الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ..
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، اللهم صلِّ وسلِّمْ على عبدك ورسولك محمدٍ وعلى آله وصحبه : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (102 سورة آل عمران)، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً(1 سورة النساء) ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (70 -71 سورة الأحزاب) .
أما بعد ..
فيا عباد الله : في ظلال العدل تطمئن النفوس وتسكن القلوب وتُنزع أسباب العداوة والبغضاء وتنطفئ نيران الخصومة والأحقاد ويهنأ العيش وتطيب الحياة ؛ ولذا كان أمر الله - تعالى - بالعدل ونهيه عن الظلم في كل صوره وألوانه صريحا جازما بيِّنا لا خفاء فيه .. حيث قال - عز اسمه - : إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي القُرْبَى...الآية (90 سورة النحل) ..
وجاء في الحديث القدسي الذي أخرجه مسلم في صحيحه : عن أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه - عز وجل - أنه قال : " يا عبادِي إني حرَّمتُ الظُّلمَ على نفسي وجعلتُه بينكُم محرَّما ؛ فلا تظالموا .... " الحديث .
ولقد كان من رحمة الله - تعالى - وحكمته البالغة أن شرع لعباده في محكم كتابه وبما سنَّه رسولُه - صلوات الله وسلامه عليه - المبلغ عن ربه تشريعًا حقوقيًّا فذا متفردا .. يضمن لكل آخذ به محكِّم له استيفاء كل حق له ، كما يبين له كل واجب متعينٍ عليه مقرونًا بذكر الثواب للمطيع القائم بما وجب عليه والعقابِ للعاصي القاعدِ عن أداء ما أُمِر به ..
ومما جاء من ذلك مما فيه تحقيق العدالة ومد رواقها وبسط سلطانها : إنصاف الأجير ورفع الحيف عنه وحفظ حقوقه ، وإشعاره بالكرامة باعتباره إنسانا يمتلك كل ما يمتلكه غيره من مشاعر لا يصح إنكارها عليه ولا استغرابها منه ..
وفي الطليعة من هذه الحقوق - ياعباد الله - : أن يستوفي أجره المتفق عليه بالعقد كاملا غير منقوص مقابل قيامه بما أسند إليه من عمل ..
هذا حتى يُقام بواجب العدل نحوه وحتى تُنفذ وصية رسول الهدى - صلوات الله وسلامه عليه - به بقوله : " أعطُوا الأجِيرَ أجرَه قبلَ أنْ يجفَّ عرقُه " أخرجه ابن ماجة في سننه وأبو يعلى في مسنده والطبراني في معجمه من حديث ابن عمر وأبي هريرة وجابر - رضي الله عنهم - من طرق كثيرة يقوي بعضها بعضا .
كما حذر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ظلم الأجير بعدم إعطائه أجره أشد التحذير ، وقرنه بكبيرتين من كبائر الذنوب .. متوعدا صاحبه بأن يبوء بخصومة الله - تعالى - يوم القيامة ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : " قال الله - تعالى - : ثلاثةٌ أنا خَصمهُم يومَ القيامة : رجلٌ أعْطَى بي ثمَّ غَدَر ، ورجلٌ باعَ حرًّا فأكل ثمنه ، ورجلٌ استأجَرَ أجيرًا فاسْتوفى منْه ولم يعطِه أجْرَه " أخرجه البخاري في صحيحه .
ويالها من خصومة الخصم فيها مالكُ يوم الدين وربُّ العرش العظيم ، وياله من خسران يبوء به مَنْ أصمَّ أذنيَهِ عن هذا الوعيد الصارخ المرعب .
أما عبادُ الله الذين يُقتدى بهم ويسار على نهجهم فهم الصفوة الذين يرون في إنصاف الأجراء وحفظ حقوقهم والتورع عن الإجحاف بهم طريقا إلى رضوان الله ووسيلة تُرجى لنزول رحمته وسببًا لتنفيس الكربة وتفريج الضائقة ودفع البلاء .. كما جاء في خبر النفر الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غارٍ فدخلوه ، فانحدرت صخرةٌ من الجبل فانسدَّ عليهم الغار ، فقالوا : إنه لا يُنجِيكم من هذه الصخرةِ إلا أن تدعو الله بصالحِ أعمَالِكُم ... " الحديث ..
