Islam for all-الإسلام للجميع

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
Islam for all-الإسلام للجميع

وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا Aya10
Questo sito e' protetto con
Norton Safe Web


    وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا

    الحلاجي محمد
    الحلاجي محمد
    Servo di Allah


    Sesso : ذكر

    Numero di messaggi : 6998

    وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا Empty وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا

    مُساهمة من طرف الحلاجي محمد الثلاثاء 26 فبراير - 19:16:23

    في قوله تعالى :

    {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}
    (93) سورة النساء


    بسم الله الرحمن الرحيم

    من أسرار القرآن :



    (378) - ( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيما * )

    (النساء:93).

    بقلم

    الأستاذ الدكتور / زغلول راغب النجار

    هذه الآية الكريمة جاءت في بدايات النصف الثاني من سورة "النساء", وهي سورة
    مدنية, وآياتها مائة وست وسبعون (176) بعد البسملة, وهي رابع أطول سور
    القرآن الكريم, وقد سميت بهذا الاسم لكثرة ما ورد فيها من الأحكام الشرعية
    التي تتعلق بالنساء, ولذلك تعرف باسم "سورة النساء الكبرى", تمييزا لها عن
    سورة "الطلاق" التي تعرف باسم "سورة النساء الصغرى".

    ويدور المحور الرئيسي لسورة "النساء حول قضايا التشريع لكل من المرأة,
    والأسرة, والمجتمع, والدولة, وذلك من مثل قضايا الزواج, والطلاق,
    والمواريث, والعبادات, والجهاد في سبيل الله . كذلك نبهت سورة "النساء" إلى
    ضرورة حسن تربية الفرد المسلم وذلك من أجل بناء كل من الأسرة المسلمة,
    والمجتمع المسلم, وتطهيرهما من المخالفات الشرعية, ومن رواسب الجاهلية القديمة والجديدة .

    هذا, وقد سبق لنا استعراض سورة "النساء", وما جاء فيها من التشريعات
    الإسلامية, وركائزالعقيدة, والإشارات الكونية, ونركز هنا على وجه الإعجاز
    التشريعي في تحريم القتل- بصفة عامة- وتحريم قيل المؤمن لأخيه المؤمن
    متعمدا- بصفة خاصة- . وقد أدى ذلك التحريم بالمؤمنين الأوائل أن الفرد منهم
    كان يرى قاتل أبيه أو أخيه أو ولده قبل أن يسلم, كان يراه يمشي على الأرض
    أمامه وقد دخل في الإسلام فلا يفكر في أي أذى يصيبه, رغم مرارة الفراق,
    وقسوة قتل الأحباب, وذلك انطلاقا بتحريم الإسلام العظيم قتل المؤمن لأخيه المؤمن .



    من أوجه الإعجاز التشريعي في تحريم قتل المؤمن لأخيه المؤمن

    يقول ربنا- تبارك وتعالى- في محكم كتابه :

    ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُوا فَإِن كَانَ مِن
    قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّه وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً * وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً *) (النساء: 92و93).

    ومن معاني هاتين الآيتين الكريمتين أن سفك دم المؤمن عمدا بدون هق هو من
    الكبائر التي توجب الخلود في النار وعليه فإنه لا ينبغي للمؤمن أن يقتل
    مؤمنا أبدا بغير حق, إلا إذا وقع ذلك بالخطأ أي عن غير قصد . فإذا حدث ووقع
    قتل المؤمن لأخيه المؤمن بطريق الخطأ في مجتمع للمسلمين, فإن الشرع يفرض
    على القاتل عتق رقبة مؤمنة, كفارة عن حق الله, فمن لم يجد فعليه صيام شهرين
    قمريين متتابعين توبة إلى الله, ودفع دية مسلمة إلى أهل القتيل تدفعها
    عاقلته ( أي عصبة أهله من جهة أبيه) إلا إذاعفى أهل القتيل عنه, وأسقطوا
    الدية باختيارهم, وحينئذ فإن الدية لا تجب عليه, وتبقى عليه الكفارة . وذلك لقول الله- تعالى-:

    ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُوا....*) (النساء:92).

