ، ويطغى حين يصير
    غنياً ناسياً أنّ مرجعه إلى الله وأنه محاسب بين يديه .
    قال تعالى : (( كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) ))(العلق) .
    ويخاطب الله سبحانه نبيّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ـ ونحن من ورائه ـ
    آمراً أن نتبع هذه الشريعة الغرّاء ، التي أنزلها على نبيه الكريم ، وأن
    ننأى بأنفسنا عن الأهواء ، وأهل البدع والفساد ، فأهل الهوى لا يعلمون
    حقيقة الحياة ، ويقودون من تبعهم إلى الهلاك والثبور ، وحين تحق الحقيقة
    يتبرأون ممن تبعهم (( إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) ))(البقرة) . ويتبرأ التابعون بدورهم من السادة أهل الأهواء دون أن يفيد البراءُ الطرفين (( وَقَالَ
    الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ
    كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ
    حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ
    (167) ))(البقرة) .
    نعم ، وحين تحق الحقيقة لن يغنوا عمّن تبعهم شيئاً . قال تعالى : (( ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18) إِنَّهُمْ
    لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ
    بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ
    (19) ))(الجاثية) .
    ولكنّ أي ولاء يثبت في الآخرة . . إنه ولاء صاحب الآخرة ، وخالق
    الدنيا والآخرة . . الله وليُّ الذين آمنوا . فلْنكنْ أولياء الله تعالى
    ومن والاه فقط .
    كما أن الصحبة والولاء للذين آمنوا بالله ورسوله ، أما مَنْ غضب الله
    عليهم لكفرهم بالله واليوم الآخر فلا ينبغي لنا صحبتهم ، ولا موالاتهم (( يَا
    أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ
    عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآَخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ
    أَصْحَابِ الْقُبُورِ
    (13) ))(الممتحنة) .
    وقد قصَّ الله ـ تعالى ـ علينا قصّة ذلك الرجل المؤمن ، الذي دخل
    الجنّة ، فجلس مع إخوانه يأنسون ، ويطربون ، ويتجاذبون أطراف الحديث ، ثم
    تحدثوا عن الدنيا وما جرى لهم ، فيها يتذاكرون نعيمهم ، وحال الدنيا ،
    وثمرة الإيمان . فقال الرجل : لقد كان لي جليس في الدنيا ، ينكر البعث
    والجزاء ، ويتندَّر قائلاً : أتصدِّقُ أننا إذا متنا ، وأصبحنا ذرات من
    التراب ، وعظاماً نخرة أننا محاسبون ومجزيون بأعمالنا ، ما الذي جرى له
    أيها الأصحاب ، تعالوا نطّلع إلى النار ، لنرى حال ذلك الجليس ، فنظر
    وأصحابه إلى ذلك الرجل ، فأبصره يتلظّى بنار جهنّم ، ويُشوى بسعيرها ،
    فخاطبه المؤمن شامتاً وقال له : والله لقد قاربت أن تهلكني بإغوائك ، ولولا
    فضل الله عليَّ بتثبيتي على الإيمان لكنت معك في نار جهنم ، أُكوى بنارها .
    ثم خاطبه مستهزئاً ساخراً به كما كان ذاك الفاجر يسخر بالمؤمن في الدنيا :
    ألا تزال على اعتقادك بأننا لن نموت إلا موتتنا الأولى ، وأنْ لا بعث ولا
    جزاء ولا حساب ولا عذاب ؟! ثم التفت إلى أصحابه وقال : الحمد لله الذي
    تفضّل علينا ، فأدخلنا نعيم الجنّة . وهذا هو النجاح والفلاح الأبديان . ((
    فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (50)
    قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) يَقُولُ أَئِنَّكَ
    لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا
    أَئِنَّا لَمَدِينُونَ (53) قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (54) فَاطَّلَعَ فَرَآَهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (55) قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (56) وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (57) أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (59) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (60) لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (61) ))(الصافات) .