وفيه قال الثالث : " اللهمَّ استأجْرتُ أجَراء وأعطيتُهمْ أجرَهم غير رجلٍ واحد .. غير رجلٍ واحدٍ تركَ الذي له وذهب فثمَّرتُ أجرَه حتى كثرت منه الأموال ، فجاءني بعد حين فقال : ياعبدَ الله أدِّ إليَّ أجرِي ، فقلت : كل ما ترى مِنْ أجرِك .. من الإبل والبقر والغنم والرقيق ، فقال : ياعبدَ الله لا تستهزِئ بي ، فقلت : لا أستهزئُ بك ؛ فأخذه كلَّه فاستَاقَه فلمْ يترك منه شيئا ..
اللهم إنْ كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاء وجهِك فافرج عنا ما نحنُ فيه ؛ فانفرجت الصخرة وخرجوا يمشون " أخرجه الشيخان في صحيحيهما من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - مرفوعا .
وإنصاف الأجير مع ذلك - ياعباد الله - آيةٌ بينة على خُلُق كريم وسجيّةٍ جميلة وقلبٍ مخبتٍ رحيم ؛ فاتقوا الله عباد الله، وحذار من القسوة على الأجير والحيف عليه حذار ، حذار من القسوة عليه .. إما بتحميله ما لا يطيق أو بمطله حقه والتسويف فيه أو بتضييق الخناق عليه في عمله وباتهامه بشتى التهم دون بينة وبغير برهانٍ ساطع ؛ فكل ذلك من الظلم الصارخ والتعسف الذي لا يحل التورط فيه .. الذي لا يحل التورط فيه ولا الاستهانة به ولا المعاونة عليه .. أعوذ بالله من الشيطان الرحيم : وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ(47 سورة الأنبياء) .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]نفعني الله وإياكم بهدي كتابه وبسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ..
أقول قولي هذا ، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية :
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ..
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، اللهم صلِّ وسلِّمْ على عبدك ورسولك محمدٍ وعلى آله وصحبه .
أما بعد ..
فياعباد الله : إنه إذا كان إنصاف الأجير والعدل معه ورفع الغبن عنه وعدم التجني عليه واجبًا يتعين القيام به وعدم الإخلال به .. فإن من واجب الأجير إزاء ذلك القيام بما كُلِّف به من عمل وفق ما تقتضيه الأمانة ويستلزمه الإخلاص في أدائه بإحسانه وإتقانه .. بإحسانه وإتقانه والإتيان به حسبما اتُفِق عليه ؛ لأن هذا هو مقتدى العقد .. لأن هذا هو مقتدى العقد وسبب استحقاق الأجر ووسيلة طيب الكسب ..
فإنه مؤتمنٌ وراع وهو مسئولٌ عما اؤتمن واستُرعِي عليه ؛ فلا يصح أن يعتذر لنفسه بشتى الأعذار أو يترخص لها .. فلا يصح أن يعتذر لنفسه بشتى الأعذار أو يترخص لها في حل الأجر مع إخلاله بحق الأمانة وعدم وفائه بمقتضى العقد ؛ فإن أكثر ما يعكر على المرء - يا عباد الله- إن أكثر ما يعكر على المرء صفو حياته ويحجب عنه أسباب التوفيق ويمحق عن ماله البركة هذا الترخص الحامل على استباحة ما لا يحل وأكل ما لا يجوز والاستهانة بما يحرم .. فإن أكثر ما يعكر على المرء صفو حياته ويحجب عنه أسباب التوفيق ويمحق عن ماله البركة هذا الترخص الحامل على استباحة ما لا يحل وأكل ما لا يجوز والاستهانة بما يحرم .