    وإذا كان القتيل مؤمنا وأهله من أعداء المسلمين فإن الشرع يفرض على القاتل
    عتق رقبة مؤمنة, فمن لم يجد فصيام شهرين قمرين متتاليين توبة إلى الله, ولا
    دية عليه لأهل القتيل لأنهم أعداء محاربون للمسلمين, فلا يجوز إعطاؤهم من
    أموال المسلمين ما يستقوون به عليهم ويستعينون على قتالهم وإيذائهم, ولا
    مكان هنا لاسترضاء أهل القتيل لأنهم أعداء محاربون للمسلمين . وإذا كان
    القتيل معاهدا أو ذميا, فإن الشرع يفرض على المؤمن القاتل بالخطأ في هذه
    الحالة ما يفرضه في قتل المؤمن في المجتمع المسلم :عتق رقبة مؤمنة فإن لم
    يجد فصيام شهرين قمرين متتاليين, ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يعفوا . ولم
    تنص الآية الكريمة في هذه الحالة على كون المقتول مؤمنا مما جعل عددا من
    المفسرين بأخذون النص على إطلاقه, باعتبار أن العهد بين المؤمنين وغير
    المؤمنين يجعل الدماء بينهم مصونة, ولكن لما كانت الآية من مطلعها تنصب على
    تحريم قتل المؤمن بغير حق, ثم بينت الحالات التي يكون القتيل فيها مؤمنا,
    ومن هنا فقد رأى بعض المفسرين أن القتيل المعاهد أو الذمي إذا لم يكن مؤمنا
    يكتفى في هذه الحالة بدفع الدية إلى أهله كما فعل رسول الله- صلى الله
    عليه وسلم- في دفع الدية لبعض قتلى المعاهدين دون عتق رقاب بعددهم . ثم شرع
    الله- سبحانه وتعالى- لمن يقتل مؤمنا متعمدا الخلود في نار جهنم, واستحقاق
    غضب الله ولعنته, والعذاب الشديد الذي توعده به وأعده له يوم القيامة .

    والإسلام العظيم حرم قتل النفس بغير الحق بصفة عامة, وذلك صونا للأنفس عن
    الإهدار, فإن للدماء حرمتها, فلا يستباح إلا بالحق وبالأمر البين الذي لا
    إشكال فيه , وذلك لأن الله- تعالى- هو واهب الحياة, ولا يجوز أن ينهيها
    غبره إلا بإذنه, فإذا أقدم إنسان على قتل أنسان آخر بغير حق فكأنما قد
    اعتدى على حق من حقوق الله, ولذلك قال- تعالى- في ولدي آدم : (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الخَاسِرِين *)
    (المائدة:30).

    وقال- قوله الحق –:

    (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ *) (المائدة :
    32 ).

    وقال -عز من قائل- : ( وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي القَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً )
    (الإسراء:33).

    وفي ذلك قال رسول الله الله – صلى الله عليه وسلم - : " لزوال الدنيا أهون
    على الله من قتل رجل مؤمن" (البيهقي, الترمذي) وقال - وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا 3241406634
    " من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه : آيس
    من رحمة الله " وذلك أفتى ابن عباس- عليهما رضوان الله- بعدم قبول توبة
    قاتل المؤمن عمدا , بينما ذهب جمهور العلماء إلى أن توبة القاتل عمدا يمكن
    أن تقبل, واستدلوا على ذلك بأن الكفر أعظم من القتل العمد, وتوبة الكافر قد
    تقبل, والخلود في جهنم لقاتل المؤمن عمدا هو مشروع لمن استحل قتله, وقد
    يكون المقصود بالخلود هنا طول المكث لقول الله- تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً*) (النساء : 48
    ).