    قال المفسّرون : أشارت هذه الآيات الكريمة إلى قصّة شريكين ، كان لهما
    ثمانية آلاف درهم ، فكان أحدهما يعبد الله ، ويقصّر في التجارة والنظر إلى
    أمور الدنيا ، وكان الآخر مقبلاً على تكثير ماله ، فانفصل عن شريكه لتقصيره
    ، وكان كلما اشترى داراً أو جارية أو بستاناً أو نحو ذلك عرضه على المؤمن ،
    وفَخَر عليه بكثرة ماله ، وكان المؤمن إذا سمع ذلك يتصدق بنحوٍ من ذلك
    ليشتري له به قصراً في الجنة ، فإذا لقيه صديقه قال : ما صنعت بمالك ؟ قال :
    تصدّقت به لله ، فكان يسخر منه ، ويقول : أإنك لمن المصدّقين ؟! فكان
    أمرهما ما قصَّ الله علينا في كتابه العزيز .



    يتبع
    omar
    omar
    Spammer
    Spammer


    Località*الدولة* : Egypt

    Sesso : ذكر

    Numero di messaggi : 212

    Quran رد: سلسلة من أساليب التربية في القرآن الكريم

    مُساهمة من طرف omar السبت 25 ديسمبر - 1:32:10

    سلسلة من أساليب التربية في القرآن الكريم

    القول الحسن

    الدكتور عثمان قدري مكانسي


    ماذا يفعل القولُ الحسن بمن يسمعه أو يُوَجّهُ إليه ؟ .
    ما موقفك حين ترى مَنْ يقول هجراً ؟ ومَنْ يغلظ في حديثه ؟ .
    كيف تنظر إلى من يتلطف في القول ، ولا يُسمِعك إلا ما تحب وتأنس إليه ؟ .

    إن الكلام الطيب كماء نزل من السماء على أرض عطشى ، فأنبت الله به زرعاً وثمراً ، وجعلها فتنة للناظرين ، قال تعالى :
    (( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ))(سورة إبراهيم) فهي تفعل فعل السحر في السامع ، وتأخذ بمجامع قلبه ، فينفتح إليك ، ويأنس بك .
    أما الداعية فيعمل ، ليصل كلامه إلى أعماق الناس ، بما أمر الله من قول حسن (( وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ))
    (البقرة) ، وترتاح قلوب الناس وعقولهم للكلام الطيب ، كما يرتاحون للفاكهة
    الطيبة الحلوة ، فيستمتعون بأطايب الكلام ، كما يتلذذون بأطايب الطعام .

    والله أمر الدعاة أن يقولوا في محاورتهم ، ومخاطبتهم ، الكلمة الطيبة ،
    ويختاروا من الكلام ألطفه وأحسنه ، وينطقوا دائماً بالحسنى ، فالكلمة
    الخشنة سلاح الشيطان ، يُسَعِّرُ بها نار الفتنة ، ويؤججها (( وَقُلْ
    لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ
    بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا
    (53) )) (الإسراء) .

    ويأمر الله سبحانه وتعالى الداعية ، باللطف ، واتخاذ الأسلوب المناسب ، لاجتذاب السامعين فقال : (( ادْعُ
    إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
    وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ
    ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ
    (125) )) (النحل).

    وإذا جادلتم أهل الكتاب ، ودعوتموهم إلى الإسلام
    ، فليكن ذلك بالحسنى ، كالدعاء إلى الله بالحجج والبراهين ، والحَسَن من
    الكلام ، وأعلموهم أنكم تؤمنون بالإله الذي يؤمنون به ، إلا المحاربين
    الظالمين ، المجاهرين في عداوتهم ، فجدالهم بالغلظة والشدّة ، لتوهين حجمهم
    ، وتهجين مذهبهم ، وهذا ما يليق بالمجرم المشرك الغليظ .

    قال تعالى : (( وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ
    الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا
    مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ
    إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
    (46) )) (العنكبوت) .
    ويأمرنا الله سبحانه وتعالى ، أن نكافىء المحسن في تحيته ، بتحيّة
    أفضل ليشعر بالأمان ، وليرى أن المسلمين ، أهل حب وودٍّ ، فيتقرّب إلينا ،
    ولا ننسَ أن الله رقيب علينا ، يجازينا بما نعمل من خير أفضلَ الثواب ،
    فقال سبحانه : (( وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86) )) (النساء) .
    وتعال معي ـ أخي الكريم ـ إلى رؤية ثواب مَنْ يقول أفضل كلمة يحبها
    الله وهي : (( الله ربي )) فها هو القرآن الكريم يفصّل في ذلك . . يقول
    سبحانه :
    (( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا
    أ ـ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ
    أَلَّا تَخَافُوا
    وَلَا تَحْزَنُوا
    وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30)
    نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ
    وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ
    وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32)
    ب ـ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ
    دَعَا إِلَى اللَّهِ
    وَعَمِلَ صَالِحًا
    وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)
    جـ ـ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ
    د ـ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34)
    هـ ـ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) )) (فصلت).

