السَّبّ في نهار رمضان
السؤال:
ما حُكم مَن وقع منه السَّبُّ وهو صائم في يوْم من أيَّام شهر رمضان؟ هل عليه قضاؤه أم ماذا يفعل؟
الإجابة:
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فلم يُبيِّن السَّائل الكريم المقْصود من كلِمة (السَّبّ): هل هو سبُّ
الدّين -والعياذ بالله- أو الصَّحابة، أو سبُّ المسلِم، أو غير ذلك؟
فإن كان يقصِد سبَّ الله أو الدّين أو الرَّسول، فقدِ ارتدَّ عن الإسلام
-عياذًا بالله- وبطل صومه، وعليْه أن يُبادر بالتَّوبة ويَنطق
بالشَّهادتين، ويُكْثِر من الاستِغْفار، ويتوب إلى الله توبةً صادِقة،
ويَجب عليه قضاء هذا اليوم الذي ارتدَّ فيه.
قال ابن قدامة في "المغني": " ومن ارتد عن الإسلام، فقد أفطر لا نعلم بين
أهل العلم خلافًا في أن من ارتد عن الإسلام في أثناء الصوم، أنه يفسد صومه،
وعليه قضاء ذلك اليوم، إذا عاد إلى الإسلام، سواء أسلم في أثناء اليوم، أو
بعد انقضائه، وسواء كانت ردته باعتقاده ما يكفر به، أو شكه فيما يكفر
بالشك فيه، أو بالنطق بكلمة الكفر، مستهزئًا أو غير مستهزئ؛ وذلك لأن الصوم
عبادة من شرطها النية، فأبطلتها الردة، كالصلاة والحج، ولأنه عبادة محضة،
فنافاها الكفر، كالصلاة". اهـ.
وراجع الفتاوى: "حكم سبّ الدين في حالة الغضب" لسماحة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين، "حكم سب ذات اللّه عزَّ وجلَّ وآثار" اللجنة الدَّائمة للبحوث العلميَّة والإفتاء، "التَّعامل مَع مَن يسبُّ الإسلام"، "حكم سبّ صحابة الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم".
أمَّا إن كان المقصود سبَّ المسلمين عامَّة، فهو من المعاصي التي لا
تُفْسِد الصّيام؛ ففي الصَّحيحين عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسولُ الله
صلَّى الله عليْه وسلَّم: "سِباب المسلم فسوق وقتاله كفر"، والسِّباب: الشَّتم والتكلُّم في العرض بِما يَعيبُه ويؤذيه، والفسوق: الفجور والخروج عن الحقِّ.
ومن ثمَّ؛ فثواب الصّيام ينقُص بالسِّباب، وقد يذهَب كلُّه ولا يحصِّل منه
الصَّائم شيئًا؛ إلاَّ الجوعَ والعطش؛ كما صحَّ عن رسولِ الله صلَّى الله
عليه وسلَّم: "ربَّ صائمٍ حظُّه من صيامِه الجوعُ والعطَش، وربَّ قائمٍ حظُّه من قيامِه السَّهر" (رواه أحمد وغيرُه، عن أبي هريرة).
وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: "مَن لَم يدَع قولَ الزُّور والعمل به والجهْل، فليْس لله حاجةٌ أن يدَع طعامَه وشرابَه" (رواه البخاري).
وقول الزُّور يشْمل كلَّ قولٍ محرَّم؛ كالسَّبِّ والشَّتْم، وكذلِك قوله: "والجهل".
وقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "إذا أصْبَحَ
أحَدُكم يَوْمًا صائمًا، فلا يَرفُثْ، ولا يَجْهَلْ، فإنِ امْرُؤٌ شاتَمَه
أو قاتَلَه، فلْيَقُلْ: إنِّي صائِمٌ، إنِّي صائمٌ" (رواه البُخاري ومسلم).
قال الحافظ: "قَوْله: "فلا يَرْفُث": المُراد بِالرَّفَثِ هُنا: الكلام الفاحِش.
قوله: "ولا يَجْهَل"؛ أيْ: لا يَفْعَل شَيْئًا مِنْ أفْعال أهْل الجَهْل؛ كالصِّياحِ والسَّفَه ونحْو ذلِك.
والمُراد مِن الحَديث: أنَّهُ لا يُعامِلهُ بمِثْلِ عَمَله؛ بَل يَقْتَصِر على قَوْله: "إنِّي صائِم". اهـ.
وقال النَّووي: "اعْلَم أنَّ نَهْيَ الصَّائمِ عَن الرَّفَث والجَهْل،
والمُخاصَمةِ والمُشاتَمة - لَيْسَ مُخْتَصًّا به؛ بَلْ كُلُّ أحَد مِثْله
في أصْل النَّهْي عَن ذَلِك، لكنَّ الصَّائِم آكدُ". اهـ،، والله أعلم.