    {والقتل إما عمدا أو شبه عمد أو خطأ, أما العمد فهو القصد إلى القتل بما
    يفضي إلى الموت, وهذا ما يوجب القصاص والحرمان من الميراث, وتحمل غضب الله
    ولعنه والخلود في نار جهنم وما فيها من عذاب عظيم في الآخرة كذلك لقول
    ربنا- تبارك وتعالى-

    ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ فِي القَتْلَى الحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ* وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ*) ( البقرة:178,179).


    عدل سابقا من قبل الحلاجي محمد في الثلاثاء 26 فبراير - 19:35:40 عدل 2 مرات
    الحلاجي محمد
    الحلاجي محمد
    Servo di Allah


    Sesso : ذكر

    Numero di messaggi : 6998

    وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا Empty رد: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا

    مُساهمة من طرف الحلاجي محمد الثلاثاء 26 فبراير - 19:24:15

    بسم الله الرحمن الرحيم


    الحمد لله وحده ، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه وبعد :

    فإن من الآيات التي قد يستشكل معناها قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً
    مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ
    وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً}، (93) سورة النساء ، فهذه الآية
    تدل على أن القاتل عمدا لا توبة له وأنه مخلد في النار، وقد جاءت آيات أخر تدل
    على خلاف ذلك كقوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ
    وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء ...} (48) سورة النساء ، وقوله
    تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا
    يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا
    يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} (68) سورة الفرقان - إلى
    قوله -: {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ
    يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ...} (70) سورة الفرقان ، وغيرها
    من الآيات التي تدل على مغفرة الذنوب إذا كانت دون الشرك بالله ، ومما لاشك فيه
    أن قتل النفس دون الشرك .
    وآية النساء السالف ذكرها وهي قوله تعالى :{ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا
    مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا... } من جملة الأدلة التي
    استدلت بها الوعيدية من الخوارج والمعتزلة على كفر صاحب الكبيرة ([1]) ؛ حيث
    أخذوا بظاهر هذه الآية فحكموا على الفاسق بالخلود في النار ، وعدم دخول الجنة
    !!
    ومما هو مسلَّم سلفاً أنه لا تعارضَ بين الآيات ، وإن كان قد يبدو في الظاهر
    شيء من ذلك . وقد تكلم أهل العلم في هذه المسألة ، وبينوا أوجه الجمع بين هذه
    الآية وما يظهر أنه معارضٌ لها من الآيات الأخرى ، ولهم في ذلك عدة أقوال
    نذكرها ثم نبين ما يظهر أنه أصوبها وأقواها والعلم عند الله تعالى .

    القول الأول :

    أن الخلود المذكور في قوله: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا} محمولٌ
    على من استحلّ هذا الفعل ، قاله عكرمة وغيره ([2]) .
    والمستحل لقتل المؤمن كافر ولا شك ؛ لأن تحريم قتل المؤمن مما هو معلوم من
    الدين بالضرورة.
    وقد ذكروا أن هذه الآية نزلت في شأن رجل بعينه استحل هذا الفعل فكفر وارتد عن
    دين الإسلام وهو مقيس بن صُبَابة ([3]) .
    أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير أنها نزلت في مقيس بن صبابة فإنه أسلم هو
    وأخوه هشام وكانا بالمدينة فوجد مقيس أخاه قتيلا في بني النجار ، ولم يعرف
    قاتله فأمر له النبي - صلى الله عليه وسلم - بالدية فأعطتها له الأنصار مائة من
    الإبل ، وقد أرسل معه النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا من قريش من بني فهر
    فعمد مقيس إلى الفهري رسولِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقتله وارتد عن
    الإسلام ، وركب جملا من الدية وساق معه البقية ولحق بمكة مرتدا وهو يقول في شعر
    له :



    قتلت به فهرا وحملت عقله --- سراة
    بني النجار أرباب فارع ([4])
    وأدركت ثأري وأضَّجعت موسدا --- وكنت إلى الأوثان أول راجع ([5])


    ومقيس هذا روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم-
    قال فيه : "لا أؤمنه في حل ولا في حرم " ([6]) . وقد قتل متعلقا بأستار
    الكعبة يوم الفتح .
    فالآية إذاً – عند هؤلاء – في حق القاتل الذي هو كمقيس بن صبابة ، الذي استحل
    هذه الفعلة فصار بذلك مرتدا عن الإسلام .
    والحمل على هذا المعنى لا خلاف بين علماء المسلمين على أن صاحبه يكفر كفرا
    مخرجا من الملة ، ومن كان كذلك فهو في النار قطعا خالدا مخلدا فيها أبد الآباد
    .