    ما أعظم ثواب الكلمة الطيبة ، ينمّيه الله ، حتى يصير أعظم من جبل أحد ، كما جاء في الأثر.
    وانظر إلى العلاقة الطيبة بين إخوة الإسلام ، هذه العلاقة التي شدَّ
    من عروتها ، الحب في الله ، فترى الخلف يدعو للسلف ، ويسألون الله صفاء
    القلب من الغل والحسد ، لإخوانهم في الله :
    (( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ
    أ ـ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ
    ب ـ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10) )) (الحشر).

    أتدرون ما قوتنا وأسوتنا في القول الحسن ؟ إنه قول الله تعالى ، القرآن الكريم : (( اللَّهُ
    نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ
    مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ
    وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ
    . . )) (الزمر) .

    يتبع بإذن الله
    omar
    omar
    Spammer
    Spammer


    Località*الدولة* : Egypt

    Sesso : ذكر

    Numero di messaggi : 212

    Quran رد: سلسلة من أساليب التربية في القرآن الكريم

    مُساهمة من طرف omar السبت 25 ديسمبر - 1:36:14

    سلسلة من أساليب التربية في القرآن الكريم

    حُسن الأدب

    الدكتورعثمان قدري مكانسي

    نقصد به القول والفعل اللذين إن
    اتصف بهما المرء كان من المروءة بمكان ، ونال من الله تعالى الحظوة والقبول
    ، وإن خلا المرء منهما ناله ذم وقدح ، وابتعد عن دائرة النُّبل والمروءة .
    ولئن كان خلوُّ المرء من بعض هذه الصفات لا يعد كَبير إثم ، إلا أن
    بعضها الآخر ـ إن خلت ـ منه كان من أهل الكبائر . . لكنها جميعاً آداب
    اجتماعية ، وأخلاقية دينية ، لا بد للمسلم النبيه أن يحوزها .
    من هذه الصفات :

    ـ ردُّ التحية ردّّاً له أثره الإيجابي في النفوس .
    قال تعالى : (( وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86) )) (سورة النساء) .
    فالأفضل أن تردّ التحيّة بأفضل منها ، فإن قيل لك : السلامُ عليكم ،
    قلت : وعليكم السلام ، ورحمة الله وبركاته ، ومغفرته ، ورضوانه .
    وقد جاءت الملائكةُ إبراهيم فحيَّوْه بالجملة الفعلية ، والفعل يدلُّ
    على الحدوث ، فأجابهم بتحيّة دلّت على الثبوت ، وذلك بالجملة الاسمية ،
    فكان رده أحسنَ (( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ ... )) (الذاريات) .

    وقد نعى الله تعالى على اليهود
    الذين يحرفون الكلم ، فإذا دخلوا على رسول الله أوهموه أنهم يسلمون ،
    فيقولون : (( السام عليكم )) ، والسامُ هو الموت . فهم ـ إذاً ـ يدعون عليه
    ، وكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعرف مرادهم فيردُّ قائلاً : (( وعليكم )) فيكون ردّه أبلغ ، لأنهم يدعون فلا يستجاب لهم ، وهو عليه الصلاة والسلام يدعو عليهم ، فيستجاب له . قال تعالى : (( وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ . . )) (المجادلة) .

    ومن هذه الصفات أيضاً إكرام اليتيم ، والحضُّ على إطعام المسكين ، وقد مدح الله تعالى الأنصار ، الذين أكرموا إخوانهم المهاجرين إليهم فقال : (( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9) )) (الإنسان).

    كما نعى القرآن على الكفار ، الذين لا يحضون على إطعام الفقراء
    والمحتاجين ، ويأكلون مال اليتيم ، والمرأة ، والضعيف ، فلا يعطونهم
    ميراثهم ، ولا يهتمون في أكل المال ، أَمِنْ حرام كان ، أم من حلال ؟ قال
    تعالى : (( كَلَّا بَل لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ
    (17) وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (18) وَتَأْكُلُونَ
    التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا
    (19) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20)
    )) (الفجر) .