فاتقوا الله عباد الله ، وصلُّوا وسلِّمُوا على خاتم رسول الله محمد بن عبد الله ؛ وقد أُمرتم بذلك في كتاب الله .. حيث قال الله - تعالى - : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً(56 سورة الأحزاب)
اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمدٍ ، وارضَ اللهمَّ عن خلفائه الأربعة - أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعلي - وعن سائر الآل والصحابة والتابعين ، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك ياأكرم الأكرمين .
اللهم أعز الإسلام والمسلمين . اللهم أعز الإسلام والمسلمين . اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، واحم حوزة الدين ، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين يارب العالمين .
اللهم آمنا في أوطاننا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا ، وهيئ له البطانة الصالحة ، ووفقه لما تحب وترضى ياسميع الدعاء .
اللهم وفقه ونائبيه وإخوانه إلى ما فيه خير الإسلام والمسلمين ، وإلى ما فيه صلاح العباد والبلاد يامن إليه المرجع يوم التناد .
اللهم إنا نجعلك في نحور أعدائك وأعدائنا يارب العالمين . بي بكر أبي اللهم إنا نجعلك في نحور أعدائك وأعدائنا يارب العالمين ، بي بكر أبي اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم ، اللهم إنا نسألك أن تكفينا أعداءك وأعداءنا بما شئت يارب العالمين . اللهم إنا نسألك أن تكفينا أعداءك وأعداءنا بما شئت يارب العالمين .
اللهم احفظ هذا البلاد حائزةً كل خير سالمةً من كل شر وسائر بلاد المسلمين يارب العالمين ..
اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها ، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة ، اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك .
اللهم أصلح لنا ديننا .. اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا ، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير والموت راحةً لنا من كل شر .
اللهم اشف مرضانا ، وارحم موتانا ، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا ، واختم بالصالحات أعمالنا ..
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ..
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .
وصلَّى الله وسلَّمَ على عبده ورسوله نبينا محمدٍ وآله وصحبه أجمعين ، والحمد لله رب العالمين
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ..
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، اللهم صلِّ وسلِّمْ على عبدك ورسولك محمدٍ وعلى آله وصحبه : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (102 سورة آل عمران)، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً(1 سورة النساء) ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (70 -71 سورة الأحزاب) .
أما بعد ..
فيا عباد الله : في ظلال العدل تطمئن النفوس وتسكن القلوب وتُنزع أسباب العداوة والبغضاء وتنطفئ نيران الخصومة والأحقاد ويهنأ العيش وتطيب الحياة ؛ ولذا كان أمر الله - تعالى - بالعدل ونهيه عن الظلم في كل صوره وألوانه صريحا جازما بيِّنا لا خفاء فيه .. حيث قال - عز اسمه - : إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي القُرْبَى...الآية (90 سورة النحل) ..
وجاء في الحديث القدسي الذي أخرجه مسلم في صحيحه : عن أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه - عز وجل - أنه قال : " يا عبادِي إني حرَّمتُ الظُّلمَ على نفسي وجعلتُه بينكُم محرَّما ؛ فلا تظالموا .... " الحديث .
ولقد كان من رحمة الله - تعالى - وحكمته البالغة أن شرع لعباده في محكم كتابه وبما سنَّه رسولُه - صلوات الله وسلامه عليه - المبلغ عن ربه تشريعًا حقوقيًّا فذا متفردا .. يضمن لكل آخذ به محكِّم له استيفاء كل حق له ، كما يبين له كل واجب متعينٍ عليه مقرونًا بذكر الثواب للمطيع القائم بما وجب عليه والعقابِ للعاصي القاعدِ عن أداء ما أُمِر به ..
ومما جاء من ذلك مما فيه تحقيق العدالة ومد رواقها وبسط سلطانها : إنصاف الأجير ورفع الحيف عنه وحفظ حقوقه ، وإشعاره بالكرامة باعتباره إنسانا يمتلك كل ما يمتلكه غيره من مشاعر لا يصح إنكارها عليه ولا استغرابها منه ..
