عندما نراجع كتب التفسير نجدها تسير على وفق التسلسل الذي جُمع عليه القرآن الكريم، فهي جميعاً تبدأ بسورة الفاتحة وتنتهي بسورة الناس. ويمكن ان نسمي هذا المنهج بالتفسير الترتيبي ويسميه البعض التفسير التجزيئي.
"وفي تأريخ متأخر من تأريخ علم التفسير اخذت تنمو بوادر منهج جديد في التفسير أو البحث القرآني يقوم على اساس محاولة استكشاف النظرية القرآنية في جميع المجالات العقيدية والفكرية والثقافية والتشريعية والسلوكية من خلال عرضها في مواضعها المختلفة من القرآن الكريم، فحين نريد ان نعرف رأي القرآن الكريم في الألوهية، يستعرض هذا المنهج الجديد الآيات التي جاءت تتحدث عن هذا الموضوع في مختلف المجالات وفي جميع المواضيع القرآنية سواء في ذلك ما يتعلق بأصل وجود الإله أو بصفاته وحدوده ومن خلال هذا العرض العام والمقارنة بين الآيات وحدودها يستكشف النظرية القرآنية في الإله"(1).
ونظير هذا الموقف يتخذه في كل المفاهيم والنظريات أو بعض الظواهر القرآنية، ويسمى هذا بالتفسير الموضوعي.
ولأجل أن نكون على بصيرة كافية في فهم التفسير الموضوعي نشير الى المعاني الثلاثة للموضوعية التي ذكرها الشهيد السيد محمد باقر الصدر(قدس سره) الذي اهتم كثيراً بالتفسير الموضوعي ودعا اليه بقوّة. فقد ذكر (قدس سره) ان الموضوعية تستعمل هنا في ثلاثة معان:
1- الموضوعية في مقابل الذاتية "والموضوعية بهذا المعنى عبارة عن الامانة والاستقامة في البحث"(2).
2- الموضوعية بمعنى ان يبدأ الباحث من (الموضوع) الذي هو الواقع، ويعود الى القرآن الكريم لمعرفة ما يطرحه القرآن تجاه هذا الواقع، فيركّز المفسّر نظره على موضوع من المواضيع ويستوعب ما اثارته ابحاث الانسان وما قدّمه الفكر الانساني من حلول وما طرحه التطبيق التاريخي من اسئلة ومن نقاط فراغ، ثم يأخذ النص القرآني... ويبدأ معه حواراً، فالمفسّر يسأل والقرآن يجيب، وهو يستهدف من ذلك ان يكتشف موقف القرآن الكريم من الموضوع المطروح(3).
وقد يسمى هذا بالمنهج التوحيدي باعتبار أنه يوحد بين التجربة البشرية والقرآن الكريم، لا بمعنى انه يحمّل التجربة البشرية على القرآن بل بمعنى انه يوحد بينهما في سياق واحد لكي يستخرج - نتيجة هذا السياق - المفهوم القرآني الذي يمكن أن يحدد موقف الإسلام تجاه هذه التجربة او المقولة الفكرية"(4).
3- الموضوعية بمعنى ما ينسب الى الموضوع الذي يختاره المفسّر ليجمع الآيات التي تشترك في التعرض لذلك الموضوع فيفسّرها ويحاول استنتاج نظرية قرآنية فيما يخص ذلك الموضوع "ويمكن أن يسمى مثل هذا المنهج منهجاً توحيدياً أيضاً باعتبار انه يوحّد بين هذه الآيات ضمن مركب نظري واحد"(5).
وعندما نرجع الى هذه المعاني الثلاثة للموضوعية يتضح ان المعنى الأول خارج عن البحث، لأنها حالة مفروضة أو مطلوبة من كل باحث ولا تختص بمنهج دون منهج.
وقد اعتمد الشيخ السبحاني المنهج الموضوعي بالمعنى الثالث من خلال عدة دراسات قرآنية له(6).
بينما تبنى الشهيد الصدر(قدس سره) منهج التفسير الموضوعي - الموضوعية بالمعنى الثاني - اعتماداً على ثلاثة مرجحات رئيسية ذكرها لهذا المنهج على منهج التفسير الترتيبي - المعهود بين المفسرين -.
ونوكل ملاحظة هذه المرجحات، وما يمكن أن يثار حولها من مناقشات الى فرصة أخرى ودراسة أعمق.
1- علوم القرآن للسيد محمد باقر الحكيم: 344.
2- المدرسة القرآنية، المحاضرة الثانية: 29.
3- المصدر.
4- يراجع المصدر: 28.
5- المصدر السابق.