    القول الثاني :

    أن معنى ( جزاؤه ) أي : هذا جزاؤه الذي يستحقه لو جازاه ، بمعنى أنه مستحق
    للخلود فيها لشناعة فعله ؛ لكن من رحمة الله أنه لا يخلده لأنه مات على التوحيد
    ، وربما يعفو عنه فلا يدخلها أصلاً ؛ لكونه تحت المشيئة قال تعالى : {إِنَّ
    اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن
    يَشَاء ...} (48) سورة النساء.
    وهو قول أبي هريرة وأبي مجلز وأبي صالح ورجحه ابن جرير الطبري([7]) .
    قال النووي : " ولا يلزم من كونه يستحق أن يجازى بعقوبة مخصوصة أن يتحتم ذلك
    الجزاء ، وليس في الآية إخبار بأنه يخلد في جهنم ، وإنما فيها أنها جزاؤه ، أي
    : يستحق أن يجازى بذلك " ([8]) .

    القول الثالث :

    أن المراد بالخلود طول المكث فيها ، فكأنه صار مخلداً لطول بقائه ([9]) .
    والعرب ربما تطلق اسم الخلود على المكث الطويل ومنه قول لبيد:



    فوقفت أسألها وكيف سؤالنا --- صُمّاً خوالدَ ما
    يبين كلامها ([10])


    ولو أريد الخلود الأبدي لجيء بلفظ ( أبدا ) لبيان
    أنه لا خروج من النار أبد الدهر .
    يقول الشيخ صالح آل الشيخ : " الخلود في القرآن نوعان: خلود أبدي، وخلود أمدي.
    الخلود في اللغة واستعمال القرآن على ذلك أنَّ الخلود معناه المكث الطويل، إذا
    مَكَثَ طويلا قيل له خالد، ولذلك العرب تسمي أولادها خالداً تفاؤلاً بطول
    المكث، بطول العمر، سَمَّوهُ خالداً؛ يعني أنه سيعمر عمراً طويلاً، وليس معنى
    الخلود يعني أنه خلود ليس معه انقطاع، وإنما هذا يُمَيَّزُ بالأبدية ؛ لهذا في
    الآيات ثَمَّ آيات فيها {أبدًا}، وثَمَّ آيات ليس فيها الأبدية ، فلما جاء في
    القتل قال: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ
    خَالِدًا فِيهَا}، ] وقد[أجمع أهل السنة على أنَّ الخلود في هذه الآية ليس
    أبدياً لأنَّ مرتكب الكبيرة يخرج من النار بتوحيده.والآيات التي فيها الخلود
    الأبدي واضحة كقوله - عز وجل - : {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ
    الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ
    هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} (6) سورة البينة" ([11]).

    القول الرابع :

    أن ذلك ورد مورد الزجر والتغليظ .وهكذا كل آيات وأحاديث الحرمان من الجنة
    ودخول النار أو الخلود فيها بسبب بعض الكبائر هي في حق عصاة المؤمنين من باب
    الزجر والتخويف ([12]) .
    وهذا لا يعني بالطبع عدم حصول العذاب مطلقا ، ولا الجزم بوقوعه مطلقا أيضاً ،
    بل قد يحصل لكنه لا يعني الخلود ، وقد لا يحصل مطلقا وهو من كرم الله وإحسانه .