    ويأمر الله تعالى نبيه الكريم ـ وهو القدوة لنا ـ فنحن مأمورون بما أمر به ـ
    أن يراعي بؤس اليتيم فلا يقهره ، وأن يعطي السائل ، فإن لم يستطع ، ردّه
    ردّاً جميلاً . قال تعالى : (( فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) )) (الضحى) .

    كما هدد القرآن الكريم من يعيب الناس ، ويغتابهم ، ويطعن في أعراضهم ، أو
    يلمزهم سراً بعينه ، أو حاجبه . ويوقع بين الناس ، ولا يهتم إلا بجمع المال
    ، يحصيه ويعدُه بالنار والإحراق ، فهذا جزاؤه المناسب (( وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) )) (الهمزة) .

    ـ وقد نهى القرآن الكريم عن النجوى ؛ وغمز المؤمنين ، ومعصية الرسول الكريم ، (( أَلَمْ
    تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا
    نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ
    الرَّسُولِ
    .... ( 8 ) )) (المجادلة) .
    فإذا تحدثوا سراً وتناجوا ، فلا يكون ذلك بما فيه إثم من قبيح القول ،
    أو بما هو عدوان على الغير ، أو مخالفة ومعصية لأمر الرسول الكريم ،
    وليتحدثوا بما فيه خير وطاعة وإحسان ، وليخافوا الله فيمتثلوا أوامره ،
    ويجتنبوا نواهيه ، فسوف يجمعهم للحساب ، ويوفيهم أجورهم ، ويجازي كلاّ
    بعمله . . قال تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
    آَمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ
    وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ
    وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ
    (9)))(المجادلة).

    ـ وكان المسلمون يتنافسون في مجلس النبي
    ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، أو غيره من المجالس . فأمرهم الله بالتواضع
    والإيثار ، وأن يفسحوا في المجلس لمن أراد الجلوس عند النبي ـ صلى الله
    عليه وسلم ـ ، ليتساوى الناس في الأخذ من حظهم من رسول الله ـ صلى الله
    عليه وسلم ـ . وفي الحديث : (( لا يقيمنّ أحدكم رجلاً من مجلسه ، ثم يجلس فيه ، ولكنْ توسعوا ، وتفسّحوا، يفسح الله لكم
    )) ،وقد تكون الفسحة للمطيع في الرزق ، والصدر ، والقبر ، والجنة . وهذا
    يوضح فضل الله علينا حين يوسع لنا في خيرات الدنيا والآخرة ، كما أنّه إذا
    قيل لنا انهضوا من المجلس ، وقوموا لتوسعوا لغيركم فعلينا السمع والطاعة ،
    وهذا درس عمليٌّ في التواضع ، بدءاً من التوسعة وانتهاءً بالقيام . . قال
    تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا
    قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ
    لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ
    آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ
    ... (11) )) (المجادلة) .

    ـ ومن الصفات حفظ السر ، لما فيه من فائدة السلامة والصيانة فرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذكر أمراً لزوجته عائشة ، وحفصة واستكتمهما إياه ، فلم تحفظاه فعوتبتا على ذلك ، فما ينبغي لأحد أن يكشف سرَّ أحدٍ إن سأله أن يحفظه . (( وَإِذْ
    أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ
    بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ
    بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ
    نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ
    (3) إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ....)) (التحريم).

    ـ وهذا سيدنا إبراهيم حين جاءته الملائكة ، فلم يعرفهم وحسبهم بشراً ، فماذا فعل ؟ :
    1ـ ذهب إلى أهله مسرعاً ، في خفية عن ضيفه ، لأن من أدب المضيف أن
    يبادر بإحضار الضيافة ، من غير أن يشعر به الضيف حذراً أن يشعر الضيف أنّه
    أثقل عليه ، فيمنعه من إحضارها ، وأسرع بالعودة حتى يؤنس ضيفه ، فلا يتركه
    وحده .
    2ـ وجاء بعجل مشوي ، وهذا إمعان في إكرام الضيف .
    3ـ ومن الأدب أن يقدَّم الطعام إلى الضيف مكان جلوسه ، فهذا أوجَهُ وأكرم .
    4ـ ومن الأدب التلطف بالدعوة إلى الطعام ، فلم يقل لهم (( كلوا )) إنما قال متودداً : (( أَلَا تَأكُلُونَ )) .
    قال تعالى : (( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (25) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (27) )) (الذاريات) .