السؤال:
ما حُكم مَن وقع منه السَّبُّ وهو صائم في يوْم من أيَّام شهر رمضان؟ هل عليه قضاؤه أم ماذا يفعل؟
الإجابة:
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فلم يُبيِّن السَّائل الكريم المقْصود من كلِمة (السَّبّ): هل هو سبُّ
الدّين -والعياذ بالله- أو الصَّحابة، أو سبُّ المسلِم، أو غير ذلك؟
فإن كان يقصِد سبَّ الله أو الدّين أو الرَّسول، فقدِ ارتدَّ عن الإسلام
-عياذًا بالله- وبطل صومه، وعليْه أن يُبادر بالتَّوبة ويَنطق
بالشَّهادتين، ويُكْثِر من الاستِغْفار، ويتوب إلى الله توبةً صادِقة،
ويَجب عليه قضاء هذا اليوم الذي ارتدَّ فيه.
قال ابن قدامة في "المغني": " ومن ارتد عن الإسلام، فقد أفطر لا نعلم بين
أهل العلم خلافًا في أن من ارتد عن الإسلام في أثناء الصوم، أنه يفسد صومه،
وعليه قضاء ذلك اليوم، إذا عاد إلى الإسلام، سواء أسلم في أثناء اليوم، أو
بعد انقضائه، وسواء كانت ردته باعتقاده ما يكفر به، أو شكه فيما يكفر
بالشك فيه، أو بالنطق بكلمة الكفر، مستهزئًا أو غير مستهزئ؛ وذلك لأن الصوم
عبادة من شرطها النية، فأبطلتها الردة، كالصلاة والحج، ولأنه عبادة محضة،
فنافاها الكفر، كالصلاة". اهـ.
وراجع الفتاوى: "حكم سبّ الدين في حالة الغضب" لسماحة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين، "حكم سب ذات اللّه عزَّ وجلَّ وآثار" اللجنة الدَّائمة للبحوث العلميَّة والإفتاء، "التَّعامل مَع مَن يسبُّ الإسلام"، "حكم سبّ صحابة الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم".
أمَّا إن كان المقصود سبَّ المسلمين عامَّة، فهو من المعاصي التي لا
تُفْسِد الصّيام؛ ففي الصَّحيحين عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسولُ الله
صلَّى الله عليْه وسلَّم: "سِباب المسلم فسوق وقتاله كفر"، والسِّباب: الشَّتم والتكلُّم في العرض بِما يَعيبُه ويؤذيه، والفسوق: الفجور والخروج عن الحقِّ.
ومن ثمَّ؛ فثواب الصّيام ينقُص بالسِّباب، وقد يذهَب كلُّه ولا يحصِّل منه
الصَّائم شيئًا؛ إلاَّ الجوعَ والعطش؛ كما صحَّ عن رسولِ الله صلَّى الله
عليه وسلَّم: "ربَّ صائمٍ حظُّه من صيامِه الجوعُ والعطَش، وربَّ قائمٍ حظُّه من قيامِه السَّهر" (رواه أحمد وغيرُه، عن أبي هريرة).
وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: "مَن لَم يدَع قولَ الزُّور والعمل به والجهْل، فليْس لله حاجةٌ أن يدَع طعامَه وشرابَه" (رواه البخاري).
وقول الزُّور يشْمل كلَّ قولٍ محرَّم؛ كالسَّبِّ والشَّتْم، وكذلِك قوله: "والجهل".
وقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "إذا أصْبَحَ
أحَدُكم يَوْمًا صائمًا، فلا يَرفُثْ، ولا يَجْهَلْ، فإنِ امْرُؤٌ شاتَمَه
أو قاتَلَه، فلْيَقُلْ: إنِّي صائِمٌ، إنِّي صائمٌ" (رواه البُخاري ومسلم).
قال الحافظ: "قَوْله: "فلا يَرْفُث": المُراد بِالرَّفَثِ هُنا: الكلام الفاحِش.
قوله: "ولا يَجْهَل"؛ أيْ: لا يَفْعَل شَيْئًا مِنْ أفْعال أهْل الجَهْل؛ كالصِّياحِ والسَّفَه ونحْو ذلِك.
والمُراد مِن الحَديث: أنَّهُ لا يُعامِلهُ بمِثْلِ عَمَله؛ بَل يَقْتَصِر على قَوْله: "إنِّي صائِم". اهـ.
وقال النَّووي: "اعْلَم أنَّ نَهْيَ الصَّائمِ عَن الرَّفَث والجَهْل،
والمُخاصَمةِ والمُشاتَمة - لَيْسَ مُخْتَصًّا به؛ بَلْ كُلُّ أحَد مِثْله
في أصْل النَّهْي عَن ذَلِك، لكنَّ الصَّائِم آكدُ". اهـ،، والله أعلم.