وفي الطليعة من هذه الحقوق - ياعباد الله - : أن يستوفي أجره المتفق عليه بالعقد كاملا غير منقوص مقابل قيامه بما أسند إليه من عمل ..
هذا حتى يُقام بواجب العدل نحوه وحتى تُنفذ وصية رسول الهدى - صلوات الله وسلامه عليه - به بقوله : " أعطُوا الأجِيرَ أجرَه قبلَ أنْ يجفَّ عرقُه " أخرجه ابن ماجة في سننه وأبو يعلى في مسنده والطبراني في معجمه من حديث ابن عمر وأبي هريرة وجابر - رضي الله عنهم - من طرق كثيرة يقوي بعضها بعضا .
كما حذر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ظلم الأجير بعدم إعطائه أجره أشد التحذير ، وقرنه بكبيرتين من كبائر الذنوب .. متوعدا صاحبه بأن يبوء بخصومة الله - تعالى - يوم القيامة ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : " قال الله - تعالى - : ثلاثةٌ أنا خَصمهُم يومَ القيامة : رجلٌ أعْطَى بي ثمَّ غَدَر ، ورجلٌ باعَ حرًّا فأكل ثمنه ، ورجلٌ استأجَرَ أجيرًا فاسْتوفى منْه ولم يعطِه أجْرَه " أخرجه البخاري في صحيحه .
ويالها من خصومة الخصم فيها مالكُ يوم الدين وربُّ العرش العظيم ، وياله من خسران يبوء به مَنْ أصمَّ أذنيَهِ عن هذا الوعيد الصارخ المرعب .
أما عبادُ الله الذين يُقتدى بهم ويسار على نهجهم فهم الصفوة الذين يرون في إنصاف الأجراء وحفظ حقوقهم والتورع عن الإجحاف بهم طريقا إلى رضوان الله ووسيلة تُرجى لنزول رحمته وسببًا لتنفيس الكربة وتفريج الضائقة ودفع البلاء .. كما جاء في خبر النفر الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غارٍ فدخلوه ، فانحدرت صخرةٌ من الجبل فانسدَّ عليهم الغار ، فقالوا : إنه لا يُنجِيكم من هذه الصخرةِ إلا أن تدعو الله بصالحِ أعمَالِكُم ... " الحديث ..
وفيه قال الثالث : " اللهمَّ استأجْرتُ أجَراء وأعطيتُهمْ أجرَهم غير رجلٍ واحد .. غير رجلٍ واحدٍ تركَ الذي له وذهب فثمَّرتُ أجرَه حتى كثرت منه الأموال ، فجاءني بعد حين فقال : ياعبدَ الله أدِّ إليَّ أجرِي ، فقلت : كل ما ترى مِنْ أجرِك .. من الإبل والبقر والغنم والرقيق ، فقال : ياعبدَ الله لا تستهزِئ بي ، فقلت : لا أستهزئُ بك ؛ فأخذه كلَّه فاستَاقَه فلمْ يترك منه شيئا ..
اللهم إنْ كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاء وجهِك فافرج عنا ما نحنُ فيه ؛ فانفرجت الصخرة وخرجوا يمشون " أخرجه الشيخان في صحيحيهما من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - مرفوعا .
وإنصاف الأجير مع ذلك - ياعباد الله - آيةٌ بينة على خُلُق كريم وسجيّةٍ جميلة وقلبٍ مخبتٍ رحيم ؛ فاتقوا الله عباد الله، وحذار من القسوة على الأجير والحيف عليه حذار ، حذار من القسوة عليه .. إما بتحميله ما لا يطيق أو بمطله حقه والتسويف فيه أو بتضييق الخناق عليه في عمله وباتهامه بشتى التهم دون بينة وبغير برهانٍ ساطع ؛ فكل ذلك من الظلم الصارخ والتعسف الذي لا يحل التورط فيه .. الذي لا يحل التورط فيه ولا الاستهانة به ولا المعاونة عليه .. أعوذ بالله من الشيطان الرحيم : وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ(47 سورة الأنبياء) .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]نفعني الله وإياكم بهدي كتابه وبسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ..