    وهذا لقمان الحكيم يوصي ابنه ـ ونحن من ورائه ـ بأمور عدة آمراً وناهياً :
    (( يَا بُنَيَّ
    أ ـ أَقِمِ الصَّلَاةَ
    ب ـ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ
    جـ ـ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ
    د ـ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17)
    هـ ـ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ
    و ـ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18)
    ح ـ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19) )) (لقمان).

    وفي سورة الإسراء آداب عدة :

    1ـ ((وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا
    إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ
    الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا
    تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا
    (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) )) (الإسراء) .
    2ـ أ ـ ((وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26)
    ب ـ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27)
    جـ ـ وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (28)
    وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30)
    وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31)
    وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32) )) (الإسراء) .
    وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ
    وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (34) .
    وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (35) .
    وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا(36).
    10ـ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (37) كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (38) )) (الإسراء) .

    إنها آداب رائعة ، وشرائع راقية ، تبني مجتمعاً متماسكاً ، وأُمّةً حضارية .

    وانظر معي إلى الأدب القرآني الرفيع ، ففي سورة يوسف (الآية 69 ـ 71) نرى هذه الصورة المعلمة للأدب الراقي.
    1ـ أمر يوسف عليه السلام أن توضع السقاية ، وهي من ذهب مرصع بالجواهر في متاع أخيه بنيامين ليبقيه عنده .
    2ـ نادى منادٍ إخوة يوسف ، إنكم سرقتم .
    3ـ جاء إخوة يوسف إليهم يسألنوهم ! ماذا فقدتم ؟
    4ـ قالوا لهم : فقدنا سقاية الملك ، وأنتم أخذتموها ، ألم نكرمكم ، ونحسن
    ضيافتكم ؟ ونوفِّ إليكم الكيل ، إنا لا نتهم عليها غيركم . . . فأين الأدب
    هنا ؟ . .
    إنه من إخوة يوسف ، فالمنادون اتهموهم بالسرقة ، فردَّ عليهم هؤلاء : (( ماذا تفقدون ))
    بدل : (( ماذا سرقنا )) إرشاد لهم إلى مراعاة حسن الأدب ، وعدم المجازفة
    باتهام البريئين الغافلين بالسرقة ، ولهذا التزموا معهم الأدب فأجابوهم :
    (( نفقد صواع الملك )) بدل قولهم : (( سرقتم صواع الملك )) .
    والأمثلة كثيرة ، وسبحان الله معلم الأدب ، الدال على الصواب .

    يتبع
    omar
    omar
    Spammer
    Spammer


    Località*الدولة* : Egypt

    Sesso : ذكر

    Numero di messaggi : 212

    Quran رد: سلسلة من أساليب التربية في القرآن الكريم

    مُساهمة من طرف omar السبت 25 ديسمبر - 1:46:34

    من أساليب التربية في القرآن الكريم

    الأمان والحرية

    الدكتور عثمان قدري مكانسي

    قال تعالى : { مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ } (من الآية 99 ـ المائدة) ، ويبدأ الرسول
    سلسلة من أساليب التربية في القرآن الكريم 2055
    ومَن تبعه يبلغون الناس رسالات ربهم ، فإن وجدوا مناخاً مناسباً ، ازدهرت
    دعوتهم ، لأنها دعوة الفطرة ، وإن وجدوا محاربة وإيذاء صبروا ، فدرب الدعوة
    مليء بالشوك والمصاعب ، فإن ازداد الإرهاب ، وكثر القتل ، والسجن ،
    والعذاب ، انتقلوا بدعوتهم المباركة إلى مكان أكثر أمناً ، وأوسع حريّة .
    هذا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يترك مكة بعد ثلاثة عشر عاماً
    إلى المدينة المنوّرة ، لأن أهل مكة ساموه وأصحابه سوء العذاب ، ووجد
    المدينة تمدّ إليه أيدي أبنائها الذين آمنوا بدعوته ، فخرج من مكة قائلاً :
    (( والله إنك لأحب أرض الله إليَّ ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجتُ )) ثم يعود إليها بعد ثماني سنوات فاتحاً ، ليرسي فيها دعائم التوحيد والإيمان .
    وكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو بمكة يرى أصحابه وهم يعذبون ، ويفتنون ، فيأمرهم بالهجرة إلى الحبشة (( فإن فيها ملكاً لا يظلم عنده أحد )) .