    وهذا من أحسن الأجوبة ، وقد كان السلف يمرون آيات وأحاديث الوعيد على ظاهرها ؛
    لأن ذلك أبلغ في الزجر .
    ولما سئل الإمام أحمد – رحمه الله – هل يكفر كفرا مخرجا من الإسلام من أتى
    كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول كان يجيب بهذا الحديث ويسكت ويطلق القول كما جاء
    في الأحاديث ، وهذا لأجل التهديد والتخويف حتى لا يتجاسر الناس على هذا الأمر
    ([13]) .
    ولعل هذا – والله أعلم – هو الذي حدا بابن عباس - وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا 3910327396 – وغيره
    كالضحاك بن مزاحم ([14]) إلى القول بأنه لا توبة للقاتل عمدا ، ليكون ذلك أبلغ
    في الزجر لمن همّت نفسه بذلك .
    ومما جاء في ذلك أن سائلا سأل ابن عباس - وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا 3910327396 - فقال : يا أبا
    العباس هل للقاتل من توبة ؟ فقال ابن عباس كالمعجب من شأنه : ماذا تقول ؟
    فأعاد عليه مسألته : فقال ماذا تقول ؟( مرتين أو ثلاثا ) ثم قال ابن عباس بعد
    ذلك : سمعت نبيكم - صلى الله عليه وسلم -يقول : " يأتي المقتول متعلقا رأسه
    بإحدى يديه ، متلببا قاتله باليد الأخرى ، تشخب أوداجه دما حتى يأتي به العرش ،
    فيقول المقتول لرب العالمين : هذا قتلني . فيقول الله - عز وجل - للقاتل :
    تعستَ ، ويذهب به إلى النار " ([15]) .
    وعن سعيد بن جبير: أن عبد الرحمن بن أبزى أمَره أن يسأل ابن عباس عن هاتين
    الآيتين التي في"النساء": "ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم" إلى آخر الآية
    والتي في"الفرقان": ( وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ) إلى(
    وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا )، قال ابن عباس: " إذا دخل الرجل في الإسلام وعلم
    شرائعه وأمره، ثم قتل مؤمنًا متعمدًا، فلا توبة له. وأما التي في"الفرقان"،
    فإنها لما أنزلت قال المشركون من أهل مكة : فقد عدَلنا بالله، وقتلنا النفس
    التي حرم الله بغير الحق، وأتينا الفواحش، فما ينفعنا الإسلام! قال فنـزلت:(
    إِلا مَنْ تَابَ ) الآية " ([16]).
    وعن أبي الزناد قال: سمعت رجلا يحدّث خارجة بن زيد بن ثابت، عن زيد بن ثابت
    قال، سمعت أباك يقول: نزلت الشديدةُ بعد الهيِّنة بستة أشهر، قوله:"ومن يقتل
    مؤمنًا متعمدًا"، إلى آخر الآية، بعد قوله:( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ
    اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ) إلى آخر الآية ([17]).