6- طبعت في عشر أجزاء تحت عنوان مفاهيم القرآن، جزء منها فى صفات الله تعالى وجزء منها فى أهل البيت (عليهم السلام) وجزء منها في المؤمنين وغيرها
"وفي تأريخ متأخر من تأريخ علم التفسير اخذت تنمو بوادر منهج جديد في التفسير أو البحث القرآني يقوم على اساس محاولة استكشاف النظرية القرآنية في جميع المجالات العقيدية والفكرية والثقافية والتشريعية والسلوكية من خلال عرضها في مواضعها المختلفة من القرآن الكريم، فحين نريد ان نعرف رأي القرآن الكريم في الألوهية، يستعرض هذا المنهج الجديد الآيات التي جاءت تتحدث عن هذا الموضوع في مختلف المجالات وفي جميع المواضيع القرآنية سواء في ذلك ما يتعلق بأصل وجود الإله أو بصفاته وحدوده ومن خلال هذا العرض العام والمقارنة بين الآيات وحدودها يستكشف النظرية القرآنية في الإله"(1).
ونظير هذا الموقف يتخذه في كل المفاهيم والنظريات أو بعض الظواهر القرآنية، ويسمى هذا بالتفسير الموضوعي.
ولأجل أن نكون على بصيرة كافية في فهم التفسير الموضوعي نشير الى المعاني الثلاثة للموضوعية التي ذكرها الشهيد السيد محمد باقر الصدر(قدس سره) الذي اهتم كثيراً بالتفسير الموضوعي ودعا اليه بقوّة. فقد ذكر (قدس سره) ان الموضوعية تستعمل هنا في ثلاثة معان:
1- الموضوعية في مقابل الذاتية "والموضوعية بهذا المعنى عبارة عن الامانة والاستقامة في البحث"(2).
2- الموضوعية بمعنى ان يبدأ الباحث من (الموضوع) الذي هو الواقع، ويعود الى القرآن الكريم لمعرفة ما يطرحه القرآن تجاه هذا الواقع، فيركّز المفسّر نظره على موضوع من المواضيع ويستوعب ما اثارته ابحاث الانسان وما قدّمه الفكر الانساني من حلول وما طرحه التطبيق التاريخي من اسئلة ومن نقاط فراغ، ثم يأخذ النص القرآني... ويبدأ معه حواراً، فالمفسّر يسأل والقرآن يجيب، وهو يستهدف من ذلك ان يكتشف موقف القرآن الكريم من الموضوع المطروح(3).
وقد يسمى هذا بالمنهج التوحيدي باعتبار أنه يوحد بين التجربة البشرية والقرآن الكريم، لا بمعنى انه يحمّل التجربة البشرية على القرآن بل بمعنى انه يوحد بينهما في سياق واحد لكي يستخرج - نتيجة هذا السياق - المفهوم القرآني الذي يمكن أن يحدد موقف الإسلام تجاه هذه التجربة او المقولة الفكرية"(4).
3- الموضوعية بمعنى ما ينسب الى الموضوع الذي يختاره المفسّر ليجمع الآيات التي تشترك في التعرض لذلك الموضوع فيفسّرها ويحاول استنتاج نظرية قرآنية فيما يخص ذلك الموضوع "ويمكن أن يسمى مثل هذا المنهج منهجاً توحيدياً أيضاً باعتبار انه يوحّد بين هذه الآيات ضمن مركب نظري واحد"(5).
وعندما نرجع الى هذه المعاني الثلاثة للموضوعية يتضح ان المعنى الأول خارج عن البحث، لأنها حالة مفروضة أو مطلوبة من كل باحث ولا تختص بمنهج دون منهج.
وقد اعتمد الشيخ السبحاني المنهج الموضوعي بالمعنى الثالث من خلال عدة دراسات قرآنية له(6).
بينما تبنى الشهيد الصدر(قدس سره) منهج التفسير الموضوعي - الموضوعية بالمعنى الثاني - اعتماداً على ثلاثة مرجحات رئيسية ذكرها لهذا المنهج على منهج التفسير الترتيبي - المعهود بين المفسرين -.
ونوكل ملاحظة هذه المرجحات، وما يمكن أن يثار حولها من مناقشات الى فرصة أخرى ودراسة أعمق.
1- علوم القرآن للسيد محمد باقر الحكيم: 344.
2- المدرسة القرآنية، المحاضرة الثانية: 29.
3- المصدر.
4- يراجع المصدر: 28.
5- المصدر السابق.
6- طبعت في عشر أجزاء تحت عنوان مفاهيم القرآن، جزء منها فى صفات الله تعالى وجزء منها فى أهل البيت (عليهم السلام) وجزء منها في المؤمنين وغيرها