    صور من الهجر قبل الإسلام :
    ـ هذا أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام يكسر أصنام قومه ، ويعلن ملّة
    التوحيد ، ويدعو الناس إليها ، فيجادله قومه ، فيحاجُّهم ويخرسهم ، فيرون
    موقفهم أمامه ضعيفاً ، ويخافون أن يؤمن به الدهماء ، فيقررون التخلص منه
    بالإحراق . لكن الله تعالى ينقذه من النار ، وتزداد شدّة الوطء عليه ،
    فيقرر الهجرة إلى الشمال ـ إلى حرّان ـ { وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي } (من الآية 26 ـ العنكبوت) ، ثم تبدأ الهجرة الثانية إلى فلسطين { وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) }(الصافات) ، وهناك تنتشر الدعوة ويقوى عودها .

    ـ وهذا موسى نبي الله الكليمُ يقتل نفساً من الأقباط دون قصد ، فيأتيه رجل يقول له : { وَجَاءَ
    رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ
    الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ
    النَّاصِحِينَ
    (20) فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (21) }(القصص) . ويتوجه تلقاء مدين ويسقي للفتاتين ، ويستدعيه أبوهما ، فيقص موسى عليه خبره ، فيقول له الرجل الصالح : { لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
    }(من الآية 25 ـ القصص) . ويجد الحرية والأمان في مدين ، ويربّيه الله
    تعالى على عينه ، ليعود إلى فرعون داعياً ، وإلى بني إسرائيل منقذاً .
    ويرى موسى عليه السلام وقومُه ، الصدَّ والإيذاء والاستعباد ، فيقرر
    الهجرة إلى الشام مرة أخرى ، ولكن مع قومه من بني إسرائيل ، لأنه هذه
    المرّة لم يعد مسؤولاً عن نفسه فقط ، بل عن قومه أيضاً ، فهو النبي المرسل
    إليهم . . والله تعالى هو الذي أمره بالهجرة الآن ، فما عاد فرعون وقومه
    يطاقون ، قال تعالى: { وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (52) }(الشعراء) وينجي الله موسى وقومه ، ثم يُغرِقُ فرعون وجنده .

    ـ وأهل الكهف أعلنوا كفرهم بالأوثان ، وإيمانهم بهدى الرحمن ، وتوحيد
    الديّان ، فاغتاظ الملك ، وأمرهم أن يعودوا إلى الكفر أو يقتلوا . . فتبدأ
    هجرتهم إلى الله تعالى ، ويلجأون سراً إلى كهف قريب من مدينتهم ، كي
    ينطلقوا بعد ذلك في أرض الله الواسعة ، ويبحث عنهم الملك وأعوانه ، فلا
    يرونهم ، ويلقي الله تعالى عليهم النوم { ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا }(من
    الآية 25 ـ الكهف) فتكون هذه هي هجرتهم الطويلة ، التي ضربها الله مثلاً
    رائعاً لمن كان يرجو الله واليوم الآخر . ويكون الكهف أماناً لهم ، ورحمة
    من الله تكتنفهم ، وتنشر عليهم ظلالها ، وتهيء لهم الأمان ، والهدوء ،
    والسكينة : { وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا
    يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ
    رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا
    (16)}(الكهف) .