    وجاء عن سفيان الثوري - رحمه الله - أنه قال : " كان أهل العلم إذا سئلوا
    قالوا : لا توبة له ، وذلك محمول منهم على الاقتداء بسنة الله في التغليظ
    والتشديد وإلا فكل ذنب ممحو بالتوبة وناهيك بمحو الشرك دليلا " ، ثم ذكر حديث
    " لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم "([18]) .
    قال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - : " وقد حمل جمهور السلف
    وجميع أهل السنة ما ورد في ذلك على التغليظ ، وصححوا توبة القاتل كغيره ،
    وقالوا معنى قوله { فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ } " أي : إن شاء الله أن يجازيه ،
    تمسكا بقوله تعالى : {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ
    مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء...} (48) سورة النساء . ومن الحجة في ذلك حديث
    الإسرائيلي الذي قتل تسعة وتسعين نفسا ثم تمام المائة فقال : لا توبة ، فقتله
    فأكمل به مائة ثم جاء آخر فقال : ومن يحول بينك وبين التوبة ، الحديث في صحيح
    مسلم ([19])، فإذا ثبت ذلك لمن قبل من غير هذه الأمة ، فمثله لهم أولى لما خفف
    الله عنهم من الأثقال التي كانت على من قبلهم "([20] ) .
    حُكي أنه كان في مجلس عمرو بن عبيد - شيخ المعتزلة -رجل من أهل السنة . فقال
    عمرو : " يؤتى بي يوم القيامة فيقال : يا عمرو ، من أين قلت : إني لا أغفر
    لقاتل ؟ فأقول : أنت يارب قلتَ : ( ومن يقتل مؤمنا متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً
    فيها ) . فقال ذلك الرجل : فإن قال لك : فإني قلتُ : ( إن الله لا يغفر أن
    يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء...) ، فمن أين علمت أني لا أشاء أن أغفر
    لهذا ؟!!فسكت عمرو بن عبيد ([21]) .
    وبهذا يتبين أن الخلود المذكور في الآية مدفوع معناه الظاهر بما ذكرنا من
    إجابات لأهل العلم .
    وهذه الأجوبة ما كانت لتقال إلا لوجود نصوص صريحة في دخول العصاة من المسلمين
    الجنة ؛ ولأنهم غير مشركين ، فهم داخلون تحت مشيئة الله ، إن شاء غفر لهم ، وإن
    شاء عذبهم بما هم أهله ، ثم يخرجون بعد ذلك من النار ويدخلون الجنة .
    ولعل مما يعضد ما ذكرنا من توجيهات للآية الكريمة أن حديث أبي هريرة -t- : قال
    - صلى الله عليه وسلم- :" مَنَ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِى
    يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِى بَطْنِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا
    مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا ،وَمَنْ شَرِبَ سَمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ
    يَتَحَسَّاهُ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا ،وَمَنْ
    تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِى نَارِ جَهَنَّمَ
    خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا " ([22]) الذي ظاهره الحكم على من قتل نفسه
    بالنار ؛ بل والخلود فيها ، نجد أنه جاء في السنة حديث آخر يقضي بمغفرة الله
    لمن قتل نفسه . فقد ثبت أن رجلاً من دوس هاجر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -
    فلما قدموا المدينة لم يحتمل أجواءها فمرض فجزع ، فأخذ مشاقص له ، فقطع بها
    براجمه فشخبت يداه ([23]) ، حتى مات ، فرآه الطفيل بن عمرو في منامه في هيئته
    حسنة ، ورآه مغطياً يديه ، فقال : ما صنع بك ربك ؟ فقال : غفر لي بهجرتي إلى
    نبيه - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : مالي أراك مغطياً يديك ؟! قال : قيل لي:
    لن نصلح منك ما أفسدت ، فقصّها الطفيل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
    فقال عليه الصلاة والسلام : " اللهم وليديه فاغفر " ([24]) .
    فهذا الرجل رئي في هيئة حسنة مع أنه ارتكب كبيرة بقتل نفسه ، كما أن النبي -
    صلى الله عليه وسلم - دعا له ، ولو كان دخول النار والخلود فيها حتمٌ على كل من
    قتل نفسه لم يدعُ له - صلى الله عليه وسلم - .
    وبهذه الإجابات يزول الإشكال ويندفع الإيهام ، فتأتلف النصوص ولا تختلف ، وتتفق
    ولا تفترق .

    والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
    الحلاجي محمد
    الحلاجي محمد
    Servo di Allah


    Sesso : ذكر

    Numero di messaggi : 6998

    وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا Empty رد: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا

    مُساهمة من طرف الحلاجي محمد الثلاثاء 26 فبراير - 19:26:57

    بين تعالى حكم القتل العمد وجريمته النكراء
    وعقوبته الشديدة فقال: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا
    فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا) أي ومن يقدم على قتل مؤمن عالماً
    بإِيمانه متعمداً لقتله فجزاؤه جهنم مخلداً فيها على الدوام، وهذا محمول
    عند الجمهور على من استحل قتل المؤمن كما قال ابن عباس لأنه باستحلال القتل
    يصبح كافراً (وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ
    عَذَابًا عَظِيمًا) أي ويناله السخط الشديد من الله والطرد من رحمة الله
    والعذاب الشديد في الآخرة.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 15 نوفمبر - 3:28:16