أقول قولي هذا ، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية :
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ..
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، اللهم صلِّ وسلِّمْ على عبدك ورسولك محمدٍ وعلى آله وصحبه .
أما بعد ..
فياعباد الله : إنه إذا كان إنصاف الأجير والعدل معه ورفع الغبن عنه وعدم التجني عليه واجبًا يتعين القيام به وعدم الإخلال به .. فإن من واجب الأجير إزاء ذلك القيام بما كُلِّف به من عمل وفق ما تقتضيه الأمانة ويستلزمه الإخلاص في أدائه بإحسانه وإتقانه .. بإحسانه وإتقانه والإتيان به حسبما اتُفِق عليه ؛ لأن هذا هو مقتدى العقد .. لأن هذا هو مقتدى العقد وسبب استحقاق الأجر ووسيلة طيب الكسب ..
فإنه مؤتمنٌ وراع وهو مسئولٌ عما اؤتمن واستُرعِي عليه ؛ فلا يصح أن يعتذر لنفسه بشتى الأعذار أو يترخص لها .. فلا يصح أن يعتذر لنفسه بشتى الأعذار أو يترخص لها في حل الأجر مع إخلاله بحق الأمانة وعدم وفائه بمقتضى العقد ؛ فإن أكثر ما يعكر على المرء - يا عباد الله- إن أكثر ما يعكر على المرء صفو حياته ويحجب عنه أسباب التوفيق ويمحق عن ماله البركة هذا الترخص الحامل على استباحة ما لا يحل وأكل ما لا يجوز والاستهانة بما يحرم .. فإن أكثر ما يعكر على المرء صفو حياته ويحجب عنه أسباب التوفيق ويمحق عن ماله البركة هذا الترخص الحامل على استباحة ما لا يحل وأكل ما لا يجوز والاستهانة بما يحرم .
فاتقوا الله عباد الله ، وصلُّوا وسلِّمُوا على خاتم رسول الله محمد بن عبد الله ؛ وقد أُمرتم بذلك في كتاب الله .. حيث قال الله - تعالى - : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً(56 سورة الأحزاب)
اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمدٍ ، وارضَ اللهمَّ عن خلفائه الأربعة - أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعلي - وعن سائر الآل والصحابة والتابعين ، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك ياأكرم الأكرمين .
اللهم أعز الإسلام والمسلمين . اللهم أعز الإسلام والمسلمين . اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، واحم حوزة الدين ، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين يارب العالمين .
اللهم آمنا في أوطاننا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا ، وهيئ له البطانة الصالحة ، ووفقه لما تحب وترضى ياسميع الدعاء .
اللهم وفقه ونائبيه وإخوانه إلى ما فيه خير الإسلام والمسلمين ، وإلى ما فيه صلاح العباد والبلاد يامن إليه المرجع يوم التناد .
اللهم إنا نجعلك في نحور أعدائك وأعدائنا يارب العالمين . بي بكر أبي اللهم إنا نجعلك في نحور أعدائك وأعدائنا يارب العالمين ، بي بكر أبي اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم ، اللهم إنا نسألك أن تكفينا أعداءك وأعداءنا بما شئت يارب العالمين . اللهم إنا نسألك أن تكفينا أعداءك وأعداءنا بما شئت يارب العالمين .
اللهم احفظ هذا البلاد حائزةً كل خير سالمةً من كل شر وسائر بلاد المسلمين يارب العالمين ..
اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها ، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة ، اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك .
اللهم أصلح لنا ديننا .. اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا ، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير والموت راحةً لنا من كل شر .
اللهم اشف مرضانا ، وارحم موتانا ، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا ، واختم بالصالحات أعمالنا ..
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ..
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .
وصلَّى الله وسلَّمَ على عبده ورسوله نبينا محمدٍ وآله وصحبه أجمعين ، والحمد لله رب العالمين