    فوائد الأمان والحرية :
    1ـ إمكانية العبادة لله سبحانه دون عوائق تُذكر، قال الله تعالى محدداً فائدة الانتقال إلى المكان الآخر : { يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56)}(العنكبوت) .
    2ـ الحصول على الرزق الواسع ، وإغاظة العدو الذي لم يستطع كبح الدعاة المؤمنين : { وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً }(من الآية 100ـ النساء) .
    3ـ رضى الله عنهم ، لأنهم تركوا ديارهم ليأمنوا على دينهم ، تركوا الارض
    التي أحبوها ليمارسوا شعائر دينهم ، بحرية ، ويدعوا إليه دون رقيب وإيذاء ،
    أفلا يستحقون فضل الله وعفوه وكرمه ؟ { لِلْفُقَرَاءِ
    الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ
    يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ
    وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ
    (8)}(الحشر) .
    4ـ كما أن لهؤلاء الخير في الدنيا ـ وهذه مثوبة سريعة ـ ولهم في الآخرة الأجر الكبير: { وَالَّذِينَ
    هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي
    الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا
    يَعْلَمُونَ
    (41)}(النحل) .
    5ـ تكفير السيئات ، ودخول الجنة ، والثواب الجزيل فيها ، قال تعالى : { فَالَّذِينَ
    هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي
    وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ
    وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
    ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ
    } (من الآية 195ـ آل عمران) .

    ـ بل إن الملائكة المكلفة بأخذ الأرواح تقول للذين استكانوا إلى
    الظلمة ، ولم يخرجوا إلى أرض أخرى يقيمون فيها شعائر دينهم ، فصاروا أداة
    قمع في أيدي هؤلاء الظلام ، هؤلاء الملائكة يوبخونهم : { إِنَّ
    الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا
    فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا
    أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ
    مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا
    (97)} (النساء) .

    ـ ومن الجدير بالذكر أن الذين آمنوا ولم يهاجروا في سبيل الله ،
    ورضوا أن يعيشوا في ظل القهر ، لا ينبغي أن نواليهم أو نصادق منهم أحداً ،
    حتى يحققوا إيمانهم بالهجرة والجهاد في سبيل الله . قال تعالى : { فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ }(من
    الآية 89 ـ النساء) ، فالمؤمن لا يكتمل إيمانه حتى يفاصل الأعداء ويكون
    قادراً على التعبير عما في نفسه ، محققاً أوامر الله ، منتهياً عما نهيَ
    عنه حين يكون في دار الأمان والحريّة ، ، وتاريخ الأنبياء والرسالات أوضح
    أمثلة على ذلك وعلى هذا نفهم قول الله تعالى : { وَالَّذِينَ
    آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ
    حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ
    النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ
    بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
    }(من الآية 72ـ الأنفال) .

    فالمسلمون ثلاثة أقسام :
    المهاجرون : فهم الأصل، لأنهم هجروا الديار والاوطان ابتغاء رضوان الله .
    الأنصار: فهم نصروا الله ورسوله ، وجاهدوا بالنفس والمال ، وبين هذين الطرفين الولاء والنصرة .
    المؤمنون الذين لم يهاجروا : حُرِموا الولاية حتى يهاجروا في سبيل الله .
    إن البحث عن دار الأمان ، والإنتقال إليها ، ليمارس الإنسان حريته في
    عبادة الله تعالى أساس لرضوان الله تعالى ، ذلك الرضوان والقبول عظيم لم
    يحدّده رب العزة إنما جعل تقديره ـ وهو عظيم ـ في علمه ، وكرمه وجوده
    سبحانه وتعالى حين قال : { وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ
    بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ
    فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ
    }(من الآية 100 ـ النساء) .

    1ـ تركُ البيت ـ وهو ملاذ الإنسان الذي بناه ، وأتعب نفسه للحصول عليه ـ
    دليل على بيع الدنيا ولذاتها ، والانتقال إلى أرض غريبة بعيدة عن الوطن
    والأهل والذكريات لإقامة منهج الله سبحانه في دار الأمان والاطمئنان .
    2ـ واللجوء إلى الله تعالى ، ومتابعة رسوله الكريم ، دليل آخر على الطاعة والولاء ، وبيع النفس والنفيس لهذه الدعوة المعطاة .
    3ـ الثواب بناءً على هذا عظيم جليل ، يوازي هذا العطاء ، الذي بذله المؤمن
    عن رغبة وطواعية ، إنه ترَك متاع الحياة الزائلة ، فحق له أن ينال الأجر
    الكبير ، الذي يصدر عن الإله الكبير ، وما بعطبه الجليل لا شك أنه جليل .

    يتبع

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 15 نوفمبر - 0